جميل شفيق يحتل مقهى «عطفي» بملتقى البرلس

حوَّل جدرانه ونوافذه إلى جدارية فنية مفتوحة على البحر

جميل شفيق يواجه جدران المقهى البدائية بحلول فنية شديدة البساطة والجمال  -  من رسوم جدارية جميل شفيق التلقائية بالمقهى
جميل شفيق يواجه جدران المقهى البدائية بحلول فنية شديدة البساطة والجمال - من رسوم جدارية جميل شفيق التلقائية بالمقهى
TT

جميل شفيق يحتل مقهى «عطفي» بملتقى البرلس

جميل شفيق يواجه جدران المقهى البدائية بحلول فنية شديدة البساطة والجمال  -  من رسوم جدارية جميل شفيق التلقائية بالمقهى
جميل شفيق يواجه جدران المقهى البدائية بحلول فنية شديدة البساطة والجمال - من رسوم جدارية جميل شفيق التلقائية بالمقهى

بقاذفات من الألوان، ومجموعة من أدوات الرسم البسيطة، شن الفنان المصري شفيق جميل (77 عاما) غزوة فنية رائقة على مقهى المعلم «عطفي»، الشعبي الشهير المطل على البحر المتوسط بكورنيش مدينة برج البرلس والذي يعد المقهى المفضل للفنانين المشاركين في «ملتقى البرلس الثاني للرسم على الحوائط والمراكب»، الذي اختتم أعماله يوم (الأربعاء) الماضي.
خلال ساعات من النهار استولى جميل على جدران المقهى وشقوقه وعواميده وشبابيكه الخشبية القديمة وأسواره، وحولها إلى جدارية بصرية مفعمة بالجمال والخيال والفن.. وبحس لا يخلو من روح الطفولة وثق الجدارية بعبارة كتبها بخط مرسوم بالفرشاة على واحدة من رسوماته بأحد الشبابيك المطلة على البحر: «مقهى المعلم عطفي وجميل»، ما جعل الفنان عبد الوهاب عبد المحسن، مؤسس الملتقى يكتب للفنانين المشاركين يخبرهم بأن الفنان جميل شفيق أصبح له حصة في ملكية المقهى، لذلك يمكنكم تناول الشاي والقهوة، والمشروبات وتدخين الشيشة، على حساب هذه الحصة بلا مقابل مادي.
يقول جميل، الحاصل على جائزة لجنة تحكيم بينالي الإسكندرية 1993، الفن له سلطانه ومحبته، موجود في كل شيء حولنا، في خطى البشر وملامحهم، في ظلال البيوت والأشجار، في دبيب الحياة وعثراتها.. أنا أرسم بالنيات، بالفطرة، وقد أتاح الملتقى لي نوعا من البراح لا يحده أفق.. فأنت ترسم ما شئت، على جدار، على شجرة على رصيف، على باب وشباك وشرفة، المهم أن تمتلك جرأة مواجهة الخامة والمساحة، لأنها خامة غفل، على طبيعتها وسجيتها، تفرض عليك نفسها وحلولها.
لكن، ما الذي أغراك برسم هذا المقهى، يرد بابتسامته العذبة «عبقرية المكان كما يقول عمنا العالم الجليل جمال حمدان، البساطة، والإحساس بالفطرة. المقهى في حضن البحر، مجرد أن جلست عليه، حتى وجدت كل مفرداته وأشيائه تناديني وتحفزني على الرسم. المدهش أنها أعطتني مفاتيحها وحلوها الفنية بعفوية شديدة، لم أعهدها من قبل، رغم مشاركتي في الكثير من الورش والملتقيات الفنية في مصر والخارج».
يتابع جميل بمحبة «شعرت براحة وسكينة وأنا أرسم، بسلام دافئ وحنون يشع في داخلي، شعرت أن الفن علاجي، بعيدا عن صخب الأطباء وأدويتهم المرة، ونصائحهم القاسية». ورغم ظروفه الصحية المضطربة كان جميل شفيق من أكثر الفنانين جهدا في الملتقى، فعلاوة على هذا المقهى رسم عددا من الحوائط، كما رسم مركبا صغيرا، ضمن ورشة «الرسم على المراكب» بالملتقى، مزج فيه بين التراث الشفاهي لعالم الصيادين، وأغانيهم ورموزهم المحببة. وبين رؤيته الجمالية، التي تجنح إلى الفانتازيا في بناء الشخوص والأشكال، كتعبير حر عما يدور في وجدانهم.
حيوية شفيق وبساطته دفعت صديقه الفنان عمر الفيومي، صاحب المجهود الوافر أيضا، لأن يجاوره الرسم، على شباك قديم لحجرة ملاصقة للمقهى، تستخدم كمخزن لشباك الصيد، حوله بشخوصه المتميزة إلى لوحة مبهجة. ونجح شباك الفيومي في إقامة علاقة حية وشفيفة مع رسوم جميل، خاصة أن كليهما مولع بالبحث في الجذور عن طفولة الفن.
أما المعلم عطفي مطر، صاحب المقهى، فقال والبهجة تشع في وجهه: «أنا أسعد إنسان في العالم، لم أكن أتصور أن هذه الجدران والشبابيك المتهالكة، ستتحول إلى هذه اللوحات الجميلة، أنا بشكر الفنانين، وعلى رأسهم الأستاذ جميل شفيق، والفنان عبد الوهاب عبد المحسن، صاحب الفضل في إقامة هذا المهرجان، جعل البرلس تظهر على وش الدنيا، وتشم ريحة الجمال والفن».
سألته عن إحساسه بالرسوم، رد بتلقائية «نورت المقهى، عملت حالة من الجمال، وناس كتير بدأت تسألني عنها بحب، وفيه ناس متغاظة، وبعضهم أصحاب محلات ومقاهي». لكن الفنانين رسموا على جدران مقهى كبير وحديث آخر على بعد خطوات من هنا.. شد نفسا من الشيشة، وهو يقول بفخر «الرسوم هنا لها طعم خاص، ولفنان كبير، كأنها طالعة من البحر، بتناغيك، وتشدك لجمالها، وعلى فكره ده مش رأيي وحدي، فيه ناس بتفهم في الفن قالوا هذا». وأكمل المعلم عطفي بفرح: «أنا والمقهى والعمال في خدمة المهرجان والفنانين. إحنا مبسوطين، وربنا يحفظهم لمصر».
لم أكد أهم بمغادرة المقهى، حتى ناداني مصطفى، وهو يتمتم بنبرة شجية: «أنا نفسي أقول كلمتين، بس تنشرهم.. أنا أعمل هنا من عشر سنوات.. تركت مهنة الصيد لأنها شاقة، الصيادين غلابة على باب الله، مفيش حد بيرعاهم».
طمأنته وربت على كتفيه فتابع قائلا: «أنا عندي ولدين، نفسي يطلعوا دكاترة، ويعالجوا الناس بضمير وإخلاص، ونفسي يحبوا الفن.. الفن شيء جميل، بينور العقول، ويحارب الإرهاب».
ابتسم مصطفى وأنا أشد على يديه قائلا له: جهز الشاي بالنعناع، سأعود في المساء مع الفنانين.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.