المشتبه به السابق في مقتل سعد الحلي: «لقد دمروا حياتي»

وسائل الإعلام أوحت بأنه القاتل رغم أنه كان متهما فقط

إريك المتهم المفرج عنه في قضية مقتل المهندس العراقي
إريك المتهم المفرج عنه في قضية مقتل المهندس العراقي
TT

المشتبه به السابق في مقتل سعد الحلي: «لقد دمروا حياتي»

إريك المتهم المفرج عنه في قضية مقتل المهندس العراقي
إريك المتهم المفرج عنه في قضية مقتل المهندس العراقي

قال شرطي البلدية المشتبه به في حادثة مقتل المهندس العراقي سعد الحلي، إن اعتقاله والتحقيق معه قد دمر حياته وأفقده عمله وعائلته. وأفرجت الشرطة الفرنسية عن إريك (48 عاما)، لنقص الأدلة التي تثبت تورطه في الجريمة التي وقعت في بلدة «شوفالين»، شرق فرنسا، وراح ضحيتها أربعة أشخاص بينهم زوجة الحلي وحماته.
وجاء في مقابلة أدلى بها المفرج عنه إلى صحيفة «الباريزيان»، أمس، أنه قرر الخروج عن صمته لكي «يستعيد شرفه، بعدما كان اعتقاله تسبب في نشر الشكوك حوله، لا سيما بعد أن أدلى زملاء له بمعلومات تشير إلى أنه كان عدوانيا وفصل من العمل بسبب آراء عنصرية».
واحتجزت الشرطة المشتبه به، وسط ضجة إعلامية واسعة الشهر الماضي، بسبب الشبه الكبير بينه وبين ملامح راكب دراجة نارية شوهدت في محيط الجريمة التي وقعت في سبتمبر (أيلول) الماضي ولم تكشف أجهزة التحقيق في فرنسا، ولا في بريطانيا، الموطن الثاني للضحية، سرها بعد. وبعد أربعة أيام من التحقيقات المكثفة مع إريك، الذي لم ينشر اسمه الكامل، جرى إطلاق سراحه دون كفالة.
في المقابلة، وصف المشتبه به ما جرى له بأنه كان «زلزالا وكابوسا». فقد كان في طريقه إلى العمل حين سحبه أشخاص لم يرهم من قبل من سيارته وطرحوه أرضا وفتشوه ثم أخذوه معهم في شاحنة صغيرة. وأضاف أنه تصور نفسه ضحية عملية سطو قبل أن يفهم، فيما بعد، أن معتقليه أفراد من درك المنطقة ومن قوات التدخل السريع ذوي البدلات السود. وقد زاد من الشبهات أنه يهوى جمع الأسلحة النارية.
إريك، قال إنه نفى في التحقيق أي علاقة له بالجريمة فقد كان وقتها في عمله ويقود سيارة تابعة للبلدية وقد توقف للتزود بالوقود من محطة في بلدة «آنسي»، وقد أثبت هاتفه النقال مكان وجوده، وبالتالي فمن غير الممكن أن يكون في بلدة «شوفالين» التي وقعت فيها الجريمة. وفي حين أقر المتهم بوجود شبه بينه وبين صورة المشتبه به التي رسمها المحققون بناء على أوصاف الشهود، فإنه أضاف بأن وضع خوذة على رأس بطل التزلج الفرنسي لوك ألفان سيجعل منه شبيها بالصورة، أيضا.
وعبر المفرج عنه عن استنكاره للمعلومات التي سربها المحققون عنه لوسائل الإعلام وأظهرته وكأنه مرتكب مجزرة «شوفالين» في حين أنه كان موقوفا قيد التحقيق، لا أكثر. وقال إن عائلته كلها تضررت من القضية، زوجته ووالديه وحماه، لا سيما ابنه البالغ من العمر 13 عاما الذي لم يكن يجرؤ على الذهاب إلى المدرسة. كما انفض عنه جيرانه وزملاؤه القدامى. وهو قد صرف من عمله (شرطي) في بلدة سويسرية على الحدود مع فرنسا، غداة القبض عليه، بحيث لم يعد قادرا على تسديد أقساط منزله.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».