لاجئو النمسا يستقبلون العيد وسط معاناة الهجرة والاغتراب المفروض

منظمات إسلامية ومتبرعون يحاولون التخفيف من معاناتهم

متطوع يقدم حلويات العيد للاجئين بمناسبة عيد الأضحى في مخيم تسجيل بالقرب من بلدة غيفيغليا بجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة أمس (إ.ب.أ)
متطوع يقدم حلويات العيد للاجئين بمناسبة عيد الأضحى في مخيم تسجيل بالقرب من بلدة غيفيغليا بجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة أمس (إ.ب.أ)
TT

لاجئو النمسا يستقبلون العيد وسط معاناة الهجرة والاغتراب المفروض

متطوع يقدم حلويات العيد للاجئين بمناسبة عيد الأضحى في مخيم تسجيل بالقرب من بلدة غيفيغليا بجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة أمس (إ.ب.أ)
متطوع يقدم حلويات العيد للاجئين بمناسبة عيد الأضحى في مخيم تسجيل بالقرب من بلدة غيفيغليا بجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة أمس (إ.ب.أ)

أشرقت شمس عيد الأضحى على اللاجئين المسلمين في فيينا صباحا لا يختلف عن باقي الصباحات، وهم في انتظار دورهم للحصول على بطاقات السفر والبحث عن سبل الوصول إلى البلدان التي ينشدونها منذ بداية رحلتهم. الأجواء الحزينة والفوضى هما سيدا الموقف، لكن يبقى بريق الأمل موجودا عند البعض.
الحاجة أم أحمد، التي جلست عند باب المحطة الجانبي، كانت دموعها تسبق كلماتها وهي تفتح قلبها لـ«الشرق الأوسط» بالحديث عن استقبالها للعيد: «أي عيد؟ فقد خسرنا أولادنا وحياتنا ونحن مشردون في البرد، أهلنا ليسوا بقربنا وكل شيء بعيد». لتعود لمكانها وهي تحمد الله على كل شيء.
أما هالة، ابنة الثلاثين عاما من العراق والتي تزوجت قبل خمسة أشهر، فرفضت التصوير خوفا على أهلها في العراق، وقالت وهي تقف إلى جانب زوجها وهما يحاولان التواصل مع الأهل والأصدقاء لتقديم التهاني بمناسبة العيد: «في العراق الاجتماع مع الأهل والأحباب هو العيد بحد ذاته. أجبرنا على تركهم لإنقاذ حياتنا.. ونأمل أن تزول الغمة كي نجتمع بهم من جديد وليصبح العيد عيدين».
بدورهم، قال ثلاثة شبان سوريين، يتوسطون المحطة والابتسامة لم تفارق وجوههم: «نحن مرتاحون، وإن شاء الله نجتمع بأهلنا، ونتمنى أن تتخلص سوريا من مشاكلها والعراق أيضا، وأن تعود البلدان العربية إلى الاستقرار، وأن يعود من في أوروبا إلى بلدانهم».
شاب عراقي آخر، ذو خمسة عشر عاما، كان ينتظر عند طاولة المحامي وسط المحطة والدموع والحيرة تملآن عينيه بعد أن قضى أسبوعين في الطريق إلى النمسا، وأوضح: «كل ما أتمناه من العيد هو أن يوافقوا على طلب لجوئي في النمسا، وأن أتمكن من إحضار أمي وأبي ليجتمع شملنا من جديد.. لقد باتت حياتنا فوضى».
وفي مركز اللاجئين القريب من محطة القطارات في فيينا، كانت العوائل تتبادل التهاني بقلب مكسور وهم يستذكرون أيامهم، كلٌّ في بلده وبين أحبابه، وكيف كانت تحل عليهم أيام العيد لتجمع العائلة. ويقول أحد اللاجئين، فضل عدم الإفصاح عن هويته: «لقد تركنا فرحة العيد خلفنا في حلب تحت ركام بيتنا الذي تهدم من جراء قصف قوات النظام، أما السعادة والفرحة فقد دفناهما مع أبي وأختي». أما الأطفال فقد كانت براءتهم تسبقهم في استقبال العيد، لا يريدون سوى الوصول إلى بر الأمان مع أهلهم والاستقرار وبدء حياة جديدة. تقول الطفلة سارة، بنت الأعوام العشرة، وهي تركب الدراجة: «كل ما يهمني الآن هو دخول المدرسة. يجب أن أصبح محامية كي أستطيع الدفاع عن المظلومين». وقد استقبلت المحطة الرئيسية في فيينا العيد بالصلاة، فيما قدّم متبرعون الحلوى للاجئين، وحملت بعض المنظمات الإسلامية وجبات الغذاء لمشاركتهم في هذا اليوم والتخفيف من وطأة الغربة عليهم. كما أسهمت الجالية المسلمة في فيينا بتقديم مختلف أنواع الأطعمة للاجئين متمنين لهم عيدا سعيدا.
وقد ذكرت مصادر في الشرطة النمساوية أن أعداد اللاجئين التي دخلت النمسا في ليلة العيد تجاوزت الأربعة آلاف لاجئ، وأن حركة القطارات تشهد زخما غير مسبوق حيث تحركت يوم أمس من المحطة الغربية أربعة قطارات مجانية لنقل ما لا يقل عن ألفين وخمسمائة لاجئ إلى مدينة سالسبورغ الحدودية مع ألمانيا. وما زالت الحافلات تنقل اللاجئين من معبر نيكلسدورف الحدودي مع المجر إلى مقاطعات النمسا على مدار الساعة.
من جهة أخرى، تخللت جلسة للبرلمان النمساوي، انعقدت يوم أمس، مناقشة لملف اللاجئين ونتج عنها انضمام حزب الشعب النمساوي، بخطوة يلفها الخجل، إلى حزب الحرية اليميني المتطرف في مواجهة تدفق اللاجئين. ويأتي هذا التغيير قبيل الانتخابات النمساوية التي ستبدأ الأسبوع المقبل.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.