الاحتياطي الفيدرالي يراوغ من أجل رفع الفائدة قبل نهاية العام

جانيت يلين أكدت أن لديها الأدوات اللازمة لرفع المعدلات عندما يصبح الأمر ملائمًا

جانيت يلين وستانلي فيشر (أ.ب)
جانيت يلين وستانلي فيشر (أ.ب)
TT

الاحتياطي الفيدرالي يراوغ من أجل رفع الفائدة قبل نهاية العام

جانيت يلين وستانلي فيشر (أ.ب)
جانيت يلين وستانلي فيشر (أ.ب)

من السهل أن تنظر بثقة إلى قدرة مصرف الاحتياطي الفيدرالي، الذي يعد بمثابة المصرف المركزي للولايات المتحدة الأميركية، على رفع أسعار الفائدة. وحتى في أوساط المتشككين في قدرة مسؤولي المصرف على اختيار اللحظة المثالية للشروع في رفع معدلات الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2008، لا تشك الغالبية في القدرة الفنية للمصرف على القيام بذلك، خصوصا بالنظر إلى تاريخها الطويل.
لذا، فإن الكثيرين قد يندهشون لدى معرفتهم بأن هذا المحرك القديم لعجلة الاقتصاد أصابه عطل. وعندما يقرر مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» أن الوقت قد حان لرفع معدلات الفائدة - ربما هذا الأسبوع، لكن يبقى الاحتمال الأكبر أن يحدث ذلك لاحقًا خلال العام الحالي - فإنهم سيعتمدون في تنفيذ زيادة أسعار الفائدة على منظومة جديدة جرى تشكيلها من قطع غيار.
والملاحظ وجود اتفاق عام في أوساط الخبراء الاقتصاديين ومحللي السوق حول أن خطط «الاحتياطي الفيدرالي» تبدو منطقية، نظريًا.
وقد عكف فريق بقيادة سيمون بوتر، الأكاديمي السابق الذي يترأس حاليًا مكتب شؤون السوق التابع للهيئة في نيويورك، على اختبار وتعديل تفاصيل خطط «الاحتياطي الفيدرالي» من خلال نقل مليارات الدولارات عبر أرجاء النظام المالي.
ومع ذلك، فإن للأسواق المالية تاريخ طويل في تدمير أفضل الخطط.
في الواقع، المخاطر القائمة حاليًا هائلة، خصوصا في ظل مسؤولية «الاحتياطي الفيدرالي» عن الإبقاء على النمو الاقتصادي عند مستوى متوازن، مما يعني الحفاظ على معدلات البطالة عند الحد الأدنى والإبقاء على معدلات تضخم متوسطة.
ويميل «الاحتياطي الفيدرالي» للعمل على نحو متحفظ وإقرار التغيير ببطء، وذلك لأنه عندما يخطئ تدفع البلاد بأكملها الثمن.
ومع ذلك، وجد المصرف نفسه مضطرًا لخوض تجارب، حيث أدت حملة المحفزات الهائلة التي أطلقها ردًا على الأزمة المالية التي ضربت البلاد عام 2008، لتغيير علاقته بالأسواق المالية، حيث ضخ المصرف كميات ضخمة للغاية من الدولارات بالنظام لدرجة أنه لم يعد بمقدوره سحب ما يكفي من المال لتغطيه الإقراض، وهو توجهه التقليدي.
بدلاً من ذلك، ينوي «الاحتياطي الفيدرالي» ضخ مزيد من المال في هذه المشكلة، حيث سيدفع للمقرضين كي لا يقدموا قروضًا.
كما خلص المصرف، الذي أصبح منغمسًا في النظام المصرفي، إلى أن العمل من خلال المصارف لم يعد كافيًا للتأثير على الاقتصاد بصورة أوسع. وعليه، فإنه ينوي تعزيز سلطته عبر العمل مباشرة مع مجموعة واسعة من المقرضين.
من ناحيتهم، أعرب مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» مرارًا عن ثقتهم في أن الخطة ستنجح. على سبيل المثال، قالت جانيت يلين، رئيسة المصرف، خلال حديث لها أمام الكونغرس في وقت سابق من العام: «اللجنة على ثقة في امتلاكها الأدوات اللازمة لرفع معدلات الفائدة على المدى القصير عندما يصبح من الملائم القيام بذلك»، في إشارة إلى «اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة»، التي تمثل الكيان المسؤول عن صياغة سياسات المصرف.
من جهته، قال بوتر في كلمة ألقاها أخيرًا، إنه في حال عدم نجاح التوجه الجديد، فإن هذا الفريق من الآليات النقدية «يقف على استعداد للمضي في الابتكار» حتى يحقق النجاح.
يُذكر أن مكتب شؤون الأسواق في نيويورك التابع لـ«الاحتياطي الفيدرالي» يتولى تطبيق السياسية النقدية منذ منتصف ثلاثينات القرن الماضي.
خلال السنوات التي سبقت «الكساد الكبير»، مارس المكتب نفوذًا كبيرًا على الاقتصاد الأميركي، من خلال سيطرته على سوق صغيرة كان يمكن للمصارف في إطارها اقتراض المال لليلة واحدة.
من جانبه، يلزم «الاحتياطي الفيدرالي» المصارف بتجنيب احتياطيات بحيث تمثل نسبة محددة مقارنة بالودائع التي تقبلها المصارف من عملاء. ويمكن الاحتفاظ بالاحتياطيات في صورة نقد أو في حساب لدى «الاحتياطي الفيدرالي»، وباستطاعة المصارف التي تحتاج لأموال نهاية يوم ما الاقتراض من مصارف تتمتع بفائض.
قبل أزمة 2008، سيطر «الاحتياطي الفيدرالي» على معدلات الفائدة الخاصة بهذه القروض عبر تنظيم المعروض من الاحتياطيات. وكان المصرف يخفض معدلات الفائدة من خلال شراء سندات الخزانة من مصارف وتسليف حساباتها، وزيادة العرض من الاحتياطيات. وقد زاد «الاحتياطي الفيدرالي» معدلات الفائدة من خلال بيع سندات خزانة للمصارف وإنقاص حساباتها.
مع وقوع أزمة 2008، نشط المصرف طاقاته لأقصى حد، حيث اشترى ما يكفي من أوراق مالية، وضخ احتياطيات كافية داخل النظام المصرفي لدفع معدلات الفائدة على القروض قصيرة الأجل لمستوى الصفر تقريبًا.
والآن، تدفع الحكومة الفيدرالية «دايم» لاقتراض «1000» دولار لشهر واحد. وتدفع الشركات التي تتميز باعتمادات جيدة دولارًا واحدًا لاقتراض «1000» دولار من أموال سوق المال ومستثمرين آخرين.
إلا أن المصرف لم يتوقف عند هذا الحد، وإنما استمر في شراء سندات خزانة وسندات رهن للحد من الملاذات الآمنة، ودفع الأموال باتجاه الاستثمارات الأعلى مخاطرة التي قد يحفز النشاط الاقتصادي. وترتب على ذلك، مضي «الاحتياطي الفيدرالي» في توسيع نطاق المعروض من الاحتياطيات.
ومن بين التداعيات التي ترتبت على ذلك أن أغرق المال النظام المصرفي بصورة شبه هزلية. في يونيو (حزيران) 2008، كان لدى المصارف قرابة 10.1 مليار دولار في حساباتها الفيدرالية. أما الآن، فيبلغ الإجمالي 2.6 تريليون دولار.
على سبيل المثال، كان لدى «بانك أوف أميركا» 388 مليون دولار في حسابه الفيدرالي بنهاية يونيو 2008.
بعد سبع سنوات، بحلول نهاية يونيو 2015، كان يمتلك 107 مليارات دولار.
وبإمكان المصرف مضاعفة حجمه مرة ومرتين، وتبقى لديه احتياطيات تفوق احتياجاته.
وعليه، فإن «الاحتياطي الفيدرالي» سيتعين عليه بيع الجزء الأكبر من الأوراق المالية التي كدسها قبل أن تبدأ أسعار الفائدة على المدى القصير في الارتفاع.
بيد أن الإقدام على البيع السريع قد يسبب مشكلات بالأسواق، بينما سيسفر البيع البطيء عن السماح بتفاقم درجة حرارة الاقتصاد لسخونة مفرطة. لذا، قرر المصرف التوصل لطريق ثالث.
بدلاً من تجفيف كل المال الزائد، قرر «الاحتياطي الفيدرالي» تجميده، من خلال دفع أموال للمصارف مقابل الامتناع عن تقديم قروض.
جدير بالذكر أنه على مدار الأعوام السبعة الماضية، شجع «الاحتياطي الفيدرالي» على خوض المخاطر في خضم حملته لزيادة معدلات التوظيف والنمو الاقتصادي.
من خلال الشروع في زيادة معدلات الفائدة، يرمي «الاحتياطي الفيدرالي» لتثبيط الإقدام على المخاطر تدريجيًا.
ويتمثل الجزء الواضح في هذه الخطة في العمل على تثبيط المصارف عن تقديم قروض.
وفي خطوة عرضية، مرر الكونغرس قانونًا قبيل وقوع الأزمة المالية سمح لـ«الاحتياطي الفيدرالي» بدفع أسعار فائدة على الاحتياطيات التي تبقيها المصارف لديه. كان هذا القانون قد صيغ في الأصل كمحاولة لكسب ود الصناعة المصرفية، لكنه بمرور الوقت تحول إلى الدعامة الجديدة للسياسة النقدية.
مثلاً، إذا رغب «الاحتياطي الفيدرالي» في رفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 1 في المائة، مما يعني أنه لا يرغب في إقدام المصارف على تقديم قروض بمعدلات فائدة دون ذلك، فإنه نظرًا لتخمة الاحتياطيات الهائلة في الوقت الراهن، ليس بإمكان «الاحتياطي الفيدرالي» بسهولة تقليص المعروض من المال. وعليه، فإنه ينوي بدلاً من ذلك السيطرة على السوق، عبر دفع فائدة بنسبة 1 في المائة إلى المصارف عن احتياطياتها لديه.
وبالتالي، لا يصبح لدى المصارف ما يدفعها لتقديم قروض بمعدلات فائدة دون ذلك.
وليس هذا بالأمر الهين، ذلك أنه منذ أزمة 2008، يدفع «الاحتياطي الفيدرالي» للمصارف معدل فائدة سنوي رمزي يبلغ 0.25 في المائة على احتياطياتها لديه. في العام الماضي فقط، بلغت تكلفة ذلك 6.7 مليار دولار، كان المصرف لولا هذا الإجراء سيسلمها للخزانة الفيدرالية.
مع رفع سعر الفائدة إلى 1 في المائة، سترتفع التكلفة إلى أربعة أضعاف هذا المبلغ. وتشير الإحصاءات إلى أن «الاحتياطي الفيدرالي» دفع قرابة 500 مليار دولار لوزارة الخزانة منذ عام 2008.
ومع رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة، تشير بعض التوقعات إلى أنه قد لا يورد دولارًا واحدًا إلى وزارة الخزانة في بعض السنوات. بدلاً من ذلك، سيدفع «الاحتياطي الفيدرالي» عشرات المليارات إلى المصارف كي لا تستغل التريليونات التي سبق أن دفعها لها.

*خدمة «نيويورك تايمز»



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.