لبنان: عون يلامس الأمن في تصعيده وخصومه يخشون الفوضى

مراقبون ربطوا مواقفه الأخيرة برهانه على تغيير في موازين القوى

لبنان: عون يلامس الأمن في تصعيده وخصومه يخشون الفوضى
TT

لبنان: عون يلامس الأمن في تصعيده وخصومه يخشون الفوضى

لبنان: عون يلامس الأمن في تصعيده وخصومه يخشون الفوضى

على الرغم من أن تصديق رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون بشكل رسمي على دخول البلد في شلل مؤسساتي تام، كان متوقعًا ومرتقبًا، فإن تهديده باهتزاز أمني وبـ«تصادم» في الشارع، ترك أكثر من علامة استفهام حول خلفيات هذه المواقف التي ربطها مراقبون برهانه على تغيير في موازين القوى بعد التدخل الروسي في سوريا.
ونبّه عون في حديث تلفزيوني مساء أول من أمس (الثلاثاء) بأن الخلاف السياسي كبير لدرجة قد تصل إلى حد التصادم، معتبرًا أنّه ليس مجبرًا على أن يبقى «ملاكًا في الوقت الذي يتعاطون فيه معنا بكل هذه النيات السيئة». وقال: «الشيطان في داخلي سيصحو يومًا ما ولا أعرف ماذا سيفعل».
وردّ النائب في تيار المستقبل أحمد فتفت على عون معتبرًا أن الأخير «لم يعد يمتلك إلا سياسة التصعيد والابتزاز، لذلك نجده يفاخر بتعطيل المؤسسات ومصالح اللبنانيين، مستقويًا بسلاح حزب الله». واعتبر أن «التهديدات التي أطلقها نابعة من شعوره بقوة زائدة لدى حلفائه، لذلك نراه يخوض آخر معاركه متكئًا على وعد وصله من دمشق بتبوؤ سدة الرئاسة خلال أشهر، شرط أن يبقى صامدًا».
وقال فتفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نتوقع أن يُقدموا على «7 أيار جديد»، إلا أننا لا شك نخشى من الانتقال من مرحلة الجمود إلى الفوضى على كل المستويات، خاصة إذا كان هناك قرار إيراني بعودة مسلسل التفجيرات والاغتيالات إلى لبنان». ورجّح فتفت «استمرار الشلل السياسي على ما هو عليه، لأن حزب الله مقتنع بحصوله على مزيد من المكاسب إذا ما انتظر بعد تطور الأوضاع في سوريا على وقع التدخل العسكري الروسي».
وقطع عون في إطلالته الأخيرة الطريق على تفعيل عمل الحكومة بعدما ربط العودة إليها بـ«تعيين قائد جيش ومجلس عسكري جديد»، وقال: «نحن نمثل الأكثرية المسيحية ويحق لنا تعيين قائد الجيش، والأرجحية لنا في هذا الموضوع».
واعتبرت مصادر مطلعة في قوى «8 أيار» أن مواقف النائب عون الأخيرة «مفهومة ومنتظرة، وخصوصا أنه تعرض للخداع أكثر من مرة في الأشهر الماضية وقرر أخيرًا قلب الطاولة على خصومه الذين سعى جاهدًا للتقرب منهم والحوار معهم فردوا على ذلك بالصفعة تلو الأخرى».
وفي حين ربط مراقبون «التصعيد العوني» برهان عون على تغيير في موازين القوى بعد التدخل الروسي في سوريا، ردّت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن هذا التصعيد لـ«شعور النائب عون بالانتماء إلى محور يحقق الانتصارات، ولاقتناعه أنّه وللمرة الأولى منذ 25 سنة أن المسيحيين قادرون اليوم على تعطيل البلد في حال لم يأخذوا حقوقهم». وأضافت: «أما تهديده الوضع الأمني فيندرج بإطار التهويل وهو من أصول اللعبة، باعتبار أن من يمتلك القوة اليوم غير راغب بالعبث بالأمن، وبالمقابل من يريد ذلك لا يمتلك القوة».
وشدّدت المصادر على أن الدخول الروسي إلى سوريا «حجة إضافية لتمديد مرحلة الاستقرار الأمني في لبنان، لأن غرفة العمليات حاليًا موجودة في سوريا وليست في بيروت، والأطراف الأساسية مشغولة بالعملية المستمرة هناك».
وانتقد النائب عن تيار المستقبل جمال الجراح عون «الذي لا يريد أي حوار لا يؤدي إلى انتخابه رئيسًا للجمهورية»، وفق قوله، مشددًا على أن «إيران لن تفرج عن ورقة انتخاب الرئيس قبل الجلوس على طاولة المفاوضات مع الغرب، والتفاهم حول دورها الإقليمي».
واعتبر الجراح في حديث إذاعي أن موقف «تيار المستقبل كان واضحًا منذ البداية، أنه لا يمكن للعماد عون أن يأتي بصهره (قائد فوج المغاوير شامل روكز) قائدًا للجيش، فيما يستمر برهن رئاسة الجمهورية لإيران». وقال: «مشكلة عون أنه يعتبر نفسه المسيحي الوحيد وليس الأقوى مسيحيًا، وينطق باسم المسيحيين ويقرر عن كل المسيحيين، لذلك، لا يمكن أن تستقيم الأمور بهذه الطريقة».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.