مفاجآت معرض الرياض للكتاب.. منصات تدشين وخدمة مكفوفين

آلية جديدة لتوقيع الكتب بهدف تخفيف الازدحام والتدافع على المؤلفين

جانب من معرض الرياض الدولي السابق للكتاب («الشرق الأوسط»)
جانب من معرض الرياض الدولي السابق للكتاب («الشرق الأوسط»)
TT

مفاجآت معرض الرياض للكتاب.. منصات تدشين وخدمة مكفوفين

جانب من معرض الرياض الدولي السابق للكتاب («الشرق الأوسط»)
جانب من معرض الرياض الدولي السابق للكتاب («الشرق الأوسط»)

تحتشد دور النشر السعودية والعربية مساء الثلاثاء المقبل، إيذانا بانطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، الذي يحمل هذا العام العديد من المفاجآت لزواره، حسب ما كشفته مصادر لـ«الشرق الأوسط»، يأتي من أبرزها إيجاد منصات «تدشين»، إلى جانب منصات «التوقيع» التقليدية؛ إذ يكمن دور منصات التدشين في عرض الكتب التي خرجت للتو من المطبعة، وترى النور لأول مرة من خلال معرض الرياض للكتاب، بحيث لم يسبق لها أن بيعت في أي مكان آخر، أي يدشنها كاتبها خلال المعرض.
ومن المنتظر كذلك أن يوفر معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام خدمات جديدة للقراء من فئة المكفوفين، وفق مفهوم «القارئ الآلي»، بالتعاون مع جمعية المكفوفين الخيرية بالرياض. تضاف إلى ذلك خطوة جديدة لمعرض الكتاب هذا العام، ممثلة في وجود ركن خاص للبريد السعودي داخل المعرض، للعمل على إيصال الكتب من داخل المعرض إلى أي مدينة سعودية.
ونظرا لأزمة الازدحام التي واجهت المؤلفين خلال العام الماضي أثناء توقيع كتبهم للزوار، والتي شهدت تكدس أعداد كبيرة من مرتادي المعرض خلال منصات التوقيع، عمدت إدارة المعرض هذا العام إلى إبعاد منصات التوقيع التي كانت في السابق تقع وسط المعرض؛ وذلك عبر نقلها إلى الصالة الإضافية (صالة رقم 5) في المعرض؛ بهدف تخفيف الازدحام على مراسم توقيع الكتب.
ومن المنتظر أيضا أن يكون الجدول الثقافي لمعرض الرياض للكتاب دسما ومركزا هذا العام، حيث تعتزم إدارة المعرض جعل الندوات بمقدار ندوة واحدة يوميا فقط، أي بحدود تسع ندوات على مدى الأيام التسعة المصاحبة للمعرض، وذلك على خلاف ما هو معمول به خلال السنوات الماضية، حيث كانت هناك أكثر من ندوة في اليوم الواحد، تمتد من الساعة الرابعة عصرا وحتى العاشرة مساء، في حين ينتظر أن يجري إدراج جدول الندوات الثقافية خلال اليومين المقبلين على الموقع الإلكتروني للمعرض.
وهذه المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» وغيرها الكثير سيجري كشف الستار عنها ظهر اليوم (السبت) في مؤتمر صحافي يعقده الدكتور ناصر الحجيلان، وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية والمشرف العام على معرض الرياض الدولي للكتاب، في مركز الملك فهد الثقافي، لتسليط الضوء على آخر استعدادات الوزارة بكافة قطاعاتها، واللجان الرئيسة والفرعية والتنفيذية، وجاهزية المعرض للافتتاح، وآلية العمل الجديدة لهذا العام، والفعاليات الثقافية المصاحبة للمعرض.
من ناحيته، كشف بدر شفاقة، وهو رئيس لجنة الإعلام الجديد في معرض الرياض الدولي للكتاب، أن عمليات البحث الإلكتروني عن الكتب خلال فعاليات المعرض تتجاوز حدود ثلاثة ملايين عملية يوميا، بما يشمل البحث على الموقع الإلكتروني للمعرض، والبحث للزوار ممن هم داخل المعرض، مؤكدا أنه جرى تطوير أنظمة البحث الإلكتروني لهذا العام بما يتحمل هذا العدد الكبير من عمليات البحث.
وأفصح شفاقة لـ«الشرق الأوسط» أن معرض الرياض الدولي للكتاب سيوفر لزواره هذا العام أجهزة شحن للهواتف الذكية بعدد كبير بين ممرات المعرض، بما يسعف من تنتهي بطارية أجهزتهم الجوالة، وهي خدمة جديدة سيوفرها المعرض لزواره للمرة الأولى، مفيدا بأن تغطية الإعلام الإلكتروني للمعرض ستكون مكثفة هذا العام، من خلال أربع شبكات اجتماعية («تويتر»، و«فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«غوغل بلس»)، إلى جانب وجود فريق للإعلام الاجتماعي يهتم بتغطية الندوات الثقافية المصاحبة للمعرض أولا بأول.
من جهة أخرى، حددت إدارة معرض الرياض الدولي للكتاب شعار المعرض لهذا العام، وهو «الكتاب.. قنطرة حضارة»، ووضعت جدول الفعاليات الثقافية اليومية وأسماء المشاركين والورش المصاحبة، والمقهى والإيوان الثقافيين، كما اعتمدت الفعاليات المقرر قيامها خارج مدينة الرياض، في حين خصصت إدارة المعرض التكريم هذا العام لعشرة من رواد فن الخط العربي.
تجدر الإشارة إلى أن إدارة معرض الرياض الدولي للكتاب، خصصت جناحا للمؤلفين السعوديين الراغبين في عرض وتسويق إنتاجهم، والذين لا توجد لديهم دور نشر تتبنى مؤلفاتهم، حيث تتولى إدارة المعرض عرضها وتسويقها، من خلال عملية البيع وتحصيل المبالغ بعد أن يحدد كل عارض السعر المناسب للبيع.
وأوضح الدكتور صالح الغامدي، مدير المعرض، أن هذا الجناح يقام للمرة الثانية على التوالي؛ تشجيعا من وزارة الثقافة والإعلام لمؤلفي الكتب بجميع أنواعها، من الذين ليست لديهم دار نشر تقوم بهذا الدور أو لمحدودية إنتاجهم، وإتاحة الفرصة لهم في هذا المحفل الثقافي الكبير، لافتا إلى أن الكتب التي يجري عرضها يجب أن تكون مرخصة، ويلتزم المؤلف بإرسالها إلى إدارة المعرض قبل انطلاقة المعرض بمدة كافية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».