لبنان رئيسا للجنة السياحة العالمية للشرق الأوسط لعامي 2016 و2017

خطوة أعادته إلى خريطة السياحة الدولية بامتياز

مدينة جبيل من بين المواقع السياحية المهمة في لبنان
مدينة جبيل من بين المواقع السياحية المهمة في لبنان
TT

لبنان رئيسا للجنة السياحة العالمية للشرق الأوسط لعامي 2016 و2017

مدينة جبيل من بين المواقع السياحية المهمة في لبنان
مدينة جبيل من بين المواقع السياحية المهمة في لبنان

انتخب لبنان رئيسا للجنة السياحية العالمية لمنطقة الشرق الأوسط، ممثلا بوزير السياحة ميشال فرعون وذلك لعامي 2016 و2017.
ويأتي انتخاب لبنان هذا نتيجة للنمو السياحي الذي شهدته البلاد رغم المشكلات السياسية التي يعاني منها، وفي مقدمتها فراغ سدّة الرئاسة الأولى فيه.
وانطلاقا من هذه التسمية يكون لبنان قد استعاد موقعه المعروف على الخريطة السياحية الدولية بامتياز، والذي من المتوقّع أن يمكنّه مع الوقت من استعادة لقبه الذي اشتهر به ما بين الستينات والسبعينات باعتباره: «سويسرا الشرق».
وتجدر الإشارة إلى أن نموّ الحركة السياحية في لبنان لهذا العام بلغ 15 في المائة حتى شهر أغسطس (آب) الفائت مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وكانت الأجواء العامة التي سادته في الفترة الأخيرة من نشاطات ومهرجانات فنّية وثقافية على المستويين المحلي والعالمي، إضافة إلى تشجيعه للسياحة البيئية من خلال إطلاق برامج خاصة، ووضعه برنامج «خريطة طريق الفينيقيين» بالتعاون مع منظمة السياحة العالمية، ومشروع «أنا» لتوطيد العلاقة ما بين لبنان المقيم والمغترب، قد ساهمت بشكل مباشر في رفع حظوظه لتبوّء هذا المركز.
وعلّق الوزير ميشال فرعون إثر تسمية لبنان لهذا الموقع السياحي العالمي، وكونه رئيسا لهذه اللجنة بالقول: «إن التحدّيات التي تواجه المنطقة في هذه الظروف والهواجس والأزمات الكبيرة من جهة، والآمال المعقودة عليها لتعود واحة سلام وسياحة وطمأنينة كانت ولا تزال شغلنا الشاغل». وأضاف: «إن التهديدات الإرهابية التي طالت التاريخ والمعالم الثقافية، التي تعتبر بمثابة طعن لحضارات دول المنطقة، كما حدث في مدينة تدمر وغيرها من المناطق أثّرت دون شك على السياحة العربية بشكل عام، ونأمل بمزيد من الأمن والاستقرار في المنطقة، الذي من شأنه أن يؤمن استمرار النمو السياحي الحاصل من جهة، ودعم التوجه نحو السياحة البيئية بين الدول العربية ووسائل السفر بين بعضها البعض بأسعار مدروسة، كلّ ذلك سيساهم في زيادة نسبة النمو للرحلات السياحية مع تطبيق إجراءات أمنية تحافظ على الاستقرار والهدوء من جهة ثانية».
وكان خلال الاجتماع الذي عقدته الجمعية العمومية لمنظمة السياحة العالمية في مدينة ميديلين الكولومبية، وبحضور المدير العام لمنظمة السياحة العالمية الدكتور طالب الرفاعي و72 وزيرا للسياحة، قد تم التوافق على انعقاد الاجتماع المقبل للمنظمة في لبنان وبالتحديد في شهر مايو (أيار) من عام 2016.
من ناحية ثانية فقد طرح لبنان تسمية الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز ليكون نائبا للرئيس في منظمة السياحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط، كونه عميدا لوزراء السياحة العرب، وبالفعل تم انتخابه كنائب للرئيس ومنسق عام منطقة الشرق الأوسط. كما تم انتخاب مصر واليمن كنائبين لرئيس اللجنة في منطقة الشرق الأوسط، وقبول ترشيح قطر كمضيفة ليوم السياحة العالمي للعام 2017.
وأكد جوزيف فرح المستشار الإعلامي للوزير ميشال فرعون الموجود خارج لبنان في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن من شأن هذه الخطوة أن تعزّز موقع لبنان سياحيا وأنه بذلك سيستعيد دوره الريادي السياحي في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي سيولّد لديه نشاطات وبرامج سياحية ستصبّ في مصلحته. وأضاف: «كون الاجتماع المقبل للجنة سيعقد في لبنان لهو أمر إيجابي أيضا سيحرّك العجلة السياحية في البلد، لا سيما وأن هناك 72 وزير سياحة سيحضره مبدئيا، كما أن هذا التواصل الذي سيتم ما بين الوزير فرعون كونه رئيس اللجنة وباقي أعضائها المنتمين لكل البلدان العربية، سيفتح أمامنا المجال لفرص استحداث برامج سياحية لبنانية عربية ستسفر عنها النتائج المرجوة».
وعما إذا تم التداول بين الوزير ميشال فرعون وأعضاء اللجنة السياحية العالمية حول إمكانية تخفيض تذاكر السفر إلى لبنان لجذب أكبر عدد ممكن من السياح العرب والأجانب إليه أجاب جوزيف فرح: «لقد تمّ التداول في هذا الموضوع في الاجتماع الذي عقد في كولومبيا، وتناول تطبيق الأجواء المفتوحة بين لبنان ودول العالم، وقد تمّ أخذه بعين الاعتبار وتدرس حاليا إمكانية تخفيض أسعار تذاكر الطيران إلى لبنان».
وتجدر الإشارة إلى أن لبنان حقق خطوة غير مسبوقة في المجال السياحي عندما أطلق مشروع «طريق الفينيقيين» السياحي في فبراير (شباط) الماضي، والذي يشمل 18 دولة عربية وأفريقية تقع على هذا الطريق (كتونس ومصر والجزائر)، والذي سيسمح بجذب السياح من مختلف البلدان، لاكتشاف حضارة أحد أقدم الشعوب في العالم. ويعدّ هذا الطريق الأول من نوعه في العالم العربي، والذي يعود تاريخه لـ1000 عام ق.م.
ومع فوز لبنان بهذا الموقع السياحي الريادي، يكون قد حققّ عودته القوية إلى خريطة السياحة العالمية، خاصة وأنه قد تم انتخاب مدينة بيبلوس (جبيل)، مطلع الصيف الحالي، كعاصمة السياحة العربية لعامي 2015 و2016.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».