{صبي الساعة} السوداني الذي اعتقل في تكساس بسبب ابتكاره الجديد يتوجه إلى الأمم المتحدة

يتحدث عن علم الفلك مع شخصيات دعاها أوباما إلى البيت الأبيض

«مايكروسوفت» تهدى أحمد مخترع الساعة «سرفيس برو3» و الطفل أحمد.. وفرحة النجاح
«مايكروسوفت» تهدى أحمد مخترع الساعة «سرفيس برو3» و الطفل أحمد.. وفرحة النجاح
TT

{صبي الساعة} السوداني الذي اعتقل في تكساس بسبب ابتكاره الجديد يتوجه إلى الأمم المتحدة

«مايكروسوفت» تهدى أحمد مخترع الساعة «سرفيس برو3» و الطفل أحمد.. وفرحة النجاح
«مايكروسوفت» تهدى أحمد مخترع الساعة «سرفيس برو3» و الطفل أحمد.. وفرحة النجاح

سيجتمع الفتى السوداني أحمد محمد (14 عاما) الذي أثار ضجة عالمية بعدما أُلقي القبض عليه لأنه جلب معه ساعة من صنعه إلى المدرسة، وظنوا خطأ أنها قنبلة، مع شخصيات كبيرة أجنبية في الأمم المتحدة هذا الأسبوع.
وأثار أحمد (وهو طالب من أصول سودانية مسلم يهوى الأجهزة الآلية، ويتعلم في مدرسة ثانوية في منطقة دالاس) عاصفة في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يرى كثيرون أن إلقاء القبض عليه كان مرتبطًا بديانته.
وكسب أحمد تأييد الرئيس باراك أوباما الذي دعاه شخصيًا إلى البيت الأبيض في أمسية للتحدث عن علم الفلك، ومارك زوكربيرغ المدير التنفيذي لـ«فيسبوك»، الذي قال إن «تمتعه بمهارة وطموح لصنع شيء هائل كان يجب أن يؤدي إلى الإشادة لا الاعتقال».
وحضر محمد، الذي يرتدي نظارة طبية ويدرس في الصف التاسع، وله ولع بارتداء قمصان إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) معرض العلوم الذي أقامته «غوغل» يوم الاثنين الماضي في مجمعها بماونت فيو بولاية كاليفورنيا.
وسيأتي محمد إلى الأمم المتحدة في نيويورك مع أسرته، حسبما أفادت به علياء سالم المديرة التنفيذية للفرع المحلي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية في دالاس فورت ويرث. وقال والده لصحيفة «دالاس مورنينغ نيوز» إن الجدول الزمني لمواعيد ابنه الاجتماعية يستنزفه، مضيفا أن ابنه لم يعد يأكل أو ينام جيدًا.
وقال الوالد محمد الحسن محمد للصحيفة أيضًا إن ابنه لا يشعر بالراحة بالعودة إلى مدرسة ماك آرثر الثانوية حيث وقع الحادث، وإنه سينسحب من منطقة المدرسة التعليمية.
واتهم أحمد محمد بصنع قنبلة وهمية، وكُبلت يداه بالأصفاد عندما ظن العاملون بالمدرسة أن الساعة التي ابتكرها وصنعها بمنزله قنبلة. وتم استجوابه وإيقافه من الدراسة بالمدرسة الثانوية لمدة ثلاثة أيام، بسبب الساعة التي قام بتجميعها لإثارة إعجاب الزملاء الجدد في الفصل والمدرسين. ولم تُوجّه له اتهامات، وقالت الشرطة إنها ستراجع قرارات الضباط التي اتخذت في اعتقاله. ولم تستدع الشرطة خبراء القنابل أو يتم إخلاء المدرسة.
وكانت قد أثارت حادثة اعتقاله حالة من الجدل الواسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأعلن عدد من السياسيين والنشطاء تضامنهم مع الطفل السوداني، من بينهم وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، ومؤسس موقع «فيسبوك»، مارك زوكربيرغ، الذي أعرب على صفحته الخاصة عن تضامنه مع الطفل السوداني.
ويخشى والد أحمد من أن يكون الحادث بأسره قد وقع - فقط - بسبب خلفية ابنه الإسلامية، بينما أشار أحمد لصحيفة «دالاس مورنينغ نيوز» إلى أنه يعشق علم الروبوتات والهندسة، وأنه أراد أن يطلع مدرسوه على قدراته.
وتابع قائلا إن مدرس الهندسة قال له، معلقا على الساعة: «هذا إنجاز جميل جدًا»، ولكنه نصحه «بتجنب إطلاع المدرسين الآخرين عليها»، وإن مدرسة أخرى تنبهت إلى الساعة عندما بدأت ترن أثناء حصتها، فاعتقدت أنها قنبلة، مما دفعها للاحتفاظ بالساعة، وفي وقت لاحق من النهار نفسه جرى استدعاؤه وتم التحقيق معه من قبل مدير المدرسة و4 من رجال الشرطة، وتقرر طرده من المدرسة لـ3 أيام.
من جانبه، قال جيمس مكليلان الناطق باسم الشرطة إن أحمد أصر أثناء التحقيق على أنه صنع ساعة، ولكنه لم يتمكن من شرح الاستخدامات الممكنة لهذه الساعة.
ولم تعلق المدرسة من جانبها على القضية، ولكنها قالت في تصريح إنها «تطلب دائما من موظفيها وطلابها التبليغ فورا إن رأوا أي تصرف مريب ومواد مشكوك بها».
أما والد أحمد، محمد الحسن محمد، وهو أصلا من السودان، فقال إن ولده «إنما يريد ابتكار أشياء مفيدة للإنسانية، ولكن لأن اسمه أحمد، وبسبب هجمات سبتمبر (أيلول)، أسيئت معاملة ولدي».
وأيده في هذا الرأي مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية الذي يدافع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة، فقد قالت علياء سالم، التي تعمل في مكتب المجلس المحلي في تكساس: «أعتقد أن الموضوع برمته لم يكن ليقع لولا أن اليافع اسمه أحمد محمد. إنه صبي موهوب ولم يرغب سوى في إطلاع مدرسيه على ما أنجزه».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».