أميركا تستبعد إيران من المشاركة في قمة الإرهاب باعتبارها «دولة راعية للإرهاب»

أوباما في قمة مكافحة الإرهاب: نعمل لرفع صوت علماء المسلمين الذين يقفون بشجاعة ضد «داعش»

في افتتاح قمة مكافحة الإرهاب ويبدو الرئيس أوباما.. إلى اليسار الرئيس النيجيري والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وزراء العراق حيدر العبادي (أ.ب)
في افتتاح قمة مكافحة الإرهاب ويبدو الرئيس أوباما.. إلى اليسار الرئيس النيجيري والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وزراء العراق حيدر العبادي (أ.ب)
TT

أميركا تستبعد إيران من المشاركة في قمة الإرهاب باعتبارها «دولة راعية للإرهاب»

في افتتاح قمة مكافحة الإرهاب ويبدو الرئيس أوباما.. إلى اليسار الرئيس النيجيري والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وزراء العراق حيدر العبادي (أ.ب)
في افتتاح قمة مكافحة الإرهاب ويبدو الرئيس أوباما.. إلى اليسار الرئيس النيجيري والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وزراء العراق حيدر العبادي (أ.ب)

قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن هزيمة «داعش» في سوريا لن تكون ممكنة إلا بعد أن يترك الرئيس السوري بشار الأسد السلطة ويأتي زعيم جديد يوحد الشعب السوري في مكافحة الجماعات الإرهابية.
وقال أوباما، في كلمته الافتتاحية أمام «قمة مكافحة الإرهاب والتطرف» التي أقيمت على هامش اجتماعات الأمم المتحدة صباح أمس الثلاثاء: «أعتقد أن الوضع في سوريا يتطلب مجيء زعيم جديد وتشكيل حكومة شاملة توحد الشعب السوري في مكافحة الجماعات الإرهابية، وهي ستكون عملية معقدة، لكننا مستعدون للعمل مع جميع البلدان، بما في ذلك روسيا وإيران، لإيجاد الآلية السياسية التي من الممكن أن تبدأ بها عملية الانتقال».
وأضاف: «لقد قلت مرارا إن هزيمة داعش ليست مهمة سهلة وتتطلب وقتا طويلا، وستشهد نجاحات وانتكاسات، وهي ليست معركة تقليدية، بل حملة طويلة الأجل، ليس فقط ضد تنظيم داعش لكن ضد الآيديولوجية». وأكد أوباما على ضرورة حشد الجهود لمنع قوى التطرف من تجنيد وإلهام الآخرين وهزيمة العقيدة المتطرفة ودعايتها عبر مواقع الإنترنت. وقال: «نحن نعمل لرفع صوت علماء المسلمين ورجال الدين الذين يقفون بشجاعة ضد (داعش) وتفسيراته المشوهة للإسلام».
واستبعدت الولايات المتحدة إيران من المشاركة في قمة مكافحة الإرهاب والتطرف التي نظمتها بعثة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، أمس، وشارك فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما وأعضاء إدارته مع رؤساء دول وحكومات أكثر من 100 دولة. وقال مسؤول أميركي كبير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الولايات المتحدة لا تزال تضع إيران في تصنيف الدول الراعية للإرهاب، ولهذا السبب لم يتم توجيه الدعوة للإيرانيين للمشاركة في القمة».
وأوضح المسؤول الأميركي أن الخارجية الأميركية كانت قد وضعت إيران كدولة راعية للإرهاب منذ عام 1984 ولا تزال حتى الآن في تلك اللائحة، حيث تشير التقارير إلى أن إيران لا تزال تواصل أنشطتها المتعلقة بالإرهاب، بما في ذلك دعم الجماعات الإرهابية، مثل حزب الله اللبناني والجماعات المختلفة في كل من العراق وإيران وفي أنحاء متفرقة من الشرق الأوسط.
وأشار الرئيس الأميركي إلى جهد بلاده لمواصلة بناء شراكات حقيقية مع المجتمعات الإسلامية تقوم على أساس الثقة والتعاون، مبديا رفضه للتعصب ضد المسلمين والتعصب ضد المهاجرين بما يخلق الانقسامات والخوف والاستياء، التي يعتمد عليها المتطرفون في نشر أفكارهم.
وأكد أوباما على ضرورة مواجهة المظالم الاقتصادية في المناطق التي يسعى «داعش» لاستغلالها، ومواجهة الفساد الذي يؤجج مشاعر الاستياء التي يستغلها الإرهابيون، وخلق الفرص للشباب كجزء من مكافحة التطرف. ورحب الرئيس الأميركي بانضمام ثلاث دول جديدة - وهي نيجيريا وتونس وماليزيا - للتحالف الدولي ضد «داعش» الذي يضم 60 دولة، موضحا أن ما يقرب من 12 دولة أخرى تبحث في بعض السبل للمساهمة في الحملة العسكرية.
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن بيانات الأمم المتحدة تظهر زيادة بنسبة 70 في المائة في تدفق المقاتلين الأجانب من أكثر من 100 دولة إلى المناطق التي تشهد صراعات. وقال: «علينا زيادة جهود مكافحة الإرهاب والتوجه بشكل خاص إلى الشباب الذين يقعون فريسة للأفكار المتطرفة والوقوع في شباك التجنيد والفرار إلى سوريا والعراق». ولفت الأمين العام النظر إلى وسائل التواصل الاجتماعي وطرق الجماعات الإرهابية في استغلالها.
وتعهدت الدول الأعضاء في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش بتوفير كل الأدوات العسكرية والمالية والاستخباراتية لهزيمة الجماعات الإرهابية، والاتجاه إلى إنشاء مجموعات عمل لمكافحة ظاهرة تجنيد الشباب والتأثير عليهم بالأفكار المتطرفة، ووضع إجراءات جديدة لمنع المقاتلين الأجانب من السفر إلى التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق، إضافة إلى مزيد من القيود على خطوط التمويل للتنظيمات المتطرفة.
وقال الملك عبد الله الثاني، عاهل المملكة الأردنية الهاشمية، إن الجهود الدولية لمكافحة «داعش» قد أحرزت تقدما، وتم إضعاف قدرات التنظيم وقطع أهم مصادر تمويله، مشددا على أن الطريق لا يزال طويلا أمام المجتمع الدولي ويتطلب الكثير من التعاون لمواجهة التحديات.
من جانبه، استعرض رئيس وزراء العراق حيدر العبادي الجهود التي بذلتها حكومته لمواجهة تنظيم داعش وتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية، بعد عام من بدء العمليات العسكرية للتحالف ضد «داعش» ومن تولي العبادي لرئاسة الحكومة.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن جميع الدول معرضة لمخاطر الأفكار المتطرفة ولخطر الإرهاب، مشيرا إلى أن السعودية اتخذت تدابير كثيرة لمواجهة الفكر المتطرف، وسنت القوانين لمنع تمويل الإرهاب ووقف تدفق المقاتلين. وقال: «وجهت السعودية كل أجهزة الدولة لمكافحة الفكر المتطرف، واستضافت عدة مؤتمرات واجتماعات لمكافحة الإرهاب، وأنشأت عام 2005 المركز الدولي لمكافحة الإرهاب ودفعت له ميزانية لثلاث سنوات 10 ملايين دولار. وحرصا على أهمية الاستمرار لتنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب قدمنا دعما إضافيا بمبلغ 100 مليون دولار». وشدد الجبير في نهاية كلمته على أن السعودية مصممة على مواجهة الإرهاب واجتثاث التطرف.
وقال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد إن استراتيجية التصدي للإرهاب ينبغي أن تتصدى لأسباب انتشار تلك الآيديولوجيا المتطرفة، مشيرا إلى أن أعمال الجماعات المتطرفة من القتل والاغتصاب وتدمير التراث الثقافي تشكل صدمة لم يسبق لها مثيل في العالم.
وشدد وزير الخارجية الإماراتي، الذي تشارك بلاده في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، على أن دحر الإرهاب يتطلب جهودا أكبر. وطالب بتوحيد الجهود للتوصل إلى حل سياسي في سوريا ودعم جهود الحكومة العراقية لتحقيق المصالحة الوطنية واستعادة ثقة المكون السني في العراق، وإنشاء جبهة موحدة ضد «داعش». وأشار الشيخ عبد الله بن زايد إلى تعاون بلاده مع الولايات المتحدة الأميركية في إنشاء مركز «صواب» في مايو (أيار) الماضي، لرصد وتحليل خطاب «داعش» عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإطلاق حملة للتوعية والرد على تلك الآيديولوجية المتطرفة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.