أصيل أبو بكر يقدم بجانب عبد الرب إدريس أغاني الزمن الجميل

«صوت الخليج» القطرية تسعى للحفاظ على هوية الأغنية في الخليج

د. عبد الرب إدريس  -  أصيل أبو بكر
د. عبد الرب إدريس - أصيل أبو بكر
TT

أصيل أبو بكر يقدم بجانب عبد الرب إدريس أغاني الزمن الجميل

د. عبد الرب إدريس  -  أصيل أبو بكر
د. عبد الرب إدريس - أصيل أبو بكر

يوجد الفنان أصيل أبو بكر في العاصمة القطرية الدوحة، وذلك لتسجيل مجموعة كبيرة من الأغاني بطريقة «الجلسة» بمصاحبة آلة العود والإيقاعات. ومنذ أول من أمس أجرى أصيل بروفات مكثفة لتسجيل تلك الأعمال، والجميل في الأمر أن إذاعة صوت الخليج القطرية التي يرأسها الفنان محمد المرزوقي اتفقت مع عدة فنانين على تقديم أغانٍ قديمة بجانب أصيل أبو بكر. وما يميز صوت الخليج القطرية اهتمامها الكبير والدائم منذ تأسيسها على المحافظة على الهوية الخليجية وأرشفة الفن في الجزيرة العربية وتوثيقها بأصوات الفنانين العرب، حيث أصبحت «صوت الخليج» حاليا تمتلك أهم مكتبة غنائية في الوطن العربي، وجاء تركيزها على دعم الأغنية في المنطقة بشتى ألوانها وتراثها الفني العميق.
حيث وصل الفنان الدكتور عبد الرب إدريس إلى الدوحة استعدادا للغناء برفقة أصيل، وسيغنيان معا جميع ألحان عبد الرب إدريس التي غنيت بصوت كل من عبد الكريم عبد القادر ومحمد عبده، وهي مجموعة من الأغاني الخالدة التي شكلت نقلة نوعية للأغنية الخليجية منذ السبعينات الميلادية، وستكون تلك المجموعة موجودة حصريا في مكتبة «صوت الخليج».
وقال أصيل أبو بكر في حديثه لـ«لشرق الأوسط»: «سعيد باختياري لتقديم تلك الألحان العظيمة التي لحنها الفنان القدير عبد الرب إدريس، وأحببناها بأصوات أساتذتنا سواء محمد عبده أو عبد الكريم عبد القادر، وسأقدم أيضًا مع عبد الرب أعمالا أخرى لحنها لي سابقا». وأضاف أصيل: «سأقدم أيضًا أعمالا أخرى بجانب الملحن نواف عبد الله من ضمنها العمل التي لحنه في ألبومي الأخير وهو (قصر حبك)».
فيما يتوقع أن يسجل أيضًا الفنان طلال سلامة الذي وصل إلى الدوحة أيضًا في السهرة الغنائية بجانب الفنان أصيل أبو بكر والفنان عبد الرب إدريس. فيما لم يتردد الدكتور عبد الرب إدريس حين تلقيه الدعوة بالحضور إلى الدوحة والمشاركة برفقة أصيل أبو بكر حيث غادر في الحال من جدة الثلاثاء الماضي، وبدأ فور وصوله بإجراء بروفات وكتابة النوتات الموسيقية لعدد من ألحانه، منها «ابعتذر» و«انت معاي»، التي عرفت واشتهرت سابقا بصوت محمد عبده وأيضًا أعماله الشهيرة مع الفنان الكويتي عبد الكريم عبد القادر، بالإضافة إلى عمله الذي قدمه بجانب أصيل أبو بكر في أواخر التسعينات الميلادية وهو: «قالوا سألتي» التي كتبها الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن.
والفنان أصيل أبو بكر صاحب جماهيرية كبيرة في الخليج قدم ألبومًا جديدًا حمل عنوان «حلو صوتك» قبل خمسة أشهر، وحقق اهتمام متذوقي الفن وطرح عبر شركة «روتانا»، ونال أصيل محبة الجمهور الخليجي منذ دخوله عالم الغناء في منتصف التسعينات الميلادية، فهو ابن العملاق أبو بكر سالم بلفقيه الذي دعمه في بداياته أثناء درسته في أميركا، وشق طريقه نحو النجومية في تلك الفترة، ورغم قلة نشاطاته الفنية في الوقت الحالي خاصة في الحفلات الغنائية إلا أنه يعتبر من أهم فناني الخليج في الوقت الحالي.



سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
TT

سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)

بعد نحو 30 عاماً من مسيرة غنائية رصّعتها الفنانة سمية بعلبكي بالطرب الأصيل، جرى تكريمها أخيراً، في حفل جائزة الـ«موركس دور»، ولكنها تلقّتها بغصّة في القلب. فهي جاءت مباشرة بعد حرب دامية شهدها لبنان، وإثر تفجير منزل بعلبكي العائلي في قريتها العديسة الجنوبية. اختلط طعم فرح النجاح بمرارة خسارة ذكريات الطفولة، فتمنت لو أن هذه المناسبة جاءت في وقت ثانٍ كي تشعر بسعادة التقدير الحقيقية. وتقول بعلبكي لـ«الشرق الأوسط»: «أنبذ الحروب بكل أوجهها حتى المقدّسة منها. فهي مبنية على صراعات تبحث عنها البشرية عبر التاريخ، ولكنها لم تحمل يوماً إلا النتائج السلبية في طيّاتها».

تصف سمية بعلبكي خسارة منزل العائلة كمن فقد قطعة من وجدانه. «إنه يمثّل الذكريات والهوية ومسافة أمان في الوطن. عندما تلقيت الخبر أحسست بالفراغ وكأن سقفاً اقتلع من فوق رأسي، صارت السماء مكشوفة. داهمني الشعور بالغربة، لأن لكل منّا بيتين، أحدهما منزل نقيم فيه، والثاني هو الوطن. وعندما نفقد بيتنا الصغير يتزعزع شعور الأمان بمنزلك الكبير».

أثناء تسلّمها جائزة {موركس دور} (سمية بعلبكي)

في تكريمها بجائزة «موركس دور» تقديراً لمسيرتها وعطاءاتها الفنية، خلعت بعلبكي لبس الحداد على بيتها للحظات. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كنت بحاجة إلى الأمل وإلى غد أفضل. رحلتي هي كناية عن جهد وتعب وتحديات جمّة. فرحت بالجائزة لأنها تكرّم مسيرة صعبة. فالموسيقى بالفعل تشفي من الجراح، لا سيما أن قلبي كان مكسوراً على وطني وأرضي. يا ليت هذا التكريم جاء في توقيت مغاير لكان وقعه أفضل عليّ».

تألقت سمية بعلبكي وهي تتسلّم جائزتها وفرحة ملامح وجهها كانت بادية على وجهها. وتوضح: «لقد سألت نفسي عند مصابي كيف أستطيع تجاوزه ولو للحظات. كانت الموسيقى هي الجواب الشافي. خرجت بعبارة (سنغني قريباً) لعلّ الجرح يطيب. تأثري بفقدان منزلنا العائلي ترك بصماته عليّ. ولا أعتقد أنني أستطيع تجاوز هذا الحزن ولو بعد حين. فإثر إعلامنا بخبر تفجير البيت بقيت لأسابيع طويلة فاقدة القدرة على الغناء. صمت صوتي وما عدت أستطيع ممارسة أي تمارين غنائية لصقله. الألم كان كبيراً، لا سيما أننا لم نتمكن بعد من لمس المصاب عن قرب. لم نر ما حصل إلا بالصور. أرضنا لا تزال محتلة ولا نستطيع الوصول إليها كي نلملم ما تبقى من ذكرياتنا، فنبحث عنها بين الردم علّها تبلسم جراحنا».

الانسلاخ عن الفن طيلة هذه الفترة، لم تستطع سمية بعلبكي تحمّل وزره. «إننا شعب يحب الحياة ويكره الحروب. وأنا بطبعي لا أنكسر أو أستسلم للكآبة والإحباط. نفضت غبار الحرب عني، وقررت إكمال الطريق رغم كل شيء».

تقول بعلبكي إن أحلاماً كثيرة تراودها ولم تستطع تحقيقها بعد. «أحياناً يقف الزمن حاجزاً بيني وبينها. مرات أخرى لا تأتي الفرصة المناسبة لاقتناصها. هناك العديد من أبناء جيلي أقفلوا باب الغناء وراءهم وغادروا الساحة بسبب مصاعب واجهوها. ولكن من ناحيتي، حبّ الناس كان عزائي الوحيد. لقد أحياني وأسهم في إكمالي المشوار».

تمسّكت سمية بعلبكي بالأغنية الأصيلة فاتخذتها هوية لا تتنازل عنها. جميع أعمالها الفنية تتسّم بالرقي والطرب الأصيل. يحلّق معها سامعها في سماء يكمن ازرقاقها بصوتها الشجي. هل شكّلت هويتها هذه عائقاً لانتشار أوسع؟ ترد: «لقد تربيت في منزل فني بامتياز يقوم على الأصالة. والدي ووالدتي الراحلان زرعا في داخلي حب الفن الحقيقي غير المستهلك، فكانا أول من شجعني على دخول الفن. تمحور حلم والدي على رؤيتي فنانة تعتلي المسرح وتغني الأصالة. وما أقوم به ينبع من داخلي ومن شغفي للفن، ولا أستطيع يوماً تغيير هويتي هذه».

تحضّر أغنية جديدة من ألحان الراحل إحسان المنذر (سمية بعلبكي)

وما تلاحظه اليوم على الساحة هو توارث هذا الفن عند مواهب الغد. «يلفتني غناء مواهب صغيرة في برامج الهواة للأغنية الطربية. هم يؤدونها بأسلوب رائع يستوقفني. فهو أمر يفرّحني بحد ذاته؛ كون الأغنية الطربية لها مكانتها في هذا النوع من البرامج، ويتربى الجيل الجديد عليها. أصوات رائعة سمعناها في السنوات الأخيرة. وأتمنى أن تلاقي الفرص المناسبة كي تبدع وتتألّق».

ولكن هل شعرت بالإحباط أو الخيبة في لحظات معينة؟ «لكل منا لحظات من هذا النوع. أصبت بخيبات كثيرة وواجهت معاكسات مختلفة وفقدان فرص مؤاتية، وأصعب هذه اللحظات هي تلك التي يغيب فيها التقدير. ولكنني أعود وأنتصب دائماً وأبذل الجهد من جديد. لم أعرف يوماً (البزنس) في الفن لأني مسكونة بالموسيقى الأصيلة. فهي جزء لا يتجزأ من كياني ووجودي».

سبق وتم تكريم سمية بعلبكي بجوائز عدة، ولكن لجائزة الـ«موركس دور» نكهتها الخاصة لا سيما أنها جاءت بعد حرب منهكة. في بداية مسارها حازت على جائزة «الميكروفون الذهبي» في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كان ذلك في عام 1994 في تونس. جرى تكريمها إلى جانب مجموعة من المغنين مثل أنغام وصابر الرباعي وأمل عرفة وغيرهم.

وتختم: «كانت روح المنافسة الحلوة تحضر في تلك الحقبة، وكانت الجوائز التكريمية قليلة وتحمل معاني كثيرة. ولكن اليوم مع جائزة (موركس دور) وفي حفل لبناني بامتياز النكهة تختلف. أهديتها لوالدي الراحلين تكريماً لعطائهما الفني، فانطبع الحدث بالأمل والشعور بغدٍ أفضل نترقبه رغم كل شيء».

تستعد سمية بعلبكي لإصدار مجموعة أغنيات جديدة. وتخبر «الشرق الأوسط» عنها: «قبل الحرب كنت أحضّر لأغنية بعنوان (يعني ارتحت)، من كلمات منير بو عساف وألحان بلال الزين. وعندما انتهينا من تصويرها اندلعت الحرب، فامتنعت عن إصدارها في ظروف مماثلة. وهي تتناول قصة المرأة المعنّفة. وأفكّر بإطلاقها قريباً في الأشهر القليلة المقبلة. كما أن هناك قصيدة للراحل نزار قباني أنوي غناءها. وهي من ألحان المبدع الراحل إحسان المنذر. كما ندرس وأخي المايسترو لبنان بعلبكي إمكانية إقامة حفل موسيقي في بيروت احتفالاً بلبنان الصلابة».