استياء من منع بلدية برشلونة صورة لمصارع ثيران استلهم رسوم سلفادور دالي

قالت إنها ضد فكرة المصارعة ومع حقوق الحيوان

الفنان سلفادور دالي
الفنان سلفادور دالي
TT

استياء من منع بلدية برشلونة صورة لمصارع ثيران استلهم رسوم سلفادور دالي

الفنان سلفادور دالي
الفنان سلفادور دالي

أصدرت بلدية مدينة برشلونة، شمال شرقي إسبانيا، قرارا منعت بموجبه نشر صورة كبيرة جدا تغطي عمارة بكاملها، يظهر فيها مصارع الثيران خوسيه أنتونيو مورانتي متقمصا شخصية الفنان الكتالوني سلفادور دالي (1904 - 1989). وبررت البلدية منعها ذلك لأنها «ضد فكرة مصارعة الثيران، ومع حقوق الحيوان». والصورة من تصميم وتصوير الفنان خوسيه رامون لوزانو، من أجل الدعاية لمهرجان «ديل بيلار» في سرقسطة.
وبينت بلدية المدينة سبب المنع في خطاب للجنة المشرفة على مصارعة الثيران، قالت فيه: «بعد أن لاحظنا الصورة التي أرسلتموها لنا بتاريخ الجمعة 2 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي من أجل الدعاية للمهرجان في شارع كولون، نود إخباركم بأنه لم تتم الموافقة على هذه الصورة، كما نعلمكم بأنه في عام 2004 كانت بلدية برشلونة قد أقرت قانونا أعلنت فيه أنها ضد مصارعة الثيران، وأنها تؤيد حقوق الحيوان. إن برشلونة لها تاريخ طويل في حماية الحيوان، وإن الثور ليس حيوانا هجوميا».
واعتبر مؤيدو مصارعة الثيران أن هذا المنع «عرقلة لحق التعبير، وليس هناك أي اضطهاد للحيوان». وكان من المقرر أن يقوم مصارع الثيران أنتونيو مورانتي بدفع 50 ألف يورو لأصحاب العمارة التي تم الاتفاق معها على تعليق صورة المصارع، كما كان مقررا أن يقوم بدفع 12 ألف يورو كضريبة لبلدية المدينة.
وفي الصورة، يظهر مصارع الثيران مورانتي وقد رسم على صدره عددا من الأوشام مع كلمة «سلفادور»، كما ظهر المصارع بشارب مشابه لشارب سلفادور دالي وكذا قبعة مشابهة لقبعة الفنان الكتالوني.
وقد أثار منع الصورة استياء واضحا في مواقع الاتصال الاجتماعي، لكن البعض أيد القرار واعتبره انتصارا لحقوق الحيوان. وقد علقت إحدى النساء بالقول: «يبدو أن البلدية قد تمنع أعمالا فنية أشادت أو وصفت مصارعة الثيران، مثل رواية (الموت بعد الظهر) لهمنغواي، أو (بكائية إغناسيو سانشيز مخياس) لغارسيا لوكا، أو رسوم الثيران للفنان غويا».
وأشاد رجل يدعى غوميز بمصارعة الثيران قائلا: «إن مصارعة الثيران من الفنون الجميلة التي ألهمت شعراء وفنانين ورسامين ونحاتين من الإسبان والأجانب».
وقال فران: «البلدية تقول إنها حساسة، إذن لماذا تفخر بإقامة احتفالات يظهر فيها الأطفال بين خمس وست سنوات للقيام بفعاليات عمل برج عالٍ من البشر يصعد فيه الأطفال إلى ارتفاع كبير، أليس هذا اضطهادا للطفولة؟».
وكتب خوسيه أندرادو: «أستغرب للمنع، فنحن لا نتكلم عن دعاية للتدخين أو الكحول، وإنما دعاية لمهرجان، مع تقديم فعاليات فنية».
وقالت لولا: «من غير المسموح به منع الفن، فليس من حق البلدية المنع، إنها تطبق مبدأ (لا يعجبني)، أو (أنا أستطيع أن أفعل هذا لأن السلطة بيدي)».
وفي المقابل، كتب آخرون مشيدين بقرار البلدية. فقد قالت آنا: «بالنسبة لي فإن مصارعة الثيران ليست فنا، ومن المخجل عالميا أن نجد في إسبانيا أناسا يستمتعون بمعاناة الحيوان. إن مصارعة الثيران تلاحقنا نحن الإسبان أينما نكون».
وقال آخر: «أظن أن قرار المنع قرار صائب، فقد سئمت من الدعاية لمصارعة الثيران. إن البلدية أثبتت أنها لا تتأثر بالمال. أسأل ما هي العلاقة بين مصارعة الثيران والفنان سلفادور دالي؟ وهل مصارع الثيران عنده ثقافة؟ إذا كان مثقفا لا يكون مصارع ثيران».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».