إطلاق جائزة «تقدير» لتعزيز البيئة الداعمة للعمال في دبي

تسعى إلى تحفيز المؤسسات لتقديم مستويات متقدمة من الرعاية والعناية

عمال آسيويون في دبي
عمال آسيويون في دبي
TT

إطلاق جائزة «تقدير» لتعزيز البيئة الداعمة للعمال في دبي

عمال آسيويون في دبي
عمال آسيويون في دبي

أطلق الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي للإمارة، جائزة «تقدير» التي تسعى لتحفيز المؤسسات والشركات على تقديم مستويات متقدمة من الرعاية والعناية بالعمال التابعين لها، وخصصت دورتها الأولى لقطاع التشييد والبناء.
وتهدف الجائزة السنوية إلى حثّ الشركات على الارتقاء بمقومات الحياة الكريمة للعمال المنتسبين إليها، وتشجيعهم على إحداث تغيير نوعي تراكمي ومستدام في الثقافة العمالية، وخلق مناخات عمل تعزز العلاقة بين طرفي معادلة الإنتاج وهما أصحاب العمل والعمال، واستهلال مرحلة جديدة من التعاون الإيجابي والمثمر بين الطرفين ليس على مستوى إمارة دبي فحسب وإنما على مستوى المنطقة والعالم، وذلك من خلال تقديم نموذج يمكن استلهام أهدافه وآليات تطبيقه.
وأكد ولي عهد دبي أن جائزة «تقدير» تأتي كإضافة جديدة لمنظومة جوائز التميز والإبداع التي أطلقتها حكومة دبي بهدف غرس وترسيخ مفاهيم جديدة للحياة والعمل، وإطلاق محفزات الإبداع والابتكار في مختلف مرافق الإنتاج والقطاعات الاقتصادية في الإمارة، مشيرًا إلى أن جهود الحكومة تأتي تنفيذًا لتوجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الداعية إلى إسعاد الناس بكافة شرائحهم دون تمييز والعناية بإرساء ثقافة رفع مستويات رضا العاملين.
وتشمل الجائزة، في دورتها الأولى، فئة الشركات المتخصصة في قطاع البناء والتشييد، حيث سيقوم فريق مختص من الخبراء والمقيمّين باختيار أفضل الشركات التي توفر أحسن ظروف العمل والعيش لعمال البناء التابعين لها، وفق معايير تستند إلى أفضل الممارسات الدولية، ومنها المعايير المعتمدة من قبل وزارة العمل الإماراتية، في حين من المقرر توسيع نطاق الجائزة في الدورات المقبلة لتشمل قطاعات عمالية أخرى تضم إجمالا أكثر من 500 ألف عامل.
وقال عبد الله الشيباني، الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي إن «الجائزة تنسجم مع أهداف خطة دبي 2021 التي تتضمن بين أهدافها تعزيز مجتمع متلاحم متماسك يتبنى قيمًا إنسانية رفيعة قوامها التسامح والإيمان بمبادئ العيش المشترك، ويمنح أفراده الشعور بالعدالة والمساواة في التعامل بما يصون حقوقهم وحرياتهم ضمن إطار تشريعي وقانوني أصيل، منوهًا بأهمية الجائزة لتزامنها مع فصل جديد من فصول النمو الاقتصادي القوي في الإمارة سيكون من أبرز ملامحه استضافة دبي لمعرض (إكسبو الدولي 2020) الأكبر والأعرق عالميًا، بما تتضمنه هذه المرحلة من مشاريع إنشائية وعمرانية ضخمة وما يستدعيه ذلك من تَوفّر العِمَالة اللازمة لتطوير تلك المشاريع، مما يدعم الحاجة لمثل هذه المبادرة لتحفيز الشركات وأصحاب العمل لتقديم مزيد من الدعم والعناية لتوفير أفضل الأجواء المعيشية والمهنية لهؤلاء العمال».
وأوضح الشيباني أن تهيئة البيئة الداعمة للعمال بتوفير متطلباتهم الأساسية وإعداد الأجواء الملائمة للعيش والعمل عناصر تعزز جاذبية دولة الإمارات للعمالة الوافدة التي تسعى بدورها كذلك للاستفادة من فرص العمل المتاحة ضمن مختلف القطاعات التنموية في الدولة لا سيما قطاع البناء الذي يُعدُّ أكثر القطاعات استقطابًا للعمالة نظرًا لضخامة حجمه بتزايد نمو حركة التطوير العمراني القوية في دولتنا التي تتمتع إمارة دبي بنصيب وافر منها، بما في ذلك إرساء وتطوير البنى التحتية باستثمارات ضخمة تناهز عشرات المليارات من الدراهم، مشيرًا إلى المردود الاقتصادي القوي العائد كذلك على الدول المُصدّرة لتلك العمالة التي تستقبل سنويًا مئات الملايين من الدراهم يقوم العمال بتحويلها إلى أهلهم وذويهم فيها.
وفي ذات السياق، أعرب اللواء عبيد مهير بن سرور، نائب المدير العام للإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب في دبي رئيس اللجنة الدائمة لشؤون العمال في دبي عن ثقته في أن هذه الخطوة الرائدة من شأنها تحفيز إطلاق جوائز مشابهة في مناطق أخرى من العالم لما لها من أبعاد إنسانية ومهنية واقتصادية فعّالة، ومؤكدًا الاستعداد التام للتعاون مع أي جهة لإطلاق مثل هذه الجوائز في أي دولة صديقة ترغب من الاستفادة من هذه التجربة الرائدة.
وسيقوم فريق العمل المشرف على إدارة وتنظيم الجائزة الذي يضم خبراء في مجالات متعددة، بتنظيم زيارات وورش عمل دورية تشمل أصحاب القرار والمسؤولين في الشركات المستهدفة وممثلين عن العمال، وتسليمهم كتيبات بعدة لغات، لتوضيح أهداف الجائزة وكيفية وشروط المشاركة فيها ومواعيد تقديم الطلبات وغيرها من الأمور الفنية. وستُمنح جوائز وشهادات التقدير لأفضل الشركات والعمال المميزين في مجال البناء والتشييد عقب انتهاء عمليات المراجعة والتقييم الدقيقة خلال حفل كبير يقام في دبي خلال العام المقبل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».