12 لغة تعتبر اللغة الأم لثلثي سكان العالم

التوجهات اللغوية لعالم المال والأعمال تقترب أكثر من آسيا والشرق الأوسط

12 لغة تعتبر اللغة الأم لثلثي سكان العالم
TT

12 لغة تعتبر اللغة الأم لثلثي سكان العالم

12 لغة تعتبر اللغة الأم لثلثي سكان العالم

يمكن القول بأن الأميركيين يتمتعون، إلى حد ما، بميزة عن الكثير من سكان العالم، ذلك أن اثنتين من أكثر اللغات انتشارًا بين سكانها - الإنجليزية والإسبانية - من بين أكثر اللغات انتشارًا على مستوى العالم. وهنا يظهر التساؤل: هل ما زال الأميركيون يرغبون في تعلم لغات جديدة؟
تكشف الأرقام أن عدد الطلاب الأميركيين الذين تعلموا لغة أخرى بخلاف الإنجليزية، تضاءل بمعدل يقارب 100 ألف طالب بين عامي 2009 و2013، تبعًا لبحث نشره «مودرن لانجويدج أسوسييشن». وبالنسبة للكثيرين منهم، قد يبدو التعمق في دراسة علم الاقتصاد، مثلاً، أكثر نفعًا عن تعلم الفرنسية، لكن هل هذا صحيح؟
تشير الأرقام إلى أن اللهجات الصينية مجتمعة يفوق عدد المتحدثين بها أي لغة أخرى، تليها الهندية والأردية، اللتان تنتميان للجذور اللغوية ذاتها في شمال الهند. وتأتي الإنجليزية في المرتبة التالية حيث تمثل اللغة الأم لـ527 مليون شخص. أما الذين تمثل العربية لغتهم الأم فيزيد عددهم عن نظرائهم المرتبطين بالإسبانية بقرابة 100 مليون. يذكر أن الإسبانية اللغة الأم لـ389 مليون شخص.
أما بالنسبة للغات التي ستسود في المستقبل، فإن التوقعات تتنوع، تبعًا لموقعك وهدفك. ومع ذلك، نطرح فيما يلي عددًا من السبل لتناول هذا التساؤل.

* هل ترغب في جني أموال داخل أسواق متنامية؟ عليك بتعلم اللغات التالية
في تقرير أصدره مؤخرًا «المجلس البريطاني»، مؤسسة فكرية، ركز خلاله على المملكة المتحدة، جرى تحديد أكثر من 20 سوقًا آخذة في النمو واللغات الرئيسية التي تتحدث بها. وأشار التقرير للغات ما يعرف باسم دول «البريكس» - البرازيل وروسيا والهند والصين - التي عادة ما يجري النظر إليها باعتبارها أكبر الأسواق الناشئة عالميًا، بجانب أسواق أخرى أكثر تخصصًا آخذة في النمو جرى تضمينها بقوائم صادرة عن مصرف «غولدمان ساكس» الاستثماري وشركة «إرنست آند يونغ» للخدمات.
وخلص تقرير «المجلس البريطاني» فيما يخص المملكة المتحدة إلى أن «الإسبانية والعربية تحتلان مكانة متقدمة بصورة خاصة تبعًا لهذا المؤشر». ومع ذلك، فإنه عند أخذ التوجهات الديموغرافية حتى عام 2050 في الاعتبار حسبما أوضحتها الأمم المتحدة، فإن النتيجة ستصبح مغايرة تمامًا.
من المتوقع أن تسود الهندية والبنغالية والأردية والإندونيسية قطاعًا كبيرًا من عالم المال والأعمال بحلول عام 2050، يليها الإسبانية والبرتغالية والعربية والروسية. وإذا كانت لديك الرغبة في جني أكبر قدر ممكن من المال من وراء دورات تعلم اللغات التي تخوضها، فإن دراسة واحدة من هذه اللغات قد يكون اختيارًا مناسبًا.
إلا أن الحقيقة تبقى أنه من الصعب التكهن بالتطورات الديموغرافية. بجانب ذلك، فإن «المجلس البريطاني» تضمن فقط الأسواق الآخذة في النمو حاليًا، مما يتجاهل النمو المحتمل لدول أخرى لا تزال صغيرة نسبيًا اليوم. كما أن العربية والصينية، على سبيل المثال، تتسمان بالكثير من اللهجات ونسخ محلية، ما يزيد على الأجانب صعوبة التواصل من خلالها.
ورغم كل ذلك، يلقي الرسم التوضيحي الوارد بأعلى الضوء بصورة عامة على التوجهات اللغوية لعالم المال والأعمال: حيث يتحرك بعيدًا عن أوروبا وأميركا الشمالية، بينما يقترب أكثر من آسيا والشرق الأوسط.

* هل ترغب في الحديث إلى أكثر عدد ممكن من الأفراد؟ إذن عليك بالصينية أو الإسبانية أو الفرنسية؟
من جهته، أصدر الخبير اللغوي الألماني أولريتش أمون، الذي أجرى دراسة على امتداد 15 عامًا مؤخرًا، موجزًا لدراسته. وتبعًا لما ورد به، فإن أمون حلل اللغات التي تتميز بكونها اللغة الأم لأكبر عدد من الأشخاص وأكثر اللغات التي يجري تعلمها على مستوى العالم. وبالنسبة للنمط الثاني تحديدًا، لا تتوافر الكثير من البيانات الموثوق بها، مما دفع أمون لتجنب إعلان توقعات محددة بخصوص الأعداد الفعلية للمتحدثين بكل لغة.
وفيما يلي اللغات الثلاث الكبرى التي يرى أن على المرء تعلمها إذا كان يرغب في التواصل مع أكبر عدد ممكن من الأشخاص في كل مكان بالعالم. أما إذا لم يكن هناك وقت كاف لتعلمها، فلا داعي للقلق، لأن الإنجليزية ستبقى على رأس جميع اللغات الأخرى على امتداد المستقبل المنظور، حسبما يعتقد أمون.
1- الصينية: يقول أمون: «رغم أن عدد الأفراد الذين تمثل الصينية لغتهم الأم يبلغ ثلاثة أضعاف الرقم المناظر بالنسبة للإنجليزية، فإنها على خلاف الثانية ليست موزعة بصورة متناسبة حول العالم». وأضاف: «علاوة على ذلك، نادرًا ما يجري استخدامها في العلوم، بجانب صعوبة قراءتها وكتابتها».
2- الإسبانية: تعوض الإسبانية نقص عدد من تمثل لهم اللغة الأم - مقارنة بالصينية - بشعبيتها الكبيرة كلغة ثانية يجري تدريسها بالمدارس بمختلف أرجاء العالم، حسبما ذكر أمون.
3- الفرنسية: شرح أمون أن «فقدت الفرنسية بعضًا من انتشارها ببعض المناطق، خاصة داخل أوروبا، خلال العقود الأخيرة. إلا أنه من الممكن أن تكسب الفرنسية بعض النفوذ إذا ما تحقق مزيد من الاستقرار بدول غرب أفريقيا الناطقة بها، وتنامت فرص الاستثمار الاقتصادي بها». من ناحية أخرى، توقعت دراسة صدرت عام 2014 عن مصرف «ناتيكسيس» الاستثماري أن تصبح الفرنسية أوسع اللغات انتشارًا عالميًا بحلول 2050. من جهته، أوضح أمون أن «الفرنسية منتشرة في الكثير من الدول الصغيرة». ومع ذلك، فإن الدراسة لم تنظر بعين الاعتبار لحقيقة مهمة: أنه ليس كل من يعيش بدولة ناطقة بالفرنسية قادر على التحدث بها بطلاقة.

* هل ترغب في زيارة أكبر عدد ممكن من الدول مع حديثك بلغة واحدة؟
يكشف الجدول رقم 3 هذه الخريطة عدد الدول التي يجري الحديث داخلها بلغات محددة. كما تظهر هذه اللغات في فئتين من الواردة بالأعلى. إلا أنه ينبغي الانتباه إلى أنه داخل الكثير من الدول، يمكن أن يتحدث البعض بلغة ما، لكن لا يتقنها سوى القليلون.

* ما اللغة الواجب تعلمها إذا كنت مهتمًا بالثقافة؟
عكفت مجموعة من باحثين دوليين مؤخرًا على تحليل 2.2 مليون كتاب مترجم من مختلف أرجاء العالم. وتكشف هذه اللغات ما يطلق عليه اسم اللغات المحورية، التي تتميز بأهمية ثقافة خاصة. ويشير هذا المصطلح إلى فكرة أنه عند ترجمة كتاب مكتوب بلغة صغيرة، فإن الترجمة عادة ما تكون إلى لغة محورية. تتميز اللغات المحورية بوضعها المركزي وارتباطاتها المتعددة وكثافة علاقات الدول المتحدثة بها - التي جرت الإشارة إليها من خلال عرض الخطوط. على سبيل المثال، الكتب الأذربيجانية دائمًا تقريبًا ما تجري ترجمتها إلى الروسية. من الروسية، يصبح الاحتمال الأكبر أن يترجم الكتاب إلى الإنجليزية، التي تعتبر اللغة المحورية الأولى عالميًا للمنشورات المكتوبة. كما تعتبر الفرنسية، وكذلك لغات أوروبية أخرى مثل الإيطالية والألمانية والهولندية، من اللغات المحورية المهمة. المثير أن الأهمية الثقافية لا تبدو على علاقة مطردة مع الأهمية الاقتصادية أو الديموغرافية الحديثة للغة ما، مما يتضح من حقيقة أن الألمانية والهولندية أو حتى الروسية لا تزال منتشرة على نحو غير متناسب مع الأهمية الاقتصادية أو الديموغرافية لها.
وأشار شاهار رونين، أحد الباحثين المشاركين في وضع الرسوم التوضيحية، إلى أن أحدث البيانات المتعلقة باللغات ومتاحة عبر موقع «تويتر» تكشف عن اتجاه جديد يتمثل في أن بعض اللغات الأكثر تقليدية التي كانت من اللغات المحورية المهيمنة بالنسبة للكتب المترجمة، ستفقد نفوذها. واستطرد موضحًا: «مثلما يحدث غالبًا، فإن صعود بعض اللغات يأتي على حساب لغات أخرى. تعد الروسية والألمانية من اللغات التي يتراجع نفوذها عالميًا.
وكلتاهما من اللغات الكبرى من حيث ترجمات الكتب والاستخدام في «ويكيبيديا»، لكنهما نادرًا ما تصلان لواحدة من المراتب الـ15 الأولى عبر «تويتر»».
ومما سبق يتضح لنا أنه ليست هناك لغة واحدة تناسب المستقبل، وإنما سيتعين على المرء أولاً أن يسأل.
خدمة: {واشنطن بوست}




ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».