الشناشيل في البيوت البغدادية التراثية تمثل شخصيتها التاريخية والعمرانية

اشتهر يهود العراق في التاريخ المعاصر ببنائهم لهذا الطراز في أغلب مناطق سكناهم

الشناشيل في البيوت البغدادية التراثية تمثل شخصيتها التاريخية والعمرانية
TT

الشناشيل في البيوت البغدادية التراثية تمثل شخصيتها التاريخية والعمرانية

الشناشيل في البيوت البغدادية التراثية تمثل شخصيتها التاريخية والعمرانية

الشناشيل واحدة من أهم الشواخص المعمارية التي تحاكي الهوية الجمالية للمدن العراقية وأحيائها وأزقتها القديمة وبيوتها التي تعاني اليوم من الإهمال والتآكل والقِدم، بعد أن كانت رمزًا للجمال والإبداع الفني العراقي، الشناشيل هذا التراث الذي يقف اليوم أمام تصدعات الزمن وإهمال المعنيين، يحكي اليوم آخر قصصه من زمن الماضي الجميل علّها تكون سفينة النجاة.
وبين الأزقة الضيقة (الدربونة) وقرب سوق حنون بحي «التوراة»، التابع لمنطقة «قنبر علي» في جانب الرصافة بالعاصمة بغداد، تقتادك رائحة خشب الصاج الرطبة المنبعثة من واجهات تلك المنازل المبنية من الخشب والزجاج، التي تعرف في اللهجة العراقية باسم «الشناشيل».
ترتبط الذاكرة العراقية الساكنة في تلك البيوت المبنية من الطابوق الآجر والخشب، بسحر أنغام موسيقى المربع البغدادي والمقام العراقي ورائحة الشاي أبو الهيل وعبق الماضي البغدادي الجميل. والشناشيل، ومفردها شنشول، هي شرفات خشبية مزخرفة هندسيًا بالرسم على الزجاج، تعمل على إبراز واجهة الطابق الثاني بأكمله أو غرفة من غرفه بشكل شرفة معلقة بارزة إلى الأمام، وتمتاز مناطق الشناشيل، وهي في أغلبها اليوم أحياء شعبية تهيمن عليها روح التقاليد المحافظة، بالبساطة التي تجدها متجسدة في النساء اللاتي يفترشن عتبات تلك البيوت، بينما تقوم الفتيات بالنظر إلى المارة في الشارع من خلف النوافذ الخشبية المرصعة بالزجاج الملون، التي صممت كالشرفة للتقارب مع البيوت الأخرى.
الباحث والمتخصص في التراث العراقي عدنان الشبلي قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «بيوت الشناشيل التي كانت مناطقها توصف بالجميلة والغنيّة في أربعينات القرن الماضي، أصبحت اليوم تعاني من الإهمال بعد رحيل أهلها، حيث أشتهر يهود العراق في التاريخ المعاصر ببنائهم لبيوت الشناشيل في أغلب مناطق سكناهم، لكن وبعد خروجهم من العراق عانت هذه المناطق من الإهمال ولم تشهد أي عملية إعمار على مدى سبعة عقود ونصف».
وأضاف الشبلي الذي قضى طفولته في أحد بيوت الشناشيل في حي التوراة الذي تسكنه أغلبية يهودية حينذاك: «كنا نشارك أتباع الطائفة اليهودية مناسباتهم، كالاحتفال بعيد الغفران أو ما يعرف بـ(يوم كيبور)، فضلاً عن زيارة مراقدهم الدينية التي لا تزال قائمة حتى الآن كمرقد الشيخ (إسحق) في المنطقة نفسها، واليوم أصبحت أرى أن الأسلوب المعماري الذي امتازت به بيوت الشناشيل عن غيرها من بيوت المحلة، أضفى عليها نكهة خاصة في تاريخ التراث البغدادي المعماري، وأن هذه البيوت تعتبر قطعًا فنية نادرة لما لها من جمالية في طرازها وهندستها المعمارية، لذا صرت حريصًا جدًا على الإبقاء على بيتنا كما هو، كونه الآن يمثل تحفة فنية، ولأنه يحمل ذكرياتي كلها، وكان من قبل مسكن أبي وجدي، وأتألم كثيرًا وأنا أرى عمليات هدم الكثير من هذه البيوت واستبدالها بمنازل عصرية، أو تحويلها إلى مخازن أو ورش عمل».
وأشار الشبلي إلى «ضرورة أن تولي الدولة اهتمامًا كبيرًا بهذه المناطق الأثرية، التي تعتبر جزءًا مهمًا من تاريخ العراق، وألهمت بسحرها الأدب العراقي والإبداع الفكري والمعرفي».
يذكر أن الشناشيل وردت في الكثير من القصائد والقصص والروايات، وربما في مقدمتها قصيدة الشاعر العراقي الحداثي بدر شاكر السياب «شناشيل ابنة الجلبي». كما جُسّدت في اللوحات التشكيلية والأعمال النحتية أيضًا، ناهيك بالصور الفوتوغرافية، التي قدمها الكثير من الأدباء والفنانين العراقيين.
ويرى الفنان محمد صالح العبيدي أحد المختصين في فن العمارة البغدادية، أن الشناشيل ظهرت لأول مرة في العراق في مدينة البصرة في القرن السابع عشر الميلادي، متأثرة بمثيلاتها التركية والهندية. وانتقل هذا الطراز الجميل إلى بغداد وبقية مدن العراق.
وقال العبيدي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الشناشيل تمثل مزيجًا بين الفن والعمارة والحضارة، التي خلدت إرثًا معماريًا جميلاً، وإن الشناشيل على اختلاف تصاميمها، تمنع دخول أشعة الشمس بصورة مباشرة إلى المنزل، ويتم ذلك بواسطة النوافذ ذات المشبكات الخشبية المثلثة، فضلاً عن توفيرها الظل للزقاق أو الشارع»، وبذلك كانت طريقة مناسبة للتخفيف من حرارة البيوت في المناخ العراقي الملتهب صيفًا».
وأضاف العبيدي أن «الخشب الذي يشيّد منه الشناشيل أسهم في التخفيف من وزن الأبنية، كما أن «سهولة التعامل مع الخشب في مجال العمارة والنقوش أدى إلى تنوع أشكال الشناشيل ومحتواها حسب ذائقة أهلها وما أبدعته أنامل وفكر الفنان البغدادي والعراقي في إرضاء ذائقة المجتمع العراقي المتنوع، وإن وضع الشناشيل في الطابق العلوي من المنزل أدى إلى تقارب سكان بيوت الشناشيل، بحيث يسمح للعائلات بتبادل التحيات والأخبار وشتى الأحاديث من خلالها، مما أثر على تقارب العلاقات الاجتماعية فيما بينهم».
وأوضح العبيدي أن «الشناشيل تمتاز أيضًا بنوع من الخصوصية، إذ تمكن أهل الدار من النظر إلى الخارج وليس العكس»، إلا أنه يحذر أيضًا من أن «زحف العمارة الحديثة مؤخرًا بدأ يشكل تهديدًا متناميًا للشناشيل، وقد يفضي في نهاية الأمر إلى اندثارها».
من جهته، قال الخبير في التراث العراقي الباحث عادل العرداوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «الشناشيل في البيوت البغدادية التراثية تمثل بالنسبة إلى العاصمة بغداد شخصيتها التاريخية والعمرانية، لأنها تجسد التقاليد المتوارثة من الماضي وتبقى إرثًا للأجيال القادمة.. وتعتبر الأساس للهوية الوطنية والمحلية، لذا من الواجب السعي إلى تهيئة الدراسات والمستلزمات الضرورية لوضع الخطط السريعة لتطوير مناطق بغداد عمرانيًا بما يتطلبه إبراز الجوانب الحضارية لهذه المدينة التاريخية العريقة، والحفاظ على ما تبقى من القيم الفنية والجمالية للعمارة البغدادية، لا سيما شناشيلها الرائعة، وإعادة صيانتها وترميمها ورصد واقع الارتقاء بها وإبراز الجوانب المشرقة منها، لتعود العاصمة بغداد إلى جمالها وألقها العمراني الذي تميزت به لقرون عدة، وبالخصوص الأحياء القديمة منها: كالكاظمية، والأعظمية، والشوّاكة، والكريمات، والبتاوين، والفضل، وباب الشيخ، والمهدية، وأبو سيفين، والجعيفر، والرحمانية، وحي التوراة، وغيرها، وشوارع الخلفاء، والكفاح، والشيخ عمر، وحيفا، وشارع الرشيد الذي يعتبر من أقدم وأشهر شوارع بغداد التاريخية وأحد أهم مراكزها التجارية، حيث ترك هذا الشارع بحالة يرثى لها منذ عام 2003 وإلى يومنا هذا، على الرغم من موقعه المتميز بالإضافة إلى أنه كان يُعد الشريان الرئيسي للعاصمة بغداد إضافة إلى غيره من المحلات (الحارات) والشوارع والأزقة التي أهملت خلال العقود الأخيرة».
وأضاف العرداوي أن «الشناشيل في البيوت البغدادية التراثية تماثل (المشربيات) في البيوت المملوكية في القاهرة.. وتماثل أيضًا (الرواشين) في بيوت مدينة جدة التراثية».
وتعتبر الشناشيل من الظواهر المألوفة في البيوت البغدادية التراثية ومن معالمها التراثية المميزة.. وهي الشرفات الخشبية المزخرفة المعلقة والمصطفة على الطريق العام، حيث توفر مظلّة يحتمي بها المشاة من شمس الصيف الحارة وأمطار الشتاء. ففي بيوت الميسورين تتحول الشناشيل إلى قطع فنية رائعة، وذلك لجمال نقوشها الخشبية التي تتخللها قطع زجاجية صغيرة ملونة.



عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> نايف بن بندر السديري، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة الأردنية الهاشمية، استقبل أول من أمس، الدكتور زهير حسين غنيم، الأمين العام للاتحاد العالمي للكشاف المسلم، والوفد المرافق له، حيث تم خلال اللقاء بحث سبل التعاون المشترك بين الجانبين. من جانبه، قدّم الأمين العام درع الاتحاد للسفير؛ تقديراً وعرفاناً لحُسن الاستقبال والحفاوة.
> حميد شبار، سفير المملكة المغربية المعتمد لدى موريتانيا، التقى أول من أمس، وزير التجارة والصناعة والصناعة التقليدية والسياحة الموريتاني لمرابط ولد بناهي. وعبّر الطرفان عن ارتياحهما لمستوى التعاون الاقتصادي في شقيه التجاري والاستثماري، وحرصهما واستعدادهما لدفع التبادل التجاري إلى ما يأمله البلدان الشقيقان؛ خدمةً لتعزيز النمو الاقتصادي، كما أكد الطرفان على ضرورة تبادل الخبرات في القطاع الزراعي؛ للرقي بهذا القطاع المهم إلى ما يعزز ويطور آليات الإنتاج في البلدين الشقيقين.
> إريك شوفالييه، سفير فرنسا لدى العراق، التقى أول من أمس، محافظ الديوانية ميثم الشهد؛ لبحث آفاق التعاون المشترك والنهوض به نحو الأفضل، وتم خلال اللقاء الذي أقيم في ديوان المحافظة، بحث إمكانية الاستثمار من قِبل الشركات الفرنسية في الديوانية، خصوصاً أنها تمتلك بيئة استثمارية جيدة، والتعاون المشترك بين فرنسا والحكومة المحلية في عدد من المجالات والقطاعات.
> عبد اللطيف جمعة باييف، سفير جمهورية قيرغيزستان لدى دولة الإمارات، التقى أول من أمس، اللواء الركن خليفة حارب الخييلي، وكيل وزارة الداخلية، بمقر الوزارة، بحضور عدد من ضباط وزارة الداخلية. وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين الصديقين. ورحب اللواء الخييلي بزيارة السفير القيرغيزي، مؤكداً حرص الوزارة على توطيد علاقات التعاون والعمل المشترك مع البعثات الدبلوماسية والقنصلية في الدولة.
> عبد الله حسين المرزوقي، القنصل العام لدولة الإمارات العربية المتحدة في مومباي، حضر أول من أمس، احتفالاً بذكرى يوم الدستور لجمهورية بولندا، الذي استضافه القنصل العام لبولندا داميان إرزيك، بحضور رؤساء البعثات الدبلوماسية في مومباي، وعدد من المسؤولين في الحكومة الهندية ورجال الأعمال.
> عمر عبيد الشامسي، سفير دولة الإمارات لدى المملكة الإسبانية، اجتمع أول من أمس، مع خوسيه لويس ديلبايي، مدير مكتبة «الإسكوريال» الملكية في إسبانيا، وذلك لبحث سبل تعزيز التعاون مع المكتبة. جاء ذلك خلال الجولة التي قام بها السفير في مكتبة «الإسكوريال والبازيليكا» الملكية، بالإضافة إلى المبنى الملكي للضيافة الذي كان يستقبل فيه الملك فيليب الثاني، ملك إسبانيا (1556 - 1598م)، مختلف سفراء دول العالم.
> ستيفن بوندي، سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى مملكة البحرين، استقبله أول من أمس، الدكتور محمد بن مبارك جمعة، وزير التربية والتعليم رئيس مجلس أمناء مجلس التعليم العالي بالبحرين؛ لمناقشة تعزيز أوجه التعاون في الجوانب التعليمية والثقافية، واستعراض أهم التجارب التعليمية الناجحة، كما تم بحث تعزيز الشراكة بين الجانبين في تدريب معلمي اللغة الإنجليزية بالمدارس الحكومية على مهارات وطرق تدريس الإعداد لاختبارات (TOEFL)، لزيادة مستويات التحصيل العلمي لدى طلبة المرحلة الثانوية في اللغة الإنجليزية.
> ماجد مصلح، سفير جمهورية مصر العربية لدى سريلانكا، استقبله أول من أمس، رئيس الوزراء السريلانكي دينيش غوناواردينا، حيث تناول اللقاء سُبل تعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات كافة. وأشاد رئيس الوزراء السريلانكي بعلاقات الصداقة التاريخية التي تجمع بين البلدين، مُسلطاً الضوء على دور البلدين في إقامة حركة عدم الانحياز، الأمر الذي كان له أثره الكبير على صعيد العلاقات الدولية بصفة عامة، ومصالح واستقلالية الدول النامية على وجه الخصوص.
> بيتر بروغل، سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى تونس، التقى أول من أمس، رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة، بقصر باردو. وعبّر السفير عن استعداد بلاده لمواصلة دعم مجهودات تونس في مسارها التنموي ومؤازرتها اقتصادياً واجتماعياً. وأكد ارتياحه للمستوى الممتاز للعلاقات الثنائية، معبّراً عن تقديره للخطوات الإيجابية التي تم قطعها في مجال البناء الديمقراطي، كما اطلع على صلاحياته وطرق عمل المجلس وعلاقته بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم من جهة، وبالحكومة من جهة أخرى.