حفلة جائزة «أفضل الجمعيات الخيرية» في بيروت للسنة الثانية على التوالي

«سانت جود» و«بسمة» و«تشانس» حصدتها في غياب من يستحقّها عن فئة اللاجئين

حفلة جائزة أفضل الجمعيات الخيرية
حفلة جائزة أفضل الجمعيات الخيرية
TT

حفلة جائزة «أفضل الجمعيات الخيرية» في بيروت للسنة الثانية على التوالي

حفلة جائزة أفضل الجمعيات الخيرية
حفلة جائزة أفضل الجمعيات الخيرية

أقامت شركة «كواليتي سيستيمز إنترناشيونال باريس»، حفلة توزيع جائزة «أفضل جمعية خيرية» (bingo best idealistic ngo)، التي تنظمها للسنة الثانية على التوالي. هذه الجائزة التي تهدف إلى تحفيز عمل الجمعيات الخيرية في لبنان ومساندتها في أعمالها، يتمّ توزيعها وفقا لمعايير الجودة العالمية المعروفة. وتشرف عليها لجنة مختصة في العمل الإنساني، مؤلّفة من خبراء مال وأعمال وصحة من المجتمع المدني والجامعة الأميركية في بيروت، ومجلس التعاون الخليجي وبنوك الخير المصرية والإقليمية في بيروت وباريس والقاهرة والرياض وممثلين عن منظمة الأمم المتحدة.
تمّ تصنيف جوائز ثلاث عن فئات الصحة وتمكين المرأة واللاجئين. ومن بين 50 جمعية خيرية مشاركة في هذا الحفل تمّ اختيار كل من «مركز سانت جود» لمعالجة سرطان الأطفال (عن فئة الصحة)، وجمعية «بسمة» (عن فئة تمكين المرأة). بينما غابت الجائزة عن الفئة الثالثة المختصة باللاجئين، بعد أن اعتذرت اللجنة عن ذلك بسبب عدم إيجادها أي جمعية خيرية ناجحة في هذا المجال.
وفي كلمة ألقتها الدكتورة ناديا شعيب رئيسة مؤسسة «محمد شعيب» الخيرية المنظمة لهذا الحفل، تحدّثت فيها عن أهداف هذه الجائزة التي تصبّ فقط في خانة تحفيز وتنشيط العمل الإنساني الخيّر، فقد أشارت إلى سعادتها في تطوّر هذه الجائزة من عام لآخر بعدما لمست حماسا كبيرا من قبل الجمعيات الخيرية التي شاركت فيها ووصل عددها إلى الخمسين. وقالت: «هدفنا تحفيز عمل الحبّ والمبادرة الإنسانية والدعم لمجتمعنا، كما أننا نسعى إلى أن نطوّر التعاطي مع الآخر ليلامس أفق الإيجابية البحتة ودعم الآخر الذي هو بأشدّ الحاجة إلينا»
وشارك في هذه الحفلة التي أقيمت على مسرح بيار أبو خاطر في جامعة القديس يوسف (فرع العلوم الإنسانية)، ممثلين عن وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية ومنظمة الأمم المتحدة. فتم خلال الحفلة إلقاء كلمات من قبلهم تحدّثوا فيها عن نوعية هذه الجائزة والأهمية التي تلعبها في إطار تشجيع العمل الخيري وتنشيطه.
قدّمت الحفل الإعلامية ماغي عون التي أطلقت على الجمعيات الخيرية المشاركة في الحفل، لقب «ملوك الحب» كونهم أكثر من يستأهل هذا العنوان لمسيرة شاقة ترتكز على العون والمساعدة لمن هم بحاجة إليها.
والمعروف أن الجمعيات التي حصدت هذه الجائزة (bingo idealistic)، تساهم بشكل مباشر في مضمار الصحة وفي الدفاع عن حقوق المرأة وتمكينها من التعرّف إلى حقوقها الاجتماعية.
فمركز «سانت جود» لعلاج سرطان الأطفال الذي تأسس في عام 2002، ومكان عمله في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، أخذ على عاتقه منذ 13 سنة حتى اليوم معالجة أطفال مرضى السرطان مجانا بإشراف أطباء مختصّين أسهموا حتى الآن في شفاء 80 في المائة من المرضى الذين توافدوا إلى المركز.
أما جمعية «بسمة» التي تعنى بتأهيل الأسر المحرومة، بهدف إيصالهم إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي مع الالتزام الكامل والخدمات العالية للأطفال والأسر المحتاجة، أصبحت وبعد مرور ثلاثة عشر عاما على تأسيسها، تشرف على مساعدة 85 ألف شخص في السنة.
وبالنسبة لجمعية «تشانس» التي تعنى بمعالجة أطفال داء السرطان وأمراض الدم الخبيثة، فهي تتكفّل وبرئاسة مؤسستها الدكتورة رلى فرح، بمساعدة ومعالجة أكثر من 300 طفل يعانون من هذه الأمراض سنويا.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» تحدّثت الدكتورة ناديا شعيب عن سبب تغييب الجائزة عن فئة «اللاجئين» فقالت: «لقد كان ذلك خيار اللجنة المشرفة على منح هذه الجائزة لمن يستأهلها، وعندما وجد أفرادها مجتمعين أنه ولا واحدة منها تمكّنت من استيفاء الشروط اللازمة والأساسية في هذا الإطار، قررت إلغاءها للمصداقية التي تتمتّع بها». وعن طبيعة هذه الشروط قالت: «هي الشروط الأساسية المتعلّقة بالشفافية والقانون والمال، فمع الأسف لم نجد من يتعاطى مع اللاجئين بالمصداقية والشفافية المطلوبتين». وعن سبب غياب من يمثّل جمعية «سكون» التي فازت بالمرتبة الثالثة عن فئة «تمكين المرأة» أجابت: «آثرت اللجنة عدم الإعلان عن النتائج النهائية، إلا ضمن الحفلة التي ستقام في المناسبة، فلم يكن أحد من الجمعيات الخيرية المشاركة على معرفة مسبقة بها، مما حال دون وجود البعض. ولكننا أخذنا ذلك في عين الاعتبار وقررنا بعد إجراء مناقشات حول هذا الموضوع الاتصال بالفائزين العام المقبل كي يتسنّى لهم الحصول على جائزتهم».
وتجدر الإشارة إلى أن الجائزة التي قدّمت للفائزين بها هي كناية عن مجسّم برونزي لأرزة لبنان، كما يقدّم للفائز بها دورات تدريبية في إدارة جودة الجمعيات وفقا لمعايير عالمية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».