خورشيد: نثمّن عاليا زيارة ولي العهد ودورها في تطوير العلاقات لأبعد من «بائع ومشتر»

وزير خارجية الهند يوضح لـ «الشرق الأوسط» علاقات نيودلهي مع باكستان وإيران.. ويدعو إلى وقف القتال في سوريا

سلمان خورشيد، وزير الخارجية الهندي
سلمان خورشيد، وزير الخارجية الهندي
TT

خورشيد: نثمّن عاليا زيارة ولي العهد ودورها في تطوير العلاقات لأبعد من «بائع ومشتر»

سلمان خورشيد، وزير الخارجية الهندي
سلمان خورشيد، وزير الخارجية الهندي

كانت الساعة الخامسة مساء عندما بدأ سلمان خورشيد، وزير الخارجية الهندي، حواره مع «الشرق الأوسط». اتسم الاستقبال بالحرارة والود في مكتبه بمبنى وزارة الخارجية الهندية، الذي يقع عند أعلى نقطة في تلة رايسينا، حيث توجد أيضا مقار رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ووزارة الدفاع في العاصمة نيودلهي، بينما تلوح في مكان غير بعيد في الأفق «بوابة الهند» التي صممها المعماري البريطاني إدوارد لاتشينز عام 1921.
نيودلهي، الضاحية العصرية لمدينة دلهي العريقة، التي شيدت فيها بريطانيا معظم مبانيها الرسمية قبل حصول الهند على استقلالها عام 1947، استقبلت يوم أول من أمس الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. وهو ينهي اليوم زيارته التي دفعت العلاقات بين البلدين نحو آفاق مثمرة وبناءة.
أما عن الوزير خورشيد، المولود في مدينة عليكرة الجامعية الشهيرة في أول أيام عام 1953، فهو شخصية رصينة وجذابة ومثقفة، وينحدر من عائلة مسلمة سياسية بامتياز، فأبوه كان وزيرا للخارجية، وجده لأمه رئيس الجمهورية السابق الدكتور ذاكر حسين. ولقد تلقى دراسته في عدد من المعاهد الراقية، ثم التحق بكلية سانت ستيفنز بجامعة دلهي، ومن ثم درس في جامعة أكسفورد ببريطانيا متخصصا في الحقوق وحاملا درجة الماجستير في القانون. ومن ثم درّس لبعض الوقت في أكسفورد قبل العودة إلى الهند لممارسة المحاماة، ومن ثم دخل مضمار السياسة مساعدا شابا للزعيمة الهندية الراحلة أنديرا غاندي، التي تقبع صورتها خلف مقعده.
في مستهل الحوار حرص الوزير خورشيد على التحدث عن الإعجاب الذي عاد به رئيس وزراء الهند مانموهان سينغ من السعودية عندما زارها أول مرة قبل عقدين تقريبا. يومذاك كان سينغ وزيرا للمالية في حكومة رئيس الوزراء الهندي آنذاك ناراسيما راو. قال «شاهدت سعودية متطورة منهمكة في مشاريع التنمية، تعجّ بالكفاءات المهنية التي تلقت تعليمها في الخارج. دولة مختلفة عن الصورة التقليدية النمطية».
توقف خورشيد قليلا قبل أن يستأنف سرد انطباعات سينغ «هذه هي السعودية التي نود أن نعمق علاقاتنا بها». ثم تابع «للأسف، ربما فقدت العلاقات بعض الزخم لعشرين سنة بعد ذلك»، قبل أن يستدرك بالقول إن السنوات العشر الأخيرة بعد زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى الهند عام 2006 ثم زيارة سينغ في 2010، والآن زيارة الأمير سلمان دفعتها باتجاهات جديدة ورحبة. وطيلة الحوار كان خورشيد يركز على الأهمية الكبرى لتعزيز العلاقات بين الهند والسعودية. وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف تنظرون إلى زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن العزيز إلى الهند عام 2006، ثم قام رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ بزيارة الى المملكة في 2012.. كيف ترون زيارة ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز إلى الهند الآن؟
- هناك أمر مهم للغاية أود إشراكك فيه.. لقد سبق أن زار رئيس وزرائنا الحالي مانموهان المملكة قبل عقدين عندما كان حينذاك وزيرا للمالية في حكومة رئيس الوزراء نارسيمها راو. وبعد عودته دار بيننا حديث بدا فيه منتشيا بما كانت تشهده المملكة من تحولات، كما لفته ابتعاث الشباب السعودي إلى أفضل الجامعات في العالم لتلقي الدراسات العليا، مما حقق تغييرا مهما في المجتمع السعودي. ويومها صرح الدكتور سينغ في سياق إبدائه الإعجاب بالمملكة الجديدة التي رآها بأنه كان هناك جيل جديد بالكامل متعلم ومحترف يبني المملكة في تقدم يحل محل الصورة التقليدية. وشدد سينغ عندها على أن الهند بحاجة إلى إعادة اكتشاف وكذلك بناء علاقتها بالمملكة، لا سيما أن المملكة كفيلة بتوفير فرصة ممتازة للاستثمار التجاري مع الهند.
ولكن للأسف فقد البلدان زخم الانفعال والرؤية بسبب انشغال كل منهما بتوترات إقليمية طغت على وعد 20 سنة ثمينة من العلاقات بين البلدين. إضافة إلى ذلك، وبما أن للمملكة علاقة قوية مع باكستان، فقد كان من الصعب على المملكة الانحياز إلى جانب من جانبي المواجهة الهندية–الباكستانية. يمكن القول إن المملكة كانت في ما يشبه المأزق في الاختيار بين صديقين. ولكن وبمرور السنين قرر البلدان التطلع إلى ما وراء مسائل الخلاف والعمل معا لتعزيز العلاقات المشتركة في عالم جديد ومتغير.
خلال زيارتي الأخيرة للمملكة التقيت بوزير الداخلية السعودي–الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز–وهو رجل متميّز حقا. وأكد لي تماما أنه لن يستغل أحد أبدا الآراضي السعودية لإيذاء الهند بأي شكل كان. وذكر لي أنه كلما صادف أحد المتطرفين أو من يعمل ضد مصلحة البلاد، اتصل بعائلته وقال لهم انه يريد إنقاذ ابنهم. إنه بُعد نظر عظيم بالفعل من جانب الوزير الذي يستحق الإعجاب على جهوده الرامية إلى استعادة الثقة في الشباب المُغَرر بهم، على الرغم من نجاته شخصيا من هجوم استهدفه. وبناء عليه يمكننا القول إن البلدين أعادا استثمار علاقتيهما المتبادلة بصدق خلال السنوات الثماني أو التسع الماضية، وهذا على الرغم من بقاء المشاكل في باكستان وفلسطين وسوريا من دون حل. لقد طوّر البلدان فهما أفضل.
* ماذا عن الاتفاقية الدفاعية التي وقعها البلدان وفرصها المستقبلية؟
- لقد دأب الجانبان على التعاون في تبادل المعلومات الاستخبارية ومواصلة الحوار لمكافحة الإرهاب، لكن التعاون الدفاعي هو أمر محدد. وأؤكد هنا مرة أخرى أن العلاقة يجب ألا تكون علاقة «بائع ومشتر»، بل يجب أن تسمو إلى ما يتجاوز ذلك من عمل الجانبين في مجال التدريب والإنتاج المشترك والمناورات العسكرية المشتركة، ولكن هذا لا يعني أننا نسعى لأن نحل محل الولايات المتحدة. لقد سبق أن وُجه لي سؤال محدَّد حول ما إن كانت الهند ستدخل إلى المنطقة في حالة خروج الولايات المتحدة، لكنني رفضت رفضا قاطعا حتى مجرد قبول الفكرة، لأن للولايات المتحدة والهند أدورا مختلفة للعبها. نحن نؤيد حق أصدقاء الولايات المتحدة، ولكن ليس لدينا ميل أو استعداد لوضع قواتنا أو أسطولنا في مناطق توجد فيها القوات الأميركية وتؤدي مهاما فيها حاليا. لكننا من أجل تكميل أو دعم أي عمل تقومون به مع الولايات المتحدة، فنحن مستعدون للتعاون في مجالات تدريب القوات والإنتاج المشترك للأسلحة وزيارة السفن الحربية والمناورات العسكرية المشتركة. ويعني هذا أنه ستكون لنا علاقة استراتيجية ونتعلم أكثر عن إدراكنا الدفاعي. الهند ترغب في بناء تعاون دفاعي بطريقة تُمكّن العالم العربي ودول مجلس التعاون الخليجي من تحقيق الاكتفاء الذاتي وعد الحاجة إلى مساعدة عسكرية خارجية.
* دار الحديث مؤخرا عن اتفاقية تبادل السجناء بين البلدين - ما الذي جرى على هذا الصعيد؟
- كانت اتفاقية تطورية بين الجانبين، وأصبحت أساسا متينا لتعاوننا وعملنا المشترك. لقد ظلت المملكة مصممة بشدة على تنفيذ بعض عمليات تسليم السجناء إلى الهند من دون إثارة الكثير من اللغط حولها. وكما تعلم فإن تسليم السجناء ليس بالأمر السهل. فتسليم المجرمين يُدخل البلد المعني في معضلة، فعلى البلد المعني أولا إقناع البلد المُسلّم له، وثانيا على البلد إقناع الجهة التي يسلم المجرم منها في البلد. إنه لوضع حرج حقا. ولذا فهو يتطلب مستوى جبارا من التصميم والاقتناع المتبادل بين البلدين، ومن دون مواراة فإن الهند ممتنة للمملكة لقيامها بعمليات تسليم معقدة.
* كيف يمكن للبلدين، من وجهة نظرك، زيادة التعاون بينهما في ما يخص مواجهة التهديدات الإرهابية؟
- لقد عانينا كثيرا من الإرهاب. وتعد اهتماماتنا الأمنية مبرّرا آخر للمضي قدُما نحو مزيد من التعاون بين البلدين. كذلك تزيد الاضطرابات التي يشهدها الإقليم من أهمية تعميق ذلك التعاون. وتشارك دولتانا في الحرب على الإرهاب الدولي، وكذلك مكافحة تبييض الأموال والمخدرات وتجارة السلاح والاتجار في البشر.
* لنأت إلى الاقتصاد.. ما تعليقكم على مسار التعاون الاقتصادي والتجاري بين المملكة العربية السعودية والهند على مر السنوات؟
- سهل الفهم الصحي والمتبادل للوقائع السياسية الإقليمية لكل من البلدين ودوره ببناء عهد جديد التعاون التجاري والاقتصادي بين الدولتين. من وجهة نظر الهند نحن لا نرغب في بناء مجرّد علاقة بيع وشراء للنفط، بل تجارة متبادلة ونسج سلة ملؤها التجارة والاستثمارات. وفي قفزة تجاه ذلك الهدف نجد أن شركة تاتا الهندية قد أنشأت بالفعل مصنعا لتجميع سيارات «جاغوار» في المملكة، كما استثمر السعوديون بذكاء في مركز أبحاث بنغالور. وهكذا بوسعي أن أؤكد بفخر أن العلاقات بين الدولتين الرائدتين متنوعة وقوية مع صدق هائل من الجانبين في الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى أعلى. من المنظور الهندي أقول إننا نثمّن بشدة زيارة ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز التي تحمل رسالة مفادها أن مسعانا الصادق لتعزيز روابطنا أكثر فأكثر مع المملكة على كافة الأصعدة يقابل بالمثل.
* في ضوء تطوّر العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية الهندية السعودية خلال السنوات الأربع الأخيرة بعد زيارة الملك عبد الله إلى الهند، وزيارة رئيس الوزراء الهندي إلى المملكة، إلى أي مدى تتصور آفاق التطور، وما نقاط الاختلاف التي ما زالت موجودة بين الجانبين؟
- أسهمت الزيارة المهمة للملك عبد الله إلى الهند في عام 2006 في وضع جدول أعمال للعلاقات الثنائية حينما صدر «إعلان دلهي».
وأدى إبرام «إعلان الرياض» أثناء زيارة رئيس الوزراء الهندي في عام 2010 إلى تحوّل علاقتنا إلى «شراكة استراتيجية». كذلك تضاعف مرتين حجم التبادل على المستوى السياسي، ما سمح بإيجاد المزيد من فرص التفاهم المشترك بين البلدين. إنني سعيد بتحقيق خطوات مهمة في جميع المجالات التي تتصل بعلاقتنا الثنائية. وعلاوة على ذلك، نمت علاقتنا الاقتصادية بسرعة كبيرة في السنوات القليلة الماضية من خلال العمليات التجارية الثنائية التي وصلت إلى 43 مليار دولار أميركي في فترة 2012–2013. ولكن مع ذلك، ما زال هذا المعدل أدنى بكثير مقارنة بمدى القوة التي تتميز بها علاقتنا. إننا نحتاج إلى تنويع العلاقات التجارية، بالإضافة إلى التركيز على التجارة غير النفطية أيضا. وخلال اجتماع اللجنة المشتركة الذي انعقد أخيرا، توصّل الجانبان إلى جدول أعمال يهدف إلى مضاعفة حجم التجارة مرتين بين البلدين على مدار خمس سنوات. ونحتاج أيضا إلى العمل لتعميق المشاركة الاقتصادية من خلال اتباع السبل المختلفة، بما في ذلك الاستثمار والمشاريع المشتركة والتحوّل التكنولوجي.
* تستورد الهند 60 في المائة في المائة من وارداتها من المنتجات النفطية من المملكة.. فما استراتيجية الطاقة المستقبلية للهند؟ وهل وارد فيها الاتجاه خارج الجزيرة العربية؟
- علينا وضع سياستنا الخاصة بأمن الطاقة على أساس الواقع الذي سيوفر احتياجاتنا الأمنية من الطاقة. وما لم يحدث تغير دراماتيكي في الطاقة المتجدّدة لن تستطيع الهند تلبية احتياجاتها من الطاقة بمفردها أبدا.
لقد شهدت مشاريع الطاقة النووية في الهند الكثير من أوجه القلق بعد حادثة اليابان النووية، ولذا سنواصل اعتمادنا على سد احتياجاتنا من ممونينا التقليديين على الرغم من خفضنا للواردات من إيران لأسباب معروفة وخارج إرادتنا ونحن هنا نثمّن دعمكم. إننا نتطلع حقا إلى الحصول على احتياجاتنا من واردات الطاقة من المملكة، كما نتطلع إلى الحصول على إمدادات الغاز من كندا.
وهناك احتمالات في منطقة آسيا الوسطى تتصل بمدّ خط الأنابيب إلى الهند، كما هو الحال بالنسبة لخطوط إيران وسلطنة عُمان وأوزبكستان. هناك بالفعل فرص لكن الاتجاه العاقل هو الحفاظ على الموازنة بين مختلف مصادر الطاقة وليس الاعتماد على مصدر واحد. إننا نرغب في بناء علاقة مع المملكة في مجالات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إضافة إلى الوقود الهيدروكربونية. وكما شرعتم في بحث كبير في مجال الطاقة الشمسية فبوسعنا التعاون معا في مشاريع للطاقة النظيفة.
* ما مجالات التعاون المشترك؟ وكيف في رأيك يتوجب على الحكومة المقبلة صياغة سياستها تجاه الشرق الأوسط؟
- تتمتع الهند بحصة حيوية في منطقة الشرق الأوسط في ضوء وجود ما يزيد على سبعة ملايين مواطن هندي يعيشون ويعملون في المنطقة مع إرسال تحويلات إلى بلادهم تتعدّى 30 مليار دولار أميركي سنويا. ويعتبر الشرق الأوسط أكبر كتلة تجارية إقليمية بالنسبة لنا حيث يتجاوز حجم التبادل التجاري السنوي 180 مليار دولار أميركي. وبالإضافة إلى ذلك، تعدّ دول الخليج أحد المصادر الرئيسة لأمن الطاقة، إذ تشتمل على أكثر من 60 في المائة من نسبة النفط الخام والواردات. ويوجد الكثير من القطاعات الناشئة–بما في ذلك قطاعات الأمن الملاحي والدفاع والصحة التعليم–التي توفر فرصا كثيرة لتحقيق المنافع المتبادلة.
* يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين ما يقرب من 44 مليار دولار أميركي، ما الخطوات التي يمكن أن تتخذها الهند لتحسين حجم التبادل التجاري مع المملكة؟
- تبقى المملكة العربية السعودية أهم مصدر لاحتياجاتنا من الطاقة. ونحتاج إلى تعميق علاقات البيع والشراء بين البلدين على مستوى الشراكة في مجال الطاقة من خلال ضخ استثمارات في إقامة مجمّعات صناعة البتروكيماويات وتحديث مصافي النفط، بالإضافة إلى الدخول في الاستثمار المشترك في عدد من المشاريع، ليس فقط الثنائية، بل في دول أخرى. ثم إننا نحتاج لزيادة سلة التجارة غير البترولية بين البلدين، التي بلغت 8.7 مليار دولار أميركي في 2012–2013.
* دعنا ننتقل إلى المسائل الإقليمية، إلى أين وصلت العلاقات الهندية–الباكستانية اليوم؟
- ما زلنا نأمل في تطابق الأقوال والأفعال. على الرغم من مرور عدة فترات عصيبة أؤكد أننا نريد أن نعيش في سلام مع باكستان. وبالطبع فإن علاقات السلام الهندية–الباكستانية تعكس السلام في جنوب آسيا. طلبنا منهم تفكيك البنية التحتية للإرهاب في أراضيهم. ولعلهم سيقولون بشأن ذلك إنهم أيضا ضحايا للإرهاب، لكن ذلك لا يساعدنا لأننا ضحايا. نحن نريد من باكستان أن تعمل بجدية في مكافحة الإرهاب والمساءلة عما حدث عام 2008 من هجمات إرهابية استهدفت مومباي. كذلك نريد من باكستان التعجيل في البت بالقضايا التي باشرت التحقيق فيها ضد المسؤولين عن الهجمات الإرهابية باستغلال الأراضي الباكستانية. إذا عملت باكستان بصدق في هذا فسيساعد ذلك حقا على بناء الثقة بيننا.
* في ضوء واقع التحالف المعروف بين باكستان والمملكة العربية السعودية، ماذا تتوقع الهند أن تفعله المملكة العربية السعودية تجاه باكستان.. وكيف تستطيع السعودية العمل على نزع فتيل التوتر بين الدولتين الجارتين؟
- ترغب الهند في وجود علاقات سليمة وودية وتعاونية مع باكستان. ونتعهّد بحل جميع القضايا البارزة مع باكستان، بما في ذلك قضية جامو وكشمير، من خلال الحوار المشترك القائم على مبادئ «اتفاقية سيملا»، التي تتطلب وجود بيئة خالية من الإرهاب والعنف.
* هذا الأسبوع تستضيف الهند القادة السعوديين والإيرانيين، فكيف تحقق الهند التوازن في ما يخص علاقتها بين الرياض وطهران.. ومن هو الجانب الذي ترى علاقتكم به أوثق؟
- تحافظ الهند على علاقتها الطيبة مع جميع الدول في منطقة الخليج، بما في ذلك السعودية وإيران. ويشكل كلا البلدين جزءا لا يتجزأ من علاقاتنا الاقتصادية والأمنية، فضلا عن لعب دور مهم في ما يخص أمن الطاقة.
* بمناسبة زيارة وزير الخارجية الإيراني اليوم.. هل لنا أن نسأل كيف تنظر الهند إلى علاقاتها مع إيران لا سيما بعد توتر العلاقات خلال العامين الماضيين؟
- لقد ظللنا على علاقة متسقة مع إيران، فتربطنا علاقة خاصة بهذا البلد الفارسي، وهو جزء من جوارنا الممتد، حيث يبدأ جوارنا في أفغانستان ومن بعدها إيران. إننا نعتقد أن لهم دورا أكبر يجب لعبه في أفغانستان. وعلى الرغم من خلافات إيران معنا أو مع دول أخرى في العالم العربي، فإن الهند تؤمن بأن إيران دولة لا يمكن تجاهلها على الرغم من جميع الخلافات. لقد عانت إيران كثيرا بسبب العقوبات خلال السنوات الماضية، ونحن سعداء بتوصل إيران لاتفاق مع الولايات المتحدة. كان هناك سباق لا ينتهي للبطولة النووية، والآن على الأقل جرى إبطاء ذلك أو إيقافه.
هناك الكثير من الشكوك في العالم العربي حول ما تعرضه الولايات المتحدة، لكن علينا العمل من أجل خلو الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. وفي عدم وجود أسلحة نووية لدى إيران فائدة للعالم العربي على الرغم من أنه يجب أن يكون لإيران الحق في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية كما تفعل الهند.
الفارق بيننا وبينهم أنهم وقعوا اتفاقية حظر الانتشار النووي بينما لم نوقع نحن، ونعتقد أنه على أي دولة وقّعت وثيقة دولية الالتزام بها. في البداية وجدوا صعوبة في فهم ما كنا نقوله لهم خلال تلك الفترة، لكنهم اليوم فهموا أننا كنا نقول ما نقوله بإخلاص وصدق وفي مصلحتهم. نريد أن نراهم ينمون ويكونون في سلام مع جميع جيرانهم، خاصة المملكة العربية السعودية، وإن كانت هناك بعض الشكوك فيجب إزالتها من خلال الحوار السلمي.
* ولكن ماذا عن القتال الدائر في سوريا؟
- بأمانة، كانت مهمتنا في سوريا هي دعوتنا بكل رجاء إلى وقف القتال. لقد ظللنا نردد ذلك حتى إننا دُعينا إلى حضور مؤتمر جنيف. الواقع أن الحوار يساعد وأنه لا شيء سيكون سيئا بعد الحوار. ما زلنا نقول «رجاء أوقفوا أعمال القتل أولا ثم تفاوضوا بعد ذلك».. من المحزن للعالم العربي أن تتواصل حالة الغليان في سوريا. نحن نتشارك في المعاناة.. في معاناة الشرق الأوسط بسبب الاضطراب في سوريا، حيث يعيش ستة ملايين هندي في منطقة الخليج. ما يحدث للعرب يحدث أيضا للهنود هناك، ونأمل أن ينتهي الاضطراب هناك قريبا.
* تبدو علاقة الهند بمنطقة الخليج اليوم أقوى من علاقتها بدول جنوب شرقي آسيا، لكن حضور الخليج في سياسة الهند الخارجية يبدو أضعف من حضور دول جنوب شرقي آسيا.. كيف تفسر ذلك؟
- لقد سبق لي أن أوضحت رهانات الهند الحيوية في ما يخصّ علاقتها القوية بدول الخليج. وبالمثل، تمثل دول جنوب شرقي آسيا جزءا من جوارنا الجغرافي الممتد. ولقد حققت سياستنا في الاتجاه نحو الشرق نجاحا كبيرا، وتطورت بفضلها علاقتنا مع مختلف الدول بشكل كبير على مدى العقد الماضي. وعلى نحو مماثل، تحتل العلاقات القوية مع دول الخليج مكانة مهمة على جدول نشاط سياستنا الخارجية. ثمة حوار مكثف وفاعل بين الهند ودول الخليج، وهذا ما يبدو واضحا في حقيقة أنه على مدى الأشهر التسعة الماضية قام أربعة رؤساء دول وحكومات من دول الخليج بزيارة الهند.
* كيف تكون العلاقات العسكرية السعودية–الهندية مختلفة، في رأيك، عن علاقات المملكة العسكرية مع باكستان؟
- إنني أشعر بسعادة كبيرة بعد توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين في المجال العسكري، والتي ستساعد في زيادة التعاون وتبادل الخبرات بين المسؤولين العسكريين من البلدين.
* ماذا سيكون موقف الهند بشأن تهديد الولايات المتحدة بترك أفغانستان دون توقيع أي اتفاقية مع الحكومة الأفغانية؟
- هناك تحدٍ كبير للتفاوض حول السلام في أفغانستان، وبالنسبة لنا فإن سيادة البلد هي فوق كل اعتبار. ونحن نعلم أيضا أن التدخل العسكري ليس حلا لأنه لو كان كذلك لحُلت القضية الأفغانية منذ 12 سنة. إننا نعتقد أن ترك الولايات المتحدة أفغانستان في هذه اللحظة الحرجة ليس فكرة جيدة ما لم يرد الشعب الأفغاني ذلك.
هناك بعض القضايا بين الرئيس (حميد) كرزاي والأميركيين ونأمل أن تُحل وديا. يجب ألا يحدث فراغ. إن قوات الأمن والدفاع الأفغانية تقوم منذ الآن بالمشاركة في مسؤولية كبيرة ونأمل أن يعمل الأفغان معا من أجل السلام، وإذا ما احتاجوا لعون الهند فنحن مستعدون. كذلك نحن نتعاون معهم أصلا في مجال التدريب واستعادة المقدرات بجانب توفير البنية التحتية الكافية في تطوير الطرق والسدود ونقل الطاقة الكهربائية ومشاريع السكك الحديدية.
* هل لديكم، في ضوء ما تقدم، تصوّر ما لما يجب أن تكون عليه الأمور في أفغانستان؟
- لا، ليس للهند سياسة للخروج من أفغانستان وهي ستواصل دعهما للأفغان بالطريقة التي يريدوننا أن ندعمهم بها. نريد من جميع الدول المحيطة بأفغانستان أيضا أن تسهم في بناء أفغانستان حتى ينجح ذلك. علاوة على ذلك ليس على الهند وباكستان النظر إلى أفغانستان بوصفها أرض معركة لتصفية حسابات البلدين. ونأمل أن تفهم باكستان أننا لسنا في أفغانستان لإقصائها عنها، لأن في أفغانستان القوية فائدة لباكستان.



السعودية قدّمت 7 مليارات دولار لتحسين ظروف الأطفال وأسرهم حول العالم

نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)
نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)
TT

السعودية قدّمت 7 مليارات دولار لتحسين ظروف الأطفال وأسرهم حول العالم

نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)
نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)

نفَّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول، بتكلفة تتجاوز 7 مليارات و113 مليون دولار، من بينها 965 مشروعاً بقيمة 924 مليوناً و961 ألف دولار تهدف إلى تحسين ظروف الأطفال وأسرهم؛ مما يُسهم في رفع معاناتهم، وضمان حصولهم على التعليم في بيئة آمنة وصحية، وتقديم الدعم للأطفال في مختلف أنحاء العالم.

يُعدّ مركز الملك سلمان للإغاثة من الداعمين الرئيسين لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» (واس)

ويحتفي العالم باليوم العالمي للطفل في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، وهو يوم يهدف إلى تعزيز حقوق الأطفال من خلال مجموعة من الأنشطة والفعاليات التي تضمن لهم بيئة آمنة وصحية، وتشمل حقوق الطفل في التعليم، والمساواة، والعناية، والحماية من العنف والإهمال، كما نصت على ذلك المواثيق والأعراف الدولية.

من ضمن مشروعات السعودية ضمان حصول الأطفال على التعليم في بيئة آمنة وصحية (واس)

ومن المشروعات النوعية التي ينفّذها المركز، مشروع «إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين في النزاع المسلح باليمن» الذي يهدف إلى تأهيل الأطفال المجندين وإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية، حيث استفاد منه حتى الآن 530 طفلاً و60 ألفاً و560 فرداً من عوائلهم، يشمل المشروع إدماج الأطفال في المجتمع وإلحاقهم بالمدارس، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي إليهم وإلى أسرهم من خلال دورات تدريبية تهدف إلى مساعدتهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

تشمل مشروعات السعودية إدماج الأطفال في المجتمع وإلحاقهم بالمدارس بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم (واس)

ويُعد مركز الملك سلمان للإغاثة من الداعمين الرئيسين لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ حيث يُسهم هذا الدعم في توفير الخدمات الصحية ومشروعات التغذية للأطفال حديثي الولادة وأمهاتهم، إلى جانب دعم العملية التعليمية؛ مما يضمن استمرارية التعليم في مناطق الأزمات والكوارث.

ويشارك المركز العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للطفل؛ مما يجسّد التزامه ببناء مستقبل أفضل للأطفال في جميع أنحاء العالم، ويعزّز الوعي بأهمية حقوقهم واحتياجاتهم الأساسية.