«داعش» تقصف بريتال بصواريخ غراد.. والنظام السوري يرد بغارات على عرسال

قتيلان و5 جرحى في القصف الجوي.. و«المستقبل» يدين «استباحة السيادة»

جانب من آثار القصف على بريتال في لبنان (رويترز)
جانب من آثار القصف على بريتال في لبنان (رويترز)
TT

«داعش» تقصف بريتال بصواريخ غراد.. والنظام السوري يرد بغارات على عرسال

جانب من آثار القصف على بريتال في لبنان (رويترز)
جانب من آثار القصف على بريتال في لبنان (رويترز)

تصدرت المناطق الحدودية مع سوريا شرق لبنان، أمس، واجهة التطورات الميدانية، إثر مقتل سوريين، وإصابة خمسة آخرين في غارات جوية نفذها الطيران الحربي السوري في مناطق حدودية شرق لبنان، ردا على إطلاق «الدولة الإسلامية في العراق والشام» صواريخ غراد استهدفت بلدة بريتال المؤيدة لحزب الله.
ويأتي القصف الجوي على عرسال ضمن سلسلة غارات جوية نفذتها القوات النظامية في القلمون، وصولا إلى الجانب اللبناني منها في جرود عرسال. وأفادت «هيئة الثورة السورية» بتنفيذ طيران النظام السوري «أكثر من 20 غارة على القلمون وجرود عرسال». وتضارب عدد الغارات التي استهدفت جرود عرسال الحدودية مع بلدات فليطا ويبرود والنبك السورية. ففي حين قالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن طائرات حربية سورية قصفت ستة صواريخ على منطقتي خربة يونين ووادي الزمراني الحدوديتين مع سوريا، أكد نائب رئيس بلدية عرسال أحمد فليطي، لـ«الشرق الأوسط»، أن عدد الغارات الجوية «ارتفع إلى 8 في فترة بعد الظهر»، مشيرا إلى مقتل لاجئين سوريين، وهما فتاة في الـ16 من عمرها، وطفل في العاشرة من عمره، كما نقل 5 جرحى إلى مستشفى ميداني في عرسال، فيما بقي شخصان في عداد المفقودين.
ونفى فليطي أن يكون المستهدفون «من المسلحين السوريين»، كما أوردت مواقع إلكترونية، مؤكدا أن الموقع المستهدف «هو مخيمات عشوائية لنازحين سوريين هربوا من فليطا السورية في القلمون بريف دمشق الشمالي، قبل عشرة أيام، واستأجروا أرضا في بساتين يمتلكها أهالي عرسال في منطقة وادي الخيل المتاخمة للحدود السورية، حيث نصبوا خيامهم». وقال فليطي إن موقع سقوط الصواريخ السورية «يبعد مسافة 4 كيلومترات عن حاجز للجيش اللبناني لناحية الحدود اللبنانية - السورية»، مشيرا إلى أن الغارات الأخرى «استهدفت مسالك التهريب غير الشرعية من سوريا باتجاه لبنان التي يسلكها اللاجئون، وبلغت ثماني غارات».
وعلى أثر القصف، دعا تيار المستقبل «الدولة اللبنانية إلى نشر الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية - السورية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية هذه الحدود، التي باتت للأسف متفلتة من أي شرعية، ومحكومة من قبل السلاح غير الشرعي، الذي يستخدمها للمزيد من إقحام لبنان واللبنانيين في أتون النار السورية المشتعلة». واستنكر «المستقبل»، في بيان «تمادي النظام السوري في الاعتداء على السيادة اللبنانية واستباحتها، في عرسال وفي عكار وفي كل المناطق الحدودية، وآخرها الغارات الجوية على عرسال»، مدينا «تعرض بلدة بريتال للقصف بالصواريخ من الجانب السوري».
وأعقبت الغارات الجوية على عرسال سقوط 3 صواريخ غراد على مناطق لبنانية مؤيدة لحزب الله، تتبع إداريا لقضاء بعلبك (شرق لبنان)، تبنى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش» إطلاقها على بلدة بريتال، في مؤشر على تنامي نفوذ المعارضة في مناطق وسط القلمون، التابعة لجرود الزبداني، بعد انسحابها من مناطق فليطا والنعمات التي كانت منصة لإطلاق الصواريخ على الهرمل، شمال شرقي لبنان.
وأكد الجيش اللبناني، أمس، تعرض بريتال ومحيطها لسقوط ثلاثة صواريخ مصدرها الجانب السوري، أحدها سقط في منزل أحد العسكريين، مما أدى إلى حصول أضرار بالممتلكات. وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إن دفعتين من الصواريخ استهدفتا بلدات لبنانية، هي بريتال ووادي شلح وكفرا، الحدودية مع سوريا، مشيرة إلى أن الصاروخ الأول «استهدف حيا مأهولا بالسكان، مما تسبب في أضرار مادية، فيما سقطت الصواريخ الأخيرة في مناطق زراعية وجردية». ورجحت المصادر أن تكون الصواريخ «انطلقت من منطقتي عسال الورد وطفيل السوريتين، المحاذيتين للزبداني لجهة الحدود».
وكانت المنطقة نفسها تعرضت لقصف صاروخي من الأراضي السورية، في 19 فبراير (شباط) الحالي، تبنته «جبهة النصرة في لبنان». وتجدد القصف على قضاء بعلبك، بعدما كان متركزا في الفترة الماضية على مناطق الهرمل في شمال شرقي لبنان، وكان آخره في 25 يناير (كانون الثاني) الماضي. وانقطع القصف على الهرمل، إثر استعادة القوات الحكومية السورية السيطرة على منطقة النعمات في أقصى شمال ريف دمشق التي كانت تستخدم لإطلاق الصواريخ على الهرمل.
وتحاذي منطقتا عسال الورد والجانب السوري من الطفيل مناطق بريتال والسفح الشرقي لسهل بعلبك اللبنانية، الذي تقطنه أغلبية مؤيدة لحزب الله. ويشكل وجود المعارضة السورية في هذه المنطقة تحديا بالنسبة لحزب الله، نظرا لإطلاق الصواريخ منها على لبنان. وكانوا معارضون سوريون أعربوا عن تخوفهم في السابق من وصول الحملات العسكرية إلى هذه المنطقة، في ما يسميه حزب الله خطة للسيطرة على مناطق إطلاق الصواريخ على مناطق نفوذه في لبنان.
في غضون ذلك، قتل شخص سوري في جرود عرسال القريبة من الحدود السورية، قيل إنه موال للنظام السوري. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية بأن جبهة النصرة «نفذت في جرود عرسال حكم الإعدام في سوريين مواليين للنظام، وهما على ومحمد الكوز، بعدما كانت قد وزعت بيانا بحق 12 سوريا تتهمهم بالتعامل مع النظام». وقالت مصادر ميدانية إن جثة أحدهم وجدت في منطقة خربة داوود الحدودية المتنازع عليها بين لبنان وسوريا، وهي منطقة جردية غير مأهولة.
وكانت مواقع إلكترونية تداولت معلومات خلال الأسبوع الماضي، عن بيان نُسب إلى جبهة النصرة، يتضمن وعيدا بتنفيذ حكم إعدام بـ12 شخصا سوريا، على خلفية اتهامهم بـ«شبيحة النظام السوري في لبنان».
ونفى نائب رئيس بلدية عرسال أحمد فليطي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، وجود «جبهة النصرة» في عرسال أو صدور بيان مشابه، مؤكدا أن أحد الشخصين قتل، والثاني لا يزال مصيره مجهولا، مشيرا إلى أن هؤلاء معروفون بأنهم مهربون عبر الحدود. وقال إن عرسال تحتضن أكثر من خمسين ألف لاجئ سوري «حملوا مشاكلهم وخلافاتهم معهم إلى البلدة»، مرجحا أن يكون القتل على خلفيات شخصية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.