بمهارة عالية وذكاء يحسده عليه زملاؤه، استطاع السراج أبو مصطفى، 43 عاما، استعادة عمله في صنع المشغولات الجلدية اليدوية بعد توقف دام لسنوات، وتمكن من ابتكار نماذج ترقى لذائقة الجمهور وخاصة من الباحثين عن هدايا تذكارية لأهلهم وذويهم في الخارج، وكانت مشغولاته التي تحمل رسوم وأشكال تراثية مثل ملوية سامراء وبوابة عشتار والثور المجنح والزقورة وبرج بابل هي الأكثر رواجا في سوق الهدايا في منطقة المنصور وسط العاصمة بغداد بشكل أعاد للصناعات الجلدية اليدوية حضورها الجميل على قارعة الطريق وفي المحال التجارية.
والمعروف أن الصناعات الجلدية العراقية من بين أهم الصناعات التي تحمل طابعًا جماليًا معروفًا ومتداولا في الأسواق المحلية والعربية وحتى العالمية، لما تحمله من دقة وإتقان في العمل وجودة في استخدام الجلد المستخدم في إنتاج مختلف أنواع المستلزمات الجلدية مثل المعاطف والأحزمة والحقائب والأحذية وغيرها. وتمتد شهرة تلك الصناعات إلى العصر العباسي وبالتحديد في سوق السراجين الواقع على حافة جسر الشهداء من جهة الرصافة والملاصقة لسوق السراي، وسط العاصمة بغداد، ويعد من أقدم أسواق بغداد التراثية.
لكن الصناعات الجلدية، واليدوية منها خصوصًا، انحسرت حالها حال كل الصناعات العراقية لأسباب عدة من بينها شحة المواد الأولية وتفضيل السلع المستوردة على مثيلاتها المحلية لرخص أثمانها، إضافة إلى هجرة أصحابها وحرفييها بعد كساد حركة السياحة في البلاد، منذ بدايات الحرب العراقية - الإيرانية عام 1980 وحتى الآن.
يقول أبو مصطفى جلود، بحسب ما يطلق عليه كونه اشتغل في مهنة سراجة الجلود لسنوات طويلة: «بعد كساد مهنة الصناعات الجلدية بشكل عام، واليدوية بشكل خاص، ترك معظم محترفي المهنة البلاد أو تحولوا إلى مهن أخرى، لكني تمسكت بعملي وحاولت استحداث أشكال ونماذج جديدة من المصنوعات التي يمكن استخدامها في الحياة اليومية، كذلك حاولت إدخال بعض الرسومات والتخطيطات التي تشير إلى صور تراثية ونقوش عراقية مفضلة لدى الناس في الخارج باعتبارها جزءا من الموروث العراقي، وهي عادة ما تكون هدايا مفضلة ولمست إقبالا واسعا عليها وجاءتني طلبات كثيرة عليها».
ومن بين أهم تلك الصناعات والمشغولات التي يصنعها أبو مصطفى برفقة معاونيه هي المحافظ الجلدية المنقوش عليها رسومات وزخارف وخطوط إسلامية بحسب رغبة صاحبها وكذلك حقائب النساء الصغيرة ونماذج جلدية تتضمن صور الملوية الأثر العراقي المعروف وكذلك آثار بابل والأسد المجنح وغيرها من أشكال.
وحول خطوات العمل في الرسم على الجلد؟ قال: «تبدأ خطوات العمل منذ مرحلة أخذ الجلود الخام إلى المدبغة، التي تتم فيها عملية تنظيف الجلود وتليينها بطريقة خاصة ثم تنقل إلى المعمل، فتبدأ أول عملية لنا وهي تفصيل الجلد أو رسمه وتحديد العمل فيه كأن يكون حقيبة أو لوحة أو غلاف مصحف، ثم رسم المحتوى المطلوب، وتأتي بعدها عملية الطرق التي تشكل بروزات اللوحة ويكون بشكل ما مشابها لعملية الطرق على النحاس أو الألمنيوم لرسم البروزات فيه، وقد تحتاج اللوحة إلى تغيير الألوان فيها فتأتي عملية الحرق التي تكون باستخدام الكاوية الكهربائية، وتتم خياطة الجلد حسب الطلب وبذلك يتم تقديم شكل مختلف تماما للجلد الخام، والعملية يدوية خالصة تحتاج إلى مهارات في النقش وفي استخدام الآلات اليدوية مع الجلد.
مشغولات يدوية تراثية تكتسح أسواق الهدايا في بغداد
بعد كساد أسواقها وهجرة أصحابها
مشغولات يدوية تراثية تكتسح أسواق الهدايا في بغداد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة