واشنطن ترفض استقبال وفد روسي لإجراء محادثات حول سوريا

بكين تقول إن تدخل الصين عسكريًا في سوريا «إشاعة لا أساس لها»

واشنطن ترفض استقبال وفد روسي لإجراء محادثات حول سوريا
TT

واشنطن ترفض استقبال وفد روسي لإجراء محادثات حول سوريا

واشنطن ترفض استقبال وفد روسي لإجراء محادثات حول سوريا

أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأربعاء أن الولايات المتحدة امتنعت عن استقبال وفد روسي رفيع المستوى لبحث الملف السوري كما رفضت إرسال وفد أميركي إلى موسكو، هذا في الوقت الذي طالب فيه وزير الخارجية الألماني البلدين بتجنب تحويل تدخلهما العسكري في سوريا إلى نزاع روسي - أميركي، بينما أكدت بكين أنها ليست عازمة على إرسال سفنها إلى سوريا.
وقال لافروف أمام البرلمان «لقد تلقينا اليوم ردا رسميا»، مضيفا: «لقد أبلغنا بأنه ليس بإمكانهم إرسال وفد إلى موسكو أو استقبال وفد في واشنطن».
من جانب آخر، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، تأكيد لافروف أن روسيا والولايات المتحدة اللتين تشنان غارات على أهداف لتنظيم داعش في سوريا، توصلتا إلى اتفاق لتجنب أي اصطدام لطائراتهما في الأجواء السورية.
تستأنف واشنطن وموسكو الأربعاء محادثاتهما الهادفة إلى تجنب أي اصطدام في الأجواء خلال تنفيذهما غارات في سوريا، فيما توعد تنظيم داعش وجبهة النصرة روسيا بإلحاق الهزيمة بقواتها ردا على تدخلها العسكري ضد الجهاديين.
وقال مسؤول في البنتاغون لإذاعة «صوت أميركا»، أمس،، إن عسكريين من البلدين أجروا، أمس الأربعاء، «مزيدا من مفاوضات الفيديو حول الإجراءات الأمنية» لمنع تصادم بين الطائرات الأميركية والروسية فوق سوريا.
وقال وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر، أول من أمس، إن الاتصالات بين البلدين «مستمرة». وإنه يتوقع «اتفاقا، خلال فترة قصيرة». وأضاف: «رغم أننا نستمر في عدم الاتفاق حول سوريا، يجب أن نقدر، على الأقل، على الاتفاق على ضمان سلامة الطيارين. يجب أن تتصرف روسيا بطريقة مسؤولة فوق سماء سوريا، وأن تلتزم بالقواعد الأساسية للسلامة في مثل هذه الظروف».
وفي برلين، دعا وزير الخارجية الألماني فرانك - فالتر شتاينماير، أمس، واشنطن وموسكو إلى تجنب أن يتحول تدخلهما العسكري في سوريا إلى نزاع روسي - أميركي. وقال شتاينماير أمام مجلس النواب «علينا أن نحث الولايات المتحدة وروسيا على ألا يجري تدخلهما العسكري (في سوريا) بشكل يصبح فيه في نهاية المطاف نزاعا بين الولايات المتحدة وروسيا».
وفي خطاب، نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، عرض فيه نتائج اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي جرت في سبتمبر (أيلول)، تطرق وزير الخارجية الألماني إلى فشل الدبلوماسيين في إيجاد توافق بهدف حل النزاع الذي تشهده سوريا منذ نحو خمسة أعوام. وأكد: «من الواضح أنه يجب مكافحة تنظيم داعش ومجموعات إرهابية أخرى»، لكن الحل للحرب في سوريا لا يمر «عبر ميدان المعركة».
في بكين قالت الصين، أمس، إنها لا تعتزم إرسال سفن حربية إلى سوريا للقتال إلى جانب روسيا بعد تقارير أوردتها وسائل إعلام أفادت بعزم بكين القيام بذلك. ووصفت وسائل الإعلام الصينية تلك التقارير بأنها مجرد تكهنات لا قيمة لها. بحسب «رويترز».
وقالت هوا تشون ينغ المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية في إفادة يومية مقتضبة، ردا على سؤال عما إذا كانت الصين سترسل قوات إلى سوريا أنها لاحظت أيضا هذه التقارير: «يمكنني القول فيما يتعلق بالسفن الحربية الصينية - لياونينغ على سبيل المثال - وما إذا كانت ذهبت لتشارك.. فيما يخص هذا وعلى حد علمي لا توجد مثل هذه الخطط. في ذلك الوقت توجهت حاملة الطائرات لياونينغ في الآونة الأخيرة لإجراء اختبارات فنية ومناورات عسكرية».
وذكرت وزارة الدفاع الصينية أنه ليس لديها ما تضيفه إلى تصريحات هوا. وأشارت صحيفة «غلوبال تايمز» التي تديرها صحيفة «الشعب» الرسمية التابعة للحزب الشيوعي في افتتاحيتها، أمس الأربعاء، إلى أن تدخل الصين عسكريا في سوريا «إشاعة لا أساس لها».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.