50 ألف دولار تنقذ مؤقتا مركز الأورام في حضرموت من الإغلاق

نداء عاجل.. إشهار الإفلاس وعدم توافر العلاج يهددان حياة المرضى

وقفة تضامنية لموظفي مركز الأورام في حضرموت يناشدون الجهات المختصة في المحافظة والدولة بالنظر في مطالب المركز والمرضى («الشرق الأوسط»)
وقفة تضامنية لموظفي مركز الأورام في حضرموت يناشدون الجهات المختصة في المحافظة والدولة بالنظر في مطالب المركز والمرضى («الشرق الأوسط»)
TT

50 ألف دولار تنقذ مؤقتا مركز الأورام في حضرموت من الإغلاق

وقفة تضامنية لموظفي مركز الأورام في حضرموت يناشدون الجهات المختصة في المحافظة والدولة بالنظر في مطالب المركز والمرضى («الشرق الأوسط»)
وقفة تضامنية لموظفي مركز الأورام في حضرموت يناشدون الجهات المختصة في المحافظة والدولة بالنظر في مطالب المركز والمرضى («الشرق الأوسط»)

فاقمت الأزمة السياسية التي يعيشها اليمن من معاناة مرضى السرطان حتى باتت مراكز الأورام مهددة بالإغلاق، بعد توقف الدعم الحكومي وعدم توافر العلاج، وأكد مركز الأورام في المكلا «عاصمة حضرموت اليمنية»، أمس، أن توقف الدعم الحكومي منذ عام جعل المرضى المستفيدين من خدماته عرضة للموت في أي لحظة، خصوصًا أن إشهار إفلاس المركز يعني إغلاقه.
بينما قدم المجلس الأهلي الحضرمي دعمًا ماليًا عاجلاً لمركز الأورام في المكلا الذي تشرف عليه وتديره مؤسسة حضرموت لمكافحة السرطان، حيث ساهم المجلس بدفع 50 ألف دولار لمساعدة المركز على استمرار نشاطه لتقديم خدمات العلاج بالأدوية الخاصة بأمراض السرطان بمختلف أنواعها، في ظل توقف الدعم الحكومي لأكثر من سنة عن المركز الذي يقدم خدمات تشمل أيضًا مرضى السرطان في محافظتي شبوة والمهرة.
وأوضح عبد العزيز العكبري، رئيس لجنة الخدمات بالمجلس الأهلي، لـ«الشرق الأوسط»، أن مسارعة المجلس في تقديم هذا الدعم واجب إنساني وديني تجاه هذه الشريحة التي تعاني من الأعباء العلاجية لهذا المرض التي تكلف آلاف الدولارات. وبيّن أن المجلس اتخذ القرار على عجل بتقديم الدعم لمركز الأورام بعد رسالة وجهتها مؤسسة حضرموت لمكافحة السرطان تحذر فيها من أن عدم وجود أي دعم للمركز سيؤدي إلى إغلاقه في الأيام القليلة المقبلة، في ظل عدم قدرتها على الوفاء بالكثير من التزامات مرضى السرطان.
وركز العكبري على أن دعم المجلس لهذه الشريحة يأتي في إطار أهداف المجلس والمتمثلة في تقديم الدعم في مجال خدمات المواطنين في مجالات الكهرباء والمياه والصحة والنظافة، متمنيًا أن يمن الله على كل المرضى بالشفاء العاجل.
من جهته، ثمّن الدكتور وليد عبد الله البطاطي، المدير التنفيذي لمؤسسة حضرموت لمكافحة السرطان، الدعم العاجل الذي قدمه المجلس الأهلي لمساعدة المركز والمؤسسة في الاستمرار في تقديم الخدمات العلاجية للمرضى من محافظات حضرموت وشبوة والمهرة.
وبيّن أن موظفي المركز نفذوا وقفات احتجاجية قبل أكثر من سنة لمطالبة الجهات المختصة في المحافظة والدولة بالنظر في مطالب المركز والمرضى، لكنهم لم يجدوا آذانًا صاغية، مشيرًا إلى أن محافظ حضرموت قدم دعمًا للمركز قبل أكثر من 3 أشهر بإرسال بعض العلاجات لمرضى السرطان، وكان مسؤول بمركز الأورام قد هدد بإغلاق المركز وإيقاف العمل، الأمر الذي سيعرض آلاف مرضى السرطان في إقليم حضرموت للموت في ظل عدم توفير علاجاتهم الكيماوية.
يذكر أن المركز الوطني لعلاج الأورام بحضرموت تغطي خدماته محافظات: حضرموت، وشبوة، والمهرة، وسقطرى، ويشمل الجميع أطفالاً ورجالاً ونساء بوتيرة متواصلة وبمعدل 30 حالة يوميًا، وهو ما يشكل عبئًا يحتاج إلى ميزانية توازي مقدار ما يقوم به المركز وما يتحتم عليه القيام به من تقديم خدمات الكشف والفحوصات والعلاج للمرضى الذين ضاق بهم المركز، في ظل زيادة نسبة الإصابة بالسرطان بما يقارب 600 حالة جديدة سنويًا، حسب إحصاءات المؤسسة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم