نجحت السينما الإيرانية في العالم بامتياز في السنوات الأخيرة، بفضل مخرجيها اللامعين ومقدرة الممثلين والممثلات الموهوبين، لكن أبرع الممثلين الهزليين حاليا هو الأميركي ذو الأصل الإيراني ماز جبراني الذي يقدم عروضه الضاحكة في الولايات المتحدة والبلاد العربية وسيكون آخرها في دبي في 25 من الشهر الحالي.
رأيناه في سان دييغو بعد لقائه قبل العرض الذي استمر لساعة كاملة، تخللها انفجار الضحك المتواصل من الجمهور المسحور ببراعة ماز جبراني في التمثيل والتقليد ومحاكاة أغلب اللهجات بما فيها العربية «حبيبي يالله يالله».
ولد ماز (أو مازيار) جبراني في طهران عام 1972 واسمه مذكور في كتاب «الشاهنامة» القديم للفردوسي، ويعني المحارب، ويضيف مازحا: «لم أمارس الحرب بل أتعاطى الفكاهة والنقد الضاحك». وصل إلى أميركا مع والديه وعمره ستة أعوام قبل شهور من الثورة الخمينية، ولم يعد إلى بلده الأصلي منذ تلك السنة. أحب المسرح والتمثيل منذ بلوغه الثانية عشرة من العمر، وكان معجبًا بالممثل الهزلي الأميركي المشهور إيدي مورفي. درس العلوم السياسية في جامعة بيركلي بكاليفورنيا وزوجته من أصل هندي، ولديهما طفل وطفلة، لكنه مارس مهنته المحببة، وهي التمثيل الفكاهي، فأهل إيران مثل شعوب البحر الأبيض المتوسط والعرب يحبون الهزل، ويعبرون عنه في المناسبات الاجتماعية والنكات والقصص والأغاني والمسرح والسينما. نرى في السينما الإيرانية الحديثة الجرأة والنقد اللاذع حتى في المواضيع الجدية والحزينة، لكنها لا تفتقد للهزل والمزاح والهجاء، وهدفها تخفيف الفروق بين أطراف المجتمع المتنوع عبر الضحك لتحقيق التماسك والوحدة، فالهدف هو التأثير على السياسة والمجتمع وممارسة الديمقراطية والنقد بطريقة مقبولة غير مباشرة.
سألت ماز جبراني في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط»، وكان مهذبًا ولطيفًا وفكهًا للغاية، مثل عروضه المحبوبة التي نرى بعضها على «يوتيوب» عن تجربته في البلاد العربية، أجاب قائلا: «زرت الكثير منها منذ عام 2007 بصفتي ممثلاً كوميديًا من أميركا، وأعود إليها كل عام، وقدمت عروضي في الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر وعمان والأردن ولبنان ومصر، وأتكلم (شوية عربي) والكل يتقبلون ما كنت أقوله عنهم بصدر رحب كزائر من الخارج».
وأضاف: «بيروت مدينة ممتازة، وليتها كانت قريبة مني لكررت زيارتها مرارًا، ففيها المطاعم الراقية والحياة الليلية الحافلة.. في سلطنة عمان وجدت الجمال والراحة، أما مصر فهي ممتعة للغاية ولا حاجة للزائر لمشاهدة التلفزيون في فندقه بل عليه الخروج إلى الشارع ليرى أطرف المشاهد الواقعية».
حين سألته عن الكوميدي المصري باسم يوسف ذكر أنه تعرف عليه في مصر ومعجب ببرامجه وطريقته في التهكم، وهو يدرس الآن في إحدى الجامعات في الولايات المتحدة. وأردف قائلا: «هناك الكثير من ممثلي الكوميديا العرب المغمورين الذين يتمتعون بالموهبة وعليهم بث إنتاجهم عبر (يوتيوب) فمن الضروري ممارسة النقد والتعبير الديمقراطي بأسلوب ساخر وتبديل الصورة النمطية عن العرب وأهل منطقة الشرق الأوسط، لأن الغرب لا يعرف الكثير من النواحي الإيجابية عنا». شاهدنا العرض الشيق لماز جبراني بعد المقابلة، وكان مرحًا كالعادة وسريع البديهة وشديد الذكاء، وحين كان يتحاور مع الجمهور كان يمازحهم، حيث يسأل أحدهم: «هل أنت من البيض الذين هاجروا من أوروبا لأنك لا تتميز باللون الأسمر؟»، أجاب المتفرج: «نعم، كما ترى»، فسأله: «أين قضيت إجازتك الصيفية هذا العام؟»، فأجاب: «في براغ عاصمة جمهورية التشيك»، فقال جبراني: «يعني أنك جاسوس أميركي!»، ركز جبراني قصصه ونوادره حول عائلته وأطفاله وصعوبة إقناعهما بالنوم باكرًا، ثم أثار بعدها عاصفة من الضحك حين قال إنهم وعدوه في دبي بأن يبعثوا له بسيارة إلى الفندق لنقله إلى المسرح، ووقف في بهو الفندق بانتظار السائق ثم لمح شخصا بملامح هندية ينظر إليه فقال في نفسه: «لا بد أنه السائق المسكين، فأغلبهم هنا من الهنود الفقراء»، وحين اقترب منه وسأله: «هل أنت سائقي؟»، أجاب الرجل بغيظ واضح: «كلا، يا سيدي أنا صاحب الفندق»!
المهم بالنسبة لماز جبراني هو كسر الصورة النمطية لما نتصوره؛ فهناك الصالح والطالح مثل بقية البشر المتشابهين أينما كانوا، وقال: «انظروا لما جرى في تكساس منذ أيام؛ حول الفتى السوداني أحمد محمد السقا الذي ابتكر ساعة للتنبيه فظنوه إرهابيا واعتقلوه لمجرد اسمه ولونه (يكفي أن ساعته قامت بتكتكات)»!
أعلن جبراني في نهاية الحفل أن فيلمه السينمائي الجديد سيكون جاهزا في أوائل العام المقبل وهو فيلم كوميدي على طريقة فيلم «النمر الوردي» لبيتر سيلرز، ثم بدأ يلتقط الصور مع معجبيه ويوقع لهم على كتابه الذي حاز على جائزة العام من جريدة «لوس أنجليس تايمز» وعنوانه: «لست إرهابيا لكنني مثلت هذا الدور في التلفزيون». ذكر جبراني خلال العرض أنه تلقى رسالة من سيدة إيرانية تقول فيها: «لماذا نراك في الصورة على غلاف الكتاب بكوفية عربية؟ إنك ذو أصل إيراني ولا علاقة لك بالعرب». وبعد فترة تلقى رسالة أخرى من قارئ عربي يحتج فيها على الصورة ويقول: «كيف تسمح لنفسك بارتداء كوفية عربية مع إنك إيراني وليس لك أي رابطة مع العرب؟!». علق جبراني بطريقته اللبقة التي تمزج السخرية مع التهذيب دون جرح المشاعر: «ليتني أتمكن من جمع تلك السيدة مع ذلك الرجل لعلهما ينتهيان بالزواج»!
8:20 دقيقه
الهزل والديمقراطية في عرض لممثل فكاهي إيراني ـ أميركي
https://aawsat.com/home/article/459701/%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B2%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D9%84%D9%85%D9%85%D8%AB%D9%84-%D9%81%D9%83%D8%A7%D9%87%D9%8A-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%80-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A
الهزل والديمقراطية في عرض لممثل فكاهي إيراني ـ أميركي
ماز جبراني في كتابه: لست إرهابيًا لكنني مثلت هذا الدور في التلفزيون
ماز جبراني كان معجبًا بالممثل الهزلي الأميركي الشهير إيدي مورفي.. درس العلوم السياسية في جامعة بيركلي بكاليفورنيا .. وفي الإطار ملصق لكتابه
- سان دييغو: عبد الرحمن البيطار
- سان دييغو: عبد الرحمن البيطار
الهزل والديمقراطية في عرض لممثل فكاهي إيراني ـ أميركي
ماز جبراني كان معجبًا بالممثل الهزلي الأميركي الشهير إيدي مورفي.. درس العلوم السياسية في جامعة بيركلي بكاليفورنيا .. وفي الإطار ملصق لكتابه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

