الهاجس الأمني يخرق البروتوكول الأميركي ويغير فندق إقامة أوباما

الهاجس الأمني يخرق البروتوكول الأميركي ويغير فندق إقامة أوباما
TT

الهاجس الأمني يخرق البروتوكول الأميركي ويغير فندق إقامة أوباما

الهاجس الأمني يخرق البروتوكول الأميركي ويغير فندق إقامة أوباما

على مدى الأسبوع الماضي شهدت شوارع نيويورك تشديدا أمنيا كبيرا في كافة الشوارع المؤدية إلى مبنى الأمم المتحدة. وانتشر الرجال والنساء العاملون بشرطة الخدمات السرية التابعة للولايات المتحدة بزيهم الأسود ونظاراتهم السوداء، في تأمين موكب الرئيس أوباما والوفد الأميركي في الطريق من فندق نيويورك بلاس بشارع ماديسون، إلى مبنى الأمم المتحدة بالشارع الأول. وشهدت كافة مداخل الأمم المتحدة وأروقته وطوابقه وجودا مكثفا للشرطة ونقاط تفتيش متعددة.
ولأول مرة منذ عقود يكسر الرئيس الأميركي البروتوكول المعهود في بقاء البعثة الأميركية في فندق نيويورك الشهير وردولف استوريا، ويقيم في فندوق نيويورك بلاس. ويكمن السبب وراء ذلك، شراء شركة استثمارية صينية ضخمة فندق «وردولف استويا» العريق العام الماضي، وتزايد المخاوف الأميركية من إمكانية حدوث تجسس على البعثة الأميركية أثناء إقامتها بالفندق.
وشكلت مسألة الأمن والمخاوف من وقوع قرصنة إلكترونية مشكلة حساسة للمسؤولين الأميركيين، واعترفوا أن أمن «النت»، كان عاملا من عدة عوامل تخلي الإدارة الأميركية عن عقود من التقاليد في الإقامة بفندق وردورف استوريا خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومع عزوف البعثة الأميركية عن الإقامة في هذا الفندق، فإن بعثات أجنبية ورؤساء دول أخرى، أقاموا خلال الأسبوع الحالي في الفندق، منهم الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتن والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
وأقام الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري وعدد من كبار موظفي البيت الأبيض والخارجية بفندق نيويورك بلاس. واحتلت البعثة الأميركية الطوابق العليا من الفندق بدءا من الطابق السابع والثلاثين. وحرصت البعثة الأميركية على إبقاء ستائر التعتيم عبر كافة النوافذ مغلقة. وتحولت ثلاثة طوابق كاملة في الفندق إلى خلية عمل للبعثة الأميركية التي يبلغ عدد أعضائها من الخارجية والبيت الأبيض أكثر من ألف موظف ومسؤول.
واستعد فندق نيويورك بلاس بقاعة مؤتمرات كبيرة علقت فيها أعلام 170 دولة في حال أراد وزير الخارجية الأميركي عقد اجتماعاته مع بقية وزراء خارجية الدول في قاعة كبيرة.
وخصصت البعثة الأميركية قاعة خاصة للصحافيين لتغطية أنشطة الرئيس أوباما ووزير الخارجية وتوفير الإفادات الصحافية. ولتغطية اللقاءات الثنائية التي عقدها كيري مع نظيره الإيراني أو نظيره السعودي، كان على الصحافيين المرور عبر دهاليز جانبية وصعود سلم مخصص للطوارئ للوصول إلى قاعة الاجتماعات في الطابق الثاني والأربعين.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.