أوباما يبدي استعداده للعمل مع إيران وروسيا لحل سوري «من دون الأسد»

الرئيس الأميركي أمام الأمم المتحدة: الطريق مفتوح أمام إيران لتغيير نشاطها المزعزع للاستقرار

الرئيس أوباما يلقي كلمته أمام الجمعية العامة في دورتها السبعين في نيويورك أمس (أ.ب)
الرئيس أوباما يلقي كلمته أمام الجمعية العامة في دورتها السبعين في نيويورك أمس (أ.ب)
TT

أوباما يبدي استعداده للعمل مع إيران وروسيا لحل سوري «من دون الأسد»

الرئيس أوباما يلقي كلمته أمام الجمعية العامة في دورتها السبعين في نيويورك أمس (أ.ب)
الرئيس أوباما يلقي كلمته أمام الجمعية العامة في دورتها السبعين في نيويورك أمس (أ.ب)

وجّه الرئيس الأميركي باراك أوباما انتقادات لاذعة إلى النظام السوري والقوى الدولية التي تسانده، ولوح بقوة الجيش الأميركي واستعداده لاستخدام القوة العسكرية لحماية الولايات المتحدة وحماية حلفائها. وفي الوقت نفسه فتح الرئيس الأميركي ذراعيه للتعاون مع كل من روسيا وإيران لإيجاد حل لإنهاء الصراع السوري، وأشار بوضوح إلى أن حل الصراع لا يمكن أن يشمل الرئيس بشار الأسد الذي وصفه بـ«الطاغية» و«الديكتاتور» أكثر من مرة خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة صباح أمس.
وخلال الخطاب الذي استمر لأكثر من 25 دقيقة، انتقد الرئيس الأميركي الدعم الذي تقدمه قوى كبرى مثل روسيا وإيران لنظام الأسد، وسخر من المبررات التي تقدمها لذلك الدعم، وقال: «إننا نرى بعض القوى الكبرى تؤكد وجودها بطرق تخالف القانون الدولي، ونرى تآكلا لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتبرر ذلك بقولها إن التعزيزات التي تقوم بها مطلوبة للتصدي للفوضى، وإنها السبيل الوحيدة للقضاء على الإرهاب، وبهذا المنطق تقول إنه يجب علينا أن ندعم طغاة مثل بشار الأسد الذي يسقط براميل متفجرة لقتل الأطفال الأبرياء لأن البديل لذلك أسوأ».
وشدد أوباما على التزام بلاده بفرض النظام في سوريا، حيث يذبح ديكتاتور عشرات الآلاف من شعبه. وقال: «هذا ليس مجرد شأن داخلي وإنما معاناة إنسانية تؤثر علينا جميعا، وعندما تقطع جماعة إرهابية رؤوس الأبرياء وتستعبد النساء فإن هذا ليس مشكلة أمنية داخلية وإنما اعتداء على البشرية جمعاء».
وبلهجة حاسمة رفض أوباما تقديم اعتذار لاستخدام القوة العسكرية الأميركية كجزء من التحالف لملاحقة تنظيم داعش، وشدد على استمراره في ملاحقة الإرهابيين، لكنه اعترف بأن القوة العسكرية لا تكفي لتسوية الأوضاع في سوريا، وقال إن الولايات المتحدة مستعدة للعمل مع أي دولة، بما في ذلك روسيا وإيران لحل النزاع، لكن علينا أن ندرك أنه لكن لن تكون هناك عودة إلى الوضع السابق قبل الحرب بعد سفك كثير من الدماء والمذابح». وشدد أوباما على الحاجة إلى إنهاء القتال والقضاء على تنظيم داعش والانتقال بعيدا عن الأسد، وتشكيل حكومة شاملة ووضع حد للفوضى.
وشجب أوباما طرق بعض الدول في فرض إرادتها على الدول الضعيفة، وأشار إلى كل من روسيا والصين وإيران بشكل خاص، واتهمها بالقيام بأنشطة لزعزعة الاستقرار وتزكية الصراعات في عدة مناطق في العالم.
وركز الرئيس الأميركي بشكل كبير على إرساء قواعد الديمقراطية، وقال: «إننا نرى مزيدا من الاستقطاب ومخاوف الناس التي يجري استغلالها من خلال النداءات الطائفية والقبلية والعنصرية ومعاداة السامية».
وأشار الرئيس الأميركي إلى مناقشات حول دور أميركا في العالم ومفهوم القوة من قبل خصومها، كالصين وروسيا وإيران، وقال: «إنني كرئيس للولايات المتحدة أدرك الأخطار التي نواجهها، وهي على مكتبي كل صباح وأنا أقود أقوى جيش في العالم ولن أتردد في حماية بلدي أو حماية حلفائنا، من جانب واحد وبالقوة إذا لزم الأمر».
وأشار إلى تعلم بلاده درسا من تورطها في العراق، وقال: «نحن نفهم أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تحل مشكلات العالم وحدها، وفي العراق تعلمنا درسا قاسيا على حساب الآلاف من الجنود وتريليونات الدولارات، إنه لا يمكن للولايات المتحدة وحدها فرض الاستقرار على أرض أجنبية ما لم نعمل مع الدول الأخرى تحت عباءة القانون والمبادئ الشرعية، ولن ننجح في هزيمة الأفكار التي تدفع المجتمعات المختلفة مثل العراق إلى الصراع باستخدام القوة العسكرية إلا بشكل مؤقت».
وقال أوباما بلهجة صارمة إنه «لا يوجد دولة في أمان من خطر الإرهاب وتدفق المهاجرين أو من خطر التغير المناخي، وإذا لم نتمكن من العمل معا بشكل فعال فإننا سنعاني من العواقب». وأضاف: «أثبت العقدان الماضيان أن النظم الديكتاتورية هي نظم غير مستقرة يمكنها سجن المعارضين لكنها لا يمكن أن تسجن الأفكار والوصول إلى المعلومات. ولم يعد تعريف مقياس القوة بالسيطرة على الأراضي، بل تعتمد قوة الدول على نجاح شعوبها والحقوق الفردية والحكم الرشيد».
وأعلن أوباما عن فخره بإنجازه المتمثل في إبرام اتفاق نووي مع القوى الدولية مع إيران، وأشار إلى فرض الأمم المتحدة ومجلس الأمن لعقوبات على إيران نتيجة انتهاكها لمعاهدة حظر الانتشار النووي. وقال: «لقد أظهرت لنا تلك العقوبات أنها لا تعني شيئا، واليوم بعد عامين من عمل الولايات المتحدة وشركائها بما في ذلك روسيا والصين عبر مفاوضات معقدة، توصلنا إلى اتفاق شامل ودائم يمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، في حين يسمح لها بالحصول على الطاقة السلمية، وإذا تم تنفيذ الصفقة بالكامل وتعزيز الحظر على السلاح النووي وتجنب حرب محتملة فإن عاملنا أكثر أمنا».
وهاجم أوباما سعي إيران لزعزعة الاستقرار وتأجيج الصراعات الطائفية في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن هتاف «الموت لأميركا» لن يوفر للشعب الإيراني فرص عمل. وقال: «الطريق متاح أمام إيران لاختيار مسار جيد لأمن المنطقة ولمصلحة الشعب الإيراني وللعالم».
وما بين التلويح بالعقوبات والترغيب في التعاون، أشار أوباما إلى دور روسيا في أوكرانيا، وطالبها بالتعاون لتعزيز النظام الدولي. وقال: «لدينا مصالح اقتصادية قليلة في أوكرانيا وندرك التاريخ العميق والمعقد بين روسيا وأوكرانيا، لكننا لا نستطيع الوقوف صامتين عندما تنتهك سيادة دولة بشكل صارخ، وإذا حدث ذلك دون عواقب فإنه يمكن أن يتكرر في أي دولة أخرى. وهذا هو أساس العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وشركاؤها على روسيا، وليس لدينا رغبة في العودة إلى الحرب الباردة ولا نريد عزل روسيا، بل نريد روسيا قوية للعمل معنا في تعزيز النظام الدولي». ونوه برغبته في العمل مع دول مثل الصين وكوبا، لافتا إلى أن من مصلحة القوى الكبرى الالتزام بالمعايير الدولية بما يؤدي إلى السلام والازدهار.



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.