أثينا.. محطة وصول ومغادرة

إنقاذ 773 مهاجرًا قرب السواحل اليونانية

لاجئة أنهكها التعب تتلقى مساعدة من آخرين بعد وصولهم إلى الجانب الكرواتي على الحدود مع صربيا أمس (إ.ب.أ)
لاجئة أنهكها التعب تتلقى مساعدة من آخرين بعد وصولهم إلى الجانب الكرواتي على الحدود مع صربيا أمس (إ.ب.أ)
TT

أثينا.. محطة وصول ومغادرة

لاجئة أنهكها التعب تتلقى مساعدة من آخرين بعد وصولهم إلى الجانب الكرواتي على الحدود مع صربيا أمس (إ.ب.أ)
لاجئة أنهكها التعب تتلقى مساعدة من آخرين بعد وصولهم إلى الجانب الكرواتي على الحدود مع صربيا أمس (إ.ب.أ)

باتت ضواحي العاصمة اليونانية أثينا وميادينها المعروفة مركزا لوصول ومغادرة المهاجرين واللاجئين السوريين، حيث تشد انتباه المارة هنا في أثينا أفواج اللاجئين السوريين، والذين عندما يصلون إلى ميناء بيريوس غرب العاصمة عبر السفن التي خصصتها السلطات اليونانية لنقلهم من الجزر، فإن هؤلاء الضحايا الفارين من الحروب والنزاعات يذهبون على الفور إلى وسط العاصمة، للبحث عن وسيلة مواصلات أخرى تنقلهم إلى شمال اليونان على الحدود مع سكوبيا (مقدونيا)، لبدء رحلة معاناة أخرى تجاه الوصول إلى بقية الدول الأوروبية الغنية.
وأمام المقاهي العربية في أثينا وبالتحديد في حي أخرنون، تشاهد الباصات التي تعمل ليل نهر لنقل اللاجئين السوريين من وسط أثينا إلى الحدود اليونانية شمالا، وخلال الساعات أو الأيام القليلة التي يظل فيها اللاجئون في أثينا للتوصل إلى طريقة للذهاب إلى الحدود، يسرد هؤلاء اللاجئون قصصهم المأساوية والمعاناة التي لاقوها خلال الفترة الماضية سواء في بلدانهم والصراع والحروب والخلافات، أو رحلتهم الشاقة كذلك من سوريا حتى الوصول إلى بر اليونان عبر الجزر والمخاطرة في البحر للعبور من تركيا إلى شواطئ الجزر اليونانية.
وبات خبر سماع غرق مراكب للمهاجرين واللاجئين وموت الأطفال خبرا عاديا في القنوات التلفزيونية اليونانية، وكان آخر ذلك إعلان قوات حرس الحدود اليونانية أنها انتشلت المئات من الأشخاص من البحر بالقرب من جزر شرق بحر إيجة فيما كانوا يحاولون الوصول إلى اليونان بطريقة غير شرعية عبر ساحل تركيا المجاورة.
وفي بيان رسمي، ذكر حرس الحدود اليوناني أنه أنقذ 773 شخصا في 19 عملية بحث وإنقاذ منفصلة خلال 24 ساعة، قبالة سواحل جزر ليسبوس وخيوس وساموس وكوس ورودس، ولا تتضمن الأعداد مئات الأشخاص الآخرين الذين تمكنوا من الوصول إلى الجزر بأنفسهم، عادة على متن قوارب مطاطية أو زوارق خشبي.
وكان أكثر من 250 ألف شخص قد وصلوا إلى اليونان سرا حتى الآن هذا العام، أغلبهم من السوريين أو الأفغان الذين فروا من الصراع في الوطن، ومن النادر أن يريد قليلون منهم البقاء في اليونان المتأزمة ماليا، فيما يتوجه معظمهم إلى الشمال برا من خلال دول البلقان نحو دول أوروبية أكثر رخاء، مثل ألمانيا والسويد.
ولوضع حد لمشكلة اللاجئين، دعا الرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس الولايات المتحدة الأميركية وروسيا إلى استخدام نفوذهما لضمان الالتزام بأحكام القانون الدولي، ووقف الحرب في سوريا وفي الشرق الأوسط. وقال بافلوبولوس الذي التقى أخيرا متطوعي صندوق «هيلينيك ريليف» للمساعدات، الذي أسسه يونانيون في الولايات المتحدة الأميركية: «أتمنى أن تبلغوا واشنطن قلق اليونان وأوروبا بشأن أسباب هذه الموجة من اللاجئين والأزمات الإنسانية. ليس هناك أي سبب آخر باستثناء الحرب في سوريا والشرق الأوسط بشكل عام».
وأوضح بافلوبولوس إن بلاده تواجه أزمة إنسانية جراء فرار اللاجئين من الحرب، وتدفقهم إلى اليونان بغية الانتقال إلى بلدان أخرى في أوروبا، معربا عن أمله في اتخاذ الدول الأوروبية إجراءات لتعزيز الحدود. وقال «لا يجوز أن يمتنع المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة وروسيا، عن استخدام كل الوسائط المنصوص عليها في القانون الدولي لتحقيق السلام في المنطقة، لوضع حد لهذه الأزمة وتعرض المهاجرين واللاجئين لهذه المأساة».
وأكد الرئيس اليوناني أن مثل هذه الحرب تتعارض وتاريخ الغرب وثقافته والمبادئ والقيم التي يجب احترامها، مع العلم بأن الإنسان هو القيمة العليا. وقال «عندما لا يُحترم الإنسان وكرامته، تفقد الأولويات الأخرى معناها».
في الوقت نفسه، دخلت أزمة المهاجرين على خط الدعاية الانتخابية في اليونان التي تشهد انتخابات مبكرة الأحد المقبل. وخلال مناظرة تلفزيونية، شكك الغريمان السياسيان اللذان يتنافسان على رئاسة الحكومة، وهما زعيم حزب سيريزا اليساري أليكسيس تسيبراس، وزعيم حزب الديمقراطية الجديدة اليميني ايفانجيلوس ميماراكيس، في سياسة الاتحاد الأوروبي الخاصة بالهجرة. وشدد تسيبراس على أن شن عمل عسكري ضد مهربي المهاجرين لن يكون مجديا في المياه اليونانية، وقال إن الحدود البحرية اليونان أكثر من 16 ألف كيلومتر، فيما رأى ميماراكيس أنه يتعين طرد «المهاجرين غير الشرعيين» إلى دولهم الأصلية، والتفريق بين اللاجئين والمهاجرين.
وفي لقاءات لـ«الشرق الأوسط» مع لاجئين سوريين، ذكر هاشم، وهو في العشرينات من عمره، وكان يرتدي سروالا «جينز» وقميصا ملونا، ويضع حقيبة صغيرة على ظهره وتبدو عليه آثار المعاناة، وكان يمشي مع نحو 20 شخصا بينهم عائلات، في اتجاه ميدان أمونيا وسط أثينا، إن رحلته بدأت منذ شهر تقريبا عندما خرج من سوريا هربا إلى تركيا فرارا من «داعش»، ووصل إلى اليونان قبل نحو أسبوع، وحصل على وثيقة من السلطات اليونانية في جزيرة كالمينوس، وسوف يتوجه إلى الحدود اليونانية المقدونية، وإنه دفع للمهرب التركي ألف يورو وتعرض للموت في البحر مع سبعة أشخاص آخرون كانوا على متن قارب بلاستيكي منفوخ واستغرقت رحلتهم وسط الأمواج العاتية نحو ثلاث ساعات ليصل إلى جزيرة كاليمنوس اليونانية.
أما آية، وهي سيدة في الثلاثينات ومعها ثلاثة أطفال، فقالت لـ«الشرق الأوسط»: «أنا أعول هؤلاء الأطفال (3 و5 و7 سنوات على التوالي)، بعد أن فقدت والدهم الذي لا أعرف عنه أي شيء منذ عامين تقريبا، وقررت أن أخوض هذه الرحلة حتى أضمن مستقبل أطفالي. أنا من اللاذقية، والوضع هناك سيئ للغاية. لا يمكنني العيش هناك أو العودة مرة أخرى. أريد أن أذهب إلى ألمانيا حتى أستطيع تعليم أولادي وأن نعيش حياة كريمة. أنا كنت أعمل مهندسة في سوريا، وكان لي أجر شهري لا بأس به، لكن كل شيء تم إيقافه بعد بدء الصراع هناك. أنا لا أحب الحروب، وأريد أن أعيش في هدوء وسلام».
وذكرت آية أنها تعرضت للعديد من المصاعب أثناء الرحلة حتى وصولها إلى بر اليونان، موضحة أنه على الرغم من وجود العديد من الأشخاص الذين ساعدوها أثناء الرحلة فإنها عانت من طريقة تعامل بعض الأشخاص معها خصوصا المهربين وأيضا السلطات التركية، فيما ذكرت أن اليونانيين قدموا لها مساعدات وفقا لإمكانياتهم، وحصلت على وثائق يونانية بسرعة خلال يوم واحد في جزيرة كالمينوس، إلا أنها اضطرت للبقاء هناك ثلاثة أيام لتحصل على مقاعد في السفينة التي نقتها إلى أثينا.
وقال شادي (27 سنة)، وهو من حلب، إنه يرغب فقط في الذهاب إلى السويد لأن ظروف الحياة أصبحت صعبة للغاية في بلاده، ويريد أن يزاول مهنته في مكان لجوئه الجديد كمهندس كومبيوتر، ويبني مستقبلة من جديد، ويساعد والديه اللذين تركهما في سوريا، وأيضا أن يتزوج لأنه بسبب الصراع والحرب فشل مشروع زواجه بصديقة عمره التي غادرت مع أهلها إلى جهة غير معلومة في بداية الصراع، موضحا أن رحلته من تركيا لليونان كانت سهلة للغاية ولم يتعرض اليخت الذي حمل معه نحو 160 لاجئا لأي عطل لكنه دفع ألفي يورو للمهرب التركي للسفر على متن هذا اليخت.
ولا يزال الآلاف من اللاجئين السوريين منتظرين بالقرب من الطريق السريع الرابط بين تركيا وأوروبا، بعضهم قابع في خيام والبعض الآخر لا يملك سوى غطاء فقط أمدته به منظمات الإغاثة. ووفقا للمصادر فإن نحو 800 مهاجر، بمن فيهم نساء وأطفال، بدأوا إضرابا عن الطعام في مسعى للسماح لهم بدخول اليونان.
في غضون ذلك، دعا وزير الخارجية المجري بيتر زيغارتو الاتحاد الأوروبي إلى إرسال قوات لمساعدة اليونان في السيطرة على تدفق اللاجئين. وقال إن السياج المصنوع من الأسلاك الشائكة على الحدود مع صربيا ضروري لحماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، مشددا على أن السياج سيبقى ما دامت هناك أعداد كبيرة من المهاجرين تحاول الدخول إلى المجر.



ألمانيا تتوعد مؤيدي الأسد وتحذرهم من محاولة الاختباء في أراضيها

سوريون في ألمانيا يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد (ا.ف.ب)
سوريون في ألمانيا يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد (ا.ف.ب)
TT

ألمانيا تتوعد مؤيدي الأسد وتحذرهم من محاولة الاختباء في أراضيها

سوريون في ألمانيا يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد (ا.ف.ب)
سوريون في ألمانيا يحتفلون بسقوط نظام بشار الأسد (ا.ف.ب)

حذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، ووزيرة الداخلية نانسي فيزر، جميع مؤيدي عائلة الأسد التي كانت تحكم سوريا من محاولة الاختباء في ألمانيا.

وقالت بيربوك، السياسية من حزب الخضر، في تصريح لصحيفة «بيلد أم زونتاج»، اليوم (الأحد): «لأي شخص من جلادي الأسد يفكر في الفرار إلى ألمانيا، أقول له بوضوح: سنحاسب جميع أعوان النظام بأقصى قوة للقانون على جرائمهم الفظيعة»، مشيرة إلى أنه يجب على الوكالات الأمنية والاستخباراتية الدولية أن تتعاون بشكل وثيق في هذا الصدد.

وبعد الإطاحة بنظام الأسد، تولى السلطة تحالف من مجموعات معارضة يقوده إسلاميون ، بينما فر الأسد إلى روسيا مع عائلته. وخلال حكمه، تم اعتقال وتعذيب وقتل عشرات الآلاف بشكل غير قانوني.

من جانبها، أشارت فيزر إلى أن هناك فحوصات أمنية على جميع الحدود.

وقالت: «نحن في غاية اليقظة. إذا حاول أعوان نظام الأسد الإرهابي الفرار إلى ألمانيا، يجب أن يعرفوا أنه ليس هناك دولة تطارد جرائمهم بقسوة مثلما تفعل ألمانيا. هذا يجب أن يردعهم عن محاولة القيام بذلك».

وفي الوقت ذاته، وفي سياق النقاش المستمر حول ما إذا كان يجب على نحو مليون لاجئ سوري في ألمانيا العودة إلى بلادهم، عارض رئيس نقابة فيردي العمالية في ألمانيا فرانك فيرنكه، إعادة العمال الضروريين إلى سوريا.

وقال فيرنكه: «سواء في الرعاية الصحية، أو في المستشفيات، أو في خدمات البريد والشحن، أو في العديد من المهن الأخرى. في كثير من الأماكن، يساعد الأشخاص الذين فروا من سوريا في استمرار العمل في هذا البلد».