إشارات الدماغ تعيد عملية المشي التلقائية لرجل مشلول الأرجل

بعد تطوير باحثين أميركيين نظام «الدماغ ـ الكومبيوتر» التفاعلي

عملية مشي تلقائية للمريض المشلول الرجلين آدم فريتز بمختبر جامعة كاليفورنيا في إرفن (رويترز)
عملية مشي تلقائية للمريض المشلول الرجلين آدم فريتز بمختبر جامعة كاليفورنيا في إرفن (رويترز)
TT

إشارات الدماغ تعيد عملية المشي التلقائية لرجل مشلول الأرجل

عملية مشي تلقائية للمريض المشلول الرجلين آدم فريتز بمختبر جامعة كاليفورنيا في إرفن (رويترز)
عملية مشي تلقائية للمريض المشلول الرجلين آدم فريتز بمختبر جامعة كاليفورنيا في إرفن (رويترز)

نجح علماء أميركيون، ولأول مرة، في تمكين رجل مشلول من منطقة الوسط إلى أسفل أطرافه، من المشي بأوامر أصدرها الدماغ. ووجهت إشارات الدماغ عبر نظام كومبيوتري نحو أقطاب وضعت على رجليه، وأجبرتهما على المشي لمسافة قصيرة. وكان الرجل قد أصيب بالشلل في أطرافه السفلية بعد تعرضه لحادثة أدت إلى حصول أضرار في الحبل الشوكي الذي ينقل إشارات الدماغ إلى الأطراف.

دماغ وأرجل سليمة
وقال باحثون في جامعة كاليفورنيا في إرفن، إن دماغ الرجل ظل يمارس عملية إرسال إشارات تحريك الأطراف بغض النظر عن وصولها أو عدم وصولها إلى أطرافه، كما أن عضلات الأطراف ظلت تنتظر إشارات لتحريكها. ولذلك فقد وظفوا تقنيات الاتصال بين الدماغ والكومبيوتر بهدف إيصال الإشارات التي يرسلها الدماغ نحوه، ثم نحو الأرجل لحفزها على الحركة ثم تحريكها، من دون الحاجة إلى الحبل الشوكي.
ولم يستخدم الباحثون في تجربتهم التي نشرت نتائجها في «مجلة نيرو إنجنيرنغ آند ريهابيلتيشن» المتخصصة في هندسة الأعصاب والتأهيل، أي نظم روبوتية لتحريك رجلي الرجل الشاب الذي هو في العشرينات من عمره.
ونجح الباحثون في الالتفاف على توصيلات الحبل الشوكي المتضررة، وإرسال الإشارات نحو الأقطاب الكهربائية التي ألصقت في منطقة قرب الركبتين بهدف حفز حركة العضلات والتحكم بها. ومع هذا النجاح، فإن الدكتورة آن دو، إحدى المشرفات على الدراسة، أشارت إلى أن تطوير تطبيقات سريرية للمرضى المشلولين بالشكل نفسه تتطلب سنوات من الاختبارات.

مشي تلقائي
وأثبتت الدراسة نجاحا أوليا لمبدأ هذه الفكرة العلمية. ونقلت النشرة الإنجليزية لوكالة «رويترز» عن زوران نينادك، المهندس في الطب البيولوجي المشارك في الدراسة أنها أثبتت أن من الممكن «إعادة عملية المشي التلقائية التي يتحكم بها الدماغ، حتى بعد تعرض الحبل الشوكي للضرر».
وأظهر شريط فيديو نشره الباحثون أن المريض نجح في المشي مسافة 3.6 متر في مختبر «آي موف» بالجامعة، أثناء تعليق الجزء الأعلى من جسمه للحفاظ على انتصاب قامته. وكان ذلك ضروريا لأن المريض ليس لديه أي أحاسيس في رجليه. وكان المريض آدم فريتز قد تعرض إلى إصابات في الحبل الشوكي في حادث اصطدام لدراجته النارية.
وبدأت دراسة الباحثين للمريض قبل خمس سنوات بتدريبه عقليا على التفكير بتحريك رجليه بهدف توليد موجات من المخ ترسل إشارات الحركة. ثم تم رصد هذه الإشارات بواسطة جهاز لتخطيط الدماغ وضع على خوذة مصممة لرأسه. ومن هناك أرسلت الإشارات إلى نظام كومبيوتري لفرز تلك الإشارات الموجهة لتحريك الرجلين وتحويلها إلى إشارات لتحفيز الحركة فيهما.
واختبر الباحثون المريض أولا على نظم الواقع الافتراضي لتحريك أشخاص يظهرون في عروض مرئية، بواسطة إشارات الدماغ. كما أخضع المريض لعمليات تأهيل مكثفة لتقوية عضلات رجليه. ثم مر المريض بتجارب مختبرية لتجربة المشي بينما كان الجزء الأعلى من جسمه معلقا لإسناده. ثم وبعد 20 اختبارا من هذا النوع أجريت التجربة الناجحة التي مشى فيها على الأرض.

أبحاث رائدة
يذكر أن العلماء يمضون في اتجاهين علميين بارزين لتمكين المشلولين من المشي؛ الأول: توظيف النظم الروبوتية المساعدة على المشي. والثاني: زرع الخلايا الجذعية لإنتاج خلايا بديلة للحبل الشوكي المتضرر.
وفي الاتجاه الأول أجريت تجارب كثيرة على عمليات لتوجيه إشارات الدماغ نحو أطراف صناعية روبوتية تحرك رجلي المريض، بينما أجرى باحثون آخرون تجارب لإرسال إشارات الدماغ إلى يد روبوتية لتحريك يد المشلول. وأعلن باحثون من كوريا الجنوبية قبل عدة أيام أنهم وظفوا موجات الدماغ الكهربية لمساعدة مرضى الشلل بعد وضعهم خوذة تفك شفرة موجات المخ الكهربائية لمساعدة المعاقين على الحركة تستخدم بالتكامل مع ما يعرف باسم «الهيكل الصناعي الخارجي الشبيه بالهيكل العظمي» (ايكوسكيليتون). ويقيس الجهاز موجات المخ ويفك شفرتها ويحولها إلى أوامر للتحكم في الحركة.
أما أبحاث زراعة الخلايا الجذعية، فقد أظهرت نجاحا باهرا في تجارب حديثة نشرت نتائجها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في دورية «سيل ترانسبلانتيشن» وأجراها أطباء بولنديون وبريطانيون، بعلاج رجل بلغاري مصاب بالشلل من منطقة أواسط صدره وحتى أخمص قدميه، وتمكينه من الشعور بأعضاء الجزء الأسفل من جسمه، بل وإعادة أحاسيسه الجنسية أيضا (انظر «الشرق الأوسط» عدد 22 أكتوبر 2014).
واستخلص الباحثون في تلك التجارب خلايا دائمة التجدد من جوف أنف المريض، تمت تنميتها في المختبر، ثم زرعت في داخل المنطقة المتضررة من العمود الفقري بهدف إصلاح وتجديد الأعصاب فيه، وتمكنت الخلايا من إصلاح جزء تالف منه. وقال البروفسور جيف ريزمان أحد المشاركين في الدراسة إنه يعتقد أن هذه هي أول مرة يتمكن فيها شخص مشلول من تجديد أنسجة عصبية مقطوعة تماما في منطقة العمود الفقري، ثم يتمكن من استعادة إحساسه وحركته.
ويمكن مشاهدة الفيديو على الموقع الإلكتروني:
https://www.youtube.com/watch?v=NUz4ysayhLw



بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال
TT

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

بروتوكول طبي جديد لعلاج سرطان الدم لدى الأطفال

من المعروف أن مرض سرطان الدم الليمفاوي الحاد «اللوكيميا» (acute lymphoblastic leukemia) يُعد من أشهر الأورام السرطانية التي تصيب الأطفال على الإطلاق. وعلى الرغم من أن نسبة الشفاء في المرض كبيرة جداً وتصل إلى نسبة 85 في المائة من مجموع الأطفال المصابين، فإن خطر الانتكاس مرة أخرى يعد من أكبر المضاعفات التي يمكن أن تحدث. ولذلك لا تتوقف التجارب للبحث عن طرق جديدة للحد من الانتكاس ورفع نسب الشفاء.

تجربة سريرية جديدة

أحدث تجربة سريرية أُجريت على 1440 طفلاً من المصابين بالمرض في 4 دول من العالم الأول (كندا، والولايات المتحدة، وأستراليا ونيوزيلندا) أظهرت تحسناً كبيراً في معدلات الشفاء، بعد إضافة العلاج المناعي إلى العلاج الكيميائي، ما يتيح أملاً جديداً للأطفال الذين تم تشخيصهم حديثاً بسرطان الدم. والمعروف أن العلاج الكيميائي يُعدُّ العلاج الأساسي للمرض حتى الآن.

علاجان مناعي وكيميائي

التجربة التي قام بها علماء من مستشفى الأطفال المرضى (SickKids) بتورونتو في كندا، بالتعاون مع أطباء من مستشفى سياتل بالولايات المتحدة، ونُشرت نتائجها في «مجلة نيو إنغلاند الطبية» (New England Journal of Medicine) في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، اعتمدت على دمج العلاج الكيميائي القياسي مع عقار «بليناتوموماب» (blinatumomab)، وهو علاج مناعي يستخدم بالفعل في علاج الأطفال المصابين ببعض أنواع السرطانات. وهذا يعني تغيير بروتوكول العلاج في محاولة لمعرفة أفضل طريقة يمكن بها منع الانتكاس، أو تقليل نسب حدوثه إلى الحد الأدنى.

تحسُّن الحالات

قال الباحثون إن هذا الدمج أظهر تحسناً كبيراً في معدلات الفترة التي يقضيها الطفل من دون مشاكل طبية، والحياة بشكل طبيعي تقريباً. وأثبتت هذه الطريقة تفوقاً على البروتوكول السابق، في التعامل مع المرض الذي كان عن طريق العلاج الكيميائي فقط، مع استخدام الكورتيزون.

وللعلم فإن بروتوكول العلاج الكيميائي كان يتم بناءً على تحليل وراثي خاص لخلايا سرطان الدم لكل طفل، لانتقاء الأدوية الأكثر فاعلية لكل حالة على حدة. ويحتوي البروتوكول الطبي عادة على مجموعة من القواعد الإرشادية للأطباء والمختصين.

تقليل حالات الانتكاس

أظهرت الدراسة أنه بعد 3 سنوات من تجربة الطريقة الجديدة، ارتفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض إلى 97.5 في المائة (نسبة شفاء شبه تامة لجميع المصابين) مقارنة بنسبة 90 في المائة فقط مع العلاج الكيميائي وحده. كما حدث أيضاً انخفاض في نسبة حدوث انتكاسة للمرضى بنسبة 61 في المائة. وبالنسبة للأطفال الأكثر عرضة للانتكاس نتيجة لضعف المناعة، أدى تلقي عقار «بليناتوموماب» بالإضافة إلى العلاج الكيميائي، إلى رفع معدل البقاء على قيد الحياة من دون مرض، من 85 في المائة إلى أكثر من 94 في المائة.

علاج يدرب جهاز المناعة

وأوضح الباحثون أن العلاج المناعي يختلف عن العلاج الكيميائي في الطريقة التي يحارب بها السرطان؛ حيث يهدف العلاج المناعي إلى تعليم الجهاز المناعي للجسم الدفاع عن نفسه، عن طريق استهداف الخلايا السرطانية، على عكس العلاج الكيميائي الذي يقتل الخلايا السرطانية الموجودة فقط بشكل مباشر، وحينما تحدث انتكاسة بعده يحتاج الطفل إلى جرعات جديدة.

كما أن الأعراض الجانبية للعلاج المناعي أيضاً تكون أخف وطأة من العلاج الكيميائي والكورتيزون. وفي الأغلب تكون أعراض العلاج المناعي: الإسهال، وتقرحات الفم، وحدوث زيادة في الوزن، والشعور بآلام الظهر أو المفاصل أو العضلات، وحدوث تورم في الذراعين أو القدمين، بجانب ألم في موقع الحقن.

وقال الباحثون إنهم بصدد إجراء مزيد من التجارب لتقليل نسبة العلاج الكيميائي إلى الحد الأدنى، تجنباً للمضاعفات. وتبعاً لنتائج الدراسة من المتوقع أن يكون البروتوكول الجديد هو العلاج الأساسي في المستقبل؛ خاصة بعد نجاحه الكبير في منع الانتكاس.