الأقمار الصناعية تؤكد وصول طائرات مقاتلة روسية إلى اللاذقية

معارضون يرجحون استخدامها في الرقة والغوطة و«جيش الإسلام» يتحدث عن استهداف إحدى طائرات الشحن

الأقمار الصناعية تؤكد وصول طائرات مقاتلة روسية إلى اللاذقية
TT

الأقمار الصناعية تؤكد وصول طائرات مقاتلة روسية إلى اللاذقية

الأقمار الصناعية تؤكد وصول طائرات مقاتلة روسية إلى اللاذقية

بعد تقاطع المعلومات والتقارير الأميركية عن وصول معدات عسكرية ضخمة وسلاح روسي ثقيل إلى الساحل السوري في الأيام القليلة الماضية، أظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية وصول عدد من الطائرات المقاتلة الروسية إلى مطار حميميم قرب مدينة اللاذقية رجّح معارضون سوريون أن تكون استخدمت فعليا في عمليات عسكرية في الرقة والغوطة الغربية.
موقع شبكة «سي إن إن» الأميركية قال إن هناك صورًا للأقمار الصناعية تؤكد وصول طائرات مقاتلة روسية إلى قاعدة جوية في اللاذقية، وهو ما كان قد تحدث عنه مسؤولان أميركيان لوكالة «رويترز» حين قالا إن «عددا قليلا من المقاتلات الروسية موجود الآن في مطار بسوريا في خطوة تضيف قوة جوية مؤثرة لتعزيزات عسكرية تثير القلق في واشنطن». وأشار أحد المسؤولين، مشترطا عدم نشر اسمه، إلى أن «هناك أربع طائرات مقاتلة روسية في المطار القريب من اللاذقية»، بينما رفض المسؤول الثاني تقديم تقدير دقيق لعدد المقاتلات.
من جهته قال مصدر في وزارة الدفاع الأميركية لـ«سي إن إن» إن «هذا التحرك العسكري الروسي هو الأكبر من نوعه خارج فضاء الاتحاد السوفياتي منذ الحرب في أفغانستان»، لافتا إلى أن «محافظة روسيا على وجود بري في سوريا قد يحتاج إلى وجود قوات من المحتمل أنها ستشتبك بصورة مباشرة مع مجموعة من المقاتلين في المنطقة».
وكانت تقارير أميركية أكدت في وقت سابق أن روسيا وضعت سبع دبابات من طراز «تي - 9» ومدفعية في مطار حميميم، ونشرت أيضًا 200 من مشاة البحرية الروسية في المطار، مع وحدات إسكان مؤقتة، ومحطة مراقبة جوية متنقلة، ومكونات لمنظومة الدفاع الجوي.
ولفت ما أعلنه يوم أمس «جيش الإسلام» في القطاع الشمالي عن استهدافه طائرة شحن روسية في مطار حميميم، متحدثا في بيان على موقعه الرسمي على شبكة الإنترنت عن قصف كل من المطار (واسمه الرسمي مطار «الباسل» ويقع جنوبي اللاذقية قرب مدينة جبلة) والميناء الحربي في اللاذقية بصواريخ من طراز «غراد» عيار 40 بعيدة المدى. وأضاف البيان: «تم التأكد من تحقيق إصابات مباشرة في كلا الهدفين، وذلك بعد معلومات وصلت إلى جهاز الاستخبارات العسكري في (جيش الإسلام) عن حركة غير اعتيادية من الشبيحة والضباط الروس في المنطقتين». كما أكد «جيش الإسلام» إصابة «طائرة شحن روسية محملة بدبابات حديثة في مطار حميميم مع تحقيق خسائر كبيرة بالعتاد والعدة».
وأوضح العميد الركن أحمد رحال، ابن مدينة اللاذقية المنشق عن النظام السوري، أن أبرز المهام الروسية الحالية في سوريا هي «تطوير القواعد البحرية في جبلة وطرطوس»، لافتا إلى أنّه «قد تم تجهيز مطار حميميم ببطارية دفاع جوي وبمحطة استطلاع استراتيجية كما بدبابات (تي 90)».
وتحدث رحال لـ«الشرق الأوسط» عن وجود 6 طائرات ميغ 31 في مطار المزة و4 طائرات روسية حربية في مطار «الباسل». وقال: «كما تم وضع اليد على نادي الفروسية في حماه الذي حوله الروس إلى معسكر للقوات الروسية».
وأشار رحال إلى أنّه «تم بالفعل استخدام الطيران الروسي الحديث بالعمليات الجوية العسكرية داخل سوريا»، لافتا إلى أنّه «وفي الضربات الأخيرة التي استهدفت مدينة دوما، كان يجري اعتماد على طيران استطلاع من دون طيار يُحدد مواقع الأهداف، على أن يخرج بعدها الطيران القاذف خلال 10 دقائق لقصفها، وهي استراتيجية جديدة ونوعية حديثة من الأسلحة لم يكن النظام يستخدمها من قبل... ويجري أخيرًا أيضًا استخدام صواريخ وقنابل نوعية تؤدي لدمار أوسع».
من جهته، أكد رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن المهمة الأبرز التي ينكب عليها الروس حاليا داخل سوريا هي «بناء قاعدة جوية روسية بالقرب من مطار حميميم، كما أن هناك مساعي لتوسيع مطار الحميدية وبحث في إمكانية توسيع مطار دمشق الدولي»، لافتا إلى أن «كل ما يُحكى عن مقاتلين روس يقاتلون فعليا في الميدان كلام غير دقيق». وأشار عبد الرحمن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود «مئات الخبراء الروس داخل سوريا الذين يساعدون النظام في وضع الخطط وقيادة المعارك»، موضحا أن «الهدف الأساسي حاليا لهؤلاء هو منع تقدم مقاتلي المعارضة باتجاه القرى العلوية على الساحل السوري... والقطع الروسية التي يجري الحديث عنها موجودة بالفعل لتجهيز القاعدة الجوية التي يجري بناؤها».
وعمّا يُحكى عن استخدام الطائرات الحربية الروسية الحديثة في عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية، رجّح عبد الرحمن استخدامها في عمليات في منطقة الرقة، مضيفًا: «لكننا لم نتمكن من تحديد ما إذا كان الروس هم من يقودون هذه الطائرات أم السوريون».
ولا يزال المسؤولون والدبلوماسيون الروس ينكرون قيامهم بأي عمل عسكري داخل سوريا، مؤكدين أن مهامهم لا تزال تندرج بإطار تقديم المساعدات العسكرية والخبرات كما تنص عليه الاتفاقيات العسكرية بين البلدين. وهو ما أكده السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبيكين قائلا: «لسنا بحاجة إلى الإذن من دولة ما من أجل القيام بخطوات في سوريا، لأن كل شيء يتم بالتنسيق مع السلطات السورية الشرعية وفق الشرعية الدولة». وتابع السفير في حديث تلفزيوني أن «عدد الخبراء الروس في سوريا قليل جدًا بالمقارنة مع عدد الخبراء الأميركيين في المنطقة، ونعتقد أنّه من السابق لأوانه أن نعلن أي شيء أو نتخذ قرارا بوجود روسي عسكري في سوريا باعتبار أن استخدام القوات المسلحة خارج روسيا يحتاج إلى قرار من الرئيس الروسي والبرلمان الروسي كما ينص الدستور». واعتبر زاسبكين أنّه «عندما تم تداول أخبار عن النشاط العسكري الروسي في سوريا كان هناك تضخيم كبير، وتم تصوير الأمر على أنه سيؤدي إلى دمار المنطقة والخراب»، واصفا الحديث بين وزيري الدفاع في أميركا وروسيا بـ«الأمر الإيجابي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.