العد التنازلي للأوسكار (3): أفلام تطرح أزمنة الحياة ومشكلاتها ومخرجون يعبرون عن الرأي والرؤية

من الحي إلى سينما الإحياء مرورا بالتسجيلي

مارتن سكورسيزي يراجع المشهد مع ليوناردو ديكابريو
مارتن سكورسيزي يراجع المشهد مع ليوناردو ديكابريو
TT

العد التنازلي للأوسكار (3): أفلام تطرح أزمنة الحياة ومشكلاتها ومخرجون يعبرون عن الرأي والرؤية

مارتن سكورسيزي يراجع المشهد مع ليوناردو ديكابريو
مارتن سكورسيزي يراجع المشهد مع ليوناردو ديكابريو

تتوزع الأفلام التسعة المشتركة في سباق أفضل فيلم روائي بين الأمس والحاضر والمستقبل. كل واحد منها بمثابة جرح ينزف حتى قبل حدوثه.
خمسة من الأفلام المتسابقة تتعامل ومستقبل مؤلم يشكّل زبدة الحديث في كل منها، فـ«نصب أميركي» لديفيد أو راسل تقع أحداثه في السبعينات ليكشف من نَصَب على مَن في عملية دوافعها سياسية، بدت كما لو أنها ستضع حدّا للفساد بين سياسيين أميركيين، لكنها في الواقع لم تكن سوى طفرة كما يشهد التاريخ نفسه.
«دالاس بايرز كلوب» لجان - مارك فالي يدور أيضا في رحى السبعينات، وحول حادثة أيضا بطلها رجل مستقيم ومعتد باستقامته، أفاق يوما على أنه مصاب بالإيدز. يتعامل أيضا والحكومة من حيث إن بطله ذاك يريد توفير العلاج للمصابين عبر جلب عقار معيّن مسموح به في المكسيك (ودول أخرى)، لكن السلطات المسؤولة تعارضه.
في «12 سنة عبدا» لستيف ماكوين يذهب إلى نقطة أبعد؛ مذكرات رجل أسود يعيش حرا في مدينة واشنطن في ستينات القرن الـ19، يجد نفسه وقد أصبح عبدا في مزارع الجنوب.
في «فيلومينا» لستيفن فريرز، وضع مزدوج. نعم، أحداثه الماثلة تقع اليوم، لكن ثلث ساعة في مطلع الفيلم تقع في الأربعينات أو نحوها، كذلك هو فيلم يتعامل وألما غائرا في صدر بطلته بعدما خُطف ابنها منها في ذلك الحين، ولا تزال تبحث عنه.
الفيلم الخامس هو «ذئب وول ستريت» لمارتن سكورسيزي الذي يسبر غور أحداث تقع في الثمانينات حول مضارب البورصة الذي جمع ثروته على خداع الناس، وكان (وحسب الفيلم لا يزال) فخورا بذلك.
المستقبل موجود في رحى فيلمين هما «هي» لسبايك جونز و«جاذبية» لألفونسو كوارون. وكلاهما يعلن مستقبلا أقل إبهارا مما يتوقّع منه؛ حياة الفرد على الأرض التي ستعاني الوهم والفراغ، وحياة الفرد في الفضاء التي ستعاني الوهم والفراغ أيضا. كلا الفيلمان يتعاطى وموضوع الوحدة أيضا.
هذا ما يعود بنا إلى الحاضر ممثلا بفيلم «نبراسكا» لألكسندر باين، وذلك الجمود الإنساني الغريب الضارب أطنابه في مجتمع الغرب والوسط الأميركيين، و«كابتن فيليبس» المتعاطي مع قائد باخرة الشحن الأميركي الذي يعمل ضمن ظروف سياسية وأمنية غير مستقرة يعيشها العالم اليوم.

* الزمن والواقع
* هذا التوزيع بين الأزمنة ليس العلامة الفارقة الوحيدة حين تحليل تركيبة الأفلام المتسابقة هذا العام التي ستعلن نتائجها ليل غد. العلامة الأخرى أنها جميعا، باستثناء ثلاثة أفلام، قائمة على حكايات وشخصيات حقيقية؛ «ذئب وول ستريت» و«12 سنة عبدا» و«فيلومينا» و«دالاس بايرز كلوب» و«كابتن فيليبس» و«نصب أميركي».
هذا من دون أن نضم «نبراسكا» كون كاتب السيناريو بوب نلسون، وكما تقدّم معنا عندما تحدثنا عن السيناريوهات المرشحة للأوسكار، استخلص شخصياته من أحداث مرت معه والشخصية الرئيسة التي يؤديها بروس ديرن من والده هو. خياله سرح بالباقي.
لكن هل من الطبيعي جدا أن لا يقدم أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية، صاحبة الأوسكار، على النظر إلى الأفلام المشتركة لا على أساس توزيعها الزمني ولا على أساس كم منها واقعيا؟
وفي حين تبقى مطروحة على أساس بصري، تخفق بالطبع أن تتحول إلى هاجس مباشر. أعضاء الأكاديمية مطالبون بالتصويت على الفيلم الذي يرونه أفضل، وليس على في أي فترة تقع أحداثه أو إذا ما كانت شخصياته واقعية، ولو أن كلا الاعتبارين يدخل في السياق في نهاية الأمر.
هذا التصويت حاسم. سيعني حين يفوز فيلم بالغالبية منه أنه حقق تأثيرا أعلى من سواه. لكنه لا يعني أن الخصائص الفنية لكل فيلم أخذت تفصيلا بعين الاعتبار.

* ألم في البال
* في النظرة الأولى، كل هذه الأفلام متساوية على صعيد الإجادة. في الثانية يبدأ النظر إلى التفاصيل، فإذا ببعضها أفضل من بعض من دون أن يُلغي ذلك مبدأ التساوي. هنا يجد عضو الأكاديمية نفسه يتمعّن في تلك المضامين الواردة أعلاه وليس في طريقة شغل الفيلم. هل مسّه «نبراسكا» كونه الأكثر علاقة بتهميش الحلم الأميركي أو «دالاس بايرز كلوب» لأنه تناول ذلك التهميش عبر بوّابة أخرى أو «ذئب وول ستريت» الذي وظف الموضوع للاحتفاء بغيابه. هل من الأفضل البحث عن فيلم بسيط التشكيل (مثل «نبراسكا») أو مركّب التفعيل والاستعراض مثل «ذئب وول ستريت».
والحديث عن الشخصيات يدلف بنا إلى ناحية مهمة أخرى في هذا التحليل؛ كل الشخصيات الرئيسية في ثمانية من الأفلام التسعة المذكورة موجوعة. الاستثناء الوحيد هو بطل «ذئب وول ستريت» (الشخصية التي يؤديها ليوناردو ديكابريو ببراعة) الذي إن كان قُصد به أن يكون موجوعا في ذاته، فإن ذلك غير بيّن على الإطلاق.

* السينما والفيلم
* بين هؤلاء هناك المخرجون. هؤلاء أكثر تحررا من فعل النظر إلى الموضوع وتفاصيله. عادة ما يبحثون عن الخصائص الفنية ويقيّمون فعل كل مخرج على حدة. وهم فعلوا ذلك قبل بضعة أسابيع عندما منحوا المخرج ألفونسو كوارون جائزتهم لأفضل مخرج روائي ومنحوا المخرجة المصرية جيهان نجيم جائزتهم لأفضل إخراج لفيلم تسجيلي. ومن الطبيعي التخمين بأن معظمهم اختاروا ليوم الأحد المقبل المخرج الذي أجمعوا عليه أكثر من سواه لمنحه أصواتهم. لكن التصويت الأخير يجمع آراء نحو 6000 عضو، بينهم قرابة 800 مخرج.
التأثير المباشر لمجموعة المخرجين المنتسبين للأكاديمية موزعة الأوسكار جرى بالفعل عندما قاموا بترشيح السينمائيين الخمسة في مجال أفضل إخراج وهم ألفونسو كوارون (عن «جاذبية») وستيف ماكوين («12 سنة عبدا») وديفيد أو راسل («نصب أميركي») ومارتن سكورسيزي («ذئب وول ستريت») وألكسندر باين («نبراسكا») بهذا الإعلان الذي جرى في الشهر الأول من هذا العام، تم استبعاد جان - مارك فالي («دالاس بايرز كلوب») وبول غرينغراس («كابتن فيليبس») وسبايك جونز («هي») وستيفن فريرز («فيلومينا»).
من أبقوا عليهم (باين، سكورسيزي، أو راسل، ماكوين وكوارون) يتماوجون في اتجاهات فنية متلاطمة. كوارون يحتمي هذه المرّة بالتكنولوجيا ولو أن موضوعه لا يزال إنسانيا وماكوين يسبر دربه المعتاد في لطم المشاهد بمعاناة أبطاله وبمنحاه الخاص من الواقعية. ديفيد أو راسل يقترب من حدود مارتن سكورسيزي في عملية تأمين استعراض سلس لموضوع صعب، وألكسندر باين يبتعد عن الجميع مفضّلا الإبقاء على أسلوبه الطبيعي والمبسط، على الرغم من عمقه، في «نبراسكا».
هؤلاء جميعا لم ينفّذوا، لا اليوم ولا في السابق، أفلاما فحسب، بل شاركوا في صنع سينما. والفرق بين السينما والأفلام كبير إذا ما أراد المرء سبر غوره. السينما هي العالم الفني الذي يتحكّم فيه المخرج ليعلن رأيه ورؤيته، والأفلام هي التي تنتجها شركات الصناعة إما طبقا لرؤية المخرج ورغبته أو لفرض رؤيتها هي عليه.
بالتالي، كل فيلم من تلك التسعة المرشّحة هو تعبير شخصي عن مخرجه. لن نجد بينها ما كنا أحيانا نجده بين الأفلام الواصلة إلى مستوى الترشيحات الرسمية من أعمال محكومة بالسعي لتصدير نوعية إنتاجية («ذهب مع الريح» مثلا أو «سبع عرائس لسبعة أشقاء» أو «بايتون بلايس»). وكل مخرج من الخمسة المرشّحين هو فنان فعلي احتمى بموضوعه ليلقي نظرة على العالم الذي يسكن داخله، أو الذي من حوله.
ألكسندر باين عبّر عما يريد بأقل تلك الأفلام تكلفة (13 مليون دولار) بينما بلغت تكلفة فيلم المخرج ألفونسو كوارون 100 مليون دولار. الأول حصد قرابة 17 مليونا والآخر تجاوزت إيراداته حتى الآن 700 مليون دولار. لكن لا رخص الكلفة دفع باين للتضحية برؤيته كاملة، ولا غلوّها لدى كوارون، جعله يتخلـى عن فنية رؤيته للمستقبل المنظور.
وسنلاحظ ما هو أكثر من ذلك:
المخرجون المختارون لهذا السباق تجاوزوا ما سبق لهم أن قدّموه من قبل؛ ألكسندر باين أوصل رؤية هي أوضح وأسلس منالا مما سبق له أن قدّم في أعماله السابقة. ألفونسو كوارون صنع فيلمه على أساس ابتكارات تقنية أُنجزت خصيصا لهذا الفيلم. بالنسبة لستيف ماكوين، انتقل من الموضوع الداخلي المحدود مكانا والأقرب زمانا (كما كان حال فيلميه السابقين «عار» و«جوع») إلى الموضوع الشاسع والممتد عبر التاريخ والمكان في «12 سنة عبدا». أما ديفيد أو راسل، فنفض عنه، عمليا، عثرات أعماله السابقة (على المستوى السردي وكما وردت في «ثلاثة ملوك» و«مقاتل» مثلا) واندمج في نقلة تتميّز بأسلوب أكثر حيوية. لا يزال أسلوبه الخاص، لكنه بات أكثر تواصلا مع العام. أما مارتن سكورسيزي فقد تجاوز أعماله السابقة بجرأته في إقحام مشاهديه لسلبيات حياة أبطاله؛ المخدّرات والنساء والبذخ والحياة العابثة. 60 سنة من العمل في السينما وما زال سكورسيزي مفاجئا. وحده هذا يستحق جائزة.
على الرغم من هذه الاختلافات، فإن الأفلام حميمية وشخصية. لا تبحث عن سينما المؤلف هنا، هي في البال الأوروبي الماضي، على الرغم من ذلك إذا ما كانت سينما المؤلف هي ذلك اللقاء بين العمل الفني ومقدار تدخل المخرج في صياغته، فإن كل هذه الأفلام من تأليف مخرجيها (حتى ولو لم يكتب بعضهم سيناريوهاته).

* المتدخل في الوثيقة
* هذا النحو يلتقي مع الأفلام الخمسة التي اختيرت لتسابق أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية (القسم الذي نصطلح على تسميته «أوسكار أفضل فيلم أجنبي») وهي الفيلم الفلسطيني «عمر» لهاني أبو أسعد، والفيلم الإيطالي «الجمال العظيم» لباولو سورنتينو، والفيلم الدنماركي «الصيد» لتوماس فنتربيرغ، والكمبودي «الصورة المفقود» لريثي بانه، والبلجيكي «انهيار الدائرة المنهارة» لفيليكس فان غرونينن.
«عمر» هو الأقرب، في صياغته ومنوال إخراجه للسينما الأميركية (السرد الروائي يتقدم على ما عداه) في حين أن الأفلام الأخرى أوروبية المنحى (حيث يسود التعبير عن الذات والشخصية أولا)، وكل نوع يفرض تعاملا مختلفا مع الكاميرا ومع التوليف.
إلى ذلك، يقحم «انهيار الدائرة المنهارة» The Broken Circle Breakdown مشاهديه بعاملين يحاول المخرج غرونينن سد ثغرات الموضوع الميلودرامي (قصّة حب، فزواج، فأسرة، فمشكلات عاطفية وانفصال..) بالغناء والموسيقى من ناحية، وبالتصوير الذي يتدخل ليلعب دور المرشد عوض ترك الموضوع يبرهن عن جدارته.
«الصورة المفقودة» لريثي بانه عمل تسجيلي يتناول تلك الفترة المظلمة من حكم فاشي مارسته قوى «الخمير الحمر». كان جديرا به دخول مسابقة الفيلم التسجيلي لكن كونه أجنبيا حكم عليه بالانضمام إلى هذا الكيان.
أما «الصيد»، فتحكمه متابعة رصينة وراصدة لتقلبات حياة بطله (ماس ميكلسن)، وهو أفضل صنعا من الفيلمين السابقين، وأكثر احترافا من «عمر»، وموازٍ في الإجادة لـ«الجمال العظيم».
وهذا ما يدلف بنا إلى تلك الحفنة من الأفلام التسجيلية التي من بينها «الميدان» للمصرية جيهان نجيم. وفي حين أن الكثير يود منّا التهليل لإمكانية فوز فيلم أخرجته سينمائية مصرية، وساهمت دولة قطر بتمويله، فإن القلب يريد أن يذهب للفيلم الأميركي «20 قدما بعيدا عن الشهرة» لمورغان نيفيل.
هذا الفيلم المتسابق يتعامل مع الأرشيف بذكاء أفضل، ولا يتدخل في كنه الصورة «التسجيلية» كما يفعل كل من «الميدان» وفيلم جوشوا أوبنهايمر وسينغ بيرج سورنسن «فعل القتل». يدور حول كل هؤلاء النساء اللواتي، في فترة صاخبة بموسيقى الصول والبلوز والروك أند رول، وقفن وراء المغني أو المغنية لمصاحبتهما. إنهن «فتيات الكورس» اللواتي وقفن على خشبة الغناء على بعد أمتار قليلة (أو على بعد 20 قدما، كما يشرح العنوان) من دون أن يصبن شهرة. إنساني وعميق ومناسبة لسماع بعض أفضل أغاني الفترة ومعايشة بعض أفضل الأصوات التي لم يقدّر لها أن تحقق ما حققته سواها.
إذا ما كان «الميدان» يدور حول أحداث مصر المعاصرة، وإذا ما كان «فعل القتل» يذهب لأحداث إندونيسية المكان وسالفة الزمن، فإن الفيلم الذي يعصر بين يديه زبدة الأمس والحاضر هو الأميركي «حروب قذرة» لمخرجه ريك راولي. أكثر حضورا من الفيلمين المذكورين، ومن كل أترابه، وأكثر إمعانا في صياغة الريبورتاج السياسي حول أحداث تفاقمت للعلن بعدما أعلنت الولايات المتحدة حربها على الإرهاب، مما سمح لها بالانتقال إلى دول اعتبرتها المنشأ الفعلي للإرهابيين. الفيلم يطرح غياب عامل الحساب والمسؤولية عن أفعال قام بها الجيش الأميركي في أفغانستان، ويرمي للقول إن هناك تنظيما داخل الجيش مهمّته «التنظيف» (حسب الفيلم) وراء ما يخلفه الجنود من اعتداءات.
الفيلم الخامس هو «الحلوة والملاكم» عن عجوزين يابانيين يعيشان في نيويورك مثل زهرتين في وعاء واحد ترفضان أن تذبلا. هو رسّام يبيع لوحاته في وطنه (لا يفهمها الأميركيون) وهي الزوجة التي صاحبته في دربه طويلا. المخرج زاكاري هاينزرلينغ يحقق فيلما فنيا عن موضوع فني متكامل يستخدم فيه رسم الفنان والموسيقى الكلاسيكية ونقاوة صورته للإلمام بحياة بطليه.
«الحلوة والملاكم» و«20 قدما من الشهرة» يلتقيان في أنهما يدوران حول الحياة والفن، في حين أن «الميدان» و«تصرف قتل» و«حروب قذرة» تدور حول الحياة والموت.

* سينما الإحياء
* في مجال سينما الرسوم المتحركة (أو رسوم «الإحياء» كما تعنيها كلمة Animation كون النوع يعيد إحياء الحياة رسما متحركا) هناك أساليب عمل مبدعة وتنوّع في المدارس الحديثة. إذا ما كان الفيلم الياباني «الريح تصعد» يستمد أسلوب عمله من خبرة مخرجه هاياو ميازاكي، فإن «عائلة كرودز» أو The Croods (إنتاج «دريمووركس» وتوزيع «فوكس») يضيف رونقا بديعا لسينما النوع في جانبها الأميركي. حققه كيرك ديميكو ببراعة وحمّله المقدار الصحيح من الفن والترفيه، ومن الجدية والفكاهة، واستغل تفاصيله في دفق لا يتوقف من الكوميديا الخالية من التهريج حول عائلة من العصر الحجري تكتشف عالما جديدا لكنه خطر.
في المقابل «مجمّد» لجنيفر لي وكريس بك (إنتاج وتوزيع «ديزني») يتميّز أيضا بمستوى عال من الحرفة، كما «عائلة كرودز». الفارق الأساسي هنا هو المعالجة البصرية والمكتوبة. «عائلة كرودز» ترفيه كوميدي مبهج برسالة. «مجمّد» ترفيه داكن النبرة والصورة لكن كليهما أفضل شغلا من «حقارتي 2» (إنتاج «يونيفرسال») والفيلم الفرنسي «إرنست وكاليستين» الذي على جودته أشبه ما يكون بفيلم أنيماشن قصير طالت حكايته.

* لقطــات
* الأعمال المرشحة لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم
* الأعمال التسعة المرشحة لجائزة الأوسكار «أفضل فيلم» هذا العام:
- «أميركان هاسل»:
فيلم جريمة تدور أحداثه في سبعينات القرن الماضي حول عملية خداع قام بها مكتب التحقيقات الاتحادي.
- «كابتن فيليبس»:
فيلم إثارة تدور قصته المستوحاة من قصة حقيقية حول سفينة الشحن «ميرسك ألاباما»، التي تتعرض لهجوم قراصنة صوماليين في عام 2009.
- «دالاس بايرز كلوب»:
تدور قصة الفيلم حول إنشاء مستبعد لرابطة تضم مرضى الإيدز في ولاية تكساس الأميركي خلال ثمانينات القرن العشرين.
- «غرافيتي»:
فيلم إثارة حول رائد فضاء ومهندسة طبية تقطعت بهما السبل في الفضاء.
- «هير»:
تدور أحداث الفيلم في لوس أنجليس في مستقبل ليس ببعيد.
- «نبراسكا»:
تدور أحداث الفيلم حول رجل تنتابه أفكار غريبة من الغرب الأوسط.
- «فيلومينا»:
تدور أحداث الفيلم حول قصة حقيقية لامرأة آيرلندية تبحث عن ابنها الذي أجبرت على التخلي عنه عندما كانت مراهقة تعمل في مغاسل دير راهبات.
- «12 ييرز إيه سليف»:
تدور قصته حول رجل أسود حر في أربعينات القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة، حيث يقع في الأسر ويصبح عبدا في الجنوب.
- «ذا وولف أوف وول ستريت»:
الفيلم تدور أحداثه عن الجشع والرغبة في الثراء.

* المرشحات لجائزة أوسكار «أفضل ممثلة»
* فيما يلي قائمة بالممثلات الخمس المرشحات لجائزة أوسكار أفضل ممثلة:
- آيمي آدامز عن فيلم «أميركان هاسل» (الاحتيال الأميركي).
- كيت بلانشيت عن فيلم «بلو جاسمين» (الياسمين الأزرق).
- ساندرا بولوك عن فيلم «غرافيتي» (جاذبية).
- جودي دنيش عن فيلم «فيلومينا».
- ميريل ستريب عن فيلم «أوغست: أوساج كاونتي» (أغسطس: مقاطعة أوساج).

* المرشحون لجائزة أوسكار «أفضل مخرج»
* فيما يلي قائمة المرشحين الخمسة لجائزة الأوسكار «أفضل مخرج»:
- ديفيد أو. راسل عن فيلم «أميركان هاسل».
- ألفونسو كوارون عن فيلم «غرافيتي».
- ألكسندر باين عن فيلم «نبراسكا».
- ستيف ماكوين عن فيلم «تويلف ييرز إيه سليف».
- مارتن سكورسيزي عن فيلم «وولف أوف وول ستريت».

* الأفلام المرشحة لجائزة {أفضل فيلم أجنبي}
* فيما يلي الأفلام المرشحة لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي:
- الفيلم البلجيكي «ذا بروكين سيركل بريك داون» (انهيار الدائرة المكسورة):
وتدور أحداثه حول قصة حب مأساوية بين شاب وفتاة من بلجيكا، تتعرض تجربة الحب الرومانسية بينهما إلى اختبار قاس عندما يكتشفان أن طفلتهما مصابة بالسرطان.
- الفيلم الإيطالي «ذا غريت بيوتي» (الجمال العظيم):
الفيلم بمثابة نظرة مؤثرة إلى ماضي حياة رجل مجتمع نالت منه الشيخوخة في روما.
- الفيلم الدنماركي «ذا هانت» (المطاردة):
هو فيلم مثير للشجن يدور حول معلم رياض أطفال يتهم زورا بالتحرش الجنسي بالأطفال ويصبح منبوذا.
- الفيلم الكمبودي «ذا ميسينغ بيكتشر» (الصورة المفقود):
هو أول فيلم كمبودي يرشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي يدور حول حياة المخرج «ريثي بان» تحت نظام حكم الخمير الحمر.
- الفيلم الفلسطيني «عمر»:
فيلم سياسي مثير، يتضمن قصة حب مؤثرة ونضالا لا هوادة فيه من جانب فلسطينيي الضفة الغربية. يقوم ببطولة الفيلم آدم بكري وهو من إخراج هاني أبو أسعد.

* قائمة بترشيحات جوائز الأوسكار في الفئات المختلفة
* فيما يلي المرشحون للحصول على جائزة الأوسكار في الفئات المختلفة:
- أفضل ممثل في دور مساعد:
بركات عبدي (كابتن فيليبس)
برادلي كوبر (أميركان هاسل)
مايكل فاسبندر (12 ييرز إيه سليف)
جوناه هيل (ذا وولف أوف وول ستريت)
جاريد ليتو (دالاس بايرز كلوب)
- أفضل ممثلة في دور مساعد:
سالي هوكينز (بلو جاسمين)
جينفر لورانس (أميركان هاسل)
لوبيتا نيونج (12 ييرز إيه سليف)
جوليا روبرتس (أوجست: أوساج كاونتي)
جون سكويب (نبراسكا)
- أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية:
ذا بروكن سيركل بريك دون (انهيار الدائرة المكسورة) - بلجيكا
ذا غريت بيوتي (الجمال العظيم) - إيطاليا
ذا هنت (البحث) - الدنمارك
ذا ميسينغ بيكتشر (الصورة المفقودة) - كمبوديا
عمر - فلسطين
- أفضل سيناريو مقتبس:
بيفور ميدنايت (قبل منتصف الليل)
كابتن فيليبس
فيلومينا
12 ييرز إيه سليف
ذا وولف أوف وول ستريت
- أفضل سيناريو أصلى:
أميركان هاسل
بلو جاسمين
دالاس بايرز كلوب
هير
نبراسكا
- أفضل تصوير سينمائي:
ذا غراند ماستر (المعلم الأكبر)
غرافيتي
إنسايد لوين دافيس (داخل لوين دافيس)
نبراسكا
بريزونرز (سجناء)
- أفضل فيلم رسوم متحركة:
الكرودز
فيلم ديسبيكابل مي 2
إرنست أند سيليستيني
فروزن (مجمد)
ذا ويند رايزس (مهب الريح)
- أفضل فيلم وثائقي:
ذا أكت أوف كيلينغ (فعل القتل)
بيوتي أند ذا بوكسر (الجميلة والملاكم)
ديرتي وورز (حروب قذرة)
ذا سكوير (الميدان)
20 فيت فروم ستاردوم (20 قدما إلى النجومية).



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)