مقرب من مرجعية النجف: قياديون شيعة يهددون المراجع بالقتل

أكد لـ {الشرق الأوسط} أن انتخابات 2018 لن تشهد حضورًا لحزب الدعوة {بأي شكل من الأشكال}

شرطة مكافحة الشغب العراقية تمنع متظاهرين من الاقتراب من مبنى مجلس المحافظة في البصرة أول من أمس (أ.ب)
شرطة مكافحة الشغب العراقية تمنع متظاهرين من الاقتراب من مبنى مجلس المحافظة في البصرة أول من أمس (أ.ب)
TT

مقرب من مرجعية النجف: قياديون شيعة يهددون المراجع بالقتل

شرطة مكافحة الشغب العراقية تمنع متظاهرين من الاقتراب من مبنى مجلس المحافظة في البصرة أول من أمس (أ.ب)
شرطة مكافحة الشغب العراقية تمنع متظاهرين من الاقتراب من مبنى مجلس المحافظة في البصرة أول من أمس (أ.ب)

فيما أكد أحد منسقي المظاهرات ضد الفساد وسوء الخدمات في بغداد أن مقربين من الحوزة العلمية في مدينة النجف التقوا وفدًا من ممثلي المتظاهرين الأسبوع الماضي من أجل التنسيق، كشف مصدر مقرب من المرجعية الشيعية العليا عن وجود محاولات لاغتيال مراجع كبار بسبب كشف المرجعية مافيات الفساد وإصرارها على محاربتهم.
وقال حيدر الغرابي، الأستاذ في حوزة النجف والمقرب من المرجعية، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «المرجع الديني الكبير آية الله محمد إسحق الفياض (أحد المراجع الأربعة الكبار في النجف وهم إضافة إلى الفياض المرجع الأعلى علي السيستاني ومحمد سعيد الحكيم وبشير النجفي) أبلغني شخصيًا: أن مرجعيتكم مهددة بالقتل من قبل سياسييكم الشيعة». وأضاف الغرابي أن «هناك عدة حالات حصلت في الفترة الأخيرة هي عبارة عن رسائل للمرجعية وممثليها الكبار منها مثلا وضع عبوة ناسفة أمام باب مكتب المرجع الديني آية الله فاضل البديري الذي لا يبعد عن مكتب السيد السيستاني والشيخ الفياض أكثر من 100 متر، بالإضافة إلى إرسال بعض المندسين الذين قاموا برفع صورة لممثل المرجعية العليا في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي وضربها بالحجارة، علمًا بأن المظاهرات كانت قد انطلقت من فم هذا الرجل الذي دعا في أحد خطبه إلى إصلاح حقيقي»، مشيرًا إلى أن «الهدف من وراء هذه المحاولات هو إسكات المرجعية بينما هي تقف اليوم وقفة محارب انطلاقًا من تكليفها الشرعي الذي لا يمكن أن تساوم عليه مهما كانت المخاطر».
وأوضح الغرابي أنه «في الوقت الذي تقف فيه المرجعية بالضد من إرادة الفساد فإنها ستكون لها وقفة خلال الفترة المقبلة»، مبينًا أن «انتخابات عام 2018 لن تشهد حضورًا لحزب الدعوة بأي شكل من الأشكال، وهو ما سينسحب على أحزاب الإسلام السياسي التي عليها أن تثبت إما إنها إسلامية أو سياسية لأنه لم يعد ممكنًا مسك العصا من الوسط». وبشأن ما يشار عن وجود خلاف أو صراع بين حوزة النجف التي يمثلها السيستاني وبين حوزة قم التي يمثلها مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، قال الغرابي إن «السيستاني كان منذ البداية ضد التدخل الإيراني في الشأن العراقي من منطلق أنه سيكون ذريعة للأميركيين لمزيد من التدخل، كما أن هذا التدخل من قبل إيران يمكن أن يؤدي إلى إشعال فتيل حروب طائفية في المنطقة تحت ذرائع شتى، وهو ما بتنا نشاهده الآن في أكثر من مكان».
إلى ذلك، وفي الوقت الذي لم يتمكن فيه وفد من متظاهري محافظة ذي قار من مقابلة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بعد مسيرة راجلة من مدينة الناصرية (350 كلم جنوب بغداد) إلى المنطقة الخضراء في قلب بغداد فإنه وطبقًا لما كشفه أحد منسقي التظاهرات في ساحة التحرير ببغداد، فإن مقربين من الحوزة العلمية في مدينة النجف التقوا وفدا من ممثلي المتظاهرين في بغداد الأسبوع الماضي من أجل التنسيق معهم في وقت بدأ يتراجع فيه دعم السيستاني للحكومة، بينما يستمر في دعم المظاهرات المنادية بالإصلاحات. وكان العشرات من الشبان العاطلين عن العمل من حملة الشهادات نظموا مسيرة راجلة بدأت من مدينة الناصرية إلى بغداد تحت شعار «كي لا نهاجر» بهدف مطالبة الحكومة العراقية اتخاذ التدابير اللازمة من أجل استيعابهم وإيجاد فرص العمل لهم كبديل عن ظاهرة الهجرة التي دفعت الآلاف من الشباب العراقي للهجرة بحثًا عن ملاذ آمن في أوروبا. وسلم المتظاهرون مجموعة من المطالب إلى ممثل عن العبادي هددوا فيها بتنظيم اعتصام مفتوح أمام المنطقة الخضراء في حال عدم تنفيذها.
ومن بين أبرز ما تضمنته المطالب وضع سقوف زمنية محددة لتنفيذ المطالب وإحالة كبار الفاسدين إلى القضاء واستقالته من حزب الدعوة الذي ينتمي إليه وإقصاء رئيس السلطة القضائية مدحت المحمود من منصبه. وقال أحد منسقي التظاهرات في بغداد، طالبًا عدم الإشارة إلى اسمه، إن «الحراك المدني الديمقراطي والشعبي نظم زيارة إلى مدينة النجف لغرض اطلاع المرجعية الدينية على مجريات ما يجري على صعيد المظاهرات وكيفية التنسيق معها من أجل تنفيذ المطالب المشروعة». وأضاف أن «ممثلي المتظاهرين التقوا بعدد من أساتذة الحوزة العلمية هناك وعدد من رجال الدين وقد سلموهم مجموعة من المطالب التي يرومون تحقيقها»، مبينًا أن «المقربين من المرجعية الدينية أكدوا أن هذه المطالب تنسجم مع رؤية المرجعية العليا ممثلة بالسيد علي السيستاني الذي يهمه تحقيق العدالة ومكافحة الفساد وإصلاح المجتمع مع رفض كامل لكل من يحاول استغلال الدين من خلال الدخول في معترك السياسة أو محاولة تحقيق أهداف من خلال السياسة للوصول إلى مراكز دينية». وأشار إلى أن «هذا التنسيق مع المرجعية سيستمر لا سيما بعد أن شعرت بجدية الطروحات التي قدمناها وكذلك طبيعة المطالب التي هي في الغالب مطالب خدمية بعكس ما يقوله المتضررون من أحزاب دينية في العراق الذين يسعون إلى إيهام المرجعية بأن هناك أجندات ومؤامرات تحاول الإساءة إلى الشيعة في وقت بات واضحًا أن المروجين لمثل هذه الأقاويل هم من الكتل السياسية وفي مقدمتها الكتل السياسية الشيعية التي هيمنت على مقدرات البلاد طوال السنوات الاثنتي عشرة الماضية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم