العد التنازلي للأوسكار (3): أفلام تطرح أزمنة الحياة ومشكلاتها ومخرجون يعبرون عن الرأي والرؤية

من الحي إلى سينما الإحياء مرورا بالتسجيلي

مارتن سكورسيزي يراجع المشهد مع ليوناردو ديكابريو
مارتن سكورسيزي يراجع المشهد مع ليوناردو ديكابريو
TT

العد التنازلي للأوسكار (3): أفلام تطرح أزمنة الحياة ومشكلاتها ومخرجون يعبرون عن الرأي والرؤية

مارتن سكورسيزي يراجع المشهد مع ليوناردو ديكابريو
مارتن سكورسيزي يراجع المشهد مع ليوناردو ديكابريو

تتوزع الأفلام التسعة المشتركة في سباق أفضل فيلم روائي بين الأمس والحاضر والمستقبل. كل واحد منها بمثابة جرح ينزف حتى قبل حدوثه.
خمسة من الأفلام المتسابقة تتعامل ومستقبل مؤلم يشكّل زبدة الحديث في كل منها، فـ«نصب أميركي» لديفيد أو راسل تقع أحداثه في السبعينات ليكشف من نَصَب على مَن في عملية دوافعها سياسية، بدت كما لو أنها ستضع حدّا للفساد بين سياسيين أميركيين، لكنها في الواقع لم تكن سوى طفرة كما يشهد التاريخ نفسه.
«دالاس بايرز كلوب» لجان - مارك فالي يدور أيضا في رحى السبعينات، وحول حادثة أيضا بطلها رجل مستقيم ومعتد باستقامته، أفاق يوما على أنه مصاب بالإيدز. يتعامل أيضا والحكومة من حيث إن بطله ذاك يريد توفير العلاج للمصابين عبر جلب عقار معيّن مسموح به في المكسيك (ودول أخرى)، لكن السلطات المسؤولة تعارضه.
في «12 سنة عبدا» لستيف ماكوين يذهب إلى نقطة أبعد؛ مذكرات رجل أسود يعيش حرا في مدينة واشنطن في ستينات القرن الـ19، يجد نفسه وقد أصبح عبدا في مزارع الجنوب.
في «فيلومينا» لستيفن فريرز، وضع مزدوج. نعم، أحداثه الماثلة تقع اليوم، لكن ثلث ساعة في مطلع الفيلم تقع في الأربعينات أو نحوها، كذلك هو فيلم يتعامل وألما غائرا في صدر بطلته بعدما خُطف ابنها منها في ذلك الحين، ولا تزال تبحث عنه.
الفيلم الخامس هو «ذئب وول ستريت» لمارتن سكورسيزي الذي يسبر غور أحداث تقع في الثمانينات حول مضارب البورصة الذي جمع ثروته على خداع الناس، وكان (وحسب الفيلم لا يزال) فخورا بذلك.
المستقبل موجود في رحى فيلمين هما «هي» لسبايك جونز و«جاذبية» لألفونسو كوارون. وكلاهما يعلن مستقبلا أقل إبهارا مما يتوقّع منه؛ حياة الفرد على الأرض التي ستعاني الوهم والفراغ، وحياة الفرد في الفضاء التي ستعاني الوهم والفراغ أيضا. كلا الفيلمان يتعاطى وموضوع الوحدة أيضا.
هذا ما يعود بنا إلى الحاضر ممثلا بفيلم «نبراسكا» لألكسندر باين، وذلك الجمود الإنساني الغريب الضارب أطنابه في مجتمع الغرب والوسط الأميركيين، و«كابتن فيليبس» المتعاطي مع قائد باخرة الشحن الأميركي الذي يعمل ضمن ظروف سياسية وأمنية غير مستقرة يعيشها العالم اليوم.

* الزمن والواقع
* هذا التوزيع بين الأزمنة ليس العلامة الفارقة الوحيدة حين تحليل تركيبة الأفلام المتسابقة هذا العام التي ستعلن نتائجها ليل غد. العلامة الأخرى أنها جميعا، باستثناء ثلاثة أفلام، قائمة على حكايات وشخصيات حقيقية؛ «ذئب وول ستريت» و«12 سنة عبدا» و«فيلومينا» و«دالاس بايرز كلوب» و«كابتن فيليبس» و«نصب أميركي».
هذا من دون أن نضم «نبراسكا» كون كاتب السيناريو بوب نلسون، وكما تقدّم معنا عندما تحدثنا عن السيناريوهات المرشحة للأوسكار، استخلص شخصياته من أحداث مرت معه والشخصية الرئيسة التي يؤديها بروس ديرن من والده هو. خياله سرح بالباقي.
لكن هل من الطبيعي جدا أن لا يقدم أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية، صاحبة الأوسكار، على النظر إلى الأفلام المشتركة لا على أساس توزيعها الزمني ولا على أساس كم منها واقعيا؟
وفي حين تبقى مطروحة على أساس بصري، تخفق بالطبع أن تتحول إلى هاجس مباشر. أعضاء الأكاديمية مطالبون بالتصويت على الفيلم الذي يرونه أفضل، وليس على في أي فترة تقع أحداثه أو إذا ما كانت شخصياته واقعية، ولو أن كلا الاعتبارين يدخل في السياق في نهاية الأمر.
هذا التصويت حاسم. سيعني حين يفوز فيلم بالغالبية منه أنه حقق تأثيرا أعلى من سواه. لكنه لا يعني أن الخصائص الفنية لكل فيلم أخذت تفصيلا بعين الاعتبار.

* ألم في البال
* في النظرة الأولى، كل هذه الأفلام متساوية على صعيد الإجادة. في الثانية يبدأ النظر إلى التفاصيل، فإذا ببعضها أفضل من بعض من دون أن يُلغي ذلك مبدأ التساوي. هنا يجد عضو الأكاديمية نفسه يتمعّن في تلك المضامين الواردة أعلاه وليس في طريقة شغل الفيلم. هل مسّه «نبراسكا» كونه الأكثر علاقة بتهميش الحلم الأميركي أو «دالاس بايرز كلوب» لأنه تناول ذلك التهميش عبر بوّابة أخرى أو «ذئب وول ستريت» الذي وظف الموضوع للاحتفاء بغيابه. هل من الأفضل البحث عن فيلم بسيط التشكيل (مثل «نبراسكا») أو مركّب التفعيل والاستعراض مثل «ذئب وول ستريت».
والحديث عن الشخصيات يدلف بنا إلى ناحية مهمة أخرى في هذا التحليل؛ كل الشخصيات الرئيسية في ثمانية من الأفلام التسعة المذكورة موجوعة. الاستثناء الوحيد هو بطل «ذئب وول ستريت» (الشخصية التي يؤديها ليوناردو ديكابريو ببراعة) الذي إن كان قُصد به أن يكون موجوعا في ذاته، فإن ذلك غير بيّن على الإطلاق.

* السينما والفيلم
* بين هؤلاء هناك المخرجون. هؤلاء أكثر تحررا من فعل النظر إلى الموضوع وتفاصيله. عادة ما يبحثون عن الخصائص الفنية ويقيّمون فعل كل مخرج على حدة. وهم فعلوا ذلك قبل بضعة أسابيع عندما منحوا المخرج ألفونسو كوارون جائزتهم لأفضل مخرج روائي ومنحوا المخرجة المصرية جيهان نجيم جائزتهم لأفضل إخراج لفيلم تسجيلي. ومن الطبيعي التخمين بأن معظمهم اختاروا ليوم الأحد المقبل المخرج الذي أجمعوا عليه أكثر من سواه لمنحه أصواتهم. لكن التصويت الأخير يجمع آراء نحو 6000 عضو، بينهم قرابة 800 مخرج.
التأثير المباشر لمجموعة المخرجين المنتسبين للأكاديمية موزعة الأوسكار جرى بالفعل عندما قاموا بترشيح السينمائيين الخمسة في مجال أفضل إخراج وهم ألفونسو كوارون (عن «جاذبية») وستيف ماكوين («12 سنة عبدا») وديفيد أو راسل («نصب أميركي») ومارتن سكورسيزي («ذئب وول ستريت») وألكسندر باين («نبراسكا») بهذا الإعلان الذي جرى في الشهر الأول من هذا العام، تم استبعاد جان - مارك فالي («دالاس بايرز كلوب») وبول غرينغراس («كابتن فيليبس») وسبايك جونز («هي») وستيفن فريرز («فيلومينا»).
من أبقوا عليهم (باين، سكورسيزي، أو راسل، ماكوين وكوارون) يتماوجون في اتجاهات فنية متلاطمة. كوارون يحتمي هذه المرّة بالتكنولوجيا ولو أن موضوعه لا يزال إنسانيا وماكوين يسبر دربه المعتاد في لطم المشاهد بمعاناة أبطاله وبمنحاه الخاص من الواقعية. ديفيد أو راسل يقترب من حدود مارتن سكورسيزي في عملية تأمين استعراض سلس لموضوع صعب، وألكسندر باين يبتعد عن الجميع مفضّلا الإبقاء على أسلوبه الطبيعي والمبسط، على الرغم من عمقه، في «نبراسكا».
هؤلاء جميعا لم ينفّذوا، لا اليوم ولا في السابق، أفلاما فحسب، بل شاركوا في صنع سينما. والفرق بين السينما والأفلام كبير إذا ما أراد المرء سبر غوره. السينما هي العالم الفني الذي يتحكّم فيه المخرج ليعلن رأيه ورؤيته، والأفلام هي التي تنتجها شركات الصناعة إما طبقا لرؤية المخرج ورغبته أو لفرض رؤيتها هي عليه.
بالتالي، كل فيلم من تلك التسعة المرشّحة هو تعبير شخصي عن مخرجه. لن نجد بينها ما كنا أحيانا نجده بين الأفلام الواصلة إلى مستوى الترشيحات الرسمية من أعمال محكومة بالسعي لتصدير نوعية إنتاجية («ذهب مع الريح» مثلا أو «سبع عرائس لسبعة أشقاء» أو «بايتون بلايس»). وكل مخرج من الخمسة المرشّحين هو فنان فعلي احتمى بموضوعه ليلقي نظرة على العالم الذي يسكن داخله، أو الذي من حوله.
ألكسندر باين عبّر عما يريد بأقل تلك الأفلام تكلفة (13 مليون دولار) بينما بلغت تكلفة فيلم المخرج ألفونسو كوارون 100 مليون دولار. الأول حصد قرابة 17 مليونا والآخر تجاوزت إيراداته حتى الآن 700 مليون دولار. لكن لا رخص الكلفة دفع باين للتضحية برؤيته كاملة، ولا غلوّها لدى كوارون، جعله يتخلـى عن فنية رؤيته للمستقبل المنظور.
وسنلاحظ ما هو أكثر من ذلك:
المخرجون المختارون لهذا السباق تجاوزوا ما سبق لهم أن قدّموه من قبل؛ ألكسندر باين أوصل رؤية هي أوضح وأسلس منالا مما سبق له أن قدّم في أعماله السابقة. ألفونسو كوارون صنع فيلمه على أساس ابتكارات تقنية أُنجزت خصيصا لهذا الفيلم. بالنسبة لستيف ماكوين، انتقل من الموضوع الداخلي المحدود مكانا والأقرب زمانا (كما كان حال فيلميه السابقين «عار» و«جوع») إلى الموضوع الشاسع والممتد عبر التاريخ والمكان في «12 سنة عبدا». أما ديفيد أو راسل، فنفض عنه، عمليا، عثرات أعماله السابقة (على المستوى السردي وكما وردت في «ثلاثة ملوك» و«مقاتل» مثلا) واندمج في نقلة تتميّز بأسلوب أكثر حيوية. لا يزال أسلوبه الخاص، لكنه بات أكثر تواصلا مع العام. أما مارتن سكورسيزي فقد تجاوز أعماله السابقة بجرأته في إقحام مشاهديه لسلبيات حياة أبطاله؛ المخدّرات والنساء والبذخ والحياة العابثة. 60 سنة من العمل في السينما وما زال سكورسيزي مفاجئا. وحده هذا يستحق جائزة.
على الرغم من هذه الاختلافات، فإن الأفلام حميمية وشخصية. لا تبحث عن سينما المؤلف هنا، هي في البال الأوروبي الماضي، على الرغم من ذلك إذا ما كانت سينما المؤلف هي ذلك اللقاء بين العمل الفني ومقدار تدخل المخرج في صياغته، فإن كل هذه الأفلام من تأليف مخرجيها (حتى ولو لم يكتب بعضهم سيناريوهاته).

* المتدخل في الوثيقة
* هذا النحو يلتقي مع الأفلام الخمسة التي اختيرت لتسابق أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية (القسم الذي نصطلح على تسميته «أوسكار أفضل فيلم أجنبي») وهي الفيلم الفلسطيني «عمر» لهاني أبو أسعد، والفيلم الإيطالي «الجمال العظيم» لباولو سورنتينو، والفيلم الدنماركي «الصيد» لتوماس فنتربيرغ، والكمبودي «الصورة المفقود» لريثي بانه، والبلجيكي «انهيار الدائرة المنهارة» لفيليكس فان غرونينن.
«عمر» هو الأقرب، في صياغته ومنوال إخراجه للسينما الأميركية (السرد الروائي يتقدم على ما عداه) في حين أن الأفلام الأخرى أوروبية المنحى (حيث يسود التعبير عن الذات والشخصية أولا)، وكل نوع يفرض تعاملا مختلفا مع الكاميرا ومع التوليف.
إلى ذلك، يقحم «انهيار الدائرة المنهارة» The Broken Circle Breakdown مشاهديه بعاملين يحاول المخرج غرونينن سد ثغرات الموضوع الميلودرامي (قصّة حب، فزواج، فأسرة، فمشكلات عاطفية وانفصال..) بالغناء والموسيقى من ناحية، وبالتصوير الذي يتدخل ليلعب دور المرشد عوض ترك الموضوع يبرهن عن جدارته.
«الصورة المفقودة» لريثي بانه عمل تسجيلي يتناول تلك الفترة المظلمة من حكم فاشي مارسته قوى «الخمير الحمر». كان جديرا به دخول مسابقة الفيلم التسجيلي لكن كونه أجنبيا حكم عليه بالانضمام إلى هذا الكيان.
أما «الصيد»، فتحكمه متابعة رصينة وراصدة لتقلبات حياة بطله (ماس ميكلسن)، وهو أفضل صنعا من الفيلمين السابقين، وأكثر احترافا من «عمر»، وموازٍ في الإجادة لـ«الجمال العظيم».
وهذا ما يدلف بنا إلى تلك الحفنة من الأفلام التسجيلية التي من بينها «الميدان» للمصرية جيهان نجيم. وفي حين أن الكثير يود منّا التهليل لإمكانية فوز فيلم أخرجته سينمائية مصرية، وساهمت دولة قطر بتمويله، فإن القلب يريد أن يذهب للفيلم الأميركي «20 قدما بعيدا عن الشهرة» لمورغان نيفيل.
هذا الفيلم المتسابق يتعامل مع الأرشيف بذكاء أفضل، ولا يتدخل في كنه الصورة «التسجيلية» كما يفعل كل من «الميدان» وفيلم جوشوا أوبنهايمر وسينغ بيرج سورنسن «فعل القتل». يدور حول كل هؤلاء النساء اللواتي، في فترة صاخبة بموسيقى الصول والبلوز والروك أند رول، وقفن وراء المغني أو المغنية لمصاحبتهما. إنهن «فتيات الكورس» اللواتي وقفن على خشبة الغناء على بعد أمتار قليلة (أو على بعد 20 قدما، كما يشرح العنوان) من دون أن يصبن شهرة. إنساني وعميق ومناسبة لسماع بعض أفضل أغاني الفترة ومعايشة بعض أفضل الأصوات التي لم يقدّر لها أن تحقق ما حققته سواها.
إذا ما كان «الميدان» يدور حول أحداث مصر المعاصرة، وإذا ما كان «فعل القتل» يذهب لأحداث إندونيسية المكان وسالفة الزمن، فإن الفيلم الذي يعصر بين يديه زبدة الأمس والحاضر هو الأميركي «حروب قذرة» لمخرجه ريك راولي. أكثر حضورا من الفيلمين المذكورين، ومن كل أترابه، وأكثر إمعانا في صياغة الريبورتاج السياسي حول أحداث تفاقمت للعلن بعدما أعلنت الولايات المتحدة حربها على الإرهاب، مما سمح لها بالانتقال إلى دول اعتبرتها المنشأ الفعلي للإرهابيين. الفيلم يطرح غياب عامل الحساب والمسؤولية عن أفعال قام بها الجيش الأميركي في أفغانستان، ويرمي للقول إن هناك تنظيما داخل الجيش مهمّته «التنظيف» (حسب الفيلم) وراء ما يخلفه الجنود من اعتداءات.
الفيلم الخامس هو «الحلوة والملاكم» عن عجوزين يابانيين يعيشان في نيويورك مثل زهرتين في وعاء واحد ترفضان أن تذبلا. هو رسّام يبيع لوحاته في وطنه (لا يفهمها الأميركيون) وهي الزوجة التي صاحبته في دربه طويلا. المخرج زاكاري هاينزرلينغ يحقق فيلما فنيا عن موضوع فني متكامل يستخدم فيه رسم الفنان والموسيقى الكلاسيكية ونقاوة صورته للإلمام بحياة بطليه.
«الحلوة والملاكم» و«20 قدما من الشهرة» يلتقيان في أنهما يدوران حول الحياة والفن، في حين أن «الميدان» و«تصرف قتل» و«حروب قذرة» تدور حول الحياة والموت.

* سينما الإحياء
* في مجال سينما الرسوم المتحركة (أو رسوم «الإحياء» كما تعنيها كلمة Animation كون النوع يعيد إحياء الحياة رسما متحركا) هناك أساليب عمل مبدعة وتنوّع في المدارس الحديثة. إذا ما كان الفيلم الياباني «الريح تصعد» يستمد أسلوب عمله من خبرة مخرجه هاياو ميازاكي، فإن «عائلة كرودز» أو The Croods (إنتاج «دريمووركس» وتوزيع «فوكس») يضيف رونقا بديعا لسينما النوع في جانبها الأميركي. حققه كيرك ديميكو ببراعة وحمّله المقدار الصحيح من الفن والترفيه، ومن الجدية والفكاهة، واستغل تفاصيله في دفق لا يتوقف من الكوميديا الخالية من التهريج حول عائلة من العصر الحجري تكتشف عالما جديدا لكنه خطر.
في المقابل «مجمّد» لجنيفر لي وكريس بك (إنتاج وتوزيع «ديزني») يتميّز أيضا بمستوى عال من الحرفة، كما «عائلة كرودز». الفارق الأساسي هنا هو المعالجة البصرية والمكتوبة. «عائلة كرودز» ترفيه كوميدي مبهج برسالة. «مجمّد» ترفيه داكن النبرة والصورة لكن كليهما أفضل شغلا من «حقارتي 2» (إنتاج «يونيفرسال») والفيلم الفرنسي «إرنست وكاليستين» الذي على جودته أشبه ما يكون بفيلم أنيماشن قصير طالت حكايته.

* لقطــات
* الأعمال المرشحة لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم
* الأعمال التسعة المرشحة لجائزة الأوسكار «أفضل فيلم» هذا العام:
- «أميركان هاسل»:
فيلم جريمة تدور أحداثه في سبعينات القرن الماضي حول عملية خداع قام بها مكتب التحقيقات الاتحادي.
- «كابتن فيليبس»:
فيلم إثارة تدور قصته المستوحاة من قصة حقيقية حول سفينة الشحن «ميرسك ألاباما»، التي تتعرض لهجوم قراصنة صوماليين في عام 2009.
- «دالاس بايرز كلوب»:
تدور قصة الفيلم حول إنشاء مستبعد لرابطة تضم مرضى الإيدز في ولاية تكساس الأميركي خلال ثمانينات القرن العشرين.
- «غرافيتي»:
فيلم إثارة حول رائد فضاء ومهندسة طبية تقطعت بهما السبل في الفضاء.
- «هير»:
تدور أحداث الفيلم في لوس أنجليس في مستقبل ليس ببعيد.
- «نبراسكا»:
تدور أحداث الفيلم حول رجل تنتابه أفكار غريبة من الغرب الأوسط.
- «فيلومينا»:
تدور أحداث الفيلم حول قصة حقيقية لامرأة آيرلندية تبحث عن ابنها الذي أجبرت على التخلي عنه عندما كانت مراهقة تعمل في مغاسل دير راهبات.
- «12 ييرز إيه سليف»:
تدور قصته حول رجل أسود حر في أربعينات القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة، حيث يقع في الأسر ويصبح عبدا في الجنوب.
- «ذا وولف أوف وول ستريت»:
الفيلم تدور أحداثه عن الجشع والرغبة في الثراء.

* المرشحات لجائزة أوسكار «أفضل ممثلة»
* فيما يلي قائمة بالممثلات الخمس المرشحات لجائزة أوسكار أفضل ممثلة:
- آيمي آدامز عن فيلم «أميركان هاسل» (الاحتيال الأميركي).
- كيت بلانشيت عن فيلم «بلو جاسمين» (الياسمين الأزرق).
- ساندرا بولوك عن فيلم «غرافيتي» (جاذبية).
- جودي دنيش عن فيلم «فيلومينا».
- ميريل ستريب عن فيلم «أوغست: أوساج كاونتي» (أغسطس: مقاطعة أوساج).

* المرشحون لجائزة أوسكار «أفضل مخرج»
* فيما يلي قائمة المرشحين الخمسة لجائزة الأوسكار «أفضل مخرج»:
- ديفيد أو. راسل عن فيلم «أميركان هاسل».
- ألفونسو كوارون عن فيلم «غرافيتي».
- ألكسندر باين عن فيلم «نبراسكا».
- ستيف ماكوين عن فيلم «تويلف ييرز إيه سليف».
- مارتن سكورسيزي عن فيلم «وولف أوف وول ستريت».

* الأفلام المرشحة لجائزة {أفضل فيلم أجنبي}
* فيما يلي الأفلام المرشحة لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي:
- الفيلم البلجيكي «ذا بروكين سيركل بريك داون» (انهيار الدائرة المكسورة):
وتدور أحداثه حول قصة حب مأساوية بين شاب وفتاة من بلجيكا، تتعرض تجربة الحب الرومانسية بينهما إلى اختبار قاس عندما يكتشفان أن طفلتهما مصابة بالسرطان.
- الفيلم الإيطالي «ذا غريت بيوتي» (الجمال العظيم):
الفيلم بمثابة نظرة مؤثرة إلى ماضي حياة رجل مجتمع نالت منه الشيخوخة في روما.
- الفيلم الدنماركي «ذا هانت» (المطاردة):
هو فيلم مثير للشجن يدور حول معلم رياض أطفال يتهم زورا بالتحرش الجنسي بالأطفال ويصبح منبوذا.
- الفيلم الكمبودي «ذا ميسينغ بيكتشر» (الصورة المفقود):
هو أول فيلم كمبودي يرشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي يدور حول حياة المخرج «ريثي بان» تحت نظام حكم الخمير الحمر.
- الفيلم الفلسطيني «عمر»:
فيلم سياسي مثير، يتضمن قصة حب مؤثرة ونضالا لا هوادة فيه من جانب فلسطينيي الضفة الغربية. يقوم ببطولة الفيلم آدم بكري وهو من إخراج هاني أبو أسعد.

* قائمة بترشيحات جوائز الأوسكار في الفئات المختلفة
* فيما يلي المرشحون للحصول على جائزة الأوسكار في الفئات المختلفة:
- أفضل ممثل في دور مساعد:
بركات عبدي (كابتن فيليبس)
برادلي كوبر (أميركان هاسل)
مايكل فاسبندر (12 ييرز إيه سليف)
جوناه هيل (ذا وولف أوف وول ستريت)
جاريد ليتو (دالاس بايرز كلوب)
- أفضل ممثلة في دور مساعد:
سالي هوكينز (بلو جاسمين)
جينفر لورانس (أميركان هاسل)
لوبيتا نيونج (12 ييرز إيه سليف)
جوليا روبرتس (أوجست: أوساج كاونتي)
جون سكويب (نبراسكا)
- أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية:
ذا بروكن سيركل بريك دون (انهيار الدائرة المكسورة) - بلجيكا
ذا غريت بيوتي (الجمال العظيم) - إيطاليا
ذا هنت (البحث) - الدنمارك
ذا ميسينغ بيكتشر (الصورة المفقودة) - كمبوديا
عمر - فلسطين
- أفضل سيناريو مقتبس:
بيفور ميدنايت (قبل منتصف الليل)
كابتن فيليبس
فيلومينا
12 ييرز إيه سليف
ذا وولف أوف وول ستريت
- أفضل سيناريو أصلى:
أميركان هاسل
بلو جاسمين
دالاس بايرز كلوب
هير
نبراسكا
- أفضل تصوير سينمائي:
ذا غراند ماستر (المعلم الأكبر)
غرافيتي
إنسايد لوين دافيس (داخل لوين دافيس)
نبراسكا
بريزونرز (سجناء)
- أفضل فيلم رسوم متحركة:
الكرودز
فيلم ديسبيكابل مي 2
إرنست أند سيليستيني
فروزن (مجمد)
ذا ويند رايزس (مهب الريح)
- أفضل فيلم وثائقي:
ذا أكت أوف كيلينغ (فعل القتل)
بيوتي أند ذا بوكسر (الجميلة والملاكم)
ديرتي وورز (حروب قذرة)
ذا سكوير (الميدان)
20 فيت فروم ستاردوم (20 قدما إلى النجومية).



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».