مسؤول أميركي: احتمالية استئناف الرحلات الجوية المنتظمة مع كوبا

أول تقارب بين البلدين منذ انتصار الثورة الكوبية

مسؤول أميركي: احتمالية استئناف الرحلات الجوية المنتظمة مع كوبا
TT

مسؤول أميركي: احتمالية استئناف الرحلات الجوية المنتظمة مع كوبا

مسؤول أميركي: احتمالية استئناف الرحلات الجوية المنتظمة مع كوبا

قال مسؤول أميركي ان كوبا والولايات المتحدة اقتربتا من استعادة خدمات الرحلات الجوية المنتظمة، خلال محادثات استمرت يومين، وان من المحتمل التوصل لاتفاق بهذا الصدد هذا العام.
وقال المسؤول المطلع على المحادثات والذي طلب عدم نشر اسمه "ربما يكفي اجتماع آخر لوضع اللمسات الاخيرة على الترتيب". وأضاف المسؤول أن الجانبين يعتزمان الاجتماع مرة أخرى ربما قبل نهاية هذا العام وفي واشنطن على الارجح، وذلك حسبما نقلت عنه وكالة "رويترز" للأنباء.
وخدمات الخطوط الجوية التجارية المنتظمة بين البلدين متوقفة منذ عقود نتيجة العداء الذي يعود لحقبة الحرب الباردة، لكن الجانبين وضعا استئناف الرحلات الجوية كأولوية بعد انفراجة في العلاقات في ديسمبر (كانون الاول) الماضي.
وهناك رحلات طيران عارض بين الولايات المتحدة وكوبا لكن في يناير (كانون الثاني) وضعت واشنطن قواعد جديدة تسمح لشركات الخطوط الجوية الأميركية بتسيير رحلات جوية الى كوبا على نحو أيسر. لكن مسؤولي البلدين بحاجة الى التفاوض أولا على ترتيب جديد قبل عودة الرحلات المنتظمة التي يمكن للعملاء الحجز عليها مباشرة من شركات الطيران.
يذكر أنه بعد تسعة اشهر على بدء تقارب بين البلدين، التقى الرئيسان باراك اوباما وراوول كاسترو أمس (الثلاثاء) في نيويورك في اول اجتماع على هذا المستوى على الارض الاميركية منذ انتصار الثورة الكوبية.
وتصافح الرجلان اللذان كانا مبتسمين في بداية اللقاء الذي عقد على هامش اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة. وبدت هذه الصورة معبرة جدا وتتناقض مع المصافحة الفاترة بين الرئيس الاميركي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قبل يوم واحد.
وهذا اللقاء الرئاسي الذي قال الوفد الكوبي انه جرى في أجواء من "الاحترام وبناءة"، هو الثاني منذ الاجتماع الذي عقد في بنما في ابريل (نيسان) الماضي، وكان بداية قطيعة مع نصف قرن من التوتر الموروث عن الحرب الباردة. واستأنف البلدان اللذان يفصل بينهما مضيق فلوريدا الذي يبلغ عرضه 150 كلم العلاقات الدبلوماسية بينهما في يوليو (تموز) الماضي.
ومن على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة، طالب الرئيس الكوبي الذي يبلغ من العمر 84 عاما برفع الحظر الاقتصادي الاميركي المفروض على بلده منذ اكثر من خمسين عاما، مشيرا الى انه يضر "بمصالح المواطنين والشركات الاميركية" ايضا.
لكن في مواجهة معارضة الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون لأي رفع للحظر، تدعو هافانا اوباما الى تسريع تخفيف القيود وافراغ القانون بذلك فعليا من جزء كبير من مضمونه.
وقال وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز بعد اللقاء بين رئيسي الدولتين ان "القرارات التي اتخذت حتى اليوم من قبل الرئيس الاميركي محدودة جدا"، معتبرا ان اوباما قادر على "تعديل عدد كبير من العناصر في تطبيق الحظر".
وبعد اللقاء أكد البيت الابيض إصراره على مواصلة الاصلاحات في كوبا وشدد على الاهمية التي يوليها لاحترام حقوق الانسان في الجزيرة.
لكن، في رسالة وجهها الى اوباما أمس، قال السناتور عن فلوريدا مارك روبيو المرشح لانتخابات الحزب الجمهوري للرئاسة عبر عن رفضه لخطوة كهذه.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.