مقتنيات وكنوز تعود لعائلة الملك لويس الثالث عشر

أكثر من 230 قطعة في مزاد لدار سوذبي بباريس

مقتنيات وكنوز تعود لعائلة الملك لويس الثالث عشر
TT

مقتنيات وكنوز تعود لعائلة الملك لويس الثالث عشر

مقتنيات وكنوز تعود لعائلة الملك لويس الثالث عشر

«مزاد للتاريخ» هذا ما عنونت به دار سوذبي مزادها القادم في باريس والذي يضم أكثر من 230 عملاً وقطعة أثاث تعود لعائلة الملك لويس الثالث عشر. وقد قرر ورثة عائلة أورليان التي تنحدر من نسب الملك لويس الثالث عشر طرح كنوز عائلتهم للبيع يومي الثلاثاء والأربعاء بعد معركة قضائية طويلة إثر محاولة رئيس العائلة حرمان جميع أبنائه من الإرث بسبب خلافه معهم حتى وفاته سنة 1999.
إلا أن القضاء الفرنسي حكم في النهاية بحق الورثة في استعادة «أصول تاريخية من كنز ملوك فرنسا» ليواجهوا بعد ذلك صعوبات في تقسيم الورثة بينهم مما أدى بهم لعرضها للبيع.
يضم المزاد عددًا من القطع الأصلية لفنانين مشهورين عبر القرون 17 - 18 - 19 مثل الفنان الشهير كارمونتيل الذي يضم المزاد من أعماله لوحة تصور بعض النبلاء في بلاط دوق أورليان بعنوان «لي جنتيوم دو دوك دورليان» (250 ألفًا إلى 350 ألف يورو).، المميز في الصورة هو تصوير النبلاء الواقفين من الخلف فلا نرى من ملامحهم شيئًا، ولكن التفاصيل بينهم تنحصر في القامة والطول فهم مرتدون الزي الرسمي من معاطف حمراء وجوارب طويلة بيضاء. اللوحة لها تأثير بصري مميز. وحسب ما يشير بيير إيتيان رئيس قسم أعمال كبار الفنانين في الدار فاللوحة من أهم الأعمال المعروضة لجانب لوحتين شخصية يعدهما من «الكنوز القومية» لفرنسا، وهما لوحة تصور الملك لويس الثالث عشر للفنان فيليب دو شامبان، وأخرى لماري لوي أديليد دوفة أورليان وهي الابنة غير الشرعية للملك من علاقة مع مدام دو مونتسبان. الدوقة أيضًا هي والدة آخر ملوك فرنسا لوي فيليب.
وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية فالمزاد يضم ثلاث مجموعات مصنفة كنوزًا وطنية وبالتالي يمنع نقلها إلى خارج الأراضي الفرنسية، إلا أن الدولة الفرنسية قد تستخدم الأفضلية المتاحة لها للحصول على نحو عشرة أعمال في المجموع بحسب بيار موتيس مفوض المزاد ونائب رئيس دار «سوذبيز».
وأوضح موتيس لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «هذه المجموعة تضم تشكيلة فريدة واستثنائية للغاية. نحن في صدد مزاد ملكي وهو حدث نادر في السوق الدولية للفنون: فهذه القطع هي الأثمن من المجموعة العائدة لسلالة أورليان والتي لا يزال أفراد هذه العائلة يحافظون عليها منذ خمسة قرون. بعضها يعود إلى عهد الملك هنري الرابع» الذي حكم فرنسا بين عامي 1589 و1610.
من اللوحات المعروضة يشير إيتيان إلى لوحة للفنان ليبيسييه وهو رسام اللوحات الملكية والذي يصفه بـ«فنان المشاهد الداخلية» فهو يصور ما خلف الستار الرسمي، فعلى سبيل المثال نرى لوحته التي تصور الملك لوي فيليب بعد ولادته مباشرة نائمًا في فراش وثير في حجرة الحضانة. اللوحة التي تعود إلى 1774 تتميز بالألوان الدافئة التي تعكس الوداعة والدفء.
من القطع المميزة أيضًا هناك طاولة لعب خشبية أنجزها نجار الأثاث الفاخر رونتغن لحساب الملك الفرنسي لويس فيليب خلال شبابه وتمثل نموذجًا عن الذوق الرفيع في القرن الثامن عشر استخدمها الملك لوي فيليب في طفولته إلى جانب أطفال العائلة عبر القرون. الطاولة الخشبية والتي تتميز بعدد من الأرفف والأدراج المخفية وأيضًا بإمكانية تكبيرها عبر فرد السطح العلوي والمكوم من عدد من الألواح الخشبية. وتقدر قيمة هذه القطعة بما بين 150 إلى 250 ألف يورو من غرفة الأطفال إلى حجرة الطعام ننتقل إلى عدد من أوانٍ خزفية عائدة للملكة ماري أميلي (1782 – 1866).
الخطابات الخاصة والنياشين الرفيعة والقلائد الملكية تحتل جانبًا هامًا من المزاد فهي تعيد للحياة بعض مظاهر الحياة في القرن الثامن عشر. من القطع المميزة أيضًا قطعة من رداء من الحرير خاص بالملكة ماري إميلي وعلبة أسطوانية زرقاء من الجلد والفضة تحمل شعار ملك وملكة البرتغال. وبعض قطع الجواهر مثل بروش على شكل غزال من تصميم فان كليف آند آربلز.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».