قاعة لمسات للفنون في القاهرة ترفع شعار «الفن التشكيلي للجميع»

تضم أعمال 6 فنانين مصريين وفنانة تونسية

قاعة لمسات أحدث قاعات الفن التشكيلي تهدف لخلق حلقة من الوصل بين الفنانين والمجتمع
قاعة لمسات أحدث قاعات الفن التشكيلي تهدف لخلق حلقة من الوصل بين الفنانين والمجتمع
TT

قاعة لمسات للفنون في القاهرة ترفع شعار «الفن التشكيلي للجميع»

قاعة لمسات أحدث قاعات الفن التشكيلي تهدف لخلق حلقة من الوصل بين الفنانين والمجتمع
قاعة لمسات أحدث قاعات الفن التشكيلي تهدف لخلق حلقة من الوصل بين الفنانين والمجتمع

«إن الغرض من الفن هو إزالة غبار الحياة اليومية عن أرواحنا» مقولة للفنان التشكيلي الشهير بيكاسو تتخذ منها قاعة «لمسات» بوسط القاهرة شعارا لها، بهدف دمج الفن في حياة المواطنين العاديين لإثراء حياتهم بجعل الفن سهل الوصول إليهم وكذلك استيعابه.
افتتح القاعة مؤخرا الشاعر الكبير سيد حجاب، والتي تعد أحدث قاعات الفن التشكيلي والفنون اليدوية في العاصمة المصرية، حيث تتخذ القاعة من شارع قصر النيل مقرا لها. ويأتي افتتاحها في الوقت الذي يمر فيه سوق الفن التشكيلية في مصر بعدة أزمات أهمها: تزوير الأعمال الفنية الأصلية لرواد الفن التشكيلي المصري، والأسعار الباهظة التي يحددها الفنانون لأعمالهم والتي تتناسب مع الأثرياء فقط مما أدى لكساد كبير في سوق اللوحات والمنحوتات تحديدا، لتجدها تتنقل من معرض لآخر.
ضمت قاعة لمسات عبر حجرات عرضها الثلاث: إيهاب عطوان، سيد حجاب، رمسيس مرزوق، مجموعة متنوعة تعكس مختلف مدارس الفن المصري الحديث في مجالات التصوير والنحت والرسم. وتحتضن القاعة مجموعة لوحات زيتية وأعمالا خشبية وزجاجية للفنان المصري أسامة مفتاح، تعتمد على التصوير التعبيري الذي يجذب المتلقي ببساطته، إلى جانب أعمال الفنان الكبير رائد الخزف والنحت الفنان محيي الدين حسين، الذي تستلهم أعماله تقنيات الفراعنة القدماء بألوان وخامات من البيئة المصرية.
وتتزين المعروضات بمنحوتات رائعة من أعمال الفنان الدكتور طارق زبادي، أحد رواد فن النحت في مصر، بخامتي البرونز والخشب مطعمة بشرائح نحاسية تعكس لدى المتأمل فيها خطوطا كنتورية حيث برع الفنان في إضفاء لمسات من الملمس الغني والنتوءات المحاكية للطبيعة في منحوتاته. وتحاورها لوحات الفنان السكندري إبراهيم الطنبولي، الذي حفر لنفسه مكانة متميزة بأسلوبه التعبيري الواقعي وتناغم ألوانه التي تتنوع ما بين الزيتية والمائية والباستيل والأكليريك. كما تعرض مجموعة لوحات الفنان الشاب أحمد الدفراوي، التي تمزج بين أسوب المدرسة التجريدية والتأثرية تميزت بصراحتها وجرأتها والتي عكست تأثره بالفنان ماتيس.
كما طعمت المعروضات بأعمال الفنان والمصور العبقري الشهير رمسيس مرزوق، اختارته السينما الفرنسية كأحد أساتذة الصورة في تاريخ السينما العالمية وأقامت بانوراما لأعماله في متحف السينما بباريس، وتعكس أعماله خبرته الطويلة في مجال التصوير السينمائي وهو أمر جلي في زوايا التصوير وبراعة اللقطات التي طالما كان يقول عنها «الصورة الفوتوغرافية.. أكثر تعبيرا من الصورة السينمائية وأقوى تأثيرا».
بينما جسدت لوحات الفنانة التونسية آمال بن حسين التي اختارت لها مسمى «تحدي المرأة» معاناة وآلام المرأة العربية، وتتلاعب الفنانة تارة بالألوان الزيتية وتارة بالأكريلليك لتوظيفها في التعبير عن ثنايا الجسد البشري وتعرجاته متخذة من الجسد تيمة تعبر عن العواطف والانفعالات التي تموج بها النفس البشرية في رحلتها الطويلة للبحث عن التوائم والسلام الروحي، حيث تعكس ضربات فرشاتها إيقاعا داخليا وقدرتها على تجسيد الأفكار في فضاء اللوحة.
بدأت قاعة لمسات بداية العام الحالي حيث كانت فكرة مؤسسها الفنان الراحل إيهاب عطوان الذي كان يرغب في تشجيع تقدير الفن والاهتمام به وفهمه، ودوره في المجتمع، عن طريق تحقيق تفاعل فعلي بين الأعمال الفنية الأصلية والتفاعل بين أجيال مختلفة من الفنانين المنتمين إلى مدارس تشكيلية مختلفة كذلك الفنانين والنقاد والأمناء والمقتنين وأيضا محبي الفن، إلا أن رحيله أعاق أنشطة ومعارض القاعة حيث كان يعقد بها الشاعر سيد حجاب صالونا ثقافيا فكريا.
لذا تتراوح أسعار اللوحات والقطع الفنية اليدوية ما بين 100 دولار (800 جنيه مصري) وحتى 1000 دولار (8 آلاف جنيه مصري)، وهي أسعار تناسب الطبقة المتوسطة على اختلاف درجاتها، كما تتيح بيع المقتنيات عبر موقعها على الإنترنت داخل وخارج مصر.
ومع إعادة افتتاح قاعة لمسات حرصت أرملته السيدة نرمين شمس على أن تجسد معروضات القاعة كل أنواع الفنون اليدوية المصرية لكي تستعيد رونقها من جديد، حيث تعرض القاعة لأول مرة قطع فنية مميزة من أعمال الخيامية اليدوية وخصوصا لوحة خيامية فنية قديمة (عمرها نحو سبعين عامًا) وكذلك قطع خيامية تجسد لوحات عالمية، هذا فضلا عن تشكيلة كبيرة من القطع الفاخرة لمحبي اقتناء سجاد الكليم الصوف اليدوي، الذي تشتهر به مصر، ولأول مرة تعرض قطعة من سجاد الكليم اليدوي مصنوعة من الكتان.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».