«ملتقى البرلس للرسم على الحوائط».. صرخة الجمال الحي

«الشرق الأوسط» عاشت أجواءه وشاركت الفنانين الفرح بالفن

أطفال سعداء في حضن  لوحة الفنان عمر الفيومي
أطفال سعداء في حضن لوحة الفنان عمر الفيومي
TT

«ملتقى البرلس للرسم على الحوائط».. صرخة الجمال الحي

أطفال سعداء في حضن  لوحة الفنان عمر الفيومي
أطفال سعداء في حضن لوحة الفنان عمر الفيومي

مغامرة فنية شيقة وشاقة من الجمال العفوي الحر، نسجها بمتعة وحرفية عالية فنانو «ملتقى البرلس للرسم على الحوائط» تحت مظلة دورته الثانية التي انطلقت في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، واستمرت على مدار أسبوعين، وأنهت لمساتها الأخيرة أول من أمس في حفل ختامي مبهج، شاركت فيه مجموعة من فرق الفنون الشعبية، من محافظة كفر الشيح مسقط رأس الملتقى، وبورسعيد والإسكندرية. كما ازدان الحفل الذي أقيم بالقرب من شاطئ البحر بـ25 مركبًا صغيرا، حولها الفنانون المشاركون برسوماتهم المتنوعة إلى أيقونات فنية ضمن فعاليات الملتقى.
حضر حفل الختام محافظ كفر الشيخ الدكتور أسامة عبد الواحد، والفنان محمود حميدة ضيف شرف الملتقى، والدكتور حمدي أبو المعاطي رئيس قطاع الفنون التشكيلية نائبا عن وزير الثقافة، وكرم الملتقى الفنانين المشاركين، بإهدائهم أوسكار الملتقى، وهو تمثال من البرونز، وشهادات تقدير، كما كرم ثلاثة من المبدعين المصريين هم: الشاعر محمد عفيفي مطر، والفنان التشكيلي مصطفى عبد المعطي، والدكتور أحمد مرسي، أستاذ الأدب الشعبي.
تقيم مؤسسة الفنان عبد الوهاب عبد المحسن للثقافة والفنون والتنمية الملتقى، وشارك في هذه الدورة 35 فنانا يمثلون خبرات فنية متنوعة، بينهم فنانون من الأردن وتونس والبحرين والسودان والهند وإيران والبرتغال. ويحظى الملتقى بدعم من محافظ كفر الشيخ ووزارة الشباب والرياضة، بينما غابت عنه وزارة الثقافة الذي يقع الملتقى في صلب عملها.
وهو ما يعلق عليه الفنان عبد الوهاب عبد المحسن قائلا: خاطبنا وزارة الثقافة، وأرجو أن يتداركوا هذا التقصير في العام المقبل، المهم، نحن نعمل، ولدينا رسالة، بدأنا نجني ثمار نجاحها بمحبة خالصة، خاصة بعد نجاح الدورة الأولى للملتقى، سواء في نظافة المدينة من أطنان القمامة والمخلفات، وإشاعة روح الجمال بين أهلها من كل الفئات والأعمار، وخلق بيئة صالحة للعيش، وهذا يحمسنا على مستوى الرؤية والتفكير والخيال، لنرتقي بالوعي المجتمعي لمدينة البرلس، وما تتمتع به من موقع ساحر على البحر المتوسط، وتراث شعبي عريق في فنون الصيد، وصناعة المراكب، ووضعها على خريطة مصر السياحية، لافتا إلى أن البرلس تزخر برصيد هائل من أشجار النخيل، لا يتم استثمارها بشكل جيد، حيث يقتصر على بيع ثمار البلح غالبا.
وعلى مدار يومين عاشت «الشرق الأوسط» بين فناني الملتقى وفعالياته المتنوعة ولمست هذه الروح على أرض الواقع، في خطى الناس وابتساماتهم ونظراتهم الممتلئة بالبهجة وهم يتأملون رسوم الفنانين على حوائط البيوت، وأبوابها وشبابيكها ومصاطبها، على جدران المقاهي والمحال ورصيف الكورنيش، والذي حولته أصابع الفنانين إلى جدارية فنية مشعة بالجمال والأمل، تتقاطع مع البحر، حتى تكاد تحس خروشة أمواجه وتلاطمها في طبقات الخطوط والألوان وحركة الشخوص والأشكال، الطالعة من رحم البيئة ومخزون ذاكرتها العريق.
الأسطى حسن، شيخ الصيادين، كما يلقبونه، يبتسم قبل أن أسأله عن انطباعه بالملتقى قائلا: «اللي بيحصل في البرلس شيء جميل ومهم، البلد بدأت تنضف، الناس مبسوطة وفرحانة، وكأنهم في عيد حقيقي، وعندهم أمل في بكرة، وتطلع البرلس البطلة فوق وش الدنيا».
يتابع شيخ الصيادين: «ناس البرلس الفن في دمهم، الصيد مش غية وبس، لكن فن أيضا. أنا مبسوط، وكل الشكر للفنانين والفنانات، وأتمنى أن يستمر الملتقى ويكبر، إحنا شايلين رسوماتهم في عينينا».
طيلة أيام الملتقى ظل الفنانون يعملون بروح خلية النحل، فبعد تناول إفطارهم في مقر إقامتهم بفندق القوات المسلحة بمصيف بلطيم (على بعد نحو 8 كم) من برج البرلس، يتوجهون إلى مرسمهم الجماعي المفتوح على حوائط المدينة وشوارعها، ليستكملوا رسوماتهم، ويضعوا اللمسات الأخيرة على شخوصها وعلاماتها ورموزها الفنية المجنحة، بعضهم كان «يتشعلق» على سلالم طويلة، أو دعامات خشبية (سقالات)، لأنه اختار مساحة عليا من حائط أحد البيوت، وبعضهم، كان يلون وهو جالس القرفصاء على الأرض، ليضبط المسافة بين خط الأفق الأعلى والأسفل للتكوين، وبعضهم فرضت عليه طبيعة المساحة أن يبقى محني الظهر، وهو يلتقط مساقط النور من تدرجات الألوان المنسابة فوق الحائط.
على هذا المنوال استمرت خلية النحل، واستمر الاحتكاك والحوار الحي بين الفنانين، والناس، خاصة الأطفال الذين كانوا يتوافدون في أسراب طليقة، يصرون على مساعدة الفنانين، ومشاركتهم الرسم، ولو بمسك الفرشاة وممارسة التلوين، وسمح لهم الفنانون بذلك خاصة في المساحات اللونية الصريحة، حتى إن الفنانة التونسية هيفاء، التي لا تكف عن إشاعة المرح، تعلق على ذلك قائلة: «ضوضاء الأطفال أصبحت جزءا مننا.. الأطفال أحباب الله وأحبابنا أيضا».. وتتوقف خلية النحل لالتقاط الأنفاس مع تناول وجبة الغداء، في أماكن العمل نفسها. ومع غروب الشمس، يعود الفنانون إلى مقر إقامتهم يتناولون العشاء، ثم يتجمعون في حديقة الفندق المطلة على البحر لتبدأ لوحة أخرى من السمر والمرح.
وتوافد على الملتقى مجموعات من طلبة كليات الفنون الجميلة بالجامعات المصرية، من الإسكندرية والمنصورة وطلبة الفنون التطبيقية بدمياط والتربية النوعية بكفر الشيخ، وجامعة المستقبل، تركوا بصماتهم على الحوائط في رسومات جامعية جذابة، أو مشروعات خدمية تطوعية، مثل ورشة علاج الأسنان التي أقامها مجموعة من الطلاب من كلية الطب بجامعة المستقبل، كما قدم الفنان محمد قطامش عرضا لمسرح الحلاتية للعرائس في الشارع، إضافة إلى فنانين شباب يأتون بمفردهم وعلى نفقاتهم الخاصة، لمعايشة الملتقى والإفادة من خبرة الفنانين وتنوع مشاربهم الفنية.
الفنانة الشابة سمر صلاح، واحدة من هؤلاء، قالت لي: كان نفسي أشارك في الملتقى، لكن الوقت تأخر، وأمام الرغبة الملحة في الرسم التي بدأت تنهش يديها، تجاوب مسؤولو الملتقى مع رغبتها، وتزويدها بالألوان والأدوات، لكن ظروفها الشخصية لم تساعدها، وفي إحدى لقطاتها بكاميرتها الخاصة، استفزها مشهد سرب لماعز يمرح على سور الكورنيش في نزهة خلوية على البحر، فأخذت ألوانا من بعض الفنانين يعملون في جدارية على سور الكورنيش، وقامت برسم ثلاث معزات على الجزء العلوي منه، أثار الماعز تعليقات مشجعة من الفنانين، كما أثار غيظ صاحب محل دواجن يقبع أمام الكورنيش فرجاها أن ترسم لها شيئا، قائلا: «أنا عندي فراخ وبط وحمام.. شكلهم حلو أيضا».. وأمام إلحاحه، رسمت له على حائط المحل ديكا روميا أنيقا منفوش الريش.. فأصبح لها في الملتقى ثلاث معزات وديك.. داعبت صاحب المحل «خد بالك من الديك، أحسن ينقر الزباين»، فرد مبتسما «من عينية يا أستاذة».
لم يكتف الملتقى بمغامرة الرسم على الحوائط، ومواجهة جدران خشنة وعشوائية، غير مستوية، بعضها عار من الإسمنت والطلاء، عبارة عن قوالب طوب بكر، ليبتكر الفنانون عليها حلولا فنية سريعة، بشكل عفوي وتلقائي.
أضاف الملتقى للحوائط تيمة فنية أخرى بالرسم على المراكب، عبر 25 مركبا صغيرا، تم صناعتها ليقوم الفانون المشاركون بالرسم عليها، وهي تيمة تفرض نوعا من التحدي والشراسة، كما تقول الفنانة عقيلة رياض، وهي تضع لمساتها، ومنمنماتها الفنية اللافتة ببريقها المعدني الذهبي على جدران المركب.
وتضيف: «عمل صعب لكنه ممتع.. المركب مساحة كبيرة، قد تأخذ أكثر من شهرين بالمرسم، لكن هنا في هذه الورشة الجماعية الصغيرة كل الفنانين يعملون ويجتهدون، في أن يتم إنجاز العمل، وتكون هذه المراكب عروس حفل الختام، أنا سعيدة بمشاركتي في هذا الملتقى، وأرجو أن يلتفت إليه المسؤولون بجدية وحب».
ويقول الفنان عمر الفيومي: الجرأة في التعامل مع المساحة على الحوائط، وأيضا على جدران المركب، أحد المقومات الفنية المهمة التي يكتسبها الفنان وبعفوية من مشاركته في هذا الملتقى.. كل فنان له شخصيته، لكن الإحساس بالتنوع داخل هذه الكتلة من الفنانين، والاختلاف في وجهات النظر والرؤى والأفكار، وطرائق رسمهم وتلوينهم، يخلق حالة جميلة ومتنوعة، وهذه إحدى ثمرات الملتقى المهمة».
ويلخص الفنان جميل شفيق هذه الحالة قائلا: نحن نرسم في البراح والروقان، الملتقى مفتوح أمام الفنانين، لا يفرض عليهم تيمة معينة، الكل يرسم، ما يحب وما يراه وما يلمسه، ويجد صدى له في داخله، وفي استقبال الناس له بمحبة وعفوية.. إنها حالة من فطرة الروح والفن معا».
ويرى الفنان محمد عبلة أن المستفيد من الملتقى، هم الفنانون أنفسهم في المقام الأول فهم يتلقون استجابة فورية على أعمالهم، من الأطفال والناس، إضافة إلى الاحتكاك الحي بين الفنانين، سواء في ورش رسم المراكب، أو الرسوم على حوائط البيوت، يخلق حالة جميلة وممتعة من المنافسة، فكل فنان يرى عمل زميله، وينطوي هذا على مقارنات ضمنية محفزة، تصب في النهاية في صالح فكرة الملتقى.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.