المطرب الإسباني خوليو اغليسياس: لا أستطيع أن أحيا دون غناء

بعد عام ونصف من العمل المتصل بتقديم أسطوانته الجديدة «المكسيك»

خوليو اغليسياس
خوليو اغليسياس
TT

المطرب الإسباني خوليو اغليسياس: لا أستطيع أن أحيا دون غناء

خوليو اغليسياس
خوليو اغليسياس

قام المطرب الإسباني خوليو اغليسياس – الذي ما زال رغم بلوغه الـ72 من العمر يحتفظ بحيوية وشجاعة المراهق - بعد عام ونصف العام من العمل المتصل بتقديم أسطوانته الجديدة التي تحمل اسم «المكسيك» كنوع من التحية الخاصة لهذا البلد الذي كان عازفوه مصدرا لإلهامه فضلا عن ارتباطه به منذ انطلاق مسيرته الفنية.
وبعد المؤتمر الصحافي الذي أقامه للإعلان عن أسطوانته الجديدة التي تعد العمل الأخير له في استوديوهات التسجيل، عقد اجليسياس مقابلة صحافية مع وكالة الأنباء الألمانية ومع بعض وسائل الإعلام الأخرى. وفي معرض رده عن سؤال حول مصدر فكرة الأسطوانة الجديدة وعن العلاقة التي تربطه بالمكسيك أجاب المطرب الإسباني قائلا: «ارتباطي بالمكسيك قديم للغاية قبل أن تولد أنت.. كنت أغني في المكسيك منذ 46 عاما واختيار المكسيك أجده أمرا طبيعيا داخل نفسي.. لقد ولد هذا المشروع مساء أحد الأيام عندما كنت مع بعض الأصدقاء الذين سألوني «لماذا لا تغني من أجل المكسيك؟» فقلت «لماذا لا؟.. عملت لمدة عام ونصف وقمت بالغناء في شتى بقاع العالم وكنت أذهب إلى الاستوديو يوميا». وردا عن سؤال حول السر وراء استمرار تألقه في الموسيقى، أجاب اغليسياس قائلا: «الناس.. لا يوجد سر آخر.. الناس تتفق معك وتكون بجوارك وتلتحم بموسيقاك.. إذا كنا نمتلك نحن الفنانين سرا وراء تألقنا مع جيل تلو الآخر لثلاثة أو أربعة أجيال لكنت كتبت هذا وقمت ببيعه مقابل الكثير من المال.. أعتقد أن السر هو الشغف الذي تنقله للناس وكيفية إدراكهم لما تقوله وكيف يشعرون به».
وعاد اغليسياس لتلقي سؤال جديد من حول مشروعاته خلال العقود المقبلة؟ فرد قائلا: «خلال العقود القادمة.. تعجبني هذه الكلمة.. عقود، عقود.. إذا أعطتني الحياة وقتا أكبر لعقود سأقوم بمشاريع أكثر.. مشروعي الحالي في هذه اللحظات هو عدم ترك فرصة التعلم والاستمرار في تعلم كيفية التعلم وأن أقص هذا على الناس بشكل مباشر.. الناس الذين يتوافقون معي في الجانب الروحي الذين تلتصق أرواحهم بي». وأضاف: «المشروع يتبع الظروف وهذا ما يحدث في هذه اللحظة.. مشروعي هو الحياة هو أن أعيش مستغرقا في كل ما منحتني الحياة إياه وهو ميزة الغناء».
وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك مشروع لم يقم بتنفيذه حتى الآن، قال اغليسياس: «في الحقيقة لا.. مشاريعي هي أن أترك الظروف تسير كيفما تشاء وأن أتحرك أنا معها.. لا أؤمن ولا بالنظريات الجامدة.. أنا أؤمن بالظروف التي تعتري النفس البشرية.. إذا ما سمح لي هذا بالغناء حتى أبلغ 100 عام سأستمر في الغناء حتى 100 عام».
وأكد اغليسياس الذي كان يلعب في شبابه بين صفوف ريال مدريد أنه ما زال أحد أنصار هذا النادي وأنه يتابع مبارياته، وقال: «بالطبع، بالطبع أتابعه وأنا سعيد لأنه تمكن من الفوز 2 - 1 على أتلتيك بيلباو ولهذا أنا سعيد بعد اعتلائه قمة الدوري.. أتابع ريال مدريد في كل شيء وطوال الوقت.. كيف لي أن أعزف عن متابعته بعد أن لعبت في فريق الناشئين والهواة».
وتابع: «كرة القدم تعجبني كثيرا ويعجبني كل ما يحدث فيها وإذا سألتني ما هي رياضتي سأقول لك إنها كرة القدم ودائما ستظل داخلي.. إنها تعجبني كثيرا». وفي معرض رده عن سؤال إذا كان أحد أنصار كريستيانو رونالدو، أجاب اغليسياس: «نعم أنا أحد معجبي كريستيانو رونالدو لسبب بسيط لأنه ليس من السهل أن تكون جميلا وتلعب جيدا كرة القدم.. ليس سهلا أن تكون لديك هذه الإرادة الكبيرة التي يمتلكها من أجل التدرب في سبيل أن يصبح قويا ومن أجل أن تمتلك هذا الحس التهديفي وفي نفس الوقت يصفك الناس بالجمال». وأكمل: «يعجبني ليونيل ميسي ويعجبني نيمار، يعجبني جميع الجيدين.. نعم يعجبني تيتشاريتو على سبيل المثال فهو لديه سحره وإرادته في تسجيل الأهداف غير معقولة.. إذا كنت تتحدث عن كرة القدم بشكل عام، تعجبني كرة القدم وبشكل خاص ريال مدريد».
وفي ختام اللقاء، تحدث اغليسياس عن ما يرغب في القيام به إذا ما حصل على وقت فراغ أكبر، وقال: «ماذا سوف أفعل؟..الأسماك لا تصفق.. لا يروق لي الصيد.. يروق لي الغناء ثم الغناء.. لا أعرف العيش دون غناء.. إذا كنت أعرف العيش من دون غناء لكان لدي إجابة مختلفة.. يا له من حظ.. أليس كذلك؟».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».