الإعلان قريبًا عن كشف جديد خلف مقبرة «توت عنخ آمون»

مدير آثار الأقصر: ليس بالضرورة أن تكون المقبرة الجديدة لنفرتيتي

الإعلان قريبًا عن كشف جديد خلف مقبرة «توت عنخ آمون»
TT

الإعلان قريبًا عن كشف جديد خلف مقبرة «توت عنخ آمون»

الإعلان قريبًا عن كشف جديد خلف مقبرة «توت عنخ آمون»

صرح وزير الآثار المصري ممدوح الدماطي أمس، أنه «قريبا سوف يتم الإعلان عن كشف جديد خلف مقبرة الملك توت عنخ آمون بصعيد مصر»، لافتا إلى أن «اكتشاف وجود حجرات إضافية خلف أحد جدران مقبرته بوادي الملوك بمحافظة الأقصر سيجعله رجل القرنين الـ20 و21».
ويأتي إعلان الوزير المصري في وقت تحاول القاهرة فيه جاهدة إثبات صحة النظرية الأثرية التي أطلقها العالم الإنجليزي نيكولاس ريفز مؤخرا، حيث أعلن عن اعتقاده بدفن الملكة نفرتيتي بإحدى الحجرات الجانبية لمقبرة توت عنخ آمون. وقال سلطان عيد مدير آثار الوجه القبلي جنوب البلاد لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «العالم ريفز سوف يحضر أجهزة ترصد ما وراء الجدران الكونية، لبيان إن كانت هناك فراغات أم لا وراء مقبرة توت عنخ آمون»، مشيرا إلى أن «الاكتشاف الجديد ليس بالضرورة أن يكون لنفرتيتي».
في غضون ذلك، كشف خبراء آثار في الأقصر، عن أنه كانت هناك شواهد من قبل تؤكد وجود مقبرة خلف جدران مقبرة توت عنخ آمون، وكان من الممكن الوصول لهذا الكشف قبل خمس سنوات، خلال عمليات الحفر والتنقيب التي قام بها المجلس الأعلى للآثار المصرية في منطقة وادي الملوك، والتي بدأت عام 2009 واستمرت حتى قيام ثورة «25 يناير (كانون الثاني)» عام 2011.
وأعرب وزير الآثار المصري عن اعتقاده بنسبة 70 في المائة أن المقبرة الجديدة ربما تخص الملكة كيا والدة توت عنخ آمون، أو ميريت آتون بنت إخناتون، أو الملكة نفرتيتي زوجته.
وأشار الوزير خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده أمس وعالم المصريات ريفز بمقر الهيئة العامة للاستعلامات بالقاهرة، بحضور نخبة من علماء الآثار، وذلك للإعلان عن نتائج أعمال المعاينة المبدئية التي أجريت داخل المقبرة بوادي الملوك بالأقصر على مدار يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، في محاولة لإثبات صحة النظرية الأثرية التي أطلقها ريفز مؤخرا، أن فترة عصر العمارنة (الملك إخناتون ونفرتيتي) فترة مميزة ذات قيم حضارية أثرت في الحضارة المصرية ولكن لم يتم حتى الآن معرفة مكان دفن إخناتون ونفرتيتي، موضحا أنه منذ عامين تم إجراء فحص وأشعة مقطعية لعمل نموذج لمقبرة توت عنخ آمون وهي صور بدرجة عالية من الجودة اعتمد عليها ريفز في نظريته.
ولفت وزير الآثار المصري إلى أن هذا سيستغرق من شهر إلى ثلاثة أشهر مع عدم مساس الرسومات الأثرية بالمقبرة، مشيرا إلى أنه عقب التأكد من وجود الحجرات سيتم تحديد الآليات المتاحة والمناسبة للوصول إليها بما يضمن سلامة المقبرة بشكل كامل.
من جانبه، قدم عالم المصريات نيقولاس ريفز أمس، عرضا علميا عن نظريته التي يرجح فيها وجود مقبرة نفرتيتي داخل مقبرة توت عنخ آمون، وأشار إلى أنه اعتمد على صور مقطعية للمقبرة عالية الدقة، موضحا أن قناع توت عنخ آمون بعد دراسته وجد أنه غير مخصص لرجل إنما لأنثى - ويرجح أنها نفرتيتي - كما أن هناك دلائل قوية تؤكد أن مقبرة توت عنخ آمون تخص نفرتيتي في الأصل.
من جهته، قال سلطان عيد، إن «نيقولاس ريفز يعد من الباحثين المتميزين في الدولة الحديثة وعمل قبل ذلك في وادي الملوك.. ونشر مقالا رجح فيه أن وراء مقبرة توت عنخ آمون فراغات قد تكون مقبرة أو ممرا أو مجرد فراغ»، لافتا إلى «إننا عملنا معه تظاهرة علمية قبل ثلاثة أيام على الطبيعة وزرنا مقبرتي الملك أمنحتب الثاني KV 35، والملك حور محب kv 57، والمقبرة رقم kv 55، بهدف معاينة ودراسة العناصر الفنية والمعمارية لكل منها ومقارنتها بمقبرة الملك توت عنخ آمون في حضور لجنة علمية متخصصة»، لافتا إلى أن ريفز أورد الحيثيات التي تؤكد رأيه وبعض الدعائم الأخرى؛ لكن الفيصل في النهاية على صحة كلامه هو العلم، مشيرا إلى أنه «لا بد أن ندرس ما جاء به بكل دقة لمعرفة رأيه هل هو صواب أم خطأ»، لافتا إلى أن «الأجهزة التي سوف يحضرها ريفز سيتم فحصها من قبل السلطات المصرية قبل البدء في العمل».
وكشف مدير آثار الأقصر، عن أنه «ليس بالضرورة لو تم العثور على مقبرة أو ممر أنها تكون لنفرتيتي»، لافتا إلى أنه «قد تكون لتوت عنخ آمون نفسه، لأنه توفي بظروف غامضة.. ومن المحتمل أن تكون المقبرة الجديدة امتدادا لمقبرة توت غنج أمون الأصلية بسبب قصر فترة حكمه.. ووفاته المبكرة التي قد تكون حالت دون القيام بإنشاء مقبرة تليق به كملك فرعوني».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».