«الأطلسي» يتحدّث عن حشد كبير للقوات الروسية في سوريا.. وموسكو: لن نكرر «التجربة الأفغانية»

الأمم المتحدة تحذّر من خطورة الوضع في الأجواء السورية.. وتركيا تحذّر

سفينة الإنزال البحري الروسية آزوف تعبر مضيق البوسفور التركي أمس على وقع التوتر الجوي بين روسيا وتركيا قرب الحدود السورية (رويترز)
سفينة الإنزال البحري الروسية آزوف تعبر مضيق البوسفور التركي أمس على وقع التوتر الجوي بين روسيا وتركيا قرب الحدود السورية (رويترز)
TT

«الأطلسي» يتحدّث عن حشد كبير للقوات الروسية في سوريا.. وموسكو: لن نكرر «التجربة الأفغانية»

سفينة الإنزال البحري الروسية آزوف تعبر مضيق البوسفور التركي أمس على وقع التوتر الجوي بين روسيا وتركيا قرب الحدود السورية (رويترز)
سفينة الإنزال البحري الروسية آزوف تعبر مضيق البوسفور التركي أمس على وقع التوتر الجوي بين روسيا وتركيا قرب الحدود السورية (رويترز)

قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، أمس، إن هناك تقارير تتحدّث عن حشد عسكري روسي كبير في سوريا يتضمن نشر قوات برية وسفن في شرق البحر المتوسط. وندد الحلف بهذا التوغل الروسي «البالغ الخطورة» داخل الأجواء التركية، ودعا روسيا إلى «الوقف الفوري لهجماتها ضد المعارضة السورية والمدنيين»، في حين أكدت موسكو الرسمية، أن روسيا استخلصت الدروس والعبر اللازمة من جراء تورطها في الدفع بقواتها المسلحة إلى أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي. هذا في الوقت الذي شهدت فيه الأجواء التركية السورية تصعيدًا روسيا لمضايقة مقاتلات تركية استدعى استنكار الناتو، الذي وصف الانتهاك بأنه «لم يكن عرضيًا»، بينما حذّرت الأمم المتحدة، أمس، من أن ما تشهده الأجواء السورية من وجود مقاتلات تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وأخرى تابعة لروسيا «يؤدي إلى وضع مليء بالمخاطر»، وذلك في معرض تعليقها على خرق مقاتلة روسية الأجواء التركية. وقال ستولتنبرغ: «يمكنني أن أؤكد أننا شهدنا حشدًا كبيرًا للقوات الروسية في سوريا، قوات جوية ودفاعات جوية، وأيضًا قوات برية فيما يتصل بقاعدتهم الجوية، وشهدنا أيضًا زيادة في الوجود البحري.
غير أن موسكو قالت أمس على لسان الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن روسيا لن تقدم على تكرار تجربة أفغانستان، وإنها أكدت على لسان رئيسها وكبار رموز القيادة الروسية، أن العملية العسكرية في سوريا التي تقوم بها بناء على طلب الحكومة الشرعية هناك، تقتصر على الضربات الجوية بالتنسيق مع الجيش النظامي السوري.
وكان ديمتري بيسكوف، الناطق الرسمي باسم الكرملين، أكد أمس أيضًا في معرض تعليقه على الأنباء التي نشرتها قناة تلفزيون «سي إن إن» الأميركية، حول قرب بداية العملية الروسية البرية في سوريا، أن «الهدف من العمليات العسكرية لروسيا في سوريا يتلخص في القضاء على المجموعات الإرهابية والمتطرفة». وأعاد بيسكوف إلى الأذهان ما قاله الرئيس فلاديمير بوتين حول أن القوات المسلحة الروسية ستقصر نشاطها على العمليات الجوية هذا الشأن.
وفي إيجازها الصحافي «البريفنغ»، قالت زاخاروفا، أمس، إن «الصحافة الأجنبية تشن حملة ممنهجة ضد روسيا دون الاستناد إلى منطق أو حقائق موثقة». وأشارت إلى الكثير من أسماء القيادات ووسائل الإعلام الأميركية والأجنبية، ومنها ديفيد كاميرون رئيس الحكومة البريطانية، ومجلة «فورين بوليسي»، و«سي إن إن» الأميركية التي قالت إنها تتعمد تشويه مواقف روسيا واتهامها بالسعي وراء مصالح ذاتية في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط. إلى ذلك، قال الجيش التركي إن مقاتلة من طراز «ميغ - 29» مجهولة الهوية وأنظمة صاروخية متمركزة في سوريا «تداخلت» مع ثماني طائرات تركية من طراز «إف 16» كانت تقوم بدورية على الحدود السورية يوم الاثنين. ولم يفسر البيان الصادر عن هيئة الأركان العامة المشتركة ونقلته «رويترز» ما يعنيه بكلمة «تداخلت».
وجاء البيان بعد واقعتي انتهاك للمجال الجوي التركي من جانب طائرتين روسيتين في مطلع الأسبوع. وحذّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان روسيا، أمس، قائلاً إنها ستخسر الكثير إذا دمرت صداقتها مع أنقرة، وقال إن صبر تركيا لن يستمر في ظل انتهاك طائرات حربية روسية لمجالها الجوي. وتابع في مؤتمر صحافي مشترك في بروكسل مع رئيس الوزراء البلجيكي: «أي هجوم على تركيا يعد هجومًا على حلف شمال الأطلسي».
وأضاف: «علاقتنا الإيجابية مع روسيا معروفة. لكن إذا خسرت روسيا صديقًا مثل تركيا التي تتعاون معها في الكثير من القضايا فإنها ستخسر الكثير ويجب أن تدرك ذلك».
ما جانبه، قال أناتولي أنتونوف، نائب وزير الدفاع الروسي، إن موسكو سترحب بوفد من وزارة الدفاع التركية لبحث تفادي وقوع أي «سوء تفاهم» في سوريا، حيث تنفذ روسيا وتحالف من دول غربية وحلفائها من الشرق الأوسط ضربات جوية.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، إنه يتشكك في الرواية الروسية لواقعة انتهاك المجال الجوي لتركيا في مطلع الأسبوع، والتي تشير إلى أنها حدثت بطريق الخطأ، وطالب روسيا بعدم تكرار ذلك.
وتابع في مؤتمر صحافي: «لن أتكهن بشيء عن الدوافع، لكن هذا لا يبدو حادثًا عارضًا، وهناك واقعتان»، مشيرًا إلى واقعتي التوغل الجوي في منطقة هاتاي اللتين قال إنهما «استمرتا فترة طويلة»، إضافة إلى الواقعتين اللتين وصفهما حلف شمال الأطلسي بأنهما «بالغتا الخطورة»، و«غير مقبولتين»، واللتين تسلطان الضوء على مخاطر تصعيد دولي في الصراع السوري في الوقت الذي تنفذ فيه طائرات روسية وأميركية طلعات قتالية في أجواء الدولة لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، أمس، إن مقاتلة من طراز «سوخوي - 30» دخلت المجال الجوي التركي على الحدود مع سوريا «لبضع ثوانٍ» يوم السبت بطريق الخطأ بسبب سوء الأحوال الجوية. ويقول الحلف، إن طائرة دخلت المجال الجوي التركي يوم الأحد أيضًا، وهو ما تقول روسيا إنها تتحرّى صحّته.
ورفض ستولتنبرغ التعليق على ما إذا كانت الطائرة الروسية ثبتت الرادار على المقاتلات «إف - 16» التي أرسلتها تركيا يوم السبت لإبعاد الطائرة الروسية عن مجالها الجوي، وهو إجراء عادة ما يكون مقدمة لإطلاق النار.
ومن ناحية أخرى، قال مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه لـ«رويترز»، إن انتهاك المجال الجوي التركي استمر أكثر من بضع ثوانٍ، ووصف تأكيدات موسكو بأن الواقعة كانت بطريق الخطأ بأنها «بعيدة الاحتمال».
وقال ستولتنبرغ، إن حلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة وتركيا عضو فيه لم يتلقَّ «أي تفسير حقيقي» لما حدث. وصرح بأنه لم يجرِ أي اتصال مباشر مع موسكو، لكن الحلف بحث إمكانية استخدام خطوط الاتصال العسكرية مع روسيا.
وتريد الولايات المتحدة التي تقود تحالفًا لقتال تنظيم داعش في سوريا والعراق تفادي جرّها إلى حرب بالوكالة مع روسيا التي تدافع عن حليفها الرئيسي السوري بشار الأسد.
ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، أمس عن نائب وزير الدفاع، قوله، إن الجيش الروسي يوافق من حيث المبدأ على مقترحات تقدمت بها الولايات المتحدة لتنسيق الطلعات الجوية العسكرية فوق سوريا.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: «نحن نرى الآن دولاً مختلفة، تحالفات مختلفة تعمل في السماء فوق سوريا، هذا يخلق وضعًا مليئًا بالمخاطر وشديد الدقة».
وأضاف أن «هذا الأمر يجب أن يقود المجتمع الدولي إلى التركيز على إيجاد حل سياسي للنزاع السوري». وجدّد المتحدث التأكيد أن «أي تحرك يتخذ ضد (داعش) وآخرين يجب أن يتفق والقوانين الإنسانية الدولية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.