نجوم اليوم سجناء شخصياتهم البهلوانية

أقوى نجاحاتهم في أفلام الكوميكس والمسلسلات

روبرت داوني في ثياب «آيرون مان» المفضلة
روبرت داوني في ثياب «آيرون مان» المفضلة
TT

نجوم اليوم سجناء شخصياتهم البهلوانية

روبرت داوني في ثياب «آيرون مان» المفضلة
روبرت داوني في ثياب «آيرون مان» المفضلة

السبب في أن فيلمًا من بطولة نجم كبير معروف قد يسقط وفيلمًا آخر من بطولة ممثل جديد على الأذن والعين قد ينجح يكمن في أن الولاء للممثل بات شأنًا من شؤون الأمس. خارج «الموضة» وبلا سقف يحميه.
الأرقام الأولى لإيرادات فيلم «قداس أسود»، ذاك الذي يقوم ببطولته جوني دَب باذلاً جهدًا كبيرًا للخروج من قوقعة الإخفاقات الفنية والتجارية الأخيرة، تفيد بأنه جمع ما يقارب تسعة ملايين دولار يوم الجمعة الماضي من 3188 صالة تعرضه في الولايات المتحدة وكندا. في حين أن فيلم «راكض المتاهة: تجارب لاذعة» الذي يتولى تمثيله مجموعة من الممثلين حديثي العهد، جمع نحو 11 مليون دولار في 3791 صالة.
الفارق في عدد الصالات (603 صالات) يساهم كثيرًا في حصول «راكض المتاهة» على المرتبة الأولى يوم الجمعة، والأرقام الأخيرة التي ستعلن مساء هذا اليوم (الاثنين) قد تؤيد هذا الإنجاز إلا إذا ما وقعت مفاجأة ما فخف منسوب الإقبال على الفيلم الشبابي وارتفع، في المقابل، على الفيلم المؤسس كفيلم عصابات للراشدين.

داوني وتوم كروز
مهما يكن، فإن الحال بات يكمن في عدم قدرة شركات الإنتاج الرهان على ممثليها الأُول إلا في حالات محددة كأن تمنحهم شخصيات مقتبسة من رسوم الكوميكس ومحمّلة بآخر تقنيات المؤثرات الخاصة والديجيتال. في أواخر العام الماضي، وعلى سبيل المثال، قام روبرت داوني جونيور ببطولة «القاضي»، دراما يلعب فيها دور المحامي الناجح الذي سيدافع عن والده (روبرت دوفال) وهو قاض في بلدة صغيرة، بعدما اتهم بحادثة سيارة. الفيلم لم يكن جيّدًا تمامًا، لكن الجودة هي آخر خانات الاستحسان لدى المشاهدين عادة. ما انجلى عليه الأمر هو استيلاء الفيلم على 47 مليون دولار فقط من الإيرادات (نحو نصف تكلفته) والحلول في المركز الخامس عشر فيما لو أحصينا أفلام داوني تبعًا لنجاحاتها.
الفيلمان الأعلى نجاحًا لدى هذا الممثل هما الجزآن الأول والثاني من «ذا أفنجرز» (2012 و2015 على التوالي). والثالث هو الجزء الثالث من فيلم كوميكس آخر هو «آيرون مان 3» الذي عرض قبل عامين يليه «آيرون مان»، ذلك الجزء الأول من المسلسل الذي عرض سنة 2008 يليه في المركز الخامس «آيرون مان 2».
هذه الملاحظة لا تنطلي على روبرت داوني جونيور وحده. ضع قائمة مماثلة لتوم كروز، على سبيل المثال، تجد أن منهج الإقبال يتبع النظام ذاته، ولو مع تغيير طفيف.
ففي المركز الخامس من قائمة أنجح أفلامه نجد الجزء الأول من «مهمّة: مستحيلة» سنة 1996 (وأفضل أفلام السلسلة لدى كثيرين). هذا جلب 181 مليون دولار داخل الولايات المتحدة فقط أيام ما كانت التذكرة لا تزال دون العشرة دولارات.
الجزء الثاني من «مهمّة: مستحيلة» (2000) أنجز 216 مليون دولار ويحل ثانيًا في عداد أفلام كروز الأعلى نجاحًا، ويأتي الجزء الرابع من المسلسل (2012) في المرتبة الثالثة منجزًا 209 ملايين دولار بينما يحتل الجزء الجديد (معروض حاليًا) المركز الرابع في هذا الترتيب منجزًا (حتى الآن) 190 مليون دولار.
بذلك فإن أربعة من الأجزاء الخمسة من سلسلة «مهمّة: مستحيلة» تحتل المراكز المتتابعة من 5 إلى 2. أما الفيلم الأعلى نجاحًا في قائمة أعماله فهو «حرب العوالم» War of the Worlds الذي عرض قبل عشر سنوات، في يونيو (حزيران) 2005 تحديدًا.
للوهلة الأولى، فإن ذلك الفيلم قد يُحسب في قائمة الأعمال المختلفة، لكنه هو أيضًا فيلم مؤثرات وخدع ولو أنه لم يُصنع لكي يُفرّخ أجزاء أخرى. ما ساعده على تبوُّء النجاح هو اسم المخرج ستيفن سبيلبرغ، الذي كان توم كروز اشتغل معه قبل ثلاث سنوات من ذلك التاريخ على فيلم أقل نجاحًا هو «تقرير الأقلية» (عرض في الشهر نفسه سنة 2002) الذي حصد 111 مليون ويكمن في المرتبة الثانية عشرة في قائمة كروز.

قراصنة المسلسلات
الصورة أوضح ما تكون في حالة جوني دَب نفسه: الفيلم السابق لـ«قداس أسود» كان «مورديكاي» الذي لم يكترث سوى القلّة لحضوره. أنجز أقل من 8 ملايين دولار في 2648 واحتل المركز 36 في قائمة الممثل من الأفلام حسب «شباك التذاكر».
كذلك لم تنجلِ أفلام دَب الحديثة الأخرى إلا عن إيرادات تتراوح من ضحلة إلى فاشلة تمامًا كما الحال في «تفوق» Transcendence و«ذا لون رانجر» و«مفكرة روم» The Rum Diary. مجموع إيرادات هذه الأفلام جميعًا يوازي نصف ما حققه فيلمه الأول في الإيرادات وهو «قراصنة الكاريبي: كنز الرجل الميت» (الثاني في تلك السلسلة، 2006) الذي يزيد 400 مليون دولار محليًا.
والواقع أنه بين الأفلام الخمسة الأولى لجوني دَب هناك أربعة من هذه السلسلة (تمامًا كحال توم كروز بالنسبة لسلسلة «مهمّة: مستحيلة») والاستثناء هو «أليس في بلاد العجائب» (2010) الذي جمع 334 مليون دولار أميركيًا (وبليون دولار عالميا) ويأتي في المركز الثاني في قائمة جوني دَب الأكثر رواجًا.
ما ينجم عن ذلك كله أن الجمهور الغربي الحالي (وهو الجمهور الكاسح) يقبل الممثل الذي يؤدي له استعراضات بهلوانية ومواقف جانحة في الخيال الذي يندمج مع شروط المؤثرات وفنون الديجيتال ولا يكترث للممثل ذاته إن أدّى دورًا دراميًا بعيدًا عن تلك المؤثرات والأداءات.
هذا بدوره ساعد على وجود ممثلين يتخذون من المسلسلات معينًا لاستمرارهم وسط ترحيب صانعيها من المنتجين وشركات التوزيع. روبرت داوني جونيور لديه شخصية «آيرون مان» يلعب بها وجوني دب في سلسلة «قراصنة الكاريبي» كما توم كروز صاحب المهام المستحيلة في مسلسله.
إلى هؤلاء، كان هناك كرستيان بايل في سلسلة «باتمان» إلى أن انسحب، ولا يزال هيو جاكمان قابض على شخصية «وولفرين» في سلسلة «رجال إكس» وكريس إيفانز على شخصية كابتن أميركا وأندرو غارفيلد في «سبايدر مان».
ليس أن الحال جديد. سبق لشون كونيري أن أدّى شخصية جيمس بوند في الستينات والسبعينات التي حققت له رواجًا أعلى من شخصياته الأخرى في الأفلام البعيدة عن عالم الجاسوسية، لكن إلى ذلك الحين، أو إلى حين لاحق غير بعيد، كان لا يزال ممكنًا للممثل - النجم أن يراهن على نجاح فيلم من خارج طاقمه. وكانت شركات الإنتاج توافق معه على هذا الرهان وتؤازره.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».