الجالية التركية في ألمانيا تحذر من تكرار «أخطاء الماضي» وتدعو إلى دمج اللاجئين

رحبت بسياسة ميركل تجاههم.. وتعليم اللغة أولى المراحل

الجالية التركية في ألمانيا تحذر من تكرار «أخطاء الماضي» وتدعو إلى دمج اللاجئين
TT

الجالية التركية في ألمانيا تحذر من تكرار «أخطاء الماضي» وتدعو إلى دمج اللاجئين

الجالية التركية في ألمانيا تحذر من تكرار «أخطاء الماضي» وتدعو إلى دمج اللاجئين

بينما تستقبل ألمانيا أعدادا قياسية من اللاجئين الفارين من سوريا وغيرها من مناطق الحروب، تحذر أقلية الألمان من أصل تركي، الكبيرة العدد، السلطات الألمانية من «تكرار أخطاء الماضي».
وتضم ألمانيا، التي تعتبر الوجهة المفضلة للمهاجرين، أكبر عدد من الأتراك الذين يعيشون في الخارج، حيث يصل عددهم إلى نحو ثلاثة ملايين، جاءوا إلى البلد الأوروبي في إطار برنامج «العمال الضيوف». ومنذ ستينات القرن الماضي شهدت «ألمانيا الغربية» سنوات الطفرة التي عرفت بـ«المعجزة الاقتصادية»، مما دفع الحكومة إلى دعوة الأتراك وغيرهم من العمال الأجانب إلى الحضور للبلاد للعمل في مصانع السيارات ومناجم الفحم ومسابك الفولاذ.
ويقول غوكاي سوفوغلو، رئيس الجالية التركية في ألمانيا، بهذا الشأن إن «الخطأ الذي حدث في الماضي هو أن العاملين الضيوف اعتبروا مجرد عمال سيعودون إلى بلادهم». لكن الغالبية العظمى من هؤلاء العمال اختاروا البقاء في ألمانيا ليشكلوا أكبر أقلية إثنية فيها، حتى اضطرت الأحزاب التركية إلى القيام بحملات انتخابية للحصول على أصوات المغتربين الأتراك الضرورية لفوزهم.
ووصل نحو 900 ألف تركي، 20 في المائة منهم من النساء، إلى ألمانيا في الفترة الممتدة بين 1961، السنة التي شهدت توقيع اتفاق تبادل العمال بين تركيا وألمانيا، و1973 عندما حدثت أزمة النفط التي أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة. ورغم أن ألمانيا دأبت على نفي أنها أصبحت بلدا للمهاجرين، فإن تداعيات برنامج «العمال الضيوف» غيرت المجتمع الألماني بشكل جذري. إذ أصبح اليوم أبناء وأحفاد «العمال الضيوف» ينشطون في مجالات مختلفة، من بينها السياسة الألمانية والإعلام وكرة القدم والموسيقى. كما أصبحت محلات البقالة التركية مشهدا مألوفا في المجتمع الألماني، كما أن الكباب التركي يعتبر الآن منافسا قويا للسجق الذي يعد الوجبة السريعة الأشهر في ألمانيا.
ومع ذلك فإن الجدل حول اندماج الأتراك في المجتمع لا يزال مستمرا، ويتبادل الجانبان الاتهامات باستمرار. ولا يزال العديد من كبار السن من الأتراك لا يجيدون اللغة الألمانية، وهو ما يمثل مشكلة لهم وللمجتمع الذي يعيشون فيه، بحسب ما يرى إيكوت دوزغونر، رئيس الرابطة الألمانية التركية في مدينة شتوتغارت الجنوبية الغربية.
ولسنوات عديدة، لم تنظم السلطات الألمانية دورات لتعليم اللغة الألمانية، ولم تمنح حقوق الإقامة الدائمة أو غير ذلك من المساعدات لهذه المجموعة من الناس، إذ توقعت السلطات أنهم سيغادرون البلاد بعد فترة قصيرة من مجيئهم إليها. ولم يبدأ النقاش حول الاندماج إلا بعد ذلك بفترة طويلة، بحسب غوليستان غوربي باحث العلوم الاجتماعية في جامعة برلين الحرة.
ورغم أن الألمان من أصل تركي من الجيلين الثاني والثالث تلقوا تدريبا أفضل بكثير كما تقدموا بشكل أكبر في سوق العمل، فإن الفجوات لا تزال واسعة في مجال التعليم والمهن الاحترافية، بحسب غوربي. ويبلغ معدل البطالة للألمان من أصل تركي 10.4 في المائة مقابل 6.4 في المائة لباقي السكان.
ويشكو الأتراك في ألمانيا من التفرقة ضدهم في أسواق العمل وفي الإسكان وفي التعليم، مما يتسبب في عوائق محبطة لاندماجهم الكامل في المجتمع الألماني.
وفي 2010، نشر ثيلو سارازين، المسؤول السابق في البنك المركزي الألماني، كتابا بعنوان «ألمانيا تقضي على نفسها»، قال فيه إن المهاجرين المسلمين غير المتعلمين يتسببون بجعل ألمانيا «أكثر غباء». وحقق الكتاب مبيعات كبيرة. وبدأت ألمانيا العام الماضي فقط بمنح الأطفال الذين يولدون لأبوين تركيين في ألمانيا حق الاحتفاظ بجوازات سفرهم عند البلوغ. وحذّر دوزغونر من أنه وسط التدفق التاريخي للمهاجرين على ألمانيا، فإنه على برلين «تجنب تكرار أخطاء الماضي». وقال إنه «على السلطات أن تعمد إلى دمج الناس الذين يأتون إلينا بسرعة، وتدريبهم بسرعة أيضا على المستويين اللغوي والمهني، فهذا الأمر هو مفتاح النجاح (...) وقد تستفيد منه ألمانيا».
من جانبها، صرحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن اللاجئين الجدد يمكن أن «يشكلوا فرصا وليس مخاطر» إذا تم التعامل معهم بالشكل المناسب. وتتوقع ألمانيا أن تستقبل هذا العام فقط مليون مهاجر جديد، بحسب ما أفاد نائب المستشارة سيغمار غابريال. وحذرت ميركل هذا الشهر: «علينا أن نتعلم من تجربة الستينات، عندما دعونا العمال الضيوف إلى هنا.. يجب إعطاء أكبر أولوية للاندماج، منذ البداية»، مشددة: «علينا أن نوضح ما هي القوانين التي تطبق عليهم، ويجب أن ننتبه ما إذا كانت مجتمعات معينة ترفض الاندماج أو تبني مجتمعات موازية».
وتشير الاستطلاعات، في الوقت الحالي، إلى أن معظم الألمان يدعمون سياسة ميركل، وهو ما يعكس تغيرا في قيم المجتمع الألماني. ويوافق العديد من المواطنين الآن على أن ألمانيا هي مجتمع مهاجرين، وأنهم الأمل الوحيد للدولة الاقتصادية التي يتزايد عدد المسنين فيها والتي سجلت أدنى معدل للمواليد الجدد في العالم.
ويذكر أن كريستيان فولف، الذي كان رئيسا للبلاد، قد أكّد في تصريح له منذ خمس سنوات أن الإسلام أصبح «جزءا من ألمانيا»، وهي العبارة التي تبنتها ميركل وغيرها من السياسيين. ويقول غوربي، باحث العلوم الاجتماعية، إن ألمانيا «تعلمت الكثير خلال السنوات الماضية (...) وتستطيع أن تطبق ما تعلمته على اللاجئين الذين لا يزالون هنا».
أما رئيس الجالية التركية في ألمانيا فرحب بموقف حكومة ميركل، معتبرا أن «القول بأنه سيتم دمج المهاجرين منذ البداية هو بالطبع أمر إيجابي»، مضيفا أن «السياسة الألمانية قد تكون تعلمت من دروس التاريخ».



تعيينات ترمب المحتملة لم تُثِر الكثير من القلق في كييف أو بين مؤيديها

صورة مركَّبة للرئيسين الروسي بوتين والأميركي المنتخب ترمب (أ.ف.ب)
صورة مركَّبة للرئيسين الروسي بوتين والأميركي المنتخب ترمب (أ.ف.ب)
TT

تعيينات ترمب المحتملة لم تُثِر الكثير من القلق في كييف أو بين مؤيديها

صورة مركَّبة للرئيسين الروسي بوتين والأميركي المنتخب ترمب (أ.ف.ب)
صورة مركَّبة للرئيسين الروسي بوتين والأميركي المنتخب ترمب (أ.ف.ب)

تشير اختيارات الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، مايكل والتز لشغل منصب مستشار الأمن القومي، وإليز ستيفانيك، مندوبة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، واحتمال تعيين السيناتور ماركو روبيو وزيراً للخارجية (على الرغم من أن بعض الجمهوريين حذّروا من أنه لا شيء ثابتاً حتى يعلن ترمب رسمياً تعيينه) إلى أن إدارته الجديدة قد تكون منفتحة على تحقيق «صفقة» ما لأوكرانيا، في حربها مع روسيا.

مايكل والتز (أ.ف.ب)

وفي حين دعا والتز إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا وصوَّت ضد المساعدات لأوكرانيا في الكونغرس، كما فعلت ستيفانيك وكذلك فعل روبيو، ومع ذلك، لم تُثِر هذه الاختيارات الكثير من القلق في كييف أو بين مؤيديها، الذين كان الكثير منهم يخشون أن يعين ترمب أشخاصاً في مناصب عليا أكثر تشككاً في أوكرانيا.

وانتقد والتز، الذي سيُكلف تنسيق السياسة الخارجية الأميركية، ما سماه نهج «الشيك المفتوح» لإدارة الرئيس جو بايدن تجاه أوكرانيا، ودعا الدول الأوروبية إلى تحمل المزيد من العبء. كما دافع والتز عن سجل ترمب مع روسيا، بحجة أن الرئيس المنتخب، كان أكثر صرامة تجاه موسكو مما قد يوحي به منتقدوه في واشنطن.

غير أن والتز قال في مقابلة مع الإذاعة الوطنية، إن الولايات المتحدة يجب أن تزيد من الضغط على موسكو لإجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، واقترح تعزيز العقوبات على الطاقة و«رفع القيود عن» أوكرانيا والسماح لها باستخدام الأسلحة الأميركية لضرب عمق روسيا.

الرئيس المنتخب دونالد ترمب والنائبة إليز ستيفانيك يتصافحان في كونكورد بنيو هامبشاير (رويترز)

من ناحية أخرى، تبنى روبيو السيناتور الجمهوري المتشدد لهجة براغماتية، قائلاً إنه «ليس إلى جانب روسيا»، لكن «واقع» تقدم الحرب يعني أنها ستنتهي «بتسوية تفاوضية».

ويأمل بعض الأوكرانيين أن يثبت ترمب أنه أكثر حزماً من بايدن، الذي يلقي الكثيرون باللوم عليه جراء تردده وتأخير المساعدات العسكرية والحد من كيفية استخدام أوكرانيا الأسلحة التي تتلقاها من واشنطن. وذكر أن كييف كانت مستعدة لفوز الجمهوريين، حيث وضعت أجزاء من «خطة النصر» التي اقترحها زيلينسكي وعرضها على الدول الأوروبية، واضعة في الحسبان احتمال فوز ترمب. وقدمت أوكرانيا وعوداً مختلفة لتعزيز دفاعات أوروبا بعد انتهاء الحرب، من بينها استعدادها لتقديم مواردها الطبيعية الكبيرة، وجيشها الأكثر تجريباً لتأمين الحماية للقارة الأوروبية، حين قال المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية، هيورهي تيخي، إن المساعدات المقدمة لأوكرانيا ليست صدقة، بل هي طريق ذات اتجاهين.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع السيناتور ماركو روبيو (أ.ب)

ويعتقد بعض الخبراء أنه «من غير المرجح» أن يرغب ترمب في أن يُنظر إليه على أنه ضعيف من خلال قبول اتفاق سلام يضعف أوكرانيا بشكل مفرط. وقال مسؤول أميركي سابق لشبكة «فوكس نيوز»: «آخر شيء يريده ترمب هو انهيار فوضوي، على غرار ما حصل في أفغانستان».

بالنسبة إلى السيناتور ماركو روبيو، فقد غيّر وجهات نظره بشأن أوكرانيا في السنوات الأخيرة. وخلال محاولته الرئاسية الفاشلة في عام 2016، وصف روبيو ضم روسيا غير القانوني لشبه جزيرة القرم بأنه «إهانة تاريخية للنظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية»، ووعد بفرض عقوبات أكثر صرامة وتقديم المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا. لكن ومنذ ذلك الحين، اتخذ روبيو موقفاً أقرب إلى ترمب، منتقداً الولايات المتحدة لتمويلها «الجمود» في أوكرانيا.

السيناتور ماركو روبيو متحدثاً خلال تجمع انتخابي للرئيس دونالد ترمب في رالي بنورث كارولاينا (أ.ب)

وقال أحد الخبراء إن «روبيو سياسي مرن وعملي تكيَّف مع صعود الرئيس ترمب». ومع ذلك، تعرض روبيو لانتقادات لكونه متشدداً للغاية في السياسة الخارجية، وعدم تبنيه الكامل شعار «أميركا أولاً»، الذي يتبناه الكثير من أنصار ترمب الآخرين، وهو ما قد يكون من بين الأسباب التي لا تزال تؤخر تعيينه الرسمي في منصبه الجديد، قبل حصول ترمب على ولائه المطلق.