هولاند يدعو إلى مؤتمر جديد للأمم المتحدة حول سوريا

لافروف: واشنطن صارت أكثر تفهمًا لمواقف موسكو من الأزمة السورية

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يتحدث أمس للصحافيين في القمة الطارئة في بروكسل حول أزمة المهاجرين (أ.ب)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يتحدث أمس للصحافيين في القمة الطارئة في بروكسل حول أزمة المهاجرين (أ.ب)
TT

هولاند يدعو إلى مؤتمر جديد للأمم المتحدة حول سوريا

الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يتحدث أمس للصحافيين في القمة الطارئة في بروكسل حول أزمة المهاجرين (أ.ب)
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يتحدث أمس للصحافيين في القمة الطارئة في بروكسل حول أزمة المهاجرين (أ.ب)

دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، في بروكسل أمس، إلى تنظيم مؤتمر جديد للأمم المتحدة حول سوريا بعد مؤتمري يناير (كانون الثاني) 2012 وفبراير (شباط) 2013 والمعروفين باسم «جنيف1» و«جنيف2».
وقال هولاند لدى وصوله إلى القمة الأوروبية المخصصة لمسألة الهجرة: «كل الذين يمكنهم المساهمة في إيجاد حل سياسي في سوريا عليهم أن يجلسوا حول الطاولة. هذا كان المبدأ الذي قام عليه مؤتمرا جنيف (...) وأنا أدعو إلى مؤتمر جديد يتاح لكل البلدان التي تريد عودة السلام إلى سوريا المشاركة فيه».
في موسكو، عاد سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي ليؤكد مواقف حكومته من الأزمة السورية، فيما أعرب عن اعتقاده بأن «الأميركيين صاروا أكثر تفهما لتلك الحجج التي لطالما طرحتها موسكو منذ عدة سنوات». ومضى لافروف ليدعو إلى التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، مشيرا إلى أن أزمة اللاجئين تؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل القضاء على الخطر الإرهابي وتسوية الأزمة سياسيا. وحول شكوى تركيا من تفاقم مشكلة تدفق اللاجئين إلى الأراضي التركية، قال لافروف إن «تركيا لم تتقدم إلى روسيا بأي طلب يتعلق بقضية اللاجئين السوريين»، مضيفا أن المنظمات الإنسانية الدولية المعنية باللاجئين في تركيا ولبنان والأردن تقدم المساعدات لهم على مستوى برنامج الغذاء وصندوق الأطفال ومكتب الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ونقلت وكالة أنباء «سبوتنيك» عن مصادر دبلوماسية روسية أمس ما قالته حول أن «موسكو تنظر بتفاؤل إلى إمكانية توحيد الجهود لمكافحة تنظيم (داعش) الإرهابي وتسوية الأزمة السورية»، فيما أشارت إلى أن الفشل في توحيد الجهود في هذا المجال يهدد بوقوع كارثة حقيقية.
وقالت المصادر إن «واشنطن تستطيع الحصول على المعلومات المطلوبة حول تعاون موسكو ودمشق من خلال قناة الاتصال بين وزارتي الدفاع للبلدين»، وكشفت عنه أنه تم بالفعل إعادة تفعيل هذه القناة، وأن الحوار بدأ. وأضافت أن الأميركيين يستطيعون الحصول على رد مناسب على كل أسئلتهم. على أن ذلك لم يمنع موسكو من الاحتجاج على خطوات واشنطن ومحاولات تطوير أسلحتها النووية في ألمانيا.
وتعليقا على تقارير حول إرسال مجموعة مسلحين من المعارضة التي يصفونها بـ«المعتدلة» ممن تلقوا تدريباتهم بمساعدة واشنطن، إلى سوريا، دعت وزارة الخارجية الروسية واشنطن في بيان أصدرته أمس، إلى التعاون البناء من أجل مكافحة الإرهاب وتشكيل تحالف واسع لمواجهة تنظيم «داعش» بفعالية على أساس القانون الدولي والدور المركزي للأمم المتحدة.
وكانت موسكو الرسمية عادت أيضا إلى تأكيد ضرورة الالتزام ببيان جنيف الصادر في 30 يونيو (حزيران) 2012. وقالت ماريا زاخاروفا المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية، أمس: «إذا كانت الولايات المتحدة تتمسك ببيان جنيف الذي دعمه المجتمع الدولي ووقعته واشنطن، فكيف يمكن الحديث عن طرح شخصيات أو سيناريوهات لتغيير السلطة أثناء الجمعية العامة للأمم المتحدة». وأكدت زاخاروفا أن السوريين هم الذين يجب أن يقرروا مستقبل سوريا، مشيرة إلى أن واشنطن في حال طرحها الخطط لتغيير السلطة يجب أن تسحب توقيعها من بيان جنيف. من جانبه، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس إن روسيا لا تناقش التغييرات السياسية في سوريا مع غيرها من الدول، مؤكدا أن «الشعب السوري هو فقط الذي يناقش مستقبل بلاده ويتخذ القرارات».
في سياق آخر، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، إن الدعم العسكري الروسي للرئيس السوري بشار الأسد قد يثير خطر حدوث مواجهة مع قوات التحالف التي تقاتل تنظيم داعش هناك.
وفي مقابلة مع صحيفة «لا ستامبا» الإيطالية، قال كيري، إنه أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من دعم موسكو العسكري للأسد في الحرب السورية التي دخلت عامها الخامس.
وقال كيري: «هذه التصرفات قد تفضي لمزيد من التصعيد في الصراع، وقد تؤدي إلى فقد مزيد من الأرواح البريئة، وستزيد تدفق اللاجئين، وتخاطر بمواجهة مع قوات التحالف التي تقاتل (داعش) في سوريا».
وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أكدا، خلال لقائهما مساء الثلاثاء الماضي في تشيكيرز بوسط إنجلترا، «ضرورة تفعيل العملية السياسية» في سوريا، بحسب ما أفاد مصدر في الاليزيه.
من جهتها، أعلنت رئاسة الوزراء البريطانية في بيان أن كاميرون وهولاند اتفقا على أن «جزءا كبيرا من الرد على أزمة اللاجئين يجب أن يكون في إيجاد حل للوضع في سوريا».



برلين تترقب عهد ترمب بقلق

المستشار الألماني أولاف شولتس الذي يغادر منصبه بعد الانتخابات القادمة في 23 فبراير المقبل (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس الذي يغادر منصبه بعد الانتخابات القادمة في 23 فبراير المقبل (د.ب.أ)
TT

برلين تترقب عهد ترمب بقلق

المستشار الألماني أولاف شولتس الذي يغادر منصبه بعد الانتخابات القادمة في 23 فبراير المقبل (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس الذي يغادر منصبه بعد الانتخابات القادمة في 23 فبراير المقبل (د.ب.أ)

وجدت برلين نفسها في موقع الدفاع عن علاقاتها مع واشنطن، قبل ساعات من حفل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مما زاد من القلق في العاصمة الألمانية من تدهور العلاقات الثنائية بشكل جدّي مع تسلم ترمب السلطة، فيما تتجه ألمانيا إلى انتخابات عامة.

ويمكن أن تشهد العلاقات الأميركية - الألمانية خضّات في الشهور المقبلة، خصوصاً أن ترمب هدَّد بفرض ضرائب جمركية مرتفعة على البضائع الأوروبية، تعتقد ألمانيا أنها موجَّهة ضدها تحديداً وضد صناعة سياراتها التي قد تعاني خسائر ضخمة في حال أقدم ترمب فعلاً على فرض تلك الضرائب. وتتخوف ألمانيا أيضاً من مساعي ترمب لزيادة الضغوط عليها لناحية إنفاقها الدفاعي، ومن سحبه المظلة الأمنية التي تعتمد عليها برلين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تدافع عن سفيرها بواشنطن بعد الكشف عن تقرير سرّي كتبه ينتقد فيه إدارة ترمب (د.ب.أ)

وتنعكس هذه المخاوف لدى الألمان وليس فقط السياسيين، إذ أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد «يوغوف» أن 68 في المائة من الألمان يتوقعون تدهور العلاقات بين ألمانيا والولايات المتحدة في عهد ترمب. ويتوقع هؤلاء أن سياسة ترمب ستُلحق ضرراً بالاقتصاد الألماني الذي يعاني أصلاً من خسائر في الأرباح منذ عامين.

وحسب الاستطلاع، فإن 8 في المائة فقط من الألمان يعتقدون أن العلاقات ستتحسن في عهد ترمب، فيما يعتقد 17 في المائة آخرون أن العلاقة بين البلدين -الشريكين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى (جي 7)- ستبقى على حالها تقريباً. كما لا يعتقد أغلب الذين شملهم الاستطلاع أن ترمب يستطيع إنهاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا خلال الأشهر الستة المقبلة، حسبما صرح من قبل.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك خلال تجمع في واشنطن عشية التنصيب (رويترز)

وستكون العلاقات مع أميركا تحدياً رئيسياً للمستشار الألماني المقبل. فحتى الآن، من المتوقع أن يصبح فريدريش ميرتز، زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، هو المستشار المقبل. ورغم أن ميرتز من المؤمنين بالعلاقات عبر الأطلسي، ويحمل أفكاراً يمينية تقترب من سياسات ترمب خصوصاً حول الهجرة والاقتصاد، فإنه قد يجد المهمة صعبة. فالهامس في أذن ترمب، إيلون ماسك، انتقد ميرتز كذلك بشكل غير مباشر عبر إعادة نشر تغريدات لناشطة ألمانية يمينية متطرفة تنتقد فيها ميرتز، مما يشير إلى أن إدارة ترمب لن تعتمد أسلوباً أكثر لطفاً في التعامل معه.

ويدير ماسك منذ أسابيع حملة تأييد لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، ودعا الناخبين الألمان للتصويت له على اعتبار أنه «الوحيد القادر على إنقاذ ألمانيا»، حتى إنه استضاف زعيمته أليس فايدل في حديث طويل على منصته «إكس» جذب كثيراً من الانتقادات والاتهامات بأنه يتدخل في السياسات الداخلية لألمانيا.

أليس فايدل زعيمة حزب «البديل من أجل ألمانيا (AfD)» اليميني المتطرف تتحدث إلى المندوبين خلال مؤتمره 11 يناير 2025 في ريزا شرق ألمانيا (أ.ف.ب)

وفي حفل تنصيب ترمب، دُعي «البديل من أجل ألمانيا» للمشاركة، ومثله الزعيم المشترك للحزب تينو شروبيلا الذي يعد من الجناح الأكثر تطرفاً داخل الحزب.

وسُربت وثيقة سرّية من سفير ألمانيا في واشنطن، أندرياس ميكايلس، ينتقد فيها إدارة الرئيس الجديد، ويتهمه بالتحضير لاستغلال السلطة لتقويض الحريات والديمقراطية. وكتب ميكايلس في تقرير موجَّه إلى الخارجية الألمانية ومصنَّف «للاستخدام الرسمي فقط»، أن أجندة ترمب هي «حصر السلطات في أيدي الرئيس على حساب الكونغرس والولايات».

ودافعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، عن السفير قائلةً إن عمل السفير هو تحضير ألمانيا للمستقبل، ولكنها انتقدت في مقابلة على القناة الألمانية الثانية، تسريب التقرير، وقالت إنه «سرّي» وكان يجب أن يبقى كذلك. ومع ذلك، شددت بيربوك التي تقترب من ترك منصبها بعد الانتخابات التي ستُجرى في ألمانيا في 23 فبراير (شباط)، على ضرورة الحفاظ على العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة.

وسارع كذلك المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي يتعرض هو نفسه لانتقادات لاذعة من إيلون ماسك منذ أسابيع، إلى تأكيد أهمية العلاقات الألمانية - الأميركية، وقال في تصريحات لصحيفة «راينشه بوست» إن بلاده «تحتاج إلى علاقات مستقرة» مع الولايات المتحدة، وإن هذه العلاقات «لها أهمية قصوى» بالنسبة إلى برلين.