المالح: المفاوضات كانت عبثية.. ووفد الأسد اتهمنا بالخيانة والعمالة ودعانا للتوبة

عضو الائتلاف السوري المعارض يكشف في حوار مع {الشرق الأوسط} تفاصيل اجتماعات «جنيف 2»

هيثم المالح
هيثم المالح
TT

المالح: المفاوضات كانت عبثية.. ووفد الأسد اتهمنا بالخيانة والعمالة ودعانا للتوبة

هيثم المالح
هيثم المالح

كشف هيثم المالح، عضو الائتلاف السوري، أحد أعضاء وفد المعارضة في مفاوضات جنيف2. تفاصيل ويوميات التفاوض مع وفد بشار الأسد برئاسة بشار الجعفري. وقال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن وليد المعلم وزير الخارجية وبثينة شعبان والمقداد كانوا يتابعون المفاوضات من مكاتب مجاورة لقاعة الاجتماع ربما تكون مزودة بصوت للاستماع غير المباشر لما نقول. ووصف المفاوضات بالعبثية لتركيزها على الشتائم واتهام المعارضة بالخيانة والعمالة ودعوتهم للتوبة والعمل معهم لمكافحة الإرهاب.
وقال المالح: «لم نتصافح ولم نتبادل النظرات.. كأننا نتفاوض مع وفد من دولة أخرى وليس وفدا سوريا مثلنا يشعر بحالة القتل والتدمير والتخريب التي أصابت كل الوطن في مقتل»، مشيرا إلى أن روسيا ساعدت نظام الأسد بشكل استراتجيي حفاظا على مصالحها.. ولولا هذا الدعم لسقط الأسد في ظرف شهرين. وإلى نص الحوار..

* ما هو تقييمك لمفاوضات «جنيف2».. وهل يمكن أن نعرف تفاصيلها؟
- أولا كان من المفترض أن تكون المفاوضات برئاسة وليد المعلم وزير الخارجية السوري، وبالنسبة لنا اتفقنا في اجتماع إسطنبول على رئاسة أحمد الجربا رئيس وفد الائتلاف للجلسة الافتتاحية لمؤتمر «جنيف2» على أن يلقي كلمة وينسحب ويترك الأمر للوفد المفاوض، وبدأنا الاجتماع وانسحب وليد المعلم وبثينة شعبان وكل الطاقم وبقي بشار الجعفري لرئاسة الوفد ومعه اثنان من المحامين وهما أقرب للمهنية وليس الدبلوماسية والسياسة، وكان المتحدث الوحيد هو بشار الجعفري والآخرون لا يتحدثون في شيء، إضافة إلى أن هذا الوفد لا يملك أي صلاحيات بمعنى أنه يحتاج للعودة إلى دمشق في كل لحظة، على سبيل المثال عندما وضع الأخضر الإبراهيمي جدول الأعمال قال الجعفري: «لن أوافق عليه إلا بعد العودة إلى دمشق»، وبالتالي إذا كان جدول الأعمال لا يمكن الموافقة عليه إلا بعد العودة إلى دمشق.. إذن ما هي صلاحياته التي يتفاوض بها؟ ومفترض أنه معروف وفق نص الدعوة وعلى خلفية «جنيف1» الانتقال إلى هيئة حاكمة تدير المرحلة الانتقالية.. وبالتالي المفاوضات انتهت قبل أن تبدأ.
* كيف كان شكل مائدة التفاوض.. وهل كان الحوار بشكل مباشر؟
- المائدة التي كنا نجلس عليها للتفاوض رباعية وتتكون من مقعدين واحد أمامي مباشرة والثاني في الخلف لأعضاء الوفد.. وجلسنا أمام بعضنا وترك الجانب المقابل للأخضر الإبراهيمي خاليا، وكنا نتحدث إلى الإبراهيمي وهم كذلك تجنبا لتبادل النظرات أو الحديث المباشر، وبدأ الجعفري يتحدث وهو رجل مثقف ومتمكن من اللغة العربية؛ لكن ليس لديه رؤية سياسية وقد بدا ذلك واضحا طيلة فترة المفاوضات لم نسمع منه سوى كلمة واحدة وهي أننا عملاء وكذلك الدول التي تقف معنا، وقمت بالرد عليه بمداخلتين الأولى، تحدثت عن تاريخ نظام حزب البعث منذ عام 1963 وصورة كاملة عن الثورة بالأرقام والضحايا، والحقيقة أننا لم نتفاوض وإنما كنا في جولة يصح تسميتها بـ«سرد كلام متبادل» لأن التفاوض مختلف عن الأجواء التي عشناها في جنيف.. وأثناء مداخلتي الأولى – الجعفري تغير عندما تحدثت عن الفساد والاستبداد في سوريا وكان جوابه غريبا حيث اعترف بذلك وقال نعم يوجد فساد ولذلك نحن نريد أن نتخلص منه – والجعفري يعرفني جيدا لأن ما يفصل بيني وبين أهله جدار، ونحن جوار في المسكن وأعرف والده زكي الجعفري الذي كان مساعدا في الجيش وهو ضد السلطة معي بشكل دائم، واعتقل شقيق بشار الجعفري في قضية كاتب استقدام الخادمات وأسيء إليه، وقد سألت والده زكي الجعفري وقلت له: «إن نجلك له نفوذ وناطق باسم الحكومة السورية في مجلس الأمن والأمم المتحدة ويمكن أن يصحح الأمر خاصة أن نجلك (شقيق بشار) مظلوم».. رد بالقول: «لن يفعل له شيئا».
* ماذا كان رد فعل الجعفري بعد اتهامك للسلطة بالفساد؟
- قال ان ما تحدث به الأستاذ هيثم المالح صحيح – نعم لدينا فساد واستبداد ولهذا نريد أن نغير ونبني وهو وافقني على كل ما قلته – لكنه دائما خلال مفاوضات المرحلة الأولى والثانية ليس لديه غير موضوع واحد، هو المطالبة بوقف العنف والإرهاب.. وليس عندهم رؤية للتفاوض حول المرحلة السياسية والانتقال السياسي.. وطالبنا بأن ننبذ العنف والإرهاب ونتنصل من الدول الداعمة للثورة السورية (الإرهاب) من وجهة نظرهم ويرون أن كل من حمل السلاح في سوريا إرهابي.
* وما تقوم به الدولة السورية ضد المدنيين.. ماذا قال عنه الجعفري؟
- عندما تحدثت عن إرهاب الدولة السورية حدث زلزال داخل قاعة التفاوض، فلتت أعصابهم نهائيا والمهم خلال فترة التفاوض كنا نجتمع معهم من خلال الأخضر الإبراهيمي وأحيانا كان يجتمع بكل طرف بمفرده وداخل القاعة كان يتحدث رئيس الوفد ويوجه حديثه إلى الأخضر الإبراهيمي.
* وهل تصافحتم خلال المفاوضات؟
- لم نتصافح ولم نتبادل حتى النظرات والمعارضة في نظرهم عملاء لدول تديرهم من الخارج.
* وماذا كان دور الأخضر الإبراهيمي.. هل كان مستمعا فقط؟
- كان يدير الجلسة ويذكر دائما بقرارات «جنيف1» وإعلان «جنيف2» وقرارات مجلس الأمن وكتاب بان كي مون، وطبعا الإبراهيمي وضع جدول أعمال للمفاوضات في المرحلة الثانية من التفاوض، وكانت المرحلة الأولى من دون جدول أعمال وكانت عبارة عن تبادل رأي ووجهات نظر.. ونحن تحدثنا حول المسألة الأساسية من «جنيف1» هي تشكيل هيئة حاكمة انتقالية بموجب الدعوة لحضور «جنيف2» نصت على ذلك وهم يريدون كسب المزيد من الوقت ويماطلون في المفاوضات.
* وما هو جدول الأعمال الذي اقترحه الإبراهيمي؟
- إنهاء العنف ومحاربة الإرهاب، إقامة هيئة الحكم الانتقالية، الحوار الوطني والمصالحة الوطنية، كما قدم الإبراهيمي كل طرف مذكرة تتضمن التالي: مبادئ بيان «جنيف1» والتي تؤكد وحدة سوريا أرضا وشعبا واحترام سيادتها وسلامة أراضيها ونبذ التدخلات الأجنبية المباشرة والتوصل إلى وقف جميع أشكال العنف بما يشمل نبذ الإرهاب ومكافحته وتقديم الإغاثة والإفراج عن المعتقلين، وأن تكون الدولة السورية ديمقراطية وتعددية وإنشاء هيئة الحكم الانتقالية وتزويدها بجميع الصلاحيات التنفيذية، وأن يتم كل ذلك وفق جدول زمني محدد، كما نصت المذكرة على مراحل العمل والتفاوض وإجراء الحوارات خلال الاجتماعات المقبلة، في أجواء هادئة يسودها الاحترام المتبادل وتجنب المهاترات.
* وما هو الوقت الذي كان محددا لجلسات التفاوض؟
- نحو ساعتين وأحيانا نعقد جلستين في اليوم صباحية ومسائية، وكان وفد النظام يصر على انعقاد جلسة واحدة.. وكان ردنا أن المفاوضات انعقدت من أجل إنجاز عمل حقيقي على الأرض وليس لدينا مانع من الاجتماع لمدة عشر ساعات متواصلة، وكان ردهم لا بد من العودة في كل التفاصيل إلى دمشق.. علما بأن وليد المعلم وبثينة شعبان وفيصل المقداد كانوا متواجدين في مكتب بمبنى الأمم المتحدة في مكاتب خارج قاعة التفاوض، وكان أحد أعضاء الوفد السوري يخرج إليهم للتشاور وحمل أوراق أو تقديم أوراق قاعة التفاوض، ولا أستبعد أن يكون المكتب الخاص بوليد المعلم مزود بتقنية الاستماع لكل ما يدور في قاعة التفاوض الخاصة بنا – أقصد تفاوض عن بعد.
* هل رفض الوفد الرسمي جدول الأعمال الذي قدمه لهم الإبراهيمي؟
- الجعفري قال هذا مشروع جدول أعمال ويحتاج لعرضه على حكومته أولا للموافقة عليه، وبالتالي أصبح لدينا مشكلتان في التفاوض، الأولى رفض جدول الأعمال، والثانية أن الإبراهيمي أدخل كلمة الإرهاب مع أنها غير موجودة في الأساس في بيان «جنيف1» - والذي نص صراحة على كلمة وقف العنف ولم يتحدث عن إرهاب - ونحن ليس لدينا حساسية من كلمة نبذ الإرهاب؛ لكن الوفد السوري عد أن الهدف من التفاوض هو موضوع الإرهاب فقط، والأمر الثاني أن الأخضر الإبراهيمي وضع البند الثالث مؤسسات الدولة – تغييرها أو تعديلها أو تطويرها وكان رد وفد النظام – بلا – لأنه يعني تفكيك الدولة السورية وأن هذا عمل مخابراتي، واتهم مباشرة الأخضر الإبراهيمي بذلك وقد انزعج الرجل كثيرا من هذا الأمر، وقال لهم بأن هذا هو مشروعي وليس مشروع المعارضة والتطوير والتغيير لا يعني هدم الدولة ومن الطبيعي أن تكون هناك حكومة جديدة مع التطوير ولا أحد يبقى عند الجمود، كما انزعج الوفد من كلمتي بأن «الإرهاب هو إرهاب الدولة والسلطة.. ونحن كمعارضة ليس لديهم إرهاب»، وتحدثت عن دور المخابرات في القتل والتخريب.
* وهل يمكن أن نقول: إن المفاوضات انتهت قبل أن تبدأ في «جنيف2»؟
- لم يحدث شيء وقد انتهت إلى فشل وهذا الموضوع توقعته منذ البداية عندما زرت الإبراهيمي في منزله وقلت له إنك حذرت في لقاء مع الدكتور نبيل العربي عام 2011 وقبل تشكيل مجلس وطني من خطورة الوضع في سوريا، وقلت له نريد حل الأزمة السورية داخل الأسرة العربية ولا نريد تدويلها؛ لكن إذا فلشتم ليس لدينا خيار لأن سوريا كدولة وليس كحكومة جزء من المجمع الدولي وعليه أن ينصرنا، ومعروف أن الجامعة بذلت كل جهدها مع النظام الذي وقع على برتوكول ثم خالفه وكل ما نريد هو وقف شلال الدم ولا شعب يريد تدمير بلاده.
* وكيف ترى ما يتردد حاليا بأن كل ثورات الربيع العربي بما في ذلك سوريا مخطط يستهدف المنطقة العربية؟
- مع الأسف.. وهذا اتهام للشعوب.
* نعود للمفاوضات مع وفد الحكومة السورية.. هل سيؤدي إلى حل للأزمة وفي إطار تسوية سياسية؟
- الحكومة السورية لن تقدم شيئا وكل المطروح هو أن يصدر إعلان ونوقع عليه بأننا نتنصل من الإرهاب.. وأن نعمل لمحاربة الإرهاب.
* لماذا لم تتنصلوا من الإرهاب حتى؟
- نحن متضررون من الإرهاب والجيش الحر يقاتل داعش على الأرض والجيش الحر يعاني من إرهاب نحو 25 فصيلا يقاتل مباشرة مع النظام وهم من حزب الله وإيران والعراق وحوثيي اليمن ومن باكستان – شيعة – ولم نشهد من قبل هذا الوضع الذي نعيشه.
* وداعش تقاتل مع من؟
- داعش تقاتل مع النظام، و«القاعدة» لم يعد تكوينها مجموعة الظواهري فقط أو بن لادن وإنما اخترقت من قبل إيران والنظام السوري، والآن هناك مجموعة لما يسمى المتشددون أو المتطرفون أو إرهابيون منهم يتبع النظام السوري، وهناك من يتبع أيمن الظواهري ومجموعة تابعة لإيران، وقد أوضحت في كلمتي بمؤتمر جنيف أنه في سجن صيدناوة يوجد مهجع (غرفة كبيرة تجمع عددا من الناس) وهذه كانت تغلق بباب أسود وكان خلفها ناس متطرفون، وكان رئيس المخابرات العسكرية آصف شوكت في عام 2007 ذهب عنده البعض لفتح هذا السجن والحوار مع هذه المجموعة المتطرفة، وبالفعل تم إخلاء سبيلهم وهذه المجموعة برز من بينها ما يسمى بتنظيم داعش – دولة العراق الإسلامية والشام من بينهم مجموعة عراقية خاصة التي هربت من سجن أبو غريب، وبالتالي تشكلت داعش من سجون سورية وعراقية وهؤلاء يحاربون مع النظام.
* إذن لماذا لا توقع المعارضة على وثيقة نبذ الإرهاب ويوقع عليها وفد النظام.. وهل لديكم ما يمنع؟
- أصدرنا تصريحا رسميا وقلنا بالاجتماعات بأننا ضد الإرهاب؛ ولكنهم لم يقبلوا وطالبوا بأن نكافح الإرهاب معا نحن والحكومة معها ونتنصل من الحكومات الداعمة للإرهاب، وبذلك تنتهي المشكلة.. وهذا الكلام سخيف، أن تصبح الأزمة في سوريا مجرد إرهاب، ونسي النظام أن الشعب السوري وسطي ومنذ وقت كان رئيس الوزراء مسيحي وكان من الكتلة المسيحية الصغيرة وكانت تتبعه المساجد والأوقاف الإسلامية، وبالتالي نحن نريد حكومة تدير البلاد بشكل صحيح.
* وماذا كانت نتيجة مفاوضات «جنيف2» في النهاية؟
- النتيجة الوحيدة للمفاوضات عبارة عن مجموعة اتهامات من وفد النظام للمعارضة والمطالبة بمكافحة الإرهاب – ووصل الأمر كأن المتفاوضين وفدان فلسطين وإسرائيل، ولا يدرك الوفد السوري ما حدث من دماء وتشريد وقتل وصل إلى أكثر من 135 ألف شهيد ومليوني منزل مدمرين وعشرة ملاين مواطن خارج منازلهم، وهذه كارثة إنسانية وليست مسألة الصراع على السلطة؛ بل انتقل النظام إلى محاولة تدمير الشعب بالكامل وقد أعلن الإبراهيمي نهاية المفاوضات أنه مصاب بإحباط شديد؛ إلا أنني ذكرت له أن النظام قام بتصعيد غير مسبوق خلال مفاوضات «جنيف1»، و«2» وقلت له الأمم المتحدة تدخلت بشأن المدنيين في حمص – وخرجوا منها – لكن النظام قام باعتقالهم.
* معنى ذلك أنك تستبعد انعقاد «جنيف3»؟
- المفاوضات كلها عبثية حتى الآن ولن تؤدي إلى نتيجة وإذا كان ولا بد، فعلى النظام أن ينفذ ما ورد في «جنيف1» إذا كان يرغب في الحل السياسي، وهي وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين وسحب الآليات والأسلحة الثقيلة من المدن والقرى.. ولذلك قلت للأخضر الإبراهيمي نحن نسير إلى طريق مسدود وكان جوابه «إنني ذاهب إلى نيويورك ألقي كلمة في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ثم أعود بعد ذلك.. ولا أعرف إذا كنت سوف أقوم بدعوتكم إلى جولة ثالثة في جنيف أم لا».
* من كلام الإبراهيمي.. هل تتوقع انعقاد جولة ثالثة للمفاوضات؟
- أتوقع جولة ثالثة في جنيف، لأن هناك ضغوطا على الأخضر الإبراهيمي باستكمال المفاوضات؛ لكن لا أدري إذا ما كانت لديه قدرة على تحمل أكثر مما احتمل، وحقيقة أنه تحمل الكثير لأنه أمام نظام لا يريد الحل.
* في تقديرك.. ما هي خيارات كل من واشنطن وموسكو لاستئناف الحل في سوريا خاصة بعد بيان التوافق الذي سبق مؤتمر «جنيف2»؟
- أعتقد أن الطرفين سوف يستمران في الضغط على الأخضر الإبراهيمي حتى تستمر المفاوضات التي لا جدوى منها، والطرفان غير مهتمين بما يحدث في سوريا من دمار وخراب وقتل، وأتهم روسيا بأنها تقف خلف مقتل السوريين من خلال ضخ السلاح والمال، وكنت أتوقع سقوط النظام السوري بعد شهرين من الثورة السورية لولا مساندة روسيا غير المسبوقة لنظام الأسد وكذلك إيران التي ضخت حتى الآن نحو 12 مليار دولار دفعة واحدة إلى النظام وكل شهر تحول له ما قيمته 500 مليون دولار، فضلا عن السلاح والرجال.
* من وجهة نظرك.. ما هي المصالح التي تحققها روسيا من دعمها لنظام الأسد؟
- روسيا لها مصلحتان، الأولى تجارية من خلال موضوع الأسلحة والقواعد العسكرية المتواجدة على الأرض السورية في طرطوس وبانياس وهما قاعدتان مهمتان لروسيا في البحر المتوسط وإذا خسرتهما انتهى وجودها في المتوسط، وكذلك إذا خسرت روسيا سوريا خسرت المنطقة كلها، وسبق لهم أن خسروا ليبيا. والأمر الثاني هناك مشروع مد أنابيب غاز من قطر إلى أوروبا عبر سوريا، ومعروف أن موسكو تتحكم في تصدير الغاز إلى أوروبا. والأمر الثالث هناك علاقات قوية بين موسكو وطهران. والأمر الرابع أن يكون في سوريا نفوذ غربي.
* وماذا عن واشنطن خاصة بعد تصريحات الرئيس الأميركي الذي أعلن أن لديه خيارات أخرى في سوريا تبدأ بتقديم دعم حقيقي للمعارضة؟
- واشنطن في الحقيقة تسير من خلال إملاءات إسرائيلية وهي لا تأخذ أي قرار يخص المنطقة كلها إلا بعد موافقة إسرائيل والمستفيد الأول الرئيسي مما يحدث في سوريا هو إسرائيل.. وبالتالي لا يملك باراك أوباما تقديم سلاح للمعارضة السورية، وذكرت للأمين العام للجامعة العربية ما حدث خلال زيارتي لواشنطن قبل ستة شهور عندما التقيت مع المكتب المصغر للرئيس أوباما، حيث قالوا لي بأن الرئيس يريد أن ينأى بنفسه عن الثورة السورية ويترك الحل للرئيس المقبل.. وهذا واضح في المسار السوري.
* هل تخشون من وصول نظام إسلامي متشدد إلى الحكم في سوريا؟
- هذا ظلم كبير للشعب السوري، ولست مع القائلين بأن ثورات الربيع العربي مؤامرة للتخريب، وأذكر أنني عندما خرجت من السجن خلفت ورائي خمسة آلاف سجين رأي وليس سجينا سياسيا، على سبيل المثال إذا تحدث مواطن عبر الهاتف بكلام يعتقل.. وبالتالي بلد يحكم بهذا الأسلوب هل يعقل أن يكون بها مسلحون؟ وهناك الكثير والكثير من الأمثلة التي تؤكد أن الشعب السوري يعيش في حالة رعب وليس خوفا، وليس ذلك فقط وإنما سيطرة الأسرة الحاكمة على 85 في المائة من الدخل القومي وتركت للشعب 15 في المائة وتحويل سوريا إلى ما تحت الفقر.
* وهل تتوقع أن تجرى انتخابات رئاسية في سوريا هذا العام كما يتردد أن الأسد سوف يترشح؟
- أي انتخابات تجرى.. والدستور الجديد ضمن أنه لا يمكنه أن يترشح.
* هل تتوقع ترشح بشار؟
- يمكن أن يترشح إذا تدخل الروس.
* وماذا تتوقع خلال الفترة القادمة؟
- سوف يتحقق النصر للسوريين رغم الصعوبات.
* وهل تقبل المعارضة السورية أن يشارك في الحكم شخصيات من مؤسسات الدولة حاليا؟
- نقبل بهذا.. والتغيير لا يعني تفكيك مؤسسات الدولة، فلن يفلت أحد من العقاب، وعندما نشكل لجان تحقيق ومصالحة مهمتها أن تفرز بين الجرائم، على سبيل المثال هناك عسكري الضابط أمره بإطلاق الرصاص، هذا مسكين.. ولن أعاقب العسكري مثل الضابط، وبالتالي «لن يظلم مواطن في العهد الجديد بعد نظام الأسد».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.