محمد بن راشد يطلق مؤسسة تنموية تستهدف 130 مليون إنسان

لمكافحة الفقر والمرض ونشر المعرفة والثقافة والتمكين من الابتكار

الشيخ محمد بن راشد خلال إطلاقه للمبادرة أمس في دبي («الشرق الأوسط»)
الشيخ محمد بن راشد خلال إطلاقه للمبادرة أمس في دبي («الشرق الأوسط»)
TT

محمد بن راشد يطلق مؤسسة تنموية تستهدف 130 مليون إنسان

الشيخ محمد بن راشد خلال إطلاقه للمبادرة أمس في دبي («الشرق الأوسط»)
الشيخ محمد بن راشد خلال إطلاقه للمبادرة أمس في دبي («الشرق الأوسط»)

أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مؤسسة إنسانية تنموية مجتمعية تجمع تحت مظلتها 28 جهة ومؤسسة تعمل في مجالات مكافحة الفقر والمرض، ونشر المعرفة والثقافة والتمكين المجتمعي والابتكار وتنفذ مجتمعة أكثر من 1400 برنامج إنساني وتنموي في 116 دولة حول العالم.
وتستهدف المؤسسة الجديدة التي أطلق عليها «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» أكثر من 130 مليون إنسان خلال السنوات المقبلة، وستركز في برامجها على المنطقة العربية، كما ستطلق أكبر برنامج تنموي شامل في المنطقة العربية يركز على التنمية الإنسانية بشكل متكامل، يبدأ من توفير الاحتياجات البشرية الأساسية من صحة ومكافحة الأمية والفقر مرورا بتوفير المعرفة ونشر الثقافة وتطوير التعليم، والعمل بشكل متواز على تطوير جيل من القيادات العربية الشابة ودعم تغيير حقيقي في مجال الحوكمة في المنطقة وانتهاء بتوفير أكبر حاضنة للمبتكرين والعلماء والباحثين العرب.
وسيدير المؤسسة الجديدة مجلس أمناء يضم كل الجهات المنضوية تحتها ويرأس المؤسسة الجديدة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي أكد خلال إطلاقه المؤسسة الجديدة أن «منطقتنا العربية تمر بتحديات ضخمة، وستستمر هذه التحديات لعقود قادمة، ولن ندير ظهرنا لمنطقتنا بل سنكون لهم عونا، وسنزرع للشباب أملا بمستقبل أفضل».
وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال إطلاقه المؤسسة الجديدة «العالم اليوم يواجه تحديات كبيرة في الإرهاب، وفي الحروب، وفي الهجرات وغيرها والحل الحقيقي هو في التنمية، تنمية الإنسان وتعليمه وتثقيفه ومساعدته على بناء مستقبله» وأضاف «العالم اليوم يصرف عشرات المليارات على حل هذه التحديات، ولكن لو صرف ربعها على التنمية ستكون منطقتنا بخير وإنسان هذه المنطقة قادر على تحقيق المستحيل وعلى استعادة دوره الحضاري وعلى استئناف مساهمته في تقدم وخير البشرية».
وزاد «نحن اليوم في بداية جديدة وكبيرة، ودعوتي مفتوحة للجميع من دول ومؤسسات ومنظمات عالمية أن تشترك معنا في غرس أمل جديد لهذه المنطقة، وأن العمل الإنساني والتنموي اليوم تغير ويحتاج لمؤسسات عالمية ضخمة للمساهمة في تغيير حياة المجتمعات، وحجم التحديات التي تمر بها منطقتنا بحاجة لمؤسسات تتناسب معها».
وتابع «نريد من إنشاء المؤسسة الجديدة توحيد الجهود، والاستفادة من الموارد، والتركيز على أهداف تنموية محددة وواضحة تعمل عليها كل المؤسسات المنضوية تحتها».
وتم الإعلان أمس على الأهداف الرئيسية المبدئية للمؤسسة الجديدة التي تتضمن أربعة قطاعات رئيسية، وهي مكافحة الفقر ونشر المعرفة وتمكين المجتمع وابتكار المستقبل، حيث ستعمل «مبادرات محمد بن راشد العالمية» على دعم وتعليم 20 مليون طفل ووقاية وعلاج 30 مليون إنسان من العمى وأمراض العيون حتى عام 2025، كما ستعمل المؤسسة على استثمار ملياري درهم (544.5 مليون دولار) في إنشاء مراكز الأبحاث الطبية والمستشفيات في المنطقة بالإضافة لرصد 500 مليون درهم (136 مليون دولار) لأبحاث المياه، والتي تستهدف محاولة إيجاد حلول حقيقية لمشكلات عدم توفر المياه.
وستعمل مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية على الاستمرار في الدعم الإغاثي والأساسي، وتمكين أكثر من مليوني أسرة للاعتماد على أنفسهم خلال العشر سنوات المقبلة، بالإضافة لدعم ورعاية رواد الأعمال الشباب بهدف توفير أكثر من نصف مليون فرصة عمل خلال السنوات القليلة المقبلة.
وفي مجال نشر العلم والمعرفة وتشجيع حركة الترجمة ستعمل «مبادرات محمد بن راشد العالمية» على طباعة وتوزيع أكثر 10 ملايين كتاب، وترجمة أهم 25 ألف مصنف للغة العربية من كل اللغات العالمية، بالإضافة للاستمرار في نشر ثقافة القراءة بين طلاب المدارس ودعم قراءة أكثر من 500 مليون كتاب خلال العشر سنوات القادمة في الوطن العربي.
كما ستعمل مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية وضمن استراتيجيتها التنموية الشاملة على ترسيخ ثقافة جديدة في المجتمعات تقوم على التسامح والانفتاح الحضاري والثقافي حيث رصدت المؤسسة أكثر من 500 مليون درهم لتحقيق هذا الهدف وتعزيز خطاب إعلامي وثقافي حضاري لتمكين المجتمعات من العيش باستقرار بعيدا عن خطابات الإقصاء والتطرف والتمييز العرقي أو الديني أو الطائفي.
وضمن رؤيتها الشاملة لتنمية المنطقة ستقوم مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية أيضا بدعم الابتكار والمبتكرين والعلماء في المنطقة من خلال دعم رعاية واحتضان 5 آلاف مبتكر وباحث في المنطقة واستثمار أكثر من مليار درهم في بناء حاضنات ابتكار وبيئة مميزة للمبتكرين في المنطقة.
وتضم مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد العالمية» كل البرامج والمؤسسات والجوائز التي أطلقها خلال الأعوام السابقة، تمهيدا لمرحلة جديدا من العمل الإنساني والتنموي العالمي تستطيع فيها هذه المؤسسات التركيز على أهداف تنموية محددة ومناطق جغرافية معينة، بالإضافة للاستفادة من الموارد المتوفرة بشكل أمثل، وتبلغ الميزانية التشغيلية السنوية للمؤسسة الجديدة أكثر من مليار درهم (272 مليون دولار) وستعمل بشكل عام ضمن 116 دولة مع التركيز بشكل كبير على المنطقة العربية خلال الفترات المقبلة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».