بوتين يندد بنقص التعاون مع أميركا حول سوريا

لافروف يؤكد الاستعداد للاتصال مع المعارضة المعتدلة

وزير الخارجية الروسي مستقبلاً المبعوث الأممي إلى سوريا دي ميستورا، في موسكو، أمس لبحث المسار السياسي للأزمة السورية (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي مستقبلاً المبعوث الأممي إلى سوريا دي ميستورا، في موسكو، أمس لبحث المسار السياسي للأزمة السورية (إ.ب.أ)
TT

بوتين يندد بنقص التعاون مع أميركا حول سوريا

وزير الخارجية الروسي مستقبلاً المبعوث الأممي إلى سوريا دي ميستورا، في موسكو، أمس لبحث المسار السياسي للأزمة السورية (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي مستقبلاً المبعوث الأممي إلى سوريا دي ميستورا، في موسكو، أمس لبحث المسار السياسي للأزمة السورية (إ.ب.أ)

ندد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، بنقص تعاون الولايات المتحدة مع روسيا في النزاع الروسي، وذلك في منتدى اقتصادي في موسكو. وأسف بوتين لعدم تلقيه أبدا ردودا على الأسئلة التي طرحها على الأميركيين في شأن الأهداف التي على الطيران الروسي ضربها وتلك التي عليه تجنبها، موضحا أنه لا «ضمانات» تحول دون وقوع الذخائر التي يلقيها الأميركيون من الجو في أيدي «إرهابيين». هذا في الوقت الذي قال فيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مستهل محادثاته مع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، إن العملية العسكرية الروسية في سوريا لا تعني نسيان العملية السياسية، بل على العكس.
واتهم بوتين أطرافا لم يسمها بأنها ترى في العملية العسكرية الروسية عائقًا أمام الحل السياسي، لافتًا إلى وجود توافق يلوح في الأفق حول تشكيل وفد يمثل المعارضة في المفاوضات حول الأزمة السورية. كما انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، المساعدات التي تقدمها واشنطن للقوة العسكرية الجديدة التي تم الإعلان عن تشكيلها يوم أول من أمس في الحسكة وتضم فصائل مسلحة عربية وكردية، وتسعى إلى طرد «داعش» من مدينة الرقة بدعم أميركي، متهما الولايات المتحدة بأن جزءا كبيرا من الأسلحة التي ترسلها إلى سوريا تقع بأيدي الإرهابيين.
وقال بوتين إن ما تقوم به القوات الروسية يستند إلى الشرعية والقانون الدولي، على عكس ما قامت وتقوم به قوات التحالف بزعامة واشنطن. وكشف عن أن موسكو عرضت على واشنطن التعاون وطلبت عن طريق المؤسسات المعنية إحداثيات مواقع «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وحين رفضت عادت موسكو وطلبت إحداثيات المواقع التي يجب الابتعاد عنها درءا لاتهاماتها باستهداف مواقع المعارضة المعتدلة، لكنها كانت وفي كل مرة تقابل بالرفض. وحذر بوتين من استمرار واشنطن في تسليح «الجيش السوري الحر» وفصائل المعارضة لأسباب قال إنها تتعلق بسقوط كل ما يمدونها به من أسلحة وتقنيات عسكرية في أيدي تنظيمات «داعش» و«جبهة النصرة» وغيرهما من التنظيمات الإرهابية وهو ما كانت اعترفت به الإدارة الأميركية.
وكان سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية أكد نفس المعاني في حديثه إلى قناة تلفزيون «إن تي في» الروسية، حيث قال تعليقا على إلقاء قرابة 50 طنا من الذخيرة من طائرات أميركية في محافظة الحسكة شمال سوريا لدعم القوات الكردية التي تحارب «داعش»: «إن موسكو على يقين من أن جزءا كبيرا من الأسلحة التي ترسلها واشنطن إلى المعارضة السورية يقع في أيدي الإرهابيين». وحذر لافروف من وقوع سيارات «جيب» من طراز «تويوتا» في أيدي مقاتلي «داعش». وطالب لافروف بإعلان هدنة إنسانية من أجل إيصال المساعدات إلى المتضررين وتخفيف معاناة المدنيين، فيما أكد انفتاح موسكو على التنسيق مع الجهات الدولية حول الوضع الإنساني ومكافحة الإرهاب في سوريا، مشيرا إلى أنها جددت كذلك استعدادها لفتح قنوات اتصال مع المعارضة الوطنية المسلحة.
وقبل محادثاته مع دي ميستورا، قال وزير الخارجية لافروف في مؤتمر صحافي مشترك له مع نظيرته الرواندية، إن موسكو تؤكد دوما الانفتاح على المعارضة المعتدلة في سياق التصدي للإرهاب. وكرر تصريحات سابقة له حول توجه موسكو بطلب من الولايات المتحدة «للمساعدة في فتح قنوات اتصال مع المعارضة المعتدلة»، إلا أن روسيا لم تحصل على أي رد بهذا الصدد، حسب قوله. وكانت وسائل إعلام قد ذكرت منذ عدة أيام أن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي عقد لقاءات في باريس مع شخصيات معارضة لبحث موضوع تشكيل حكومة مؤقتة في سوريا واحتمال شغل هذه الشخصية لحقيبة وزارة الدفاع في الحكومة.
وذكرت وسائل إعلام الأسبوع الماضي أن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي التقى في باريس شخصيات من المعارضة السورية عرض عليها المشاركة في حكومة وحدة وطنية، وتوقعت أن يكون مناف طلاس ومعاذ الخطيب من بين الشخصيات التي يدور الحديث عنها. وبينما أكدت مصادر مقربة من طلاس وجود اتصالات مع الروس «لكنها مشاورات ولا شيء جدي»، نفى معاذ الخطيب، الرئيس السابق للائتلاف الوطني وجود أي اتصالات مع الجانب الروسي.
ويستغرب مراقبون التصريحات الروسية حول «طلب من الولايات المتحدة للاتصال بالمعارضة المعتدلة بما في ذلك الجيش الحر»، لافتين إلى أن روسيا لديها قنوات اتصال مع كل أطياف المعارضة السورية، وهي ليست بحاجة لمساعدة الغرب بذلك. من جانب آخر هناك علاقاتها مع لاعبين إقليميين تربطهم علاقات جيدة بقوى المعارضة ويمكن لموسكو أن تستفيد منها لفتح قنوات اتصال، بعيدا عن صخب التصريحات عبر وسائل الإعلام بأن «موسكو تريد الاتصال مع المعارضة لكن الغرب لم يساعد ولم يقدم معلومات».
وفي تعليقه على مجمل التصريحات الروسية الأخيرة، تساءل هشام مروة نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري عن التنسيق الذي يتحدث عنه الروس، وقال مروة في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ما المقصود بالتنسيق الذي يريده الروس، في العملية السياسية أم في العملية العسكرية؟». وأكد عدم وجود أي اتصالات حاليا من الجانب الروسي مع الائتلاف، باستثناء اللقاء مع لافروف خلال زيارة وفد برئاسة خالد خوجه إلى موسكو مؤخرًا. وقال هشام مروه إن «لافروف تحدث حينها عن ضرورة أن تكون المعارضة السورية جزءا من محاربة الإرهاب، وكان رئيس الائتلاف واضحا بالنسبة لهذا الأمر. ونحن في الائتلاف نعتبر أن التصدي للإرهاب يقوم على تطبيق بيان جنيف وتشكيل هيئة حكم انتقالي، ودون ذلك عمليات مكافحة الإرهاب أو الضربات التجميلية لن تؤدي إلى القضاء على الإرهاب وحل المشكلة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.