ميليشيا الحوثيين تفتح معسكراتها للمرتزقة في تعز

تحشد مقاتلين من القرن الأفريقي لا تتجاوز أعمارهم 17 عامًا لمواجهة خطة التحرير

ميليشيا الحوثيين تفتح معسكراتها للمرتزقة في تعز
TT

ميليشيا الحوثيين تفتح معسكراتها للمرتزقة في تعز

ميليشيا الحوثيين تفتح معسكراتها للمرتزقة في تعز

فتحت ميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح عددًا من المعسكرات الحربية الواقعة في الحديدة وشمال تعز لمقاتلين من المرتزقة قادمين من القرن الأفريقي، والذين لا تتجاوز أعمارهم 17 عاما، لمواجهة قوات التحالف أثناء عملية تحرير إقليم تعز، فيما أوكلت لبعضهم قيادة المهام العسكرية في جبهات القتال.
ويأتي تحرك ميليشيا الحوثي، في أعقاب تحرير باب المندب وجزيرة ميون من قبل قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، والذي أوقف عمليات التهريب التي تنفذها ميليشيا الحوثي للسعودية، مقابل مبالغ مالية كبيرة على الفرد الواحد من مدينتي «تعز والحديدة»، وذلك بهدف الاستفادة من هذه الأعداد في المواجهات العسكرية التي تعتزم قوات التحالف إطلاقها لتحرير إقليم تعز.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر يمني، أن ميليشيا الحوثي، تقوم في الوقت الراهن بحشد أتباعها من القرى المجاورة لإقليم تعز وتسليحهم تحسبًا من الهجوم الذي أعلنت مصادر عسكرية عنه في وقت سابق.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن ميليشيا الحوثي سارعت بتجنيد أعداد من الجنسيات الأفريقية، التي تمكنت من إدخالهم عبر ميناء الحديدة، وهذه الأعداد لم تتمكن الميليشيا من تهريبها للأراضي السعودية، بعد أن تمكنت قوات التحالف من تحريرها أهم الموانئ الاستراتيجية في اليمن، لافتا إلى أن ميليشيا الحوثي وحليفهم علي صالح تسابق الوقت لجلب أعداد أخرى من ميناء المخا، المنفذ الوحيد للميليشيا.
ميدانيًا: كثف طيران التحالف العربي، ضرباته على امتداد الشريط الساحلي الذي يربط شمال تعز بجنوب مدينة الحديدة، وهو ما يراه مراقبون عسكريون على قرب تنفيذ خطة تحرير إقليم تعز، بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية من قوات التحالف العربي إلى أقرب النقاط الحدودية المجاورة لمدينة.
وقال عبد الحفيظ الخطامي صحافي وناشط اجتماعي، إن قوات التحالف كثفت ضربتها الجوية على امتداد الطريق الذي يربط جنوب مدينة الحديدة إلى شمال تعز وميناء المخا، لافتًا إلى أن هذه المنطقة تعد المخزون الاستراتيجي العسكري والبشري من حيث التجنيد والمعسكرات التي تزود كل الجبهات لميليشيا الحوثيين، ومن أبرز المواقع العسكرية للحوثيين «منطقة المخا، والخوخا، والطائف، والجريمة، والنخيلا، والخيمة» إضافة إلى بعض المواقع في قلب المدينة الرئيسية.
وأضاف الخطامي، أن تكثيف الضربات الجوية، يوضح أن هناك تحركا عسكريا يجري على الأرض نحو إقليم تعز، وهو ما تحدثت عنه قيادات في الحكومة الشرعية في وقت سابق عن قرب تحرير الإقليم، وهو ما يشير إلى أن التحالف العربي الذي تقوده السعودية سينفذ خطته في الإقليم تليها مباشرة عملية إنزال للحديدة.
وحول تجنيد المرتزقة في صفوف الحوثيين، أكد الناشط الاجتماعي، أن الحوثيين عمدوا على تجنيد المرتزقة في صفوف الميليشيا لمحاربة الشرعية، خاصة وأن مرتزقة الحوثيين هم من دول الجوار، وتزداد أعدادهم وفي إقليمي «تهامة وتعز»، بعد أن انسحبت الميليشيا على خلفية الضربات العسكرية المركزة من مواقع عدة إلى تهامة وتعز.
وأشار الخطامي إلى أن الحوثيين، وطيلة فترة سيطرتهم على أهم إقليم اليمن، عمدوا إلى عملية تهريب الأفارقة القادمين من القرن الأفريقي، لكسب المال وإنفاقه على تجنيد العشرات من بناء القرى، موضحًا أن الحديدة تعد نقطة عبور لجنسيات أفريقية باتجاه السعودية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.