أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون أمرًا لتجنيد قوة من جيش الاحتياط وتسخيرها لخدمة قوات الشرطة وحرس الحدود العاملة في القدس الشرقية المحتلة، بغية قمع المظاهرات الغاضبة التي هبت لنصرة المسجد الأقصى المبارك. كما شددت القوات الإسرائيلية من وسائل القمع التقليدية، وأدخلت أنواعًا جديدة من غازات إسالة الدموع تسبب ألما حادا في العيون، بعد قرار المستشار القضائي للحكومة رفض استخدام القناصة.
وقال مصدر في الحكومة الإسرائيلية أمس إن الشرطة والمخابرات وضعت خطة لـ«وقف التدهور الأمني في القدس»، الذي بدأ منذ قيام مستوطنين متشددين يهود بإحراق الفتى محمد أبو خضير قبل 15 شهرا، لكنه تصاعد بشكل كبير في الأسبوع الأخير بسبب دخول اليهود للصلاة في باحات الحرم.
وتقرر تنفيذ هذه الخطة على مدى شهر ونصف الشهر (طيلة سبتمبر «أيلول» الحالي وحتى أواسط أكتوبر «تشرين الأول» المقبل) وتقضي بزيادة عدد عناصر الشرطة والوحدات الجديدة، وإضافة مجموعة من كلاب الهجوم، في وقت يعمل فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، ووزيرة القضاء أييلت شكيد، ووزير الدفاع يعلون، على سن قوانين أخرى، وصفتها مصادر إسرائيلية أمنية بـ«بالرادعة».
وكانت القدس والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية قد شهدت، الليلة قبل الماضية، وأمس، عدة مظاهرات ضمن «يوم نصرة الأقصى»، دعت إليها مختلف الفصائل الفلسطينية، التي طالبت بمنع الاحتلال من تغيير الأمر الواقع في الحرم القدسي الشريف.
وخرج آلاف الفلسطينيين أمس إلى شوارع وأحياء القدس، وفي البلدات الواقعة جنوب الخليل وفي رام الله، ونابلس وجنين، وطولكرم وغيرها، واشتبك المتظاهرون مع قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية في عدة مناطق، لكن هذه الصدامات بلغت أوجها مع انتهاء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، إذ قام الفلسطينيون بإلقاء الحجارة باتجاه عناصر الشرطة الإسرائيلية في منطقة باب العامود في القدس الشرقية، فردت عليها كالمعتاد بأدواتها القمعية المعروفة.
وقبل موعد صلاة الجمعة أعلنت الشرطة في الصباح الباكر أنها سترد على كل من «يتجاوز الحدود» بقبضة من حديد، وقالت في بيان لها إنها وضعت قواتها على أهبة الاستعداد في القدس والضفة الغربية بعد دعوات الفصائل الفلسطينية إلى يوم «نصرة المسجد الأقصى»، ودفعت بنحو 800 من عناصر أمنها للوجود في محيط المسجد الأقصى المبارك تزامنا مع صلاة الجمعة، كما فرضت حظرا على دخول الأقصى لأي مصلٍّ يقل عمره عن 40 عاما.
وأضاف بيان للشرطة أنها توصلت بمعطيات تفيد بأن بعض الشبان العرب يريدون الإخلال بالسلامة العامة، وخرق النظام خلال صلاة الجمعة في الحرم القدسي الشريف، وإنه تقرر بسبب ذلك فرض بعض التقييدات العمرية على دخول المصلين للصلاة في الحرم القدسي الشريف، وتعزيز قوات شرطة القدس وحرس الحدود في شرقي المدينة وغربيها، مع التركيز على غلاف القدس والأزقة والحرم.
وفي مقابل ذلك، دعت الفصائل الفلسطينية إلى إبقاء جذوة الانتفاضات ضد الانتهاكات في الأقصى مشتعلة، فيما دعت حركة حماس إلى المشاركة الشعبية الواسعة في المسيرات، والوقوف صفا واحدا في وجه مخططات الاحتلال لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا. كما دعت حركة الجهاد الإسلامي «إلى انتفاضة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ردا على الاعتداءات الصهيونية على القدس والمسجد الأقصى المبارك».
وقام فلسطينيون أمس بإشعال النيران في حافلة نقل ركاب إسرائيلية مرّت قرب حي رأس العامود في القدس الشرقية، حيث أعلنت الشرطة الإسرائيلية أن «حافلة إسرائيلية كان يقودها عربي من سكان النقب جنوب إسرائيل وصلت إلى المنطقة، فقام بعض المجهولين برشقه بالحجارة، وهو ما أرغمه على الابتعاد وانتظار قوات الشرطة التي هرعت لملاقاته، ثم تبين أن حريقا تم إضرامه في الحافلة، لكن دون تسجيل إصابات بشرية».
من جهة ثانية، أكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن رئيس الحكومة مصر على «تمكين اليهود من التمتع بحقوقهم الدينية في المسجد الأقصى (يطلقون عليه جبل الهيكل)»، مضيفة أن «إسرائيل ستقوم باعتقال كل من ينضوي تحت إطار (المرابطين)، على اعتبار أن هذا الإطار يعد تشكيلا غير قانوني».
أما وزير الاستيطان والزراعة أوري أرييل، الذي كانت زيارته الاستفزازية للأقصى مطلع الأسبوع الماضي بمثابة النار إلى أشعلت الحريق هناك، فقد أعلن أمس عزمه على استئناف زياراته للحرم القدسي الشريف، مشددا على أنه يرى أن من حقه «كوزير وكممثل للجمهور، وكمواطن يهودي أن يزور المكان الأكثر قدسية للشعب اليهودي والصلاة فيه». ونقلت إذاعة المستوطنين «عروتش شيفع» عن أرييل قوله إنه يتوجب عدم إبداء أي مستوى من التردد في مواجهة «الغوغاء العرب».
ويذكر أن أرييل قد دشن موقعا على الإنترنت لدعوة الشباب اليهودي للانضمام إليه في اقتحاماته للمسجد الأقصى.
من جانبها، أعلنت حكومة الوفاق الفلسطينية أن إسرائيل منعت أمس رئيس وزرائها رامي الحمد الله من الوصول إلى شرقي القدس، إذ قال الناطق باسم الحكومة إيهاب بسيسو في تصريحات إذاعية إنه تم منع الحمد الله من دخول القدس عبر حاجز (حزما) العسكري.
وحسب بسيسو، فقد كان يرافق الحمد الله رئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج، ورئيس جهاز الأمن الوقائي زياد هب الريح. وجاء منع الحمد الله بعد سلسلة مظاهرات حاشدة في الضفة الغربية وقطاع غزة تنديدا بدخول جماعات يهودية إلى المسجد الأقصى في الجزء الشرقي من القدس، الأسبوع الماضي.
من جهته، دعا مجلس الأمن الدولي أمس إلى الهدوء والحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى بالقسم القديم من مدينة القدس، الذي كان مسرحا لمواجهات عنيفة خلال الأيام الماضية.
وفي بيان بالإجماع، أعرب الأعضاء الـ15 عن «قلقهم العميق حيال تصاعد التوتر في القدس»، ودعوا إلى «ضبط النفس والامتناع عن القيام بأعمال أو إلقاء خطب استفزازية، وإبقاء الوضع القائم التاريخي (في المسجد) قولا وفعلا»، كما طالبوا بـ«احترام القوانين الدولية وحقوق الإنسان»، وحضوا «جميع الأطراف على التعاون من أجل تهدئة التوترات وعدم التشجيع على العنف في الأماكن المقدسة بالقدس».
ويخشى الفلسطينيون محاولة إسرائيل تغيير الوضع القائم في المسجد منذ حرب 1967، الذي يسمح بمقتضاه للمسلمين بدخول المسجد الأقصى في أي وقت، في حين لا يسمح لليهود بذلك إلا في أوقات محددة من دون الصلاة فيه.
ودعت الدول الأعضاء في المجلس إلى وقف المواجهات «حتى يعود الوضع إلى طبيعته في طريقة تشجع احتمالات السلام في الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين».
إسرائيل تستنفر المزيد من قواتها لقمع مظاهرات الأقصى الغاضبة
منعت رئيس الوزراء الفلسطيني من الدخول إلى القدس الشرقية
إسرائيل تستنفر المزيد من قواتها لقمع مظاهرات الأقصى الغاضبة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة