موسكو تؤكد أنها تستهدف «داعش» في سوريا وأرغمت 600 من مسلحيه على الفرار.. وواشنطن تشكك

الاستخبارات البريطانية: 5 % فقط من الغارات كانت على التنظيم المتطرف

جانب من مظاهرة نظمها معارضون سوريون أمام مقر السفارة الروسية في العاصمة البريطانية لندن احتجاجًا على التدخل العسكري الروسي في سوريا (تصوير: جيمس حنا)
جانب من مظاهرة نظمها معارضون سوريون أمام مقر السفارة الروسية في العاصمة البريطانية لندن احتجاجًا على التدخل العسكري الروسي في سوريا (تصوير: جيمس حنا)
TT

موسكو تؤكد أنها تستهدف «داعش» في سوريا وأرغمت 600 من مسلحيه على الفرار.. وواشنطن تشكك

جانب من مظاهرة نظمها معارضون سوريون أمام مقر السفارة الروسية في العاصمة البريطانية لندن احتجاجًا على التدخل العسكري الروسي في سوريا (تصوير: جيمس حنا)
جانب من مظاهرة نظمها معارضون سوريون أمام مقر السفارة الروسية في العاصمة البريطانية لندن احتجاجًا على التدخل العسكري الروسي في سوريا (تصوير: جيمس حنا)

أكدت روسيا أمس شنها غارات ضد تنظيم داعش في سوريا، متعهدة بتكثيف حملتها الجوية، بينما كررت واشنطن وحلفاؤها انتقاد استراتيجية موسكو التي اعتبروا أن هدفها الدفاع عن نظام الرئيس بشار الأسد أكثر من التصدي للمتطرفين.
وقال المسؤول الرفيع في رئاسة الأركان الروسية الجنرال أندريه كارتابولوف في بيان أمس إنه منذ الأربعاء الماضي «نفذ سلاح الطيران الروسي أكثر من ستين ضربة في سوريا مستهدفا أكثر من خمسين موقعا لبنى تحتية لتنظيم داعش الإرهابي»، بينها مخازن ذخيرة ومتفجرات ومعسكرات تدريب. وأضاف: «لقد نجحنا في خفض القدرات العسكرية للإرهابيين إلى حد كبير (...) لقد بدأ الذعر ينتابهم وسجلت حالات فرار في صفوفهم»، مضيفا أن «نحو 600» مسلح من تنظيم داعش «غادروا مواقعهم ويحاولون الفرار إلى أوروبا». وأوضح أنه انطلاقا من هذه النتائج «لن نكتفي بمواصلة الضربات الجوية، بل سنكثفها».
وتشن روسيا منذ الأربعاء سلسلة ضربات جوية في سوريا في إطار عملية قالت إنها ستستمر «ثلاثة إلى أربعة أشهر».
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يأتي بيان هيئة الأركان بعد ساعات على إعلان وزارة الدفاع الروسية صباح أمس أن ضربات شنتها في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة أدت إلى تدمير مركز للقيادة وتحصينات تحت الأرض تابعة لتنظيم داعش بالقرب من مدينة الرقة، التي تعد أبرز معاقله في شمال سوريا.
واستهدفت المقاتلات الروسية وفق المصدر ذاته مركز تدريب تابعا للتنظيم بالقرب من معرة النعمان في محافظة إدلب (شمال غرب)، ما أدى إلى تدمير معدات وذخائر.
لكن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، الذي أفاد بشن الطائرات الروسية ضربات «استهدفت مواقع للتنظيم غرب الرقة وشمالها»، أكد أنه «لا وجود لتنظيم داعش في محافظة إدلب» التي سيطرت عليها جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وحلفاؤها بعد طرد قوات النظام منها.
وأفاد المرصد أمس بشن «طائرات حربية يعتقد أنها روسية أربع ضربات على الأقل استهدفت مدينة القريتين» المسيحية التي يسيطر عليها تنظيم داعش في محافظة حمص (وسط).
وأدت الضربات الروسية منذ الأربعاء حتى ليل الجمعة إلى مقتل 39 مدنيا بينهم ثمانية أطفال، و14 مقاتلا، وفق المرصد الذي أوضح أن اثنين من المقاتلين هما من جبهة النصرة (إدلب) و12 آخرين من تنظيم داعش (الرقة). وفي وقت لاحق، أكد عبد الرحمن مقتل ستة مدنيين «هم سيدة وأربع من بناتها وعنصر من الدفاع المدني وإصابة نحو 10 آخرين بجروح، جراء تنفيذ طائرات حربية يعتقد أنها روسية ضربات عدة بعد ظهر اليوم على مناطق في بلدة احسم في جبل الزاوية» في إدلب.
كما طالت الضربات الروسية السبت وفق المرصد مستشفى ميدانيا في قرية البرناص في ريف اللاذقية (غرب)، قال ناشطون إنه تابع لمنظمة «أطباء بلا حدود». لكن المتحدث الإعلامي الإقليمي لدى المنظمة يزن السعدي قال إن المنظمة «كانت تدير المستشفى في وقت سابق وسلمته قبل نحو عام إلى طواقم طبية محلية»، مؤكدا «تعرض المستشفى لغارات أدت إلى تضرر بعض أبنيته وإجلاء الطاقم الطبي العامل فيه».
ودخل النزاع المتشعب الأطراف في سوريا والذي بدأ بحركة احتجاج سلمية في منتصف مارس (آذار) 2011، منعطفا جديدا مع تدخل روسيا العسكري وشنها ضربات جوية مساندة للنظام السوري الذي فقدَ سيطرته على ثلثي مساحة البلاد. وتؤكد موسكو أن ضرباتها تستهدف تنظيم داعش وجبهة النصرة «ومجموعات إرهابية أخرى». وبخلاف دول الغرب، يصنف الكرملين كل فصيل يقاتل نظام الأسد بـ«الإرهابي».
وقال المسؤول في رئاسة الأركان الروسية أمس إن الضربات الروسية لا تستهدف سوى «الإرهابيين» في سوريا، موضحا أن بلاده أبلغت «مسبقا» واشنطن بأنها ستشن غارات على مواقع تنظيم داعش.
وطالت الضربات الروسية بالإضافة إلى مواقع التنظيم المتطرف وأخرى تابعة لجبهة النصرة وفصائل إسلامية متحالفة معها وفق مصادر سورية والمرصد مقار تابعة للفصائل المعارضة التي تتلقى دعما أميركيا، إنما على نطاق أضيق.
وتنتقد دول الغرب وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية بالإضافة إلى دول عربية الاستراتيجية الروسية في سوريا، مصرّة على وجوب ألا تستهدف الضربات الفصائل التي تتلقى دعما منها. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «لا يفرق بين تنظيم داعش والمعارضة (السورية) السنية المعتدلة التي تريد رحيل الأسد». وأضاف: «من وجهة نظرهم كل هؤلاء إرهابيون. وهذا يؤدي إلى كارثة مؤكدة». وأبدى استعداده للتعاون مع موسكو حول الملف السوري شرط اعترافها بوجوب «تغيير الحكومة» السورية، بينما ترفض موسكو ذلك وتعتبر النظام شريكا في مواجهة تنظيم داعش.
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس أن روسيا وانطلاقا من عدم تمييزها بين تنظيم داعش ومجموعات المعارضة السورية «تساعد الأسد السفاح وتزيد من تعقيد الوضع».
وبحسب الاستخبارات البريطانية فإن خمسة في المائة فقط من الضربات الروسية استهدفت تنظيم داعش، كما أن معظم الغارات «قتلت مدنيين» واستهدفت فصائل معتدلة.
وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أكد، هو الآخر، أول من أمس بعد لقائه بوتين في باريس على وجوب أن تنحصر الضربات الجوية الروسية في سوريا بتنظيم داعش. كما طالب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من جهته بوتين «بإعادة النظر» في الضربات التي يشنها في سوريا.
وتقود الولايات المتحدة منذ صيف 2014 تحالفا دوليا يضم خمسين دولة، ولا تشارك روسيا فيه، شن آلاف الضربات الجوية ضد تنظيم داعش من دون أن يتمكن من القضاء عليه.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.