«الخليل بعيون أطفالها» معرض يعكس واقع المدينة

بما فيه من فرح وحزن خلال صور فوتوغرافية

معرض «الخليل بعيون أطفالها»
معرض «الخليل بعيون أطفالها»
TT

«الخليل بعيون أطفالها» معرض يعكس واقع المدينة

معرض «الخليل بعيون أطفالها»
معرض «الخليل بعيون أطفالها»

انطلق 35 طفلاً من أطفال الخليل بعيون بريئة وقلوب صافية بالضفة الغربية في تجربة مثيرة على مدى شهرين لتوثيق واقع مدينتهم بحزنه وفرحه، وذلك من خلال صور فوتوغرافية ضمها معرض جديد من نوعه حمل اسم «الخليل بعيون أطفالها» والذي أغلق أبوابه أمام زواره مساء أمس الاثنين.
افتتح المعرض الذي ضم 48 صورة اختيرت من بين مئات الصور للأطفال الأحد في معصرة الزيتون في البلدة القديمة التي أعيد ترميمها حديثا لتصبح أحد معالم المدينة السياحة البارزة. وتراوحت أعمار المشاركين بين 8 أعوام و14 عاما.
والمعرض من تنظيم «بعثة الوجود الدولي المؤقت» في الخليل، والتي وزعت كاميرات تستخدم لمرة واحدة على الأطفال في المناطق التي تتعرض لحوادث توتر في المدينة، حسب «رويترز».
وتعمل قوة متعددة الجنسيات في الخليل تحمل اسم «بعثة الوجود الدولي المؤقت» منذ سنوات بالاتفاق ما بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ومهمتها مراقبة الوضع في المدينة، ورفع التقارير للجهات الدولية دون التدخل فيما يجري من أحداث بين الجانبين.
وتظهر الصور التي تعبر عن الفرح لقطات للطبيعة في المدينة وأخرى للخيل، إضافة إلى صور لأطفال في لقطات تعكس براءة الطفولة، فيما تظهر صور الحزن صور الجنود الإسرائيليين الذين يقفون على الحواجز التي تقسم المدينة.
وقال ستيفانوا نينسيانوا نائب رئيس البعثة في افتتاح المعرض إنه «يعطينا الفرصة الفريدة لنعرف ما يراه الأطفال في حياتهم اليومية في مدينة الخليل، وما يفرحهم وما يحزنهم، ومن المهم لنا أن نستمع لهم».
وأضاف: «عندما كانوا سعداء التقطوا صورا مثل كل الأطفال في العالم، وعندما كانوا يصورون لقطات حزن فالسبب الذي قالوه أنه الاحتلال والتفتيش وصعوبة الحركة، وليست هذه الحياة التي يريدونها». ويظهر عدد من الصور واقع البلدة القديمة المقسم بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود الذين يعيش ما يقارب من 500 منهم، بينما يزيد عن 50 ألف فلسطيني هم سكان البلدة القديمة.
وقالت الطفلة دعاء دعنا، وهي تقف أمام مجموعة من الصور التي التقطتها: «أنا صورت الأطفال الذين أحبهم والخيل والأشجار، وصورت الجيش كيف بيطلع من عند دارنا وبيضرب على الشباب ويوم الجمعة والسبت كيف بيمنعون أن نتحرك، وصورت البرج للجيش الإسرائيلي الذي تحت دارنا». وأضافت أنها تتمنى أن يأتي الجميع لزيارة المعرض ومشاهدة الصورة والتعرف على الحياة في مدينة الخليل. وإقامة المعرض في معصرة الزيتون التي يعود تاريخها لنحو 200 عام كان أيضا أحد عوامل جذب الزوار للمعرض.
وقال عماد حمدان مدير لجنة إعمار الخليل، التي تتولى الحفاظ على المواقع التاريخية والدينية في المدينة، وتعمل على إعادة تأهيلها: «موقع المبنى لقربه من أماكن تحت سيطرة المستوطنين في المدينة يحتم علينا المحافظة عليه».
وأضاف: «نهدف إلى فتح المجال أمام كل الزائرين لمدينة الخليل للاطلاع على هذا المبنى الذي تم ترميمه ليس لإعادة افتتاحه كونه معصرة زيتون، وإنما لأنه متحف جاذب للسياحة». وتضم المعصرة بعض الأدوات القديمة التي كانت تستخدم في عصر الزيتون الذي تشتهر فلسطين بزراعته ويحل موسمه هذه الأيام.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».