«مدرب الحياة».. مهنة جديدة تتلمس طريقها إلى لبنان من أجل أيام أسعد

الإعلامي ميلاد حدشيتي وضع أسسها على 365 قاعدة ذهبية في كتاب

ميلاد حدشيتي
ميلاد حدشيتي
TT

«مدرب الحياة».. مهنة جديدة تتلمس طريقها إلى لبنان من أجل أيام أسعد

ميلاد حدشيتي
ميلاد حدشيتي

«افتح قلبك وفكّر بإيجابية» هما العنوانان العريضان لطريق جديد تسلكه في حياتك اليومية من أجل أسلوب عيش أفضل. هذان العنوانان اللذان يتضمنان تفاصيل عدة لا نستطيع إيجازهما بسطور أو بكلمات قليلة، تشكّل نواة عمل من يسمون «مدرّبي الحياة» (life coaches)، الذين سيشكّلون، على ما يبدو، ظاهرة في المجتمع اللبناني المثقل بهموم عدّة. فيقصدهم الأشخاص الذين قرروا إجراء تغيير أساسي في حياتهم لتصبح أفضل.
مهنة جديدة تتلمّس طريقها بخجل في المجتمع اللبناني، كون البعض يعدّها مشتقّة من علم النفس، الذي هو بمثابة خيار لا نقدم عليه إلا إذا كنا مصابين بمرض نفسي. «الفرق كبير بيننا وبين المعالجين النفسيين» تقول المدرّبة إيلين جعجع، ففي مهنتنا لا نعالج المرض النفسي، بل ننكبّ على تعليم الشخص الآخر مفاتيح الحياة الحقيقية لينعم بأفكار إيجابية تخوّله أن يحرز النجاحات.
تختلف طرق معالجة «مدرّب الحياة» للشخص الذي يقصده، فتتنوّع الأساليب التي يستخدمها في ممارسته لمهنته حسب أحاسيسه، وليس فقط حسب نقاط معيّنة تشكّل أسس هذا العلم.
«أنا مثلا أدرّب زبائني عن طريق استخدام وسيلة الاتصال الاجتماعية السكايب». تشرح ايلين جعجع. «فيخضعون لجلسة تمتدّ على مدى 75 دقيقة بواسطة الصوت فقط، في غياب تام للصورة وما يمكن أن تترك من تأثيراتها علينا».
لماذا اعتماد حاسة الصوت فقط في هذه الجلسات؟ تردّ موضحة: «هو أسلوبي الخاص في التعاطي مع الآخر، كي لا تتحكّم به مظاهر خارجية ولا رفة عين ولا حركة يد، بل يركّز على عملية إصغاء التام للشخص الآخر، وحثّه على البوح والفضفضة بسهولة، مما يجعلنا نصل سويا إلى الحلول وكيفية تلقّي الأمور واستيعابها بشكل إيجابي».
جميعنا نستطيع أن نكون «مدرّب حياة»، تؤكّد لنا المدرّبة التي تابعت اختصاصها هذا في ولاية سان دياغو الأميركية وتضيف: «الحياة هدية جميلة من الله فكيف يمكن أن تكون بهذا السوء الذي نصفها به؟ فجميعنا نبحث عن السعادة وعن اللحظات الحلوة، وهذان العنصران في الواقع يسكنان أعماقنا وما علينا سوى أن نجعلهما يطفوان إلى الأعلى».
كلام جميل قد يجذبنا جميعا ولكن كيف يمكننا تطبيقه على أرض الواقع؟ سألتها فقالت: «عندما أتعامل مع زبونة مثلا تعاني من علاقة عاطفية فاشلة، فأنا أطلب منها أن تدوّن لي قصّتها مع ذكر جميع التفاصيل التي تحيط بها. وأطلب منها أن توزّع قصّتها على شبكتين، واحدة منها تتضمن الحدث (فشل العلاقة)، والثانية النتائج السلبية التي شهدتها من جرّائها وحسب تطلّعاتها وأفكارها. وهنا يبدأ عملي على إيصال فكرة الإيجابية لها من الواقع الذي تعيشه، فهذا الواقع لم يكن يوما المعضلة التي نعاني منها بل ما نحيكه نحن بأفكارنا حوله».
أما الإعلامي ميلاد حدشيتي الذي جمع في دراسته أكثر من اختصاص، طال فيه البرمجة اللغوية العصبية والتعمق في علم الصورة الشخصية والماركة الاجتماعية، فهو يبدأ حديثه معك في القول: «تبدأ الحكاية من ذاتنا إذ علينا أن نحبّها لا أن نكرهها وأن نسامحها لا أن نعاقبها، ومن هنا تبدأ الحلول تغمرنا دون الوقوع في فخّ الأنانية، إذ أن نحبّ أنفسنا بصدق هو بعيد كل البعد عن الأنانية الناتجة عن الضعف والخوف اللذين يسكنان شخصيتنا».
بسّط ميلاد حدشيتي ما تعلّمه من الدراسات، التي قام بها في الولايات المتحدة الأميركية لدى أحد روّاد هذا العلم ريتشار باندلر. فطرح كتابا يحمل عنوان «365 من أجل حياة إيجابية»، وضمّنه 365 قاعدة ذهبية تساعد صاحبها طوال السنة، على أن يتمتّع بكمّ من الإيجابية في أسلوب عيشه.
وتحت عنوان صغير تقرأه في الصفحة 265 من كتابه وموضوعه «القواعد الأساسية للتمتع بكل لحظة من حياتك» كتب ينصح القارئ: «اطرح على نفسك الأسئلة اللازمة ومن ثم ابحث عن الربحين المادي والجسدي من هذه اللحظة، عش اللحظة التي أنت فيها، تمسّك بالطفل الذي في داخلك، وخذ قرارك بأن هذه الحياة هي هدية قيّمة».
ويشرح ميلاد حدشيتي الذي خوّلته خبرته في هذا المجال، إلقاء المحاضرات في الجامعات وإعطاء الدروس في دورات خاصة تقام في هذا الإطار في لبنان والدول العربية، عن أهمية مرحلة الطفولة في حياتنا ويقول: «كل ما نكتسبه في طفولتنا من عمر السنة حتى الثماني يؤلّف شخصيتنا الحقيقية. فنحن نولد صفحة بيضاء، وقلم تربيتنا ومحيطنا وبيئتنا يدوّن خطوطها على شخصيتنا. من هنا تكمن أهمية هذه المرحلة التي علينا أن نتمسّك بها، فالطفل صادق مع نفسه إلى ابعد حدود. فإذا ما قرع رجل مسن الباب مرة ولم يأته جواب، عاد إدراجه من حيث أتى وهو يقول في قرارة نفسه لا يوجد أحد في المنزل. بينما الطفل يدقّ نفس الباب مرات كثيرة وهو يأمل أن يفتح له، وهذا مثل بسيط عن الفرق بين الفكر الندي والآخر المشبّع بمعتقدات سلبية في غالبية الأوقات».
مدارس عدة تنشر هذا العلم هنا وهناك. وبينها الأجنبي ذو الهوية الأميركية، وبينها ما هو عربي وأعرقها يعود للراحل إبراهيم الفقي، الذي ترك وراءه مدرسة تتعاطى في البرمجة اللغوية العصبية بنجاح، ومن بين طلّابه الممثلة السورية نسرين طافش، التي تؤكّد أن هذا العلم قلب حياتها 180 درجة بصورة إيجابية.
أما نقطة التشابه الوحيدة والأساسية في هذا العلم في جميع مدارسه، هو كونه مزيجا من المعرفة والروحانيات في الوقت نفسه. والحافز الأساسي لتطبيقه بنجاح هو حبّ الذات أو بمعنى آخر مسامحتها وتعلّم مسامحة الآخر.
ويتعمّق ميلاد حدشيتي بمسألة الفكر ويقول: «الفكرة تأتي وتذهب ونحن من يستدرجها إلى رأسنا، فعلينا أن نعرف كيف نطوي الصفحة. وهذا الأمر يتطلّب منّا أحيانا ثواني أو ساعات وأشهرا، ولكننا في النهاية نستطيع أن نقوم به عندما نسمح لنفسنا بأن تحبّ نفسها».
أما السؤال المطروح فهو ما الفرق بين الطبيب النفسي وبين مدرّب الحياة؟ وتردّ الاختصاصية النفسية دكتور رندة شليطا وتقول: «مهنة مدرّب الحياة لا تنافس بتاتا مهنتنا، فهي عبارة عن شخص نستعين به لتحسين حياتنا. فأحيانا يمكنك أن تمارسي الرياضة البدنية وألا تلاقي النتيجة المرجوة، فتلجأين إلى مدرّب رياضي يعلّمك بعض الحركات البدنية التي تزيدك لياقة. هذا الأمر ينطبق على (مدرّب الحياة) الذي يلجأ إليه عادة الأشخاص الذين لا يعرفون كيفية إدارة حياتهم بالشكل المناسب والإيجابي، فتأتيهم المساعدة من شخص يصغي إليهم ويضعهم على سكّة الحياة المطلوبة».
وختمت د. شليطا بالقول: «هي وسيلة تندرج في خانة الرفاهية أو (اللوكس) كما هي معروفة عالميا، هي كناية عن حبّة الكرز التي تزيّن قالب الحلوى في المرحلة النهائية لصنعه. فالمهم أن يكون قالب الكيك موجودا وبحالة جيّدة حتى نزيّنه، لا أن يكون بحالة رديئة لا نستطيع لمسه. فالشخص المصاب بحالة اكتئاب أو بانهيار عصبي أو بانفصام في الشخصية، يلزمه معالج نفسي لمداواته، لأنه يعاني من أمراض عصبية ونفسية، وهذا الأمر يختلف تماما عن الشخص الذي يبحث عن (مدرّب حياة) لينعش حياته ويبعده عن الروتين والوحدة فينطلق بزخم من جديد».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.