افتتاح مهرجان الفيلم الوثائقي في أصيلة المغربية

يكرم المخرج المغربي أحمد المعنوني.. وبولونيا ضيف شرف دورته الثالثة

المخرج المغربي أحمد المعنوني يتسلم هدية بمناسبة تكريمه من عبد الله الدامون من هيئة تنظيم المهرجان («الشرق الأوسط»)
المخرج المغربي أحمد المعنوني يتسلم هدية بمناسبة تكريمه من عبد الله الدامون من هيئة تنظيم المهرجان («الشرق الأوسط»)
TT

افتتاح مهرجان الفيلم الوثائقي في أصيلة المغربية

المخرج المغربي أحمد المعنوني يتسلم هدية بمناسبة تكريمه من عبد الله الدامون من هيئة تنظيم المهرجان («الشرق الأوسط»)
المخرج المغربي أحمد المعنوني يتسلم هدية بمناسبة تكريمه من عبد الله الدامون من هيئة تنظيم المهرجان («الشرق الأوسط»)

بدأت الليلة قبل الماضية في مدينة أصيلة المغربية فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان أوروبا الشرق للفيلم الوثائقي، التي تميزت بتكريم المخرج والسيناريست المغربي أحمد المعنوني، وعرض الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية.
وقال عبد الله أبو عوض، رئيس الجمعية المغربية للدراسات الإعلامية والأفلام الوثائقية، المنظمة للمهرجان، إن النجاح الذي عرفته الدورتان السابقتان، مكنتا هذا المهرجان السينمائي من عضوية الائتلاف العالمي للأفلام التسجيلية، متعهدًا بالاستمرار في دوره بربط الشرق بالغرب، والتعريف بالمقومات الثقافية والإنسانية للمغرب.
بدوره، تحدث مدير المهرجان، صهيب الوساني، عن أهمية هذا المحفل في تبادل التجارب ووجهات النظر بين محترفي وهواة السينما الوثائقية، من جهة، وفي التنافس الشريف وإيقاد روح التحدي عبر المسابقة الرسمية من جهة أخرى، مبرزًا الوجه البيداغوجي (التربوي) للدورة، المتمثل في عرض أفلام وثائقية أمام تلاميذ مدارس أصيلة، في حين كان الجديد الأبرز التي حملته النسخة الثالثة، هو مختبر الأفلام الوثائقية الذي اعتبر المتحدث أنه يتيح للشباب فرصة العمل باحترافية.
من جانبه، ركز عبد الله بوصوف، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، على اسم المهرجان «أوروبا - الشرق»، وهما منطقتان جغرافيتان وثقافيتان لم تذكر الوثائق التاريخية في الغالب، حسب المتحدث، إلا الجانب السلبي من علاقاتهما، معتبرًا أن الصور الذهنية النمطية لدى الطرفين عقدت علاقتهما، قبل أن يخلص إلى أن الصورة التي تنقلها الكاميرا اليوم قادرة على جسر الهوة بين الشرق والغرب، قائلاً إن مساندة المهرجان نابعة من اعتقاده بأن الإنسان في أوروبا والشرق في حاجة إلى أعمال ثقافية وفنية تصحح صورة كل طرف لدى الآخر.
وشكل تكريم المخرج والسيناريست المغربي، أحمد المعنوني، صاحب فيلم «الحال» و«ليام يا ليام»، أقوى لحظات حفل افتتاح المهرجان، حيث تم عرض شهادات في حقل أعماله، أبرزها شهادة المخرج العالمي مارتن سكورسيزي، فيما قال هو إن الفيلم الوثائقي «مدرسة للتواضع»، فالمخرج والمؤلف في الوثائقيات لديه دائمًا رغبة في الاكتشاف تجعله يتعامل بتواضع مع الجميع، قبل أن يصف أعماله بأنها مرآة للمجتمع وعملية نقد ذاتي أساسية للتطور.
وجرى خلال الحفل عرض الأفلام العشرة المشاركة في المسابقة الرسمية، والتي تمثل المغرب وبولندا، ضيف شرف الدورة، وهولندا وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا وسويسرا وتونس ولبنان وفلسطين، هذه الأخيرة التي تشارك بفيلم «الإضراب عن الطعام» للمخرج أشرف مشهراوي، هذا الأخير القاطن بقطاع غزة والذي حرمته السلطات الإسرائيلية التي تحاصر القطاع من الانتقال للمغرب بعد رفضها الترخيص له بالسفر.
وجرى خلال الحفل أيضًا عرض لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، التي تضم الكاتب والسيناريست المغربي، محمد العروسي، رئيس اللجنة، والممثلة والمنتجة الفرنسية آني غونزاليس، والكاتب والرسام البولندي توميك، والمنتج والخبير الإعلامي الفلسطيني نبيل العتيبي، والسيناريست والمخرج التونسي أحمد القاسمي.
كما تم تقديم لجنة التحكيم المكلفة منح جائزة «الجزيرة الوثائقية»، الشريك الأساسي للمهرجان الذي يقدم في كل سنة جائزته الخاصة، ويرأس اللجنة هذه الدورة المخرج التونسي جمال الدالي، وتضم في عضويتها الكاتب المغربي ومدير مركز الصورة، عبد الرحيم الإدريسي، والصحافي والناقد السينمائي المصري جمال جبريل.
* احتفاء وثائقي ببولندا في حضرة «ليفاندوفسكي»
* يبدو أن لاعب كرة القدم البولندي روبيرت ليفاندوفسكي، المحترف في صفوف بايرن ميونيخ الألماني، تحول إلى أيقونة مقترنة باسم الدولة الأوروبية الشرقية، حتى إن سفير بولندا تذكره في افتتاح مهرجان الفيلم الوثائقي، الذي حلت به بلده ضيفة شرف.
السفير البولندي الذي كانت كلمته مشبعة بحسه الساخر، تحدث عن ضرورة إنتاج فيلم وثائقي حول ليفاندوفسكي، بعد تسجيله 5 أهداف في تسع دقائق في الدوري الألماني، وهو الحدث الذي أدمعت أوساط كرة القدم على كونه مبهرا.
وكان السفير البولندي قد أصر خلال بداية كلمته على الحديث باللغة العربية، على ما عناه من صعوبة في نطق كلماتها، أثارت ضحك الحاضرين، ليشدد على علاقات الصداقة التي تجمع بلده بالمغرب، قائلاً إن مهرجانات كمهرجان الفيلم الوثائقي، تسهل التواصل مع الآخر وفهمه.
وكان العرض الافتتاحي للمسابقة الرسمية، قد عرف إدراج الفيلم البولندي «الجهة اليسرى من الوجه» للمخرج مارسين بورتكيوس الذي يتناول قصة مدير تصوير يدعى ليزيك كروتولسكي، يقوم بتصوير الجهة اليمنى من وجوه أشخاص من مختلف الفئات العمرية والاجتماعية، على أن يصور الجهة اليسرى بعد 10 سنوات، وخلال عملية التصوير التي تتم بالأبيض والأسود، يتحدث هؤلاء عن واقعهم وأحلامهم وطموحاتهم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».