«الكليجة» الحلوى العراقية المفضلة في كل عيد

تنتشر بين كافة الأديان والمذاهب والقوميات

عراقية تحمل في يدها صفرة من الكليجة في أحد الأفران ببغداد ({الشرق الأوسط})
عراقية تحمل في يدها صفرة من الكليجة في أحد الأفران ببغداد ({الشرق الأوسط})
TT

«الكليجة» الحلوى العراقية المفضلة في كل عيد

عراقية تحمل في يدها صفرة من الكليجة في أحد الأفران ببغداد ({الشرق الأوسط})
عراقية تحمل في يدها صفرة من الكليجة في أحد الأفران ببغداد ({الشرق الأوسط})

اعتادت العائلة العراقية ومنذ مئات الأعوام على صنع حلوى العيد (الكليجة) التي تصنعها النساء والفتيات بأيديهن في البيوت ثم يتسابق الشباب لحمل صحون الكليجة من أجل شيها في الأفران الأهلية وتعد (الكليجة) واحدة من أهم الحلويات التي تتناولها وتقدمها العائلة العراقية للضيوف خاصة في مواسم الأعياد. وتصنع (الكليجة) من الدقيق المغمس بالدهن البلدي وبعد أن تصبح المادة على شكل عجينة تقوم النساء بتقطيع العجينة على شكل قطع صغيرة يتم حشوها بنوع خاص من التمر يسمى (الخستاوي) وهو نوع من أنواع التمور الذي يحتفظ بطراوته على مدار السنة، وكذلك تحشى بمواد أخرى غير التمر مثل السمسم أو المكسرات المجروشة ومطيبات ومواد مختلفة حسب رغبة الصانع.
الحاجة أم مثنى امرأة عراقية تبلغ الستين من العمر افترشت الأرض مع بناتها وحفيداتها وحولهن القدور والصواني وبدأت تضع قوالب الكليجة بصفوف منتظمة وقالت: «أنا حريصة على صنع (الكليجة) فمنذ زمن بعيد ومنذ كنت في السادسة من العمر كنت أشارك والدتي صنعها ولم أتخلف من ذلك العام إلى يومنا هذا في عمل الكليجة، وها أنا اليوم أصنعها مع بناتي وحفيداتي. وعندما كنت طفلة كنت أرافق إخوتي عندما يحملون صواني الكليجة إلى فرن المحلة من أجل شيها، واليوم ومع تطور الأفران المنزلية إلا أننا نجد في شي الكليجة في فرن المحلة طقوسا وعادة لا نستطيع أن نتركها حيث تتسابق العائلات إلى حيث الفرن ويتبارى البعض بطعم ما صنعت أيديهم، نحن نجد في عمل (الكليجة) في بيوتنا البركة رغم التعب الذي نلاقيه خلال عجنها ونقلها ووضعها في القوالب ومن ثم تصفيفها في الصواني ونجد متعة في ذلك».
أبو علي 54 عاما صاحب أحد الأفران في بغداد قال لـ«الشرق الأوسط» بأننا «وفي كل عام نستقبل المئات من النساء والرجال من أهالي المنطقة يتجمعون حول الفرن حاملين (الصواني) أطباقا معدنية كبيرة لحمل الكليجة من أجل شيها في الفرن ونستغل أوقات الصباح في الأيام التي تسبق يوم العيد بسبب عدم وجود طلب كبير على الصمون ولكننا نجد الصعوبة القصوى في وقت العصر حيث نبقى حائرين بين عمل الصمون الذي يبدأ الطلب عليه ونحاول جاهدين أن نرضي زبائننا الذين يشترون الصمون نلاقي متاعب كثيرة في اليومين الأخيرين قبل حلول العيد».
وأضاف أبو علي أن «العائلات تأتينا بشكل مستمر قبل كل عيد ولم يتخلفوا عنا في أي عيد من الأعياد ويقدمون إلينا رغم امتلاكهم لأفران كهربائية وغازية ويجدون في الشي في أفراننا البركة والتفاخر إضافة إلى أنهم يقومون بعمل كميات كبيرة تصل إلى 40 كيلوغراما من العجين يوزعون منه ويأكلون والباقي يذهبون به إلى المقابر ليوزعوه ثوابا لموتاهم قرب القبور».
الباحث التاريخي الأستاذ عادل العرداوي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «حلوى (الكليجة) تصنع في جميع بيوتات العراقيين ومن كافة الأديان والمذاهب والقوميات فهي تجدها في أعياد المسلمين والمسيحيين والأديان والمذاهب المختلفة كما يصنعها أهلنا في كردستان أيام الاحتفالات بالمناسبات الكردية. وكانت (الكليجة) بديلاً للعيدية حيث يتم صنعها وتقديمها أولاً للأطفال في العيد أيام كانت النقود شحيحة في البيوت فيقدمها الأب أو الأم للأطفال بيوم العيد بدلاً من (العيدية) النقود التي تقدم للأطفال في صباح كل يوم عيد».
وأضاف العرداوي «أتذكر في طفولتي كنت أرافق أطفال المحلة في أحد أحياء بغداد القديمة حيث كانت أمهاتنا تخيط لنا كيسا صغيرا نعلقه على رقابنا ونقوم نحن الأولاد بجولة على بيوت المحلة صباح العيد نقدم التهاني لهم ثم يقومون بدورهم بتقديم الكليجة لنا لنضعها في الكيس ولن نعود إلى البيت إلا والكيس ممتلئ بحلوى (الكليجة) وهذا جزء من تراث المدينة».
وأشار العرداوي إلى أن أصل اسم (الكليجة) اختلف عليه الكثيرون فمنهم من ذهب إلى جعلها فارسية الأصل، وذلك اعتمادا على المعنى اللغوي لكلمة «كليجة» في اللغة الفارسية. فهي، بحسب تلك المصادر، تعني «القرص» أو «الكعك اللين»، وهي ليست فرضية قويّة جدًّا، خصوصًا أنّنا نجد للكلمة أصلاً تركيًا كذلك، وتعني «السيف». في حين نجد في اللغة العربية كلمة «كيالجة» التي تعني المكيال. وقد تكون التسمية تحويرًا لهذه الكلمة. غير أنّ هناك مفردة مستحدثة أخرى موجودة في اللغة العربية وهي «كليشة» وتعني القالب المكرّر. قد تكون أقرب إلى فكرة هذا النوع من الكعك الذي يتم صناعته بواسطة قالب مكرّر، ولا يوجد فرضية مؤكّدة تحدّد أصلاً واضحًا، لكنّ المؤكّد هو أنّها اشتهرت بشكل كبير في العراق، واحتلت المرتبة الأولى في تصنيف الانتشار، كما امتدّ صيتها إلى المدن السعودية. لتغزو بعدها كلّ شبه الجزيرة العربية، وتدخل في عاداتها وفي طقوس الأعياد والاحتفالات.
وتجتمع نساء العائلة من أجل صناعة كميات من ذلك الكعك الجميل والناعم والمليء بالذكريات. فهو لا يحمل في داخله فقط بعض التمر، إنّما يحمل كذلك ذاكرة أجيال كاملة يسكنها مشهد تحلّق الأمهات السعيدات أثناء صناعتها. مثلما بقيت رائحتها تجوب أزقّة بغداد إلى يومنا هذا، لتعلن أنّ العيد يدقّ أبواب العراق والعالم، وتُعتبر «الكليجة» من أشهر أنواع الكعك المنتشرة في العراق بشكل خاصّ، وفي الخليج بشكل عام، وقد ارتبطت بالأعياد والمناسبات السعيدة، وأصبحت تدخل ضمن الموروثات التي تشكل هويّة المطبخ العربي.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».