قادة العالم يتفقون على خطة طموحة للقضاء على الفقر خلال 15 عامًا

الأمم المتحدة: 836 مليون شخص يعانون من الفقر المدقع.. وخطة التنمية تتكلف 5 تريليونات دولار سنويًا

زعماء وقادة العالم في افتتاح قمة التنمية مساء أول من أمس (أ.ب)
زعماء وقادة العالم في افتتاح قمة التنمية مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

قادة العالم يتفقون على خطة طموحة للقضاء على الفقر خلال 15 عامًا

زعماء وقادة العالم في افتتاح قمة التنمية مساء أول من أمس (أ.ب)
زعماء وقادة العالم في افتتاح قمة التنمية مساء أول من أمس (أ.ب)

اتفق زعماء وقادة العالم في افتتاح قمة التنمية المستدامة مساء الجمعة على خطة طموحة لمعالجة المشاكل المتفاقمة التي تواجه العالم وأهمها القضاء على الفقر والحد من عدم المساواة.
وبمجرد أن قام رئيس الجلسة بدق المطرقة وإعلان موافقة قادة الدول على الخطة الجديدة اشتعلت القاعة بالتصفيق حيث وافق أكثر من 150 من قادة العالم على خطة عمل قمة التنمية المستدامة الجديدة التي تضم برنامجا لعمل مشترك من المجتمع الدولي والحكومات لتعزيز الرخاء المشترك والرفاهية للجميع، ويتكون من سبعة عشر هدفا رئيسيا و169 هدفا فرعيا. ويأتي القضاء على الفقر في صدارة تلك الأهداف حيث تنص خطة الأهداف الإنمائية حتى عام 2030 على برامج للقضاء على الفقر تسير جنبا إلى جنب مع خطط النمو الاقتصادي والاحتياجات الاجتماعية مثل توفير فرص التعليم للجميع، والرعاية الصحية وتوفير مياه الشرب النظيفة ومرافق الصرف الصحي والطاقة الحديثة والحد من عدم المساواة داخل البلدان وتعزيز الحكم الرشيد، والحماية الاجتماعية وخلق فرص العمل إضافة إلى أهداف التصدي لتغير المناخ، وحماية البيئة، وتنمية البنى التحتية. ويبدأ العمل في تنفيذ الخطة مع بداية يناير (كانون الثاني) 2016.
وتقول إحصاءات الأمم المتحدة بأن عدد الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع يصل إلى 836 مليون شخص في العالم، وهناك نحو 795 مليون شخص يعانون من الجوع في جميع أنحاء العالم. ويتبقى على منظمة الأمم المتحدة حشد تأييد حكومات الدول وحشد الأموال اللازمة لتنفيذ تلك الأهداف، حيث من المتوقع أن تتكلف تلك الخطة الطموحة ما بين 3.5 تريليون دولار إلى 5 تريليونات دولار سنويا حتى عام 2030. وتعتمد خطة التنمية التي تحمل شعار «تحويل عالمنا، جدول أعمال التنمية المستدامة 2030» على البناء على إنجازات الأهداف الإنمائية للألفية التي اعتمدنها الأمم المتحدة في عام 2000 لمدة خمسة عشر عاما وتركز الأهداف في الخطة الجديدة على النمو الاقتصادي والإدماج الاجتماعي وحماية البيئة.
وخلال الجلسة لقمة التنمية المستدامة بنيويورك مساء الجمعة تحدثت الفائزة بجائزة نوبل ملالا يوسفزاي (الباكستانية التي أصيبت بطلق ناري في الرأس على يد طالبان في عام 2012) حول آيديولوجيا الجماعات المتطرفة التي تضع العراقيل أمام تحقيق التنمية، وشددت على أهمية تعليم الفتيات. وأشارت ملالا إلى الصورة المؤلمة لمعاناة اللاجئين السوريين والملايين من الأطفال السوريين الذين يعانون من الإرهاب والتشرد والحرمان من التعليم. وناشدت قادة العالم بتحقيق السلام في باكستان والهند وسوريا وفي كل ركن من أركان العالم من خلال نشر التعليم وقالت «نريد وعودكم بحماية حق كل طفل في الأمن والحرية والتعليم لأن التعليم هو الأمل والسلام».
وأشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى التحديات التي تعوق التنمية واضعا الإرهاب على رأس تلك التحديات، وقال السيسي بأن الشعب المصري يواجه آيديولوجية إرهابية متطرفة لا تقتصر على منطقة الشرق الأوسط فقط بل تمتد في جميع أنحاء العالم. وأعرب الرئيس المصري عن قلقه من عدم كفاية أدوات مكافحة الإرهاب، مشددا على مسؤولية الدول الغنية في مساعدة الدول الفقيرة. وأكد السيسي على مشاركة مصر بفاعلية في جميع مراحل برنامج التنمية المستدامة وأن مصر تهدف بحلول عام 2030 إلى الحد من الفقر والقضاء على الجوع وتحقيق التنمية المستدامة والحق في التعليم للجميع، وحث جميع شرائح المجتمع للمشاركة في عملية التنمية المنشودة لتحقيق تنمية عادلة ومتوازنة، لا سيما النساء باعتبارهن يلعبن دورا محوريا في جميع مناحي الحياة.
وأشارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى أزمة اللاجئين المتفاقمة وقالت: إنه لا يوجد حل سريع لأزمة المهاجرين بعد فرار مئات الآلاف من السوريين إلى الدول الأوروبية هربا من الحرب والفقر والاضطهاد. وشدد نارندرا مودي رئيس وزراء الهند على وضع هدف القضاء على الفقر في صدارة الأولويات القصوى لبلاده التي تعاني من أعداد ضخمة ممن يعيشون في فقر مدقع وأمد رئيس الوزراء الهندي عمل بلاده على خطط لزيادة استخدام الطاقة المتجددة. ودعا الرئيس الأفغاني عبد الله عبد الله (الذي تعد بلاده واحدة من أفقر دول العالم) إلى تعزيز الالتزام السياسي والشراكة بين الدول لتحقيق الأهداف الإنمائية حتى عام 2030 فيما وجه سليل شيتي رئيس منظمة العفو الدولية انتقادات حادة لتجارة السلاح وانتهاكات حقوق الإنسان. وقد أعلنت السويد تشكيل مجموعة عمل من تسع من قادة الدول من مختلف قارات العالم مهمتها العمل على ضمان تنفيذ الأهداف الإنمائية وتشمل ألمانيا والبرازيل وكولومبيا وليبريا وجنوب أفريقيا وتنزانيا وتونس والسويد وتيمور الشرقية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.